كلمة البطريرك الراعي في عشاء رعايا مونتريال المركزي – كندا
نشاط البطريرك
تحية تقدير ومحبة اوجهها للجميع، وللكنيسة في كندا، وللحكومة وللشعب الكندي ولرئيس الوزراء الكندي، لقد أثرتم باللبناني بشكل خاص ولا سيما لجهة ايجادهم لمساكن خاصة بهم من خلال استقبالكم لهم وايمانكم بالتعددية الثقافية فوجد اللبنانيون انفسهم في بيوتهم وهم يقولون نحن لسنا في كندا انما نحن من كندا واشعلتم في القلوب الكثير من الحب لوطنهم فهم وجدوا هنا دولة منظمة تحترم الجميع وتنتج الفرص امام الجميع للتطور فأحبوا بلدهم اكثر واكثر وتمنوا ان يصبح هذا اللبنان الذي يحبونه شبيهًا بكندا.
نعم لبنان بلد متعدد الثقافات والديانات وهو كالنسر الذي رآه حزقيال على قمة جبال لبنان وكان غنيًا بالألوان المدهشة تمامًا كما هو لبنان غني بالثقافات والحضارات ولبنان يمثل هذا الموزاييك من الديانات والمذاهب من مختلف الألوان سواء على صعيد الكنائس الكاثوليكية والأورثوذكسية والبروتستانتينية وسواء على صعيد الجماعات المسلمة من سنة وشيعة وعلوية. ونحن نؤلف معًا هذه اللوحة من الموزاييك، لذا نشكركم على هذا التأثير الساحر الذي مارسته كندا على شعبنا اللبناني.
نعم نفاخر بأن قيمة لبنان تكمن في التعددية الثقافية والمذهبية والدينية التي تشكل الوحدة الوطنية، وهذا يقتضي ان نرفض الثنائيات كي لا تتشوه صورة لبنان الفسيفسائية وكل ثنائية هي تكسر هذه الفسيفساء كما نرفض المثالثة التي يتحدث عنها البعض. لبنان هو هذا النسر الذي رآه حزقيال النبي 500 سنة قبل المسيح. هذا النسر بألف لون ولون فوق الجبال اللبنانية بمثابة صورة الهية عن هذا الوطن الصغير. والمطلوب منا اليومم الحفاظ على هذه الرسالة التعددية الثقافية والدينية التي نبني منها وحدتنا الوطنية وهذا ما يجعل من لبنان وطنًا تعدديًا لذلك لا يمكننا القبول بأية ثنائيات تكسر هذه الفسيفساء، ولا يمكننا ان نقبل بان نكسر هذا النسر بجناحيه المسيحي والمسلم ما يمنعنا من قبول اغنية بعض السياسيين المسماة المثالثة فهذا يعني القضاء على لبنان.
ثانيًا في الزواج هناك طلاق ولكن لبنان لا يمكنه ان يطلق، لا وجود للطلاق بين المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون لبنان وان تمّ الطلاق فهذا يعني ان لبنان قد طار.
دعوتنا مسيحيين ومسلمين على تنوعنا هي العيش سوية وهذا ما يجعل من هذا البلد الصغير ذات العشرة الاف كلم2 كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني صغير بحجمه ولكن كبير برسالته شرقًا وغربًا.
نحن نمر اليوم بظروف صعبة، هناك مشاكل سياسية واقتصادية ولكن تبقى مشكلة اللبنانيين انهم خبراء بخلق العقد وفكّها وفي كل مرة توضع العقد هذا يعني القضاء على حياة اللبناني السعيدة لكي يغادر شبابنا الى الخارج.
اشكركم انتم يا من تحملون هم لبنان من جهة، فانتم وجه لبنان في المجتمع الكندي وانتم تدعمون اهلكم وضيعكم في لبنان. ولكن نحن الموجودون في الوطن الأم، علينا ان نتكاتف معكم انتم في بلدان الانتشار لنحافظ على وجودنا في لبنان لكي يبقى هذا اللبنان يضخ لعالم الانتشار من حيويته ومن تقاليده وقيمه التي تحملونها.
وهذا يقتضي منا التعاون بصبر وانتظار ان تحل مشاكلنا.
معكم نوجه نداءنا الى مسؤولينا في لبنان وتحديدًا الى الجماعة السياسية والكتل لنقول : يكفي عقدًا وآن الآوان لتتألف الحكومة فلبنان لم يعد يحتمل لأنه على شفير الهاوية.
الوقت ليس للمطالب، الوقت الأساسي هو حماية الوطن. فعند ولادة لبنان سنة 1920 سُئل البطريرك الكبير الياس الحويك من اية طائفة انت؟ أجاب: طائفتي هي لبنان.
ما معناه انه هنا بدأ وجه لبنان الحقيقي وان الولاء للمواطنة اللبنانية هي الأساس والولاء لأي مذهب او دين او حزب سيكون بمثابة المرحلة التالية لكي يكون ممرًا من اجل الولاء للمواطنة اللبنانية.
مشكلتنا اليوم الحقيقية بعدم تأليف حكومة حتى الآن هو ان الولاء للحزب وللزعيم والمصالح بعيدًا عن الولاء للمواطنة اللبنانية. عودوا الى نقطة الانطلاق وانا اطلب من كل الاحزاب اللبنانية، الموجودة بيننا وفي لبنان، انه يجب ان نتكل عليها لتربية المحازبين على الولاء للوطن وليس فقط للحزب ورئيسه.
________________________________________________
PHOTOS: Patriarch Rai Visit to Canada_28.9.2018