النص السابع عشر: الكنيسة المارونيّة والتعليم العالي

المجمع البطريركي الماروني 2003-2006


النص السابع عشر: الكنيسة المارونيّة والتعليم العالي


مقدّمة

  1. لقد وَعَت الكنيسة المارونيّة باكرًا أنّ التعليم العالي مجالٌ واسع للرسالة وأداةٌ من أدواتها المميّزة، لأنّه يتيح خدمة الكنيسة والبشر من خلال العقل، فأولَته اهتمامها الكبير. ولئن تعذّر على الباحث أن يُحدّد بدقّة أوّلَ عهد الموارنة بالتعليم العالي، لاضطراب مدلول هذا المصطلح في القرون الماضية من جهة، ولافتقارنا من جهةٍ أخرى إلى المعطيات التاريخيّة الدقيقة والثابتة في شأن هذا الموضوع، فإنّ ثمّة إجماعًا على اعتبار تاريخ تأسيس المدرسة المارونيّة في روما، في العام 1584، الانطلاقة الفعليّة لانفتاح الموارنة، انفتاحًا ملحوظًا ومنظّمًا وهادفًا، على التعليم العالي[1]. إلاّ أنّ بذورَ اهتمام الموارنة بهذا التعليم بدأت تظهر مع إرسال الدُفعة الأولى من الشبّان الموارنة إلى الغرب لتلقّيه، في الربع الأخير من القرن الخامس عشر[2].
  2. ولقد جدّ الموارنة في طلب التعليم العالي وأقبلوا على تلقّيه وتحصيله في روما أوّلاً، ولاحقًا منذ القرن التاسع عشر حتى أيّامنا، في الجامعة الأميركيّة في بيروت التي أُنشئت على يدِ بعض الإرساليّات البروتستانتيّة في العام 1866، وفي جامعة القدّيس يوسف في بيروت التي أنشأتها جمعيّة الآباء اليسوعيّين في العام 1875، وفي الجامعة اللبنانيّة التي تأسّست في العام 1951، فضلاً عن جامعات أوروبا وأميركا. وقد سعى الموارنة بدورهم إلى نشر التعليم العالي من خلال المؤسّسات التي أنشأوها لهذه الغاية، وفي طليعتها مدرسة عين ورقة (1789) في كسروان التي أطلقها البطريرك يوسف اسطفان الغوسطاويّ، خرّيج المدرسة المارونيّة في روما. كما يعود الفضل للمطران يوسف الدبس، راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة، بتأسيس معهد الحكمة العالي لتدريس الحقوق (1875-1913) بفرمان عثمانيّ، وقد تمّ تحويله في العام 1999 إلى جامعة الحكمة. وفي المدّة الأخيرة، وبعد صدور قانون التعليم العالي في لبنان، في العام 1961، أنشأت بعض الرهبانيّات المارونيّة مؤسّسات جديدة للتعليم العالي وهي: جامعة الروح القدس، الكسليك (1962) التابعة للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، وجامعة سيّدة اللويزة (1987) التابعة للرهبانيّة المارونيّة المريميّة، والجامعة الأنطونيّة (1996) التابعة للرهبانيّة المارونيّة الأنطونيّة، والمعهد العالي للعلوم التمريضيّة والعلاج الفيزيائيّ (2000) وهو لراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات. تجدر الإشارة إلى أنّ مبادرة أبرشيّة بيروت المارونيّة، ومبادرة الرهبانيّات المارونيّة المذكورة أعلاه، إلى تأسيس الجامعات، لم تكن حدثًا مرتجلاً في تاريخها، بل تندرج في مسيرة طويلة قامت على توارث المعرفة ونقلها وتثّمينها وتطويرها، وكانت امتدادًا لمسيرة الترقّي الثقافيّ الذي كانت تلك المؤسّسات التربويّة من روّاده.
  3. وغنيّ عن البيان أنّ الظروف التاريخيّة للتعليم العالي بالنسبة إلى الموارنة هي اليوم غيرها بالأمس. فإنّ تأسيس المدرسة المارونيّة يندرج في إطار التحدّيات التي أثارتها حركة الإصلاح البروتستانتيّ، وفي سياق التدابير التي اعتمدتها الكنيسة الكاثوليكيّة في وجهها، ومنها انعقاد المجمع التريدنتيّ (1554 – 1563) الذي أطلق حركة التجديد الكاثوليكيّ المضادّة. وبفضل تقدّم الحركة المسكونيّة بين الكنائس، تمّ اليوم تجاوز هذه الأوضاع التي رافقت نشوء كلّ من الجامعتين الأميريكيّة واليسوعيّة. ولقد تبدّلت المعطيات تبدّلاً جذريًّا، وحسبنا للتدليل على ذلك التذكير بأنّ التعليم العالي كاد يكون، في هذه المراحل التاريخيّة المتقدّمة، محصورًا في الإكليروس المارونيّ[3]، وقد أقبل اليوم عليه جميع اللبنانيّين، على اختلاف طوائفهم؛ وبأنّ المدرسة المارونيّة في روما كانت المؤسّسة الوحيدة المختصّة حصرًا بالتعليم العالي والتي شارك اللبنانيّون في مشروع إنشائها، وقد تجاوز عدد مؤسّسات التعليم العالي العاملة اليوم في لبنان الأربعين.
  4. في ضوء ما تقدّم يعرض النصّ في الفصل الأوّل أبرز الثوابت التي يمكن استخلاصها من مسيرة الموارنة الطويلة في مجال التعليم العالي. وبما أنّ هذه الثوابت زاخرةٌ بالعِبَر، فلا ريب في أنّ استذكارها والتأمّل فيها من شأنه أن يرسم أمامنا، في إطار مجمعنا، بعض آفاق المستقبل وتحدّياته، ومن شأنه أيضًا أن يساعدنا في تبنّي الخيارات التي تحقّق خير كنيستنا ووطننا بجميع أبنائه. ويعرض النصّ في الفصل الثاني واقع التعليم العالي في لبنان حاضرًا، كما يبدو من خلال تجربة الجامعة اللبنانيّة والجامعات الخاصّة عامّةً، بالإضافة إلى تجربة الجامعات المارونيّة المذكورة أعلاه. وفي الفصل الثالث والأخير يعرض النصّ موقف الكنيسة المارونيّة ورسالتها تجاه هذا التعليم مع ما يستتبعُ ذلك من اقتراحات وتوصيات من شأنها أن تُسهم في تعزيز هذا التعليم ونموّ رسالة الكنيسة.

الفصل الأوّل: الثوابت التاريخيّة والعِبَر من تجربة الموارنة في التعليم العالي

أوّلاً: الثوابت التاريخيّة التي يمكن استخلاصها من مراجعة تجربة مدرستَي روما وعين ورقة

1. إقبال الموارنة على طلب التعليم العالي

2. إهتمام الموارنة باللغة العربيّة واللغات الأجنبيّة

3. تحصيل العلم بهدف توظيفه في خدمة الجماعة والمجتمع

  1. إنّ براءة تأسيس المدرسة المارونيّة في روما وثيقةٌ مرجعيّةٌ بالغة الأهميّة، لأنّها ترسم بوضوحٍ الغاية من إنشاء هذه المدرسة، وتحدّد بدقّةٍ المسؤوليّات التي تعيّن على تلامذتها الاضطلاع بها بعد تخرّجهم. ويَحْسُن بمجمعنا البطريركيّ أن يستوحي من تلك البراءة بعض مبادئ الشرعة التربويّة التي سيدعو إلى إعلانها والتي ستركّز على خدمة الإنسان المخلوق على صورة الله. فالغاية الأُولى والأساسيّة من إنشاء المدرسة المارونيّة هي، في نظر البابا غريغوريوس الثالث عشر، “تقوية الإيمان عند الموارنة، وتثقيفهم بالعلوم الصالحة، وتربيتهم على التعليم السليم والفضائل المسيحيّة الكاملة، ليكونوا رسلاً ينشرون عبير التقوى وتعاليم الكنيسة المقدّسة على أرز لبنان، وعلى طائفتهم، وفي بلدانهم”. وفي موضعٍ آخر تتابع البراءة: “ولنا الأمل الوطيد أنّ تلاميذ هذه المدرسة، على مدى الأيّام المستقبلة، بعد امتلائهم من عبير التقوى والديانة الحقيقيّة ]…[ يوزّعونه على أرز لبنان وعلى طائفتهم، عاملين في خدمة الربّ، ومجدّدين في بلدانهم الإيمان الضعيف ومُساندينه. وهكذا يتحوّل عملٌ مادّيٌّ لا يفيد إلاّ القليل من زائري روما، إلى عملٍ روحيّ يكون للطائفة كلّها ولخلاصها”. ويظهر جليًا من هذه البراءة التشديد بقوّة على عودة التلاميذ بعد اكتمال تنشئتهم إلى البلدان التي انطلقوا منها، من أجل الخدمة. وبهذا تأكيد الرابط العضويّ بين اغتناء التلامذة الفكريّ والروحيّ، على المستوى الفرديّ، عن طريق التعلّم، وبين توظيف ما اكتسبوه في خدمة الجماعة، أيّ ربط التربية بمفهوم الرسالة. وتدعو البراءة التأسيسيّة إلى روح الانفتاح التي تنادي بتعزيزها. فهي لا تقصر الفائدة المرجوّة من إنشاء المدرسة على الموارنة وحدهم، أو حتى على لبنان، بل دعت أيضًا الى تعميم هذه الفائدة، بنشرها “في بلدانهم”، أيّ سائر البلدان التي كان تلامذتها يفِدون منها، أو يعودون إليها، وهي، بالإضافة إلى لبنان، سورية وفلسطين وقبرص ومالطا. ونجد صدىً أمينًا لهذه التوجّهات في رسالتَين وجّههما البطريرك اسطفان الدويهي إلى طلاّب مدرسة روما. وتستوقفنا فيهما نفحتهما الإنجيليّة البارزة، وما تتضمّنه من مفاهيم تربويّة تبدو على درجةٍ كبيرةٍ من الحداثة في ربطها بين اكتساب العلم ونفع الآخرين به: “فنرغب إليكم أيّها الأبناء الأعزّاء أن لا تتوانَوا في النعمة التي أُعطِيتموها ولا تستخفّوا بما دُعيتم إليه، لأنّ الربّ انتخبكم من بين ألوف، وكفاكم كلّ الحاجات، لتزيّنوا نفوسكم بالفضائل والصالحات، أملاً بأن تفيدوا قريبكم بعلمكم…”. ويذكّرهم في رسالةٍ أخرى بالمسؤوليّة الملقاة على عاتقهم: “لم نرسلكم إلى بلدان بعيدة برًّا وبحرًا إلاّ لتتعلّموا العلوم الإلهيّة وترجعوا فتفيدوا غيركم وتتاجروا بالوزنات لأنّ الشرق مفتقرٌ إلى من يعلّمهم ويهذّبهم…”[9].

ثانيًا: إسهام الموارنة في التعليم العالي قبل صدور قانون تنظيم هذا التعليم (1961) وبعده

  1. بعد أن استعرض النصّ بعض الثوابت الزاخرة بالعِِبَر من مسيرة الموارنة في التعليم العالي في ضوء تجربةالمدرسة المارونية بروما ومدرسة عين ورقة، لا بدّ من دعوة المسؤولين عن مؤسّسات التعليم العالي المعنيّة إلى كتابة نصٍّ يعرض في مرحلة أولى إسهام جامعة القدّيس يوسف في مسيرة التعليم العالي في لبنان عامّة، وفي إعداد الهيئات الإداريّة والتعليميّة التي ستتولّى شؤون مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة خاصّة، وفي مرحلةٍ ثانية إسهام كلّ من أبرشيّة بيروت المارونيّة وبعض الرهبانيّات المارونيّة في مجال هذا التعليم قبل أن تنشئ رسميًّا المؤسسات الجامعيّة المعروفة وفق قانون تنظيم التعليم العالي في لبنان الصادر في العام 1961، على أن يعرض النصّ بإيجاز، في مرحلة ثالثة، الخصوصيّة التي تتميّز بها كلٌّ من تلك الجامعات.

الفصل الثاني : الواقع الراهن، المعطيات والتحدّيات

  1. أخذ المجمع علمًا بأنّه قبل الأحداث التي اندلعت في العام 1975 في لبنان، كان عدد المؤسّسات التي تؤمّن التعليم العالي فيه، محدودًا؛ وبأنّ سنوات الحرب قد عرفت، لأسباب ودوافع مختلفة، تكاثرًا ملحوظًا في عدد هذه المؤسّسات، الذي بات يومها يناهز العشرين؛ وبأنّ التعليم العالي قد شهد، في النصف الثاني من عقد التسعينيّات، وبالتحديد في الأعوام 1996، 1999، 2000، و2001، حركة توسّع ملحوظةً في عدد جامعاته وكليّاته ومعاهده، وأحجامها، واختصاصاتها، وشهاداتها، وطلاّبها، وخرّيجيها، تجاوزت التوسّع الذي عرفه هذا التعليم طوال قرنٍ من الزمن، بعد أن رخّصت الحكومة، في حقبة زمنيّة محدّدة (1996 ـ 2001) لثلاثة وعشرين كليّةً أو معهدًا جامعيًّا أو جامعة، وحوّلت كليّات إلى جامعات، وأجازت إنشاءَ عشرات الكليّات والمعاهد الجديدة داخل الجامعات القائمة قبل هذا التاريخ، فتضاعف عدد المؤسّسات العاملة في لبنان من 22 إلى 41، وارتفع عدد الطلاّب من حوالي ثمانين ألفًا في العام (1995 ـ 1996) إلى ما يناهز مئةً وثلاثين ألف طالبٍ في العام (2002 ـ 2003)، وتنوّعت الاختصاصات الجامعيّة فقاربت المئة وخمسين اختصاصًا؛ وبأنّ في لبنان حاليًّا: جامعة رسميّة واحدة، 17 جامعة خاصّة، 18 معهدًا جامعيًّا أو كليّة جامعيّة، 5 معاهد تكنولوجيّة جامعيّة.
  2. فرأى المجمعُ أنّ قيام أربعين مؤسّسة ونيّف للتعليم العالي في لبنان ليس في حدّ ذاته جوهر المشكلة، فقد تكون هذه الظاهرة دليل عافية، ويمكنها أنْ تُعتبر ثروة. ولكنّ المشكلة تكمن بصورةٍ أساسيّة، من جهةٍ، في الأوضاع الصعبة التي تعاني منها الجامعة اللبنانيّة، وتكمن من جهةٍ أخرى في المراسيم الصادرة عن الحكومة، سواء لتنظيم قطاع التعليم العالي الخاصّ أو للترخيص لمؤسّساته، وتكمن أخيرًا في ممارسات بعض هذه المؤسّسات.

أوّلاً: المشاكل التي تعاني منها الجامعة اللبنانيّة[10]

1. الأبنية والتجهيزات

  1. أخذ المجمع علمًا:

ولا بدّ، مع ذلك، من التنويه بإنجاز المجمّع الجامعيّ الجديد في الحدث ـ الشويفات، وهو مجمّعٌ عصريّ يستوفي شروط النوعيّة من حيث البناء والمساحات الخضر، والتجهيزات المتطوّرة، وغرف نوم الطلاّب. إلاّ أنّ الفروع الأخرى ما زالت تنتظر بناء مجمّعات خاصّة بها في مختلف مناطق لبنان، ويخشى أن يطول انتظارها.

2. الإداريّون وأوضاعهم

  1. وأخذ المجمع علمًا بأنّه لا يوجد في الجامعة اللبنانيّة نظام خاصّ لاختيار العاملين الإداريّين[12] وتعيينهم، وبأنّ تعيينهم يخضع أحيانًا لتدخّلات سياسيّة وطائفيّة ومناطقيّة، وبأنّ نظام الرواتب المعمول به منخفض جدًّا، إضافةً إلى الخلل في التقديمات الصحيّة والاجتماعيّة، والضعف في مجال المكننة.

3. الهيئة التعليميّة وأوضاعها

  1. وأخذ المجمع علمًا بأنّ أبرز المشاكل التي تعاني منها الهيئة التعليميّة[13] هي:

وتجدر الإشارة إلى أنّ اتّفاقيّات تعاون عديدة وُقِّعت مع جامعات أوروبيّة سمحت بإنشاء Ecole doctorale لطلاّب الدراسات العليا والدكتوراه، يخضعون بموجبها لإشرافٍ مشترك بين الأساتذة اللبنانيّين والأوروبيّين. هذه الخطوة تسمح للطلاّب اللبنانيّين بمتابعة تحصيلهم العالي من دون الاضطرار إلى الهجرة، وتساهم في إنشاء المختبرات وتشجيع البحث العلميّ وتبادل الخبرات.

4. ضعف موازنة الجامعة اللبنانيّة

5. الطلاّب

6. التعليم والبحث العلميّ

ورغم الجهود التي بذلتها لجنة البحث العلميّ في رئاسة الجامعة من أجل تنسيق مشاريع الأبحاث ووضع آليّات لصياغتها وإقرارها، ما زالت السياسة البحثيّة في الجامعة بحاجة إلى رؤيا أشمل وأعمق، وإلى التخلّي عن المركزيّة المفرطة تنشيطًا لمراكز الأبحاث وللأقسام الأكاديميّة والمبادرات الفرديّة والفريقيّة في الكليّات والمعاهد على اختلافها.

ثانيًا: المشاكل التي يعانيها التعليم العالي الخاصّ في لبنان[14]

1. مسؤوليّة الدولة على صعيد التشريع

أ) تأخّر صدور التشريعات

وأنّ مؤسّسات التعليم العالي الخاصّ، التي يعود تأسيس بعضها إلى القرن التاسع عشر، مارست رسالتها التربويّة في استقلالٍ شبه تامّ عن السلطات الرسميّة؛ وأنّ حريّة التعليم التي كرّسها الدستور بقيت في الواقع، وعلى مدى عقود، بدون ضوابط تنظّمها، فالنصّ الأوّل، بل النصّ الوحيد إلى عهدٍ قريب، الذي يهدف إلى تنظيم التعليم العالي الخاصّ في لبنان هو القانون الصادر بتاريخ 26/12/1961، أيّ بعد انقضاء خمس وتسعين سنةً على تأسيس الجامعة الأميركيّة في بيروت، وأمّا المرسوم القاضي بتحديد الشروط والمواصفات والمعايير المطلوبة للترخيص بإنشاء مؤسّسةٍ خاصّة للتعليم العالي، أو باستحداث كليّةٍ أو معهدٍ في مؤسّسةٍ قائمة، فلم يصدر في الواقع إلاّ بعد انقضاء خمسٍ وثلاثين سنةً على صدور هذا القانون[15]؛

اعتبر أنّ الدولة اللبنانيّة تأخّرت كثيرًا في إصدار التشريعات التي تنظِّم قطاع التعليم العالي الخاصّ.

ب) نواقص في صياغة التشريعات

وأنّه لم يلحظ ضرورة منح الترخيص بإنشاء مؤسّسةٍ جديدة للتعليم العالي، أو باستحداث كليّةٍ أو معهدٍ أو اختصاصٍ جديد في مؤسّسةٍ مرخّصة قانونًا، على مرحلتَين: مرحلة أولى يكون فيها الترخيص مبدئيًّا وفي صيغة الموافقة الأوّليّة المشروطة، ومرحلة ثانية يصبح فيها الترخيص نهائيًّا ونافذًا[17]؛

وأنّه يشكو من خللٍ في صياغته، على صعيد صلاحيّات اللجنة الفنيّة، فنصوصه النافذة حاليًّا لا تمكّن اللجنة من القيام بالمهام الموكولة إليها، على الوجه المطلوب، لأنّ هذه اللجنة ذات صفة استشاريّة بحتة، ولا تتمتّع بصلاحيّاتٍ تقريريّة[18]؛

اعتبر أنّ نواقص جوهريّة تشوب صياغة هذا المرسوم التطبيقيّ.

ج) خلل في تطبيق التشريعات

اعتبر أنّ مرسوم الشروط والمواصفات والمعايير يشكو خللاً في تطبيقه، واعتبر أنّه قد لا يجانب الصواب مَن يدّعي أنّ مجلس التعليم العالي، في غياب المعايير الواضحة والآليّات الدقيقة للترخيص، غالبًا ما دقّق في عدد المستندات التي أرفقها طالبو الترخيص بملفّاتهم أكثر من تدقيقه في مضمونها، وأنّ المراسيم التي أصدرها مجلس الوزراء هي في معظمها إلى الاستنساب أقرب منها إلى الموضوعيّة، وإلى الارتجال أقرب منها إلى التخطيط، وأنّها قد راعت التوازنات الطائفيّة أكثر ممّا راعت ضرورات الإنماء المتوازن، واستلهمت الاعتبارات السياسيّة أكثر ممّا استلهمت مقتضيات السياسة التربويّة.

2. مسؤوليّة المؤسّسات

أ) المؤسّسات غير المرخّصة قانونًا

ب) المخالفات التي ترتكبها المؤسّسات

ج) تغليب المنطق التجاريّ الاستثماريّ

رأى أنّ أحدَ أبرز مسبّبات الأزمة التي يواجهها قطاعُ التعليم العالي اليوم، مردّه إلى أنّ عددًا لا بأس به من مؤسّسات التعليم العالي التي تمّ الترخيص لها في المدّة الأخيرة، يغلب المنطق الاستثماريّ والاعتباراتِ التجاريّة على منطق الرسالة ومفهوم الخدمة، وينحرف بالتالي بالتعليم العالي عن تقاليده العريقة وعن غاياته التربويّة النبيلة وأهدافه الإنسانيّة السامية. وإنّ مَن يقرأ لوحات الإعلانات المنتشرة على الطرقات وفي الساحات العامّة، أو يطّلع على الدعايات التي تبثّها وسائل الإعلام المقروءة والمرئيّة والمسموعة، لا بدّ له من أنْ يلاحظ الأساليب المستهجنة التي تعتمدها هذه المؤسّسات في الترويج.

د) عدم جواز التعميم

ثالثًا: ضعف التنسيق بين مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة

الفصل الثالث : توصيات واقتراحات

أوّلاً: على الصعيد الدوليّ العامّ

ضمان جودة التعليم العالي وتأمين ديموقراطيّته

ثانيًا: على الصعيد اللبنانيّ العامّ

1. رسم سياسة وطنيّة للتعليم العالي

2. تعزيز التنسيق بين مؤسّسات التعليم العالي وبينها وبين وزارة التربية والتعليم العالي

3. تأليف مجلس وطنيّ للتعليم العالي

4. إنشاء هيئة وطنيّة للاعتماد (Conseil national d’accréditation)

ثالثًا: على صعيد الجامعة اللبنانيّة

رابعًا: على صعيد مؤسّسات التعليم العالي الخاصّ

1. إصدار قانون جديد للتعليم العالي الخاصّ في لبنان

2. مساهمة الدولة في تمويل مؤسّسات التعليم العالي الخاصّة التي لا تتوخّى الربح

خامسًا: على صعيد مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة

فيدعو المجمع، في ضوء ذلك، مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة إلى تحديد المبادرات التي تستطيع إطلاقها، وإعداد المشاريع التي تستطيع تنفيذها لتحقيق هذه الأهداف، وهذه المبادرات والمشاريع هي كثيرة ومتاحة.

1. تعزيز التنسيق بين مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة وتنظيمه في إطار الهيئة الموكول إليها التنسيق بين مؤسّسات التعليم العالي الكاثوليكيّة

2. صياغة الشرعة التربويّة لمؤسّسات التعليم العالي المارونيّة

وغنيٌّ عن البيان أنّ الدراسات في موضوع التعليم العالي التي يُمكن الإفادة منها لصياغة هذه الشرعة، كثيرةٌ وغنيّةٌ بالمعطيات والرؤى، وفي طليعتها الوثائق المختلفة التي أصدرتها منظّمة اليونسكو. ولكنّ ثمّة نصوصًا مرجعيّة في هذا المجال لا غنىً عنها، يتعيّن الرجوع إليها، هي الآتية:

سادسًا: على صعيد أولياء الطلبة

1. تشجيع أبناء الطائفة على طلب التعليم العالي

2. التشجيع على إنشاء مراكز معلومات وتوجيه وإرشاد في مدارس الطائفة ورعاياها

ويدعو المجمع إلى أن تولي الرعايا مراكز الإرشاد التابعة لها، عنايتها الخاصّة، لتوعية أولياء التلامذة على حقوقهم وواجباتهم في المجال التربويّ عامّة، وبخاصّة على الصعيد الجامعيّ. فهم، بصفتهم مواطنين، معنيّون بالشأن التربويّ، ومدعوّون إلى ممارسة واجبهم ودورهم في الاطّلاع على أوضاع بلادهم التربويّة، وهم قادرون – إذا اهتمّوا بتجميع المعلومات والمعطيات الضروريّة، وبتكوين الآراء الوافية – على دعم الدولة من جهة، ومن جهة أخرى على مساءلتها في أمر السياسة التربويّة التي تعتمدها، والخطط التي تضعها لتنفيذ هذه السياسة، وقادرون بالتالي على تقويم هذه السياسة والمشاركة في رسمها أو توجيهها أو تصويبها.

وإنّهم مسؤولون أيضًا، بصفة كونهم أولياء، عن حُسْن اختيار مؤسّسة التعليم العالي التي سينتسب أبناؤهم إليها، وعن حسن اختيار المسار أو الاختصاص الذي سيتابعون تحصيلهم فيه لذا يشجّع المجمع المعنيّين على أن يضعوا في متناول الأولياء، في مراكز الإرشاد التي تُنشئها كنيستنا في رعاياها لهذه الغاية، الأسس والمواصفات والمعايير التي يمكنهم أن يبنوا عليها تقديرهم لكفاية المؤسّسة التي يختارونها وجودة تعليمها، وأن تزوّدهم المعلومات الدقيقة عن الاختصاصات المتوافرة، وشروطها، وفرص العمل التي تتيحها، ليأتي اختيار المسار أو الاختصاص ملائمًا قدرات كلّ طالب واستعداداته ومؤهّلاته من جهة، وحاجات المجتمع من جهةٍ أخرى. فلا يبقى هذا الاختيار، كما هو حاليًّا في الكثير من الحالات، متسرّعًا وعشوائيًّا ورهنًا باعتبارات خاطئة، ومساهمًا في تضخيم البطالة أو تفاقم الهجرة، بل يُسهم في تنمية الفرد بأبعاده وطاقاته كلّها، وفي إسعاده وتأمين مستقبله، ويُسهم في تطوير المجتمع بقطاعاته ومناطقه المختلفة، وفي تحقيق العدالة الشاملة والإنماء المتوازن.

سابعًا: على صعيد الطّلبة

1. إعداد إحصاءات دقيقة وشاملة عن التعليم العالي

2. العمل على الحدّ من هجرة الأدمغة

وغالبًا ما نبّه المسؤولون عن كنيستنا إلى حدّة هذه الظاهرة وخطورتها. فما أحوجنا اليوم إلى أن نعي ضرورة حضّ طلاّبنا الذين يتابعون تحصيلهم الجامعيّ في الخارج، على عدم الاستقرار النهائيّ خارج وطنهم، وتشجيعهم على العودة إليه، وما أحوجنا أيضًا إلى العمل السريع والجادّ للحدّ من هجرة الأدمغة.

3. إنشاء صندوق القروض والمِنَح الجامعيّة للتضامن الاجتماعيّ

ومن المسلّم به أنّه ليس بمقدور هذه المؤسّسات أن تعفي طلاّبها من دفع الأقساط التي ترهق الكثيرين من أهلهم، لأنّ ما تستوفيه منهم هو الجزء الأساسيّ من المداخيل التي توفّر لها مقوّمات الصمود والاستمرار، وبعضَ عناصر التطوّر والنموّ، والشروطَ الماديّة التي لا غنىً عنها في سعيها إلى بلوغ الجودة. فيتعيّن علينا أن نتّخذ مبادرات عاجلة وفعّالة لدعم هذه المؤسّسات على الصعيد الماليّ، ولمساعدة الطلاّب الموارنة المحتاجين في الحصول على المنح والقروض الجامعيّة التي تمكّنهم من تسديد ما يترتّب عليهم من أقساط في هذه المؤسّسات المارونيّة، أو في غيرها من مؤسّسات التعليم العالي الخاصّة في لبنان. ولعلّ في طليعة هذه المبادرات إنشاء صندوق خاصّ لهذه الغاية، يستفيد منه الطلاّب الموارنة المحتاجون، وتتولّى الإشراف عليه هيئة مختصّة، تقوم بتنظيمه وإدارته ووضع المعايير لإفادة الطلاّب منه، وتسهر على تنمية موارده، وتتّخذ القرارات التي قد تراها ضروريّة لمساعدة الطلاّب الموارنة المتفوّقين في الحصول على منح جامعيّة لمتابعة تحصيلهم العالي أو أبحاثهم العلميّة في الخارج. فلا يُحرَم طالبٌ مارونيّ يملك المؤهّلات العلميّة المطلوبة، فرصة الالتحاق بمؤسّسة للتعليم العالي في لبنان، ولا يُحرَم طالبٌ ماروني يتحلّى بكفايات علميّة مميّزة، من فرصة الالتحاق بأرقى مؤسّسات التعليم العالي أو أبرز مراكز البحث العلميّ في الخارج.

ثامنًا: على صعيد الأساتذة الجامعيّين الموارنة

فكيف السبيل إلى مساعدة الأساتذة الجامعيّين الموارنة في تجسيد حضور الكنيسة المشرق والفاعل في التعليم العالي؟

يقود هذا السؤال إلى التفكير في مسؤوليّة كنيستنا المارونيّة تجاه أبنائها من الأساتذة الجامعيّين، وفي التزام هؤلاء الروحيّ ومسؤوليّاتهم الكنسيّة. وقد يكون المنطلَق السليم للتأمّل في هذا الموضوع، التذكير بحقيقتين متلازمتَين: – أمّا الحقيقة الأولى فمفادها أنّ الكنيسة مسؤولة عن هذه الفئة المستنيرة من أبنائها، وهي مسؤولة أمام الله والطائفة والوطن عن تثمير وديعة الإيمان فيهم، وعن تعميق التزامهم الروحيّ، وعن ترسيخ انتمائهم الكنسيّ – وأمّا الحقيقة الأخرى فمفادها أنّ الأساتذة بدورهم مسؤولون أمام الله والطائفة والوطن، عن الوزنات الكثيرة التي وُهبت لهم، ومطالَبون بأن يساعدوا طلاّبهم، من خلال تعليمهم وأبحاثهم، وفي الأمانة المطلقة لمستلزمات العمل الأكاديميّ الجامعيّ، في الانفتاح على القِيَم الروحيّة، ومطالَبون أيضًا بأن يشهدوا على تكامل العقل والإيمان.

تاسعًا: على صعيد الانتشار المارونيّ

خاتمة

توصيات النصّ وآليات العمل

الموضوع التوصية الآليّة
1- جودة التعليم العالي وديموقراطيته.1- لمّا كان التعليم العالي الجيّد والنوعيّ هو في نظر الكنيسة حقّ لجميع من تتوفّر فيهم المؤهلات الضروريّة، يوصي المجمع بالعمل بشتى الوسائل على تأمين ديموقراطيّة التعليم العالي والسهر على ضمان نوعيته ومستواه.أ: العمل على تحديد مفهومي ديموقراطيّة التعليم وجودته. 1-ب: مطالبة الكنيسة السلطات المختصة باتخاذ الإجراءات الضروريّة لحسن تنظيم التعليم العالي الرسميّ والخاصّ.
2– هيئة التنسيق بين مؤسّسات التعليم الخاصّة، المارونيّة والكاثوليكيّة، ومهماتها.  2- حرصًا من الكنيسة المارونيّة على أن تؤدّي مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة والكاثوليكيّة في لبنان رسالتها الجامعيّة بروح الشراكة والتنسيق خدمة لأهدافها الوطنيّة المشتركة، يدعو المجمع اللجنة الأسقفيّة للجامعات إلى تفعيل هيئة التنسيق بين تلك المؤسّسات مع تحديد دقيق لمهمّاتها وصلاحيّاتها على الصعيدين الكنسيّ والوطنيّ.  2- من مهام هذه الهيئة: 2-أ: المساهمة في إعداد الدراسات اللازمة لرسم سياسة الكنيسة الكاثوليكيّة في ما يختصّ بالتعليم العالي في لبنان. 2-ب: تزويد السلطات الكنسيّة المعنيّة بالدراسات والأبحاث والإحصاءات والتقارير التي تحتاج إليها. 2-ج: تمثيل المؤسّسات الأعضاء لدى المراجع الكنسيّة، والتحدّث والمراجعة والمفاوضة باسمها لدى الدولة ووزاراتها ومؤسّساتها. 2-د: السهر على احترام حريّة التعليم والمشاركة في إعداد القوانين والمراسيم الخاصّة بالتعليم العالي . 2-هـ: التنسيق بين المؤسّسات الأعضاء على صعيد الأبحاث وتبادل الأساتذة .
3- التنسيق بين مؤسّسات التعليم العالي.  3- في سبيل تعزيز التعليم العالي في قطاعيه الرسميّ والخاصّ وتمكينه من تأدية رسالته الوطنيّة على أكمل وجه، يدعو المجمع إلى قيام تنسيق حقيقيّ: 3-أ: بين مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة ومؤسّسات التعليم العالي المسيحيّة. 3-ب: بين مؤسّسات التعليم العالي، الرسميّة منها والخاصّة. 3-ج:  بين مؤسّسات التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم العالي.3- يُعهد هذا الأمر إلى هيئة التنسيق.  
4- مجلس وطنيّ للتعليم العالي.  4- توخّيًا لإرساء علاقات بين وزارة التربية والتعليم العالي ومؤسسات التعليم العالي الخاصّة على أساس الشراكة الحقيقيّة لتأمين مصلحة هذا التعليم، يدعو المجمع إلى إعادة نظر جذريّة في تأليف مجلس وطنيّ للتعليم العالي بحيث يتمكن من القيام بالمهمات التي تنتظره وتوكل إليه، ومنها رسم سياسة وطنيّة للتعليم العالي تتضمن نشر ثقافة التخطيط والاستشراف والرؤيا وإدخال العنصر التوجيهيّ.  4- العمل على إشراك مؤسّسات التعليم العالي الخاصّة في هذا المجلس، من خلال رؤساء الجامعات أو من يمثلهم، بصفة أعضاء كاملي الحقوق والواجبات، بحيث يشاركون في التصويت على القرارات.  
5- هيئة وطنيّة للاعتماد.  5- حرصًا من الكنيسة على جودة التعليم في المؤسّسات الرسمية والخاصّة، ونظرًا إلى أنّ القانون الحالي لتنظيم هذا التعليم لم يعد ملائمًا لمراقبة هذه الجودة، يدعو المجمع إلى إنشاء هيئة وطنيّة مستقلّة لتقييم النوعيّة والاعتماد في التعليم العالي.5- يسعى مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك إلى تأليف هيئة من شخصيات أكاديميّة معروفة تلتئم بصورة دوريّة، وتكون مهمّتها التأكّد من جودة البرامج المعتمدة في مؤسّسات التعليم العالي، وتقديم التوصيات الآيلة إلى تحسينها.
6- تحقيق اللامركزيّة في مجال التعليم العالي الرسميّ.  6- لمّا كان تحقيق اللامركزيّة في مجال التربية عمومًا من شأنه أن يلبّي حاجات أكاديميّة وإنمائيّة ماسّة، يدعو المجمع إلى تبنّي مبدأ اللامركزيّة على صعيد الجامعة اللبنانيّة.  6- المطالبة بإنجاز مجمّعات جامعيّة متكاملة للجامعة اللبنانيّة في المناطق اللبنانيّة كلّها. ويمكن لهذه المجمّعات أن تنظّم أشكالاً معيّنة من التعاون والتنسيق في ما بينها في إطار لامركزيّة الجامعة اللبنانيّة، أو تصبح جامعات يجمع بينها مجلس أعلى للتعليم العالي الرسميّ.
7- استقلاليّة الجامعة اللبنانيّة وزيادة موازنتها.  7- لكي تؤدّي الجامعة اللبنانيّة، التي تستقطب أكثر من نصف مجموع الطلاّب المنتسبين إلى مؤسّسات التعليم العالي، رسالتها الوطنيّة الموكلة إليها على أكمل وجه، يدعو المجمع السلطات المختصّة إلى احترام استقلاليّة هذه الجامعة على المستوى الماليّ والإداريّ والأكاديميّ، كما أنّه يدعو إلى زيادة موازنتها في سبيل تطويرها وتكثيف الأبحاث العلميّة فيها.7- تفعيل دور المجالس التمثيليّة ودعمها على مستوى الكلّيات والفروع والأقسام، كما على مستوى مجلس الجامعة.
8- إصدار قانون جديد للتعليم العالي الخاصّ في لبنان.  8- حيث إنّ قانون تنظيم قطاع التعليم العالي الخاصّ المعمول به في لبنان منذ العام 1960 لم يعد يتلاءم مع متطلبات الواقع الحاليّ للتعليم العالي ومستجداته، يدعو المجمع السلطات اللبنانيّة إلى التعجيل في استصدار قانون جديد ومتكامل في هذا المجال يسهم في ضمان جودة التعليم وتأمين تطوّره المستقبليّ السليم.8- تُعهد متابعة هذا الأمر إلى هيئة التنسيق.  
9- تمويل مؤسسات التعليم العالي الخاصّ من قبل الدولة.  9- دفاعًا عن حريّة التعليم التي يصونها الدستور اللبنانيّ، ونظرًا إلى أن التعليم العالي الخاصّ يندرج في المصلحة الوطنيّة، وبسبب تفاقم الضائقة الاقتصاديّة، يوصي المجمع السلطات المختصّة بإستصدار التشريعات اللازمة التي تؤول إلى مساهمة الدولة في تغطية كلفة التعليم العالي الخاصّ.9- تُعهد متابعة هذا الأمر إلى هيئة التنسيق.
10– الحفاظ على اللغة السريانيّة وتراثها الفكريّ.  10- لمّا كانت الكنيسة المارونيّة تنتمي إلى عائلة الكنائس السريانيّة، ولمّا كانت اللغة السريانيّة من اللغات المهدّدة بالانقراض، يدعو المجمع مؤسّسات الكنيسة المارونيّة المعنيّة إلى وضع خطّة عمليّة للنهوض بهذه اللغة، وذلك بالتعاون مع سائر الكنائس الشرقيّة المعنيّة بهذا الموضوع.10- تعمل الجامعات المارونيّة على تعليم اللغة السريانيّة وتراثها الفكريّ والأدبيّ. (بالتعاون مع معاهد العلوم الشرقيّة في الخارج)، وتتابع عملها في تحقيق التراث الأدبيّ والفكريّ واللاهوتيّ والليتورجيّ الموضوع باللغة السريانيّة، ونشره، وترجمته، وإدخاله في المناهج الأكادميّة.
11- تعزيز اللغة العربيّة.  11-أ: لمّا كانت اللغة العربيّة هي لغتنا الوطنيّة والوسيلة التي تتيح للبنان أن يحافظ على إشعاعه الثقافيّ في العالم العربيّ كما في العالم قاطبة، ولمّا كانت هذه اللغة أداة اتصال الموارنة الفضلى بالعالم العربيّ والإسلاميّ، يدعو المجمع مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة إلى تحديد المبادرات وإعداد المشاريع التي من شأنها تعزيز هذه اللغة على صعيد التعليم والأبحاث والمنشورات.  11-ب: يدعو المجمع إلى أن تكون اللغة العربيّة في بلاد الانتشار اللغة الأجنبيّة التي يختارها طلاّب التعليم العالي في الجامعات التي يتابعون فيها دراستهم.11-الجامعات المارونيّة كما في التوصية 10.  
12- تبنّي الثلاثيّة اللغويّة وضرورة مراعاة التراتبيّة في اعتماد اللغات الأجنبيّة.  12-أ بما أنّ إتقان اللغات الأجنبيّة بات حاجة ضروريّة لكلّ المواطنين في المجتمعات الحديثة، وبما أنّ الإنكليزيّة بدأت تنتشر في الأوساط التربويّة في لبنان إلى جانب الفرنسيّة، يدعو المجمع إلى تبنّي الثلاثيّة اللغويّة: العربيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة، وإلى مراعاة هذه التراتبيّة في اعتماد اللغات الأجنبيّة في ضوء ثوابت التاريخ، على الأقل في لبنان، ويوصي المجمع بأن تحافظ الكنيسة المارونيّة على هذه السياسة اللغويّة. 12-ب:  يدعو المجمع أيضًا إلى تعلّم الإسبانيّة والبرتغاليّة لتعزيز التواصل مع الموارنة المنتشرين في البلدان الناطقة بهاتين اللغتين. 
13- الشرعة التربويّة لمؤسّسات التعليم العالي المارونيّة.  13- كي تؤدّي المؤسّسات المارونيّة للتعليم العالي في لبنان رسالتها بروح الكنيسة، يوصي المجمع بأن تشترك تلك المؤسّسات في صياغة وثيقة مرجعيّة تكون بمثابة شرعة الكنيسة للتعليم العالي. وتحرص تلك المؤسّسات على صياغة تلك الوثيقة وهي تتذكّر باستمرار أنّها: جامعة، كاثوليكيّة، مارونيّة وعاملة في لبنان، القائم على ضفاف المتوسط وفي قلب العالم العربيّ.   
14- إنشاء مراكز معلومات وتوجيه وإرشاد في المدارس والرعايا المارونيّة.  14- حرصًا على توعية أولياء التلامذة على حقوقهم وواجباتهم في المجال التربويّ عامّة، ولاسيّما على الصعيد الجامعيّ، ومساعدةً للتلامذة في اختيار المسار الأكاديميّ أو التكنولوجيّ أو الفنّي – المهنيّ المناسب، ومن ثمّ الاختصاص الجامعيّ المناسب، يوصي المجمع بإنشاء مراكز معلومات وتوجيه وإرشاد في المدارس والرعايا المارونيّة لتغطية هذه المجالات.  14- تضع تلك المراكز في متناول التلامذة وأوليائهم الأسس والمواصفات والمعايير التي يمكنهم أن يبنوا عليها تقديرهم لكفاية المؤسّسة التي يختارون، وجودة تعليمها، وسوق العمل الخ ..
15- التثقيف الروحيّ للأساتذة الجامعيين المسيحيّن وإشراكهم في حياة الكنيسة.  15- حرصًا على مساعدة الأساتذة الجامعيين المسيحيّين في تجسيد حضور الكنيسة في التعليم العالي، يوصي المجمع، انطلاقاً من مسؤوليّة كنيستنا المارونيّة تجاههم، بتنشئتهم الروحيّة الملائمة وبإشراكهم في حياة الكنيسة.  15-أ: تأمين مرشدين كفوئين يهتمّون بتنشئتهم المسيحيّة بما يتناسب مع درجاتهم العلميّة. 15-ب: إشراك الأساتذة الجامعيين، وبخاصّة الموارنة منهم، في إطار العمل الراعويّ الجامعيّ وعلى صعيد الأبرشيّات والرعايا، فيعدّون الدراسات ويضعون التقارير ويقدّمون الاقتراحات التي تستطيع السلطات الكنسيّة المعنيّة أن تبني عليها مواقفها وخياراتها.
16- إنشاء رابطات للأساتذة الجامعيين في لبنان وبلاد الانتشار.16- في سبيل تبادل الخبرات والتعاون بين الأساتذة الجامعيين المسيحيّين، وبخاصّة الموارنة منهم، في النطاق البطريركيّ وبلاد الانتشار، يوصي المجمع بإنشاء رابطات لهؤلاء الأساتذة على أساس الشراكة العلميّة المتمثّلة في اختصاصاتهم والشراكة الروحيّة المتمثّلة بإيمانهم الواحد.16-أ: إنجاز إحصاء للأساتذة الجامعيين والعلماء والباحثين المسيحيّين عامّةً والموارنة خاصّةً في لبنان والعالم. 16-ب: إنشاء رابطة للأساتذة الجامعيّين المسيحيّين، في كلّ دولة من دول الانتشار، وإنشاء اتحادات قاريّة ودوليّة لهذه الرابطات. 16-ج: تكليف لجنة مختصّة القيام برصد المنتشرين الموارنة المجلّين في مجالات عملهم الأكاديميّة أو المهنيّة، والعمل على استضافتهم في الجامعات المارونيّة في لبنان وللعالم، للإفادة من خبراتهم. 16-د: تنظيم مؤتمرات يشارك فيها طلاّب وأساتذة موارنة في بلاد الانتشار. 16-هـ: تأسيس شبكتين على الانترنت للأساتذة والطلاب المسيحيّين، ولاسيّما الموارنة.  

1. للاطّلاع على تاريخ المدرسة المارونيّة في روما، يمكن مراجعة الكتاب الذي وضعه الخوري ناصر الجميّل بالفرنسيّة، في جزئين، وعنوانه:

Les échanges culturels entre les Maronites et l’Europe, Beyrouth 1984;

والإصدارات الخاصّة في مناسبة الاحتفال بالذكرى المئويّة الرابعة لتأسيس المدرسة المارونيّة في روما، ومنها العدد الخاصّ في مجلّة المنارة، السنة الخامسة والعشرون، العددان الأوّل والثاني، 1984، والمجلّد الخاصّ من مجلّة دراسات في الآداب والعلوم الإنسانيّة، السنة الثانية عشرة، العددان 16 و 17، 1985، وهو يتضمّن سلسلة الندوات والمحاضرات التي نظّمتها كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في الجامعة اللبنانيّة – قسم التاريخ – الفرع الثاني، من 10 حتى 13 تمّوز سنة 1984؛ والكتاب الذي يحمل رقم 7 في سلسلة محاضرات جامعة الروح القدس ـ الكسليك، وعنوانه الذكرى المئويّة الرابعة للمدرسة المارونيّة في روما1584 – 1984، الصادر عام 1985، وغيرها من الدراسات.

2. كان في عدادهم المطران جبرائيل ابن القلاعي (1516+)، وستحظى مؤلّفاته اللاهوتيّة والتاريخيّة والقانونيّة عامّة، وبخاصّة زجليّاته، بشُهرة واسعة. في ما يختصّ بحياة المطران جبرايل ابن القلاعي ومؤلّفاته، راجع ما كَتَبَه كلّ من بطرس الجميّل، زجليّات جبرائيل ابن القلاعي، سلسلة “اصول ومراجع تاريخيّة”، 2، منشورات لحد خاطر، بيروت 1982؛ وهيكتور الدويهي بالفرنسيّة:

Hector DOUAIHY, Un théologien maronite: Gibra’il Ibn al-Qila’i, évêque et moine franciscain, coll. « Bibliothèque de l’Université Saint-Esprit », XXXI, Kaslik, Liban 1993.

3. استُخدِمَت هنا صيغة المقاربة “كاد” لمراعاة الوقائع التاريخيّة التي تُثبت أنّ الموارنة كانوا من أكثر اللبنانيّين اهتمامًا بالتعليم العالي، ولكنّهم لم يحتكروا هذا الاهتمام. وتقتضي الأمانة العلميّة لفت الانتباه إلى أنّ طوائف وجماعات أخرى من غير الموارنة اهتمّت هي أيضًا بالتعليم العالي، وأنّ جبل عامل – على سبيل المثال لا الحصر – كان مركزًا مهمًّا للتعليم، بما فيه العالي خاصّةً بعد احتلال المغول للعراق واستيلائهم على بغداد العامَ 1258، وما نشأ عن ذلك من اضطراب شؤون الدراسة العالية في النجف (انظر نقولا زيادة: أبعاد التاريخ اللبناني، 1972، ص 127).

 4. تخرّج من مدرسة روما، في الحقبة الأولى من تاريخها، 280 تلميذًا، وتخرّج من مدرسة عين ورقة منذ تأسيسها حتى إغلاقها بصورة نهائيّة، حوالي الألف تلميذ.

5. يُبرِز الأب سركيس الطبر، عند كلامه على مبرّرات تأسيس المدرسة وأهدافها، استنادًا إلى وثيقةٍ مخطوطة محفوظة في المكتبة الفاتيكانيّة (تحت رقم 5528)، الدوافعَ اللغويّة لهذا التأسيس: ” إنّ هؤلاء التلامذة، بعد تربيتهم وتثقيفهم في روما، يمكنهم ترسيخ إيمان أبناء كنيستهم على غرار ما فعل سلفاؤهم كالمطران جبرائيل ابن القلاعي الذي وضع لطائفته عدّة مؤلّفات مفيدة للغاية. والدوائر الرومانيّة تعلم أنّ فشل الإرساليّات الفرنسيسكانيّة في الشرق، في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، يعود إلى أسباب جوهريّة هي: الفرق في الذهنيّة بين المرسَلين والشعوب الشرقيّة، وعدم توافُر العناصر المتمكّنة من معرفة لغات تلك البلدان. فالتلامذة الموارنة، عند إتمام دروسهم، سيصبحون أداةً فعّالة لدى الكرسيّ الرسوليّ لنشر الإنجيل في تلك البلدان وللقيام بمهامّ الوساطة بين كنيسة روما وبين الشعوب القاطنة في سوريا وفلسطين ومصر والحبشة وحتى في الهند الشرقيّة” (الأب سركيس الطبر: “المحطّات الأساسيّة في تاريخ مدرسة روما المارونيّة”، مجلّة دراسات، منشورات كليّة التربية في الجامعة اللبنانيّة، السنة الثانية عشرة، العددان 16-17، السنة 1985، ص 13 – 32).

6. يقول أحد كبار المستشرقين المعاصرين، الأب ميشال ألار: “ولا يمكن أن تشكّل الثنائيّة اللغويّة مصدَر غنىً، إلاّ شرطَ أن تكون أداة حوارٍ يُطلَب ويُثار باستمرار. وإذا أخذنا بالاعتبار مستلزمات التنمية، فمن الواضح أنّه لا يمكن تسويغ الثنائيّة اللغويّة إلاّ إذا وُجِّهَت توجيهًا مقصودًا نحو إغناء اللغة الوطنيّة وتطويرها”. مقالة بعنوان ” التعريب”، منشورة في مجلّة أشغال وأيّام، العدد 39 (نيسان – حزيران 1971)، ص 35.

7. يخصّ الأب سامي خوري في مداخلةٍ له عنوانها: “يسوعيّون موارنة، في خدمة المدرسة المارونيّة” قسمًا كبيرًا من مداخلته بالأب جرجس عبيد بنيمّين الذي عُيّن مديرًا للدروس في المدرسة المارونيّة، ومرشدًا للطلاّب، وأستاذًا للّغات الشرقيّة، واستمرّ في تلك الوظائف أربعًا وعشرين سنة، فيقول فيه: “أربعٌ وعشرون سنة تُعتَبَر عهد المدرسة المارونيّة الذهبيّ، لما قام به الأب بنيمّين من نشاطات تكشف عنها وثيقةٌ محفوظة في أرشيف البروباغندا، ترقى إلى ما بين 1727 و1735”. الكتاب الذي يحمل رقم 7 في سلسلة “محاضرات جامعة الروح القدس – الكسليك”، وعنوانه الذكرى المئويّة الرابعةللمدرسة المارونيّة في روما 1584 –1984، الصادر عام 1985.

8. الخوري ناصر الجميّل، مدرسة عين ورقة في الذكرى المئويّة الثانية لتأسيسها، بيروت، 1989. ويتحدّث المطران يوسف الدبس في المقدّمة التي وضعها لقانون مدرسة الحكمة، وعنوانها “فيما تعلّمه المدرسة وكيفيّة التعليم”، عن اللغات المعتمَدة فيها، فيذكرها مشيرًا إلى أنّها اللغات التي درجت المدارس الكبرى في لبنان على تدريسها: “أمّا الصفوف العالميّة ]ويقصد بها الصفوف المخصّصة للعلمانيّين[ فَتُعَلِّمهم المدرسة ما اعتاد تعليمه في مدارس بلادنا الكبيرة، أيّ اللغات العربيّة والتركيّة واللاتينيّة والإفرنسيّة والإنكليزيّة والإيطاليّة وغيرها أيضًا إذا اقتضت حالة بلادنا ذلك…”. (ماجريات الأب السبعلاني، الجزء الثاني، أرشيف الكريم، ص 478).

9. فقرة مقتبسة من الرسالة التي نشرها رشيد الشرتوني ثمّ الأبّاتي بطرس فهد.

10. تمّت كتابة هذا القسم المخصّص للجامعة اللبنانيّة استنادًا إلى مجموعة من المصادر والمراجع، منها على سبيل المثال: الإحصاءات الصادرة عن دائرة الإحصاء في المركز التربويّ للبحوث والإنماء، و: الأمين (عدنان) ومجموعة مؤلّفين: قضايا الجامعة اللبنانيّة وإصلاحها، دار النهار للنشر والهيئة اللبنانيّة للعلوم التربويّة، بيروت، 1999؛ ومنها أيضًا: الجامعة اللبنانيّة: التقييم الذاتيّ في الجامعة اللبنانيّة (2002/2003)، بيروت، كانون الأوّل 2003.

11. بعض هذه المباني أديرة، أو ثكنات، أو مدارس، وتشغل الجامعة القسم الأكبر منها بالإيجار.

12. عدد الإداريّين في الملاك: 875 ؛ الأجراء: 893 ؛ عدد المدرّبين المتعاقدين:575 (إحصاءات العام 2004-2005).

13. عدد الداخلين في الملاك: 1188؛ عدد المتعاقدين المتفرّغين: 368 ؛ عدد المتعاقدين بالساعة: 2327 تقريبًا (إحصاءات العام 2004-2005).

14. تمّت الاستعانة في كتابة القسم المتعلّق بالتعليم العالي الخاصّ في لبنان بمجموعة من المصادر والمراجع، ومن أبرزها:التعليم العالي في لبنان، وخاصّةً المقالة التي ألّفها هنري العويط بعنوان “الترخيص القانونيّ لمؤسّسات التعليم العالي الخاصّة”، منشورات الهيئة اللبنانيّة للعلوم التربويّة، بيروت 1997.

15. إنّ المرسوم رقم 9274 الذي نصّت المادّةُ الحادية عشرة من قانون تنظيم التعليم العالي، الصادر عام 1961، على أنْ يُتَّخَذ بمهلةٍ أقصاها سنة من تاريخ نشر هذا القانون في الجريدة الرسميّة، قد صدر بتاريخ 7 تشرين الأوّل سنة 1996.

16. حسبنا أنْ نشير إلى أنّ هدا المرسوم يخالف بالتحديد المادّة السادسة من القانون التي تحدّد الشروط الأكاديميّة التي يجب أنْ تتوافر في رؤساء الجامعات أو عمداء الكليّات والمعاهد وأساتذتها.

17. وأمّا الهدفُ من منح الترخيص على مرحلتَين، فيكون الترخيص في المرحلة الأولى مشروطًا، ولا يصبح نهائيًّا ونافذًا إلاّ في نهاية المرحلة الثانية، فتمكينُ اللجنةِ الفنيّة من التثبّت ميدانيًّا على الأرض من أنّ مقدِّمَ الطلب الذي نال ترخيصًا مشروطًا بإنشاء المؤسّسة الجديدة أو باستحداث معهدٍ أو كليّةٍ جديدَين في مؤسّسةٍ قائمة، قد نفّذ بصورةٍ دقيقةٍ وشاملة كلَّ ما تعهّد به في ملفّ طلب الترخيص، على صعيد الأبنية، والتجهيزات العلميّة، والهيئة التعليميّة، والمستخدمين الفنيّين والإداريّين، والتمويل، وأنّه صار مؤهّلاً حقًّا للشروع في استقبال الطلاّب وبدء التدريس.

18. غالبًا ما يتجاوز مجلس التعليم العالي رأيَ هذه اللجنة، فيرفع إلى مجلس الوزراء توصيةً بمنحِ الترخيص مَن تكون اللجنةُ الفنيّةُ قد أوصت، في ضوء دراسة طلبه والملفّ المرفق به، برفضه. بل يحدث أنْ يرفعَ مجلسُ التعليم العالي إلى مجلس الوزراء توصيةً بمنح الترخيص لطلبٍ لم يعرضه مجلسُ التعليم العالي على اللجنة الفنيّة لتبدي رأيَها فيه، وقد يتّخذ هذه التوصيةَ في شأن طلباتٍ لم يُرفِق بها أصحابُها أيّ ملفّ، أو في شأن طلباتٍ يتمّ استبدالُ ملفّاتها الأصليّة بأخرى يجري تركيبُها خصّيصًا لهذه الغاية ؛ بل قد يتجاوز مجلسُ الوزراء اللجنةَ الفنيّةَ ومجلسَ التعليم العالي معًا، فيُصدِر مراسيم يرخّص بموجبها لمؤسّساتٍ لم تدرس هاتان الهيئتان المعنيّتان، طلباتِها وملفّاتِها، أو أوْصتا برفضها. ويتمّ ذلك كلُّه خلافًا لأحكام قانون تنظيم التعليم العالي، ولأحكام المرسوم رقم 9274، فيتمّ استبدالُ المعايير الأكاديميّة باعتباراتٍ طائفيّة، أو سياسيّة، تراعى فيها المحاصصةُ والمحسوبيّات.

19. تجدر الإشارة إلى أنّ عددًا كبيرًا من هذه المراسيم نصّ على تسوية الأوضاع القانونيّة في المؤسّسات التي خالفت مخالفةً صريحة أحكام قانون تنظيم التعليم العالي، وباشرت العمل قبل تقديمها طلب الترخيص أو، في أفضل الأحوال، قبل صدور مرسوم الترخيص لها. كما تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الظاهرة هي الأوضح دلالةً على وجهٍ من أوجه الخلل الذي يعتَوِر في آنٍ معًا آليّة الترخيص لمؤسّسات التعليم العالي الخاصّة، والسياسة التي تنتهجها الدولة اللبنانيّة في إصدار مراسيم ترخيص تقضي بتغطية هذه المخالفات وتسوية أوضاع المؤسّسات التي ارتكبتها، وهي مراسيم تخالف مخالفةً صريحة أحكام قانون تنظيم التعليم العالي.

20. تنصّ المادّة الثامنة من قانون تنظيم التعليم العالي على ما يلي: “لا يحقّ لأيّة مؤسّسة للتعليم العالي (معهد أو كليّة أو جامعة) أنْ تمارس عملها قبل حصولها على ترخيصٍ مسبق”.

21. مع أنّ المادّة (16) من قانون تنظيم التعليم العالي نصّت صراحةً على ما يلي: “كلّ مؤسّسة تباشر عملاً قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادّة 8 من هذا القانون تُقفَل بمرسوم يُتَّخَذ بناءً على اقتراح وزير التربية والتعليم العالي ويُنَفَّذ هذا المرسوم بالطرق الإداريّة”.

22. أعطت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل منذ سنواتٍ قليلة استشارة رقمها 2700/98، بتاريخ 16 شباط 1998، سوّغت بموجبها هذا الأمر.

23. المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثيقة: بيان في التربية المسيحيّة، عدد 12.

24. الإرشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان”، الفصل السادس، المادّة 108 من القسم الثالث.

25. البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، الكلمة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر الثاني عشر للمدارس الكاثوليكيّة في لبنان، مدرسة الراهبات الأنطونيّات – غزير، 21 آب 2004. أنظر أيضًا العظة التي ألقاها يوم أحد العنصرة في 22 أيّار عام 1988، في اختتام احتفالات جامعة الروح القدس، الكسليك، بذكرى تأسيسها الخامسة والعشرين لتأسيسها، قائلاً: “وكم نتوق إلى يومٍ نرى فيه الرهبانيّات الجليلة تبذل مجتمعةً متضافرةً ما تبذله كلٌّ منها منفردةً مستقلّةً من جهودٍ في مجال التعليم والتثقيف، ليكون عندنا جامعةٌ كاثوليكيّة موحّدة تلقى الدعم والتأييد من الكنيسة المحليّة والكنيسة الجامعة على السواء، فتعمل على نشر كلمة الّله والثقافة المطيّبة بها…”.

26. من أبرز هذه الوثائق: التوجّهات الإستراتيجيّة للتربية والتعليم في لبنان؛ ونحو رسم سياسة للتعليم العالي في لبنان، وقد صدرت الأولى العامَ 2000، والثانية العامَ 2001.

27. منهم، على سبيل المثال لا الحصر: الوزارات المختصّة والإدارات والهيئات الحكوميّة: (وزارة التربية والتعليم العالي – وزارة العمل والشؤون الاجتماعيّة – وزارة الاقتصاد الوطنيّ – وزارة الصحّة…، والمؤسّسة الوطنيّة للاستخدام، ودائرة الإحصاء المركزيّ، ومجلس الخدمة المدنيّة، ومجلس الإنماء والإعمار)، والمجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ، ورئيس الجامعة اللبنانيّة، ورؤساء الجامعات ومعاهد التعليم العالي الخاصّة، والنقابات المِهْنيّة (نقابات الأطبّاء وأطبّاء الأسنان والصيادلة والمهندسين والمحامين…) ونقابة المعلّمين، وروابط الأساتذة، وغرف الصناعة والتجارة والزراعة، وجمعيّة التجّار، وجمعيّة الصناعيّين، وجمعيّة المصارف، وجمعيّة شركات الضمان، والاتّحاد العمّاليّ العامّ، ومجموعة منوّعة من الخبراء، ومنظّمات المجتمع المدنيّ ذات العلاقة،…الخ.

28. على هذه المعلومات أنْ تأخذ بالاعتبار، في جملة ما تأخذ، المعطيات الآتية:

  1. نسبة طلاّب التعليم العالي إلى السكّان،
    1. حركة تطوّر أعداد الطلاّب وأعداد الخرّيجين، وتوزّعهم بحسب الاختصاصات ومؤسّسات التعليم العالي…
    1. المؤسّسات: نوعها، موقعها الجغرافيّ، لغات التدريس فيها، الاختصاصات التي توفّرها…
    1. الاختصاصات والشهادات الجامعيّة وتوزّعها على الحقول الدراسيّة الكبرى، وتوزّعها بين مؤسّسات التعليم العالي، وتوزّع الطلاّب بحسب الاختصاصات…
    1. حاجات سوق العمل الآنيّة الراهنة والمستقبليّة المتوقّعة أو المستشرَفة، ومتطلّبات هذه السوق…الخ.

29. تنصّ المادّة التاسعة من قانون تنظيم التعليم العالي على ما يلي: “ينشأ في وزارة التربية الوطنيّة مجلس يدعى (مجلس التعليم العالي) مؤلّف من: وزير التربية الوطنيّة، رئيسًا؛ مدير عام وزارة التربية الوطنيّة، نائبًا للرئيس؛ أعضاء: مدير عام وزارة العدليّة، رئيس الجامعة اللبنانيّة، رئيس النقابة أو رؤساء النقابات المختصّة في الموضوع اذا كانت المؤسّسة المنويّ فتحها تهيّئ لإعطاء شهادات تخوّل حاملها حقّ الانتساب إلى النقابة المعنيّة.

“ينظر هذا المجلس: – في طلبات الترخيص المحالة إليه لجهة توافر الشروط القانونيّة وذلك بعد استطلاع رأي رؤساء الجامعات القائمة حين النّظر في طلب الترخيص… وإذا قضى بقبول الطلب يرفع الأمر لمجلس الوزراء لأخذ القرار النهائيّ؛- في جميع شؤون المؤسّسات الخاصّة للتعليم العالي المنصوص عليها في هذا القانون”.

30. إنّ حمّى التنافس القائم بين المؤسّسات، داخل البلد الواحد، وإنّ التحدّيات التي تفرضها العولمةُ، إضافةً إلى حقّ الطالب على المؤسّسة التي ينتسب إليها، وحقّ المجتمع الذي تقوم بين ظهرانيه، في أنْ تؤمّن لهما أفضل التقدمات والخدمات، تحتّم على كلّ مؤسّسةٍ أنْ تسعى إلى الاستحصال على براءة الاعتماد.

31. أمّا الصيغة المقتَرَحة لتحديد مهامّ هذه الهيئة الوطنيّة وصلاحيّاتها، وتشكيل أعضائها، وآليّات عملها، فمعروضة للنقاش، وقابلة للتعديل والتطوير، بما يحقّق الأهداف المرجوّة من إنشائها، ويضمن كفاية أعضائها وموضوعيّتَهم، ومصداقيّةَ الهيئة وفاعليّتها.

32. فتقرير لجنة جاك ديلور عن التربية في القرن 21 يورد ما يلي: “تحرص اللجنة على تأكيد أهميّة تحقيق اللامركزيّة في مجال التربية (…) وإنّ اللامركزيّة الإداريّة واستقلال المؤسّسات يمكن أن يؤدّيا، في غالبيّة الحالات، إلى تطوير التجديد وتعميقه”. ويعتبر المدير السابق للأونسكو فيديريكو مايور أنّه “ينبغي تكييف التعليم لحاجات الأفراد والثقافات والخصوصيّات الاجتماعيّة بالتطلّع إلى أشكالِ لامركزيّةٍ مرنة لإدارة الهياكل التعليميّة”.

33. يمكن إيجازُ الأسباب الموجِبة لاستصدار هذا القانون بما يلي:

34. تجدر الإشارة إلى أنّ المادّة الرابعة عشرة من “الإعلان العالميّ حول التعليم العالي للقرن الحادي والعشرين: “رؤيا وعمل”، وهو الإعلان الذي أقرّه مؤتمر اليونسكو الدوليّ الأخير، نصّت على أنّ “تمويل التعليم العالي يقتضي مواردَ عامّة وخاصّة”، وعلى أنّ “مساهمة الدولة في هذا التمويل تبقى أساسيّة”.

35. لعلّه من المفيد مطالعة ما ذكره في هذا الخصوص الأب يواكيم مبارك في الوثيقة التي أعدّها بعنوان “مدخل إلى المجمع اللبنانيّ الثاني”، فقد كتب: “لقد أشرنا كفايةً إلى أهميّة اللغة السريانيّة، بالاتّصال مع اللغة اليونانيّة، في معرفة الكتاب المقدّس وفي مركّب التراث العربيّ الإسلاميّ والمسيحيّ (راجع الفصل الثاني # 31 والفصل التاسع # 75). فإدراج اللغة السريانيّة أقلّه في برنامج التعليمَين الثانويّ والعالي أمرٌ حيويّ، في ما يخصّ الموارنة وسواهم من المشارقة الذين ينتمون إلى “اللباب” عينه” (ص 164).

36. يواكيم مبارك: “والمسؤوليّة المفروضة على المسيحيّين في المرحلة الراهنة ليست إلاّ تكريسًا للدور الذي قاموا به في عصور الثقافة العربيّة الذهبيّة، ثمّ في عصر النهضة، حيث النصارى هم أكتب العرب والموارنة أكتب النصارى” (ص 163).

37. يواكيم مبارك: “إنّ الموارنة مسؤولون في طليعة الكنائس المشرقيّة عن تفعيل الخميرة الإنجيليّة في الثقافة العربيّة ومن ثمّ، عن وفرة الخبز الذي يحتاجه عامّة الناطقين بالضاد وفي مقدّمتهم الملايين من النصارى” (ص 163).

38. كتب الأب يواكيم مبارك في “مدخل إلى المجمع اللبنانيّ الثاني” ما يلي: “أمّا في ما يخصّ اللغات الحديثة، وبالرغم من امتداد اللغة الإنكليزيّة، أو بالأحرى بسبب تعميم هذه اللغة بفعل النفوذ الأميركيّ، فإنّ انتماء لبنان إلى عالم الفرنكوفونيّة شرطٌ للمضيّ في مسيرة الحداثة والقيام بدوره الرائد في العروبة. إنّ الإنكليزيّة-الأميركيّة تُغني أصحابها عن الفرنسيّة وتُدخلهم في التبعيّة العالميّة. أمّا الفرنسيّة التي لا تُغني عن الإنكليزيّة فإنّها تؤمّن للموارنة متابعتهم لخطّ الحداثة وخدمة التعدّديّة التي تمثّل حتمًا مستقبل الثقافة العالميّة”.

39. وهذا التبصّر هو ما يحثّ عليه الأب جان أوكان. فلقد دعا في خاتمة المحاضرة التي ألقاها عام 1991، وعنوانها “تاريخ لبنان اللغويّ”، إلى التفكير مليًّا في دور اللغة والثقافة الفرنسيّتَين في تحديد هويّة لبنان وتقرير مصيره، فيقول:

 «Par le français, les libanais ne s’ouvrent pas seulement au monde, ou à une autre culture; ils continuent leur propre culture (…). Pour le cas spécifique de la langue française, assimilée depuis des générations, en raison d’une constellation de motifs où se mêlent l’histoire, la politique, la religion et ce choix libre, donc en un sens irréductible à de pures raisons objectives (…), le français a été intégré à l’identité même du pays. Sans doute, le français viendrait-il à disparaître du Liban, que celui-ci ne perdrait pas son identité. Mais à coup sûr, il passerait par une crise spirituelle, je veux dire par là intellectuelle et morale, où son destin même serait en jeu. Quel homme raisonnable oserait prendre un tel risque à la légère, pour des raisons d’intérêt ou d’opportunité souvent temporaires et qui feraient oublier qu’un peuple, c’est son histoire qui le forme».

الأب جان اوكان، سلسلة المحاضرات التي نظّمتها الجمعيّة اللبنانيّة لإنماء الثقافة (ALDEC)، وقد نُشرت في كتابٍ بعنوان: الثقافة اللبنانيّة والفرنكوفونيّة، ص 46.

40. لا بدّ من إبداء ملاحظة جوهريّة في هذا السياق. غالبًا ما تتمّ الإحالة على القسم الرابع من الفصل الثالث من الإرشاد. أمّا الفصل الثالث فعنوانه “سينودس لتجدّد الكنيسة”؛ وأمّا القسم الرابع فيه فعنوانه: “دعوة إلى التجدّد الرعوي”. وأمّا الموادّ التي تتمّ الإحالة عليها فهي 75 و 76 و 77، وهي التي تتناول “معاهد التعليم العالي” و”كليّة اللاهوت الكنسيّة”. كما تتمّ الإحالة أيضًا على الفصل السادس من الإرشاد، وعنوانه “الكنيسة في خدمة المجتمع”، وبالتحديد على الموادّ 108 و 109 و 110 التي تقع تحت عنوان القسم الثالث: “الخدمة التربويّة”. ومع التسليم بضرورة الرجوع إلى هذه الموادّ التي ترتبط بصورةٍ مباشرة بموضوع التعليم العالي، فإنّ من الضروريّ أن يكون الإرشاد بكامله الوثيقة المرجعيّة والأساسيّة التي يتعيّن على شرعة مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة أن تستوحي منها أُسسها ومبادئها، ذلك لأنّ الإرشاد يتناول كلّ القضايا والشؤون والمجالات التي تهمّ التعليم العالي الكاثوليكيّ في لبنان.

41. الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان“، المادّة 107.  

42. ولقد كانت كنيستنا المارونيّة سبّاقة في حمل أبناء الطائفة على المساهمة، كلٌّ على حسب طاقته، في تمويل مشروع مدرسة عين ورقة. فمع أنّ فكرة تأسيسها انطلقت من عائلة بيت اسطفان، ونواة تمويلها تأمّنت من خلال وقفيّتهم، نجح البطريرك يوسف اسطفان في أن يرتقي بالمدرسة إلى مستوى المؤسّسة العامّة، وعرف أن يُشرك الطائفة كلّها – عبر رؤسائها الروحيّين ومسؤوليها السياسيّين – في تحمّل مسؤوليّة دعمها. فأدرج في البند الثامن والأخير من صكّ تحويل الدير المعروف بمار أنطونيوس عين ورقة إلى مدرسة عامّة للطائفة، الطلبَ الذي وجّهه إلى البطاركة خلفائه، وإلى أساقفة الطائفة وأعيانها ومشايخها، ليسعفوا ويؤيّدوا قيام هذا الخير في بلادهم. ولمّا تبيّن للبطريرك يوسف التيّان أنّ مداخيل أرزاق أوقاف المدرسة لن تكفي لإعالة طلاّبها، وجّه في 10 آذار العام 1797 رسائل رعويّة إلى الطائفة فرض بموجبها رسومًا تُجبَى لصندوق المدرسة عن رتبة دفن كلّ ميّت “وذلك على مقدار استطاعة الميّت وكيفيّة أحواله نظرًا إلى الفقر والغنى وتوسّط الحال ما بين فقير وغنيّ “، وحدّدها بخمسة قروش عن الأغنياء، وبثلاثة عن متوسّطي الحال، وبقرشٍ واحد عن الفقراء.

43. حسبنا هنا أن نحيل على الدستور الرسوليّ الذي أعلنه البابا بتاريخ 15 آب 1990 وعنوانه في الجامعات الكاثوليكيّة، وأن نقتبس منه الفقرة القصيرة الآتية الموجّهة إلى الأساتذة الكاثوليك العاملين في جامعاتٍ غير كاثوليكيّة: “إنّ المهمّة التي يضطلع بها هؤلاء الأساتذة، الأكاديميّون منهم والعلماء، بوحي إيمانهم المسيحيّ، تُعتَبَر مساهمةً ثمينة جدًّا لخير الجامعات التي يدرّسون فيها. فحضورهم هو في الواقع منشّطٌ دائمٌ وحافزٌ مستمرّ للبحث الموضوعيّ وغير المغرض عن الحقيقة والحكمة الآتية من فوق”.

44. على غرار ما هو قائم، على سبيل المثال، في اتّحاد الجامعات العربيّة، أو في اتّحاد الجامعات الفرنكوفونيّة، أو في الاتّحاد الدوليّ للجامعات الكاثوليكيّة.

45. كمثل قانون الانتخاب، والخصخصة، والزواج المدنيّ، وإلغاء الطائفيّة، وإلزاميّة التعليم…الخ.

46. “فإنّ الرعاة المكرّسين لَيعلمون حقًّا أهميّة مساهمة العلمانيّين في خير الكنيسة بأسرها ]…[، فمهمّتهم العظيمة تقوم بأن يرعوا المؤمنين وأن يتعرّفوا إلى خِدَمهم ونعمهم بحيث يتعاون الجميع، وكلٌّ حسب طريقته، بقلبٍ واحد على العمل المشترك”. “والعلمانيّون هم مدعوّون بصورةٍ خاصّة إلى أن يجعلوا الكنيسة حاضرةً وفعّالة في تلك الأماكن والظروف التي لا يمكنها إلاّ بواسطتهم أن تكون ملح الأرض”.

47. “من الأهميّة بمكان، أيضًا، أن يتجنّد المؤمنون العلمانيّون مباشرةً للبحث الفكريّ والدرس، لكي تتنامى، بدعمٍ من الرعاة، ثقافةٌ مسيحيّة في العالم العربيّ. ولكي يتمكّن العلمانيّون من الاضطلاع بمسؤوليّاتهم، لا بدّ من أن يجدوا، في رعاياهم ومنظّماتهم، مناهج تنشئة في التعليم الدينيّ واللاهوت والروحانيّة، تساعدهم، بالتعاون مع الكهنة، في نشاطاتهم الرعويّة، مع الاهتمام بالمشاركة في المسؤوليّة” (مادّة 45).