البطريرك الراعي يزور رعية سيدة الارز – بوسطن
نشاط البطريرك
واصل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الراعوية الى ابرشية مار مارون – بروكلين، وتوجه صباح اليوم من واشنطن الى بوسطن حيث اقيم له استقبال رسمي وشعبي على ارض المطار تقدمه عدد من المسؤولين المحليين وراعي ابرشية الروم الكاثوليك المطران نقولا سمرا وكاهن الرعية المونسنيور جورج الخلّي والنائب الابرشي العام المونسنيور مايكل توماس. ثم توجّه غبطته والوفد المرافق الى مجمّع سيدة الارز الراعوي حيث اطلع على اعمال ترميم وتوسيع القاعة الراعوية ثم ترأس الذبيحة الالهية عاونه فيها راعي الابرشية المطران غريغوري منصور والمطران بولس صياح ولفيف من الكهنة بحضور ممثل رئيس اساقفة بوسطن الكردينال شون اومالي، معاونه المطران توماس كندي وممثلين عن مختلف الكنائس اضافة الى النائب اللبناني الدكتور فادي كرم ورؤساء بلديات ومخاتير الى جانب حشد من ابناء الرعية.
في مستهل القداس القى كاهن الرعية المونسنيور خلّي كلمة رحّب فيها بصاحب الغبطة الذي “لم تقتصر زياراته على الرعايا الكبرى فقط انما شمل ايضًا بابوته وعنايته الرعايا الصغرى وبذلك اثبت انه الراعي الصالح الذي يتفقد ابناءه اينما وجدوا “، واضاف: “نحن نرافقكم يا صاحب الغبطة بالصلاة اليومية وانتم تحملون همّ كل المسيحيين في الشرق وقد زرتموهم في بلدانهم وحملتم قضاياهم الى كل العالم من اجل الحفاظ على رسالتهم وحضورهم في ارضهم.”
بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “يُشبه ملكوت السماوات حبّة خردل وخميرة” وقال فيها:
” 1. يُسعدني أن أزور رعيّة سيّدة الأرز في بوسطن بدعوة كريمة من سيادة راعي الأبرشيّة المطران غريغوري منصور. يرافقني المطران بولس الصيّاح، النّائب البطريركي للشؤون الخارجيّة، والمحامي وليد غيّاض، المسؤول عن المكتب الإعلامي في الكرسي البطريركي.
2. نأتي إليكم من واشنطن، حيث شاركنا في القمّة السّنويّة الرّابعة لمؤسّسة (IDC)Defense of Christians In من 24 إلى 26 الشّهر الجاري. وقد بيّنت القمّة، عبر المداخلات واللّقاءات العامّة مع عدد من النّوّاب، أهميّة الوجود المسيحي وقيمته في بلدان الشّرق الأوسط، وضرورة تجاوز الصّعوبات والمحن التي خلّفتها الحروب الدّائرة في العراق وسوريا وفلسطين وسواها، بما فيها من إعتداءات على المسيحيين واضطهادات وإبادات “بالتقسيط” كما يُسمّيها قداسة البابا فرنسيس.
3. وها نحن نستنير بكلام الربّ يسوع في إنجيل اليوم لكي يواصل المسيحيّون في بلدان الشّرق الأوسط، وهم فيها منذ ألفَي سنة، بقاءهم فيها، وصمودهم بقوّة الإيمان وثبات الرّجاء، وذلك من أجل الشهادة لإنجيل المسيح، إنجيل السلام والمحبة والعدالة والأخوّة بين جميع الناس، ومن أجل بناء مجتمعات أكثر إنسانيّة وتضامنًا في البناء وإنماء الشّخص البشري والمجتمع.
4. ملكوت السّماوات الذي يتكلّم عنه إنجيل اليوم هو الكنيسة، جماعة المؤمنين بالمسيح التي تشكّل جسده وهو رأس الجسد.
يشبّه الكنيسة بحبّة خردل، وهي أصغر الحبوب، لكنّها تنمو وتكبر وتعلو، فتصبح شجرة كبيرة تعشعش فيها طيور السماء. هذه الكنيسة هي جماعتنا هنا في بوسطن، وكلّ جماعة كنسيّة منظّمة. هي الرعيّة والأبرشيّة، المدعوّة لتنمو وتكبر بالعدد والإيمان والأعمال. وها نحن نشهد لنموّ رعيّتكم بسهر راعي الأبرشيّة، ونشاط وتفاني الخوراسقف جوزف لحّود كاهنها السابق لسنوات، والمونسنيور جورج الخلّي كاهنها الحالي، وبمؤازرة اللِّجان والمجالس وسائر المؤمنين.
وهذه الكنيسة هي جماعاتنا المسيحيّة في لبنان وسوريا والعراق ومصر والأردن والأراضي المقدّسة، والخليج وسائر بلدان الشّرق الأوسط. هي أيضًا مدعوّة للنموّ مثل حبّة الخردل، بصبرٍ وثبات وصمود أمام المحن. مدعوّة لتحافظ على أبرشيّاتها ورعاياها ومؤسّساتها التربويّة والاستشفائيّة والاجتماعيّة، ولتخدم كلّ مَن يقصدها، بل كلّ من هو في حاجة، دونما تمييز في الدّين والعُرق.
5. ويُشبّه الرّبّ يسوع الكنيسة بالخميرة في العجين. فكما الخميرة تخمّر العجين كلّه كي يصلح ليصبح خبزًا للطعام، هكذا جماعاتنا المسيحيّة هنا وفي الشرق الاوسط، وفي كلّ مكان، مدعوّة لتقوم بدور العجين في مجتمعاتها: تخمّره بقِيَم الإنجيل الروحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة.
نحن كموارنة ومسيحيين من الشّرق الاوسط مدعوّون لنغني المجتمع الأميركي، الذي استقبلنا من جيلٍ إلى جيل، بتراثنا الرّوحي اللّيتورجي والاجتماعي. ولهذا السبب، ننشئ أبرشيّات ورعايا ورهبانيّات ومؤسّسات نتعمّق فيها بتراثاتنا، لكي نساهم في حياة الكنيسة الأميركيّة ورسالتها، وفي نموّ المجتمع الأميركي بقِيَمنا.
كما أنّنا نحن المسيحيين في الشّرق الأوسط مدعوّون لنغني مجتمعاتنا العربيّة، الإسلاميّة وسواها، بقِيَمنا، ونصلح هذه المجتمعات بشهادة حياتنا وأعمالنا في كلّ ما هو حقّ وخير وجمال.
6. إنّ القمّة السّنويّة الرّابعة لـIDC كشفت قيمة الوجود المسيحي في العالم العربي. فالمسيحيّون مدعوّون، بحسب مشورة القدّيس بولس، لنسيان ما هو وراءهم من صعوبات ومحن متنوّعة هدّدتهم وشرّدتهم، وللسَّير إلى الأمام بالاتكال على نعمة المسيح وقدرته على قوى الشرّ.
7. في هذه القمّة رفعنا الصّوت، ونرفعه الآن عن هذا المذبح، لإنهاء الحروب في بلدان الشرق الأوسط وحلّ النّزاعات بالطّرق الدبلوماسيّة والسياسيّة، وإحلال سلام عادل وشامل ودائم، وإعادة جميع اللّاجئين والنّازحين والمخطوفين إلى أراضيهم وأوطانهم بكلّ حقوق المواطنة. هذا الصوت المرفوع إلى الأسرتَين الدوليّة والعربيّة، نرفعه صلاة حارّة إلى الله، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة الأرز. وليتمجّد في ذلك الثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.”
في ختام القداس القى المطران كندي كلمة باسم الكاردينال اومالي رحب فيها بالبطريرك الراعي واضاف: “اننا نشارك مع غبطتكم ونتضامن معكم في كل ما تقومون به من اجل المسيحيين في الشرق الاوسط ونحن ندرك تماما اهمية بقائهم في بلدانهم وفي الارض المقدسة التي منها انطلقت شعلة المسيحية. ولا بد من ان ننوّه بايمان المسيحيين هناك وهم يعيشون الشهادة الحقيقية. اننا نصلي معكم من اجلهم ومن اجل صمودهم ومن اجل السلام في المنطقة”.
ومساء اقامت الرعية حفل عشاء على شرف غبطته تخللته كلمات ترحيبية ركزت على معاني واهمية زيارة غبطته التي حملت التشجيع والثبات في الايمان وعززت التواصل والانتماء الى الكنيسة والوطن الام لبنان.
وليلا غادر الكردينال الراعي بوسطن متوجها الى نيويورك وهي المحطة الاخيرة في زيارته الراعوية الى الولايات المتحدة الاميركية.