تعريف


 

تُنسَب الكنيسة المارونية إلى القديس مارون. وهو أحد النسّاك الذين عاشوا شمال حلب وتميَّزَ عنهم بطريقته النُسكيّة، بابتكاره طريقة العيش في العراء، وقد توفي حوالي سنة 410، ودفن في بلدة براد الواقعة ضمن الحدود الإداريّة لأبرشية حلب المارونية.

على أثر المجمع الخلقيدوني 451، انقسمت الكنيسة السريانية الانطاكية الواحدة إلى قسمين، فكان السريان الموارنة مِمَّن اتّبع قرارات المجمع الخلقيدوني. وقد وُجدَ في حلب الخلقيدونيون ذوي الثقافة السريانية والهلّينية ومنهم الموارنة، الذين كانوا في حلب سنة 727 كما يؤكد التلمحري، ويذكرهم في القرن الحادي عشر توما الكفر طابي (1082-1111) أسقفهم في مؤلَّفه “المقالات العشر”، وما زالت بقية منهم حتى بعد ذلك.

بعد خروج المسيحيين من حلب على أثر هجمات التتار وعودتهم إليها من جديد، عاد إليها أيضاً الموارنة الذين نجد ذكراً لكنيستهم الصغيرة بعد سنة 1400. وبعد دخول العثمانيين إلى حلب سنة 1516، أخذت بعض الأسر المارونية التي كانت قد نزحت إلى لبنان، قديماً وحديثاً، تعود إلى موطنها الأصلي مع غيرها من العائلات. وازدهرت الكنيسة المارونية في حلب فيما بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر مع ازدهار المدينة من ناحية، ووجود أسقف مقيم فيها من ناحية أخرى، إذ كان أساقفة الموارنة يُعتبرون نوّاب البطريرك ويقيمون في جواره في لبنان وكان له وحده السلطة بتفويض أيٍ منهم بالمهمات التي يراها موافقة في أي أبرشية كانت، أما أول أسقف أقام في حلب بشكل دائم فهو المطران العلاّمة جرمانوس فرحات (1725-1732).

في سنة 1663 جاء اسطفان الدويهي (بطريرك المستقبل والطوباوي) حلب للمرة الثانية وبقي فيها خمس سنين، وأخذ يعلّم ويعظ ويثقّف الأحداث ويسوس الرعية بعناية وحكمة، وقد حوّل “الكتّاب الماروني” إلى مدرسة علّم فيها اللغة السريانية والعربية والإيطالية. وقد اشتهرت فيما بعد على عهد الخوري بطرس التولاوي، تلميذ مدرسة روما المارونية. ومن هذه المدرسة الحلبية تخرّج جبرائيل فرحات (المطران) وعبد الله قراألي (الذي أصبح مطراناً على بيروت فيما بعد) وجبرائيل حوّا ويوسف البتن مع رفاق آخرين، الذين جدّدوا وأسّسوا في لبنان سنة 1694 رهبانية مار أنطونيوس ووضعوا لها قوانين، وقد تَسمَّى قسم منها بالرهبانية الحلبية والتي غدت الرهبانية المريمية منذ وقت قريب، كما تخرّج منها نخبة من العلماء ومؤسسِّي الرهبنات من مختلف الطوائف المسيحية.

أما المطران جرمانوس فرحات فقد ترأّس رهبنته ثلاث مرات حتى سنة 1725 قبل أن يرتسم أسقفاً على حلب باسم جرمانوس وقد اهتم بالإكليروس وسنَّ الشرائع والقوانين وتولى تثقيفهم بنفسه وقد أخذ عنه المعارف والعلوم نخبة من كهنة حلب أدّوا لطوائفهم خدمات جلّى، وطوّر المدرسة المارونية على وجه أكمل وانتقى لها طائفة من خيرة الأساتذة والمعلمين حتى غدت أعظم معاهد الشهباء، كما سعى إلى تأسيس مكتبة نفيسة حوت نادر المخطوطات منها “الغراماطيق العربي”، وعند وفاته كان قد ترك مؤلفات تناهز المئة بين مؤلَّف ومعرَّب. ولقد تطورت مكتبة المخطوطات كثيراً فيما بعد حتى ناهز عدد مخطوطاتها 1500 مخطوطاً.

وعندما تولى المطران يوسف مطر الحلبي الأبرشية سنة 1851، اهتم بشؤون الرعية بالدرجة الأولى وأصلح الأملاك الموقوفة على الفقراء. كما قام بتنظيم المدرسة المارونية فيها، فاستحضر لها معلمين قديرين منهم جرجس زوين والخوري موسى كرم والقس انطون معوض والقس أوغسطين عازار، وجاء بمطبعة تامة الأدوات من لبنان في عام 1857 وكانت من أوليات المطابع في الشرق والوحيدة في حلب، أفادت مطبوعاتها الوطن والطائفة المارونية خاصة وسائر الطوائف المسيحية حتى زمن قريب. كما بدأ بإنشاء كنيسة مار الياس الكاتدرائية الجديدة سنة 1873، والتي ابتاع لها الأرغن من فرنسا بواسطة الخوري بولس غالي

راعي الأبرشية: المطران يوسف طبجي

النائب العام:            المونسنيور الياس عدس

نوع الأبرشية

الابرشيات في النطاق البطريركي