النص الثامن: الحيـــاة الرهبانيّـــــة

المجمع البطريركي الماروني 2003-2006


النص الثامن: الحيـــاة الرهبانيّـــــة


مقدّمـة

  1. في كنيستنا المارونيّة مؤسّسات رهبانيّة عديدة، نسائيّة ورجاليّة، تضمّ حاليًا أكثر من ألف وخمسماية راهب وراهبة، تمتدّ جذورها في عمق الحياة الكنسيّة وتراثها، وهي تواصل أنماطًا تأمّلية – رسوليّة عرفتها الكنيسة الأنطاكيّة منذ فجرها، وقد رافقت ولادة الكنيسة المارونيّة التي ترعرعت في مناخها، وبدونها ما كان لها أن تكون هي نفسها. يقول قداسة البابا: “منذ قديم الزمان كانت الحياة الرهبانيّة روح الكنائس الشرقيّة. فالرهبان المسيحيّون الأوّلون ولدوا في الشرق، والحياة الرهبانيّة كانت جزءًا من نور الشرق الذي نقله إلى الغرب كبار آباء الكنيسة غير المنقسمة”[1]. فقبل قراءة الحياة الرهبانيّة في واقعها الراهن، بنظامها وتطلّعاتها، نستعرض باقتضاب أهمّ ما توفّر من معلومات حول مصدر هذه الحياة وانطلاقتها ولاهوتها ومكانتها ودورها في الكنيسة المارونيّة، فنتكلّم على جذور هذه الحياة، ثمّ نوجز أبرز محطّاتها التاريخيّة، ونخصّص فصلاً، لروحانيّة الحياة الرهبانيّة، وقوانينها، وعلاقتها بالسلطات الكنسيّة. وبعد أن نعرض حقول رسالتها، نحاول الوقوف على مدى نهلها حاليًا من المعالم الروحانيّة الأولى وحرارتها وينابيعها، وهو أمر مفترض في أساس كلّ تجدّد، والشرط ضروري لتحديد الهويّة.

الفصل الأوّل : المحطّات التاريخيّة الرئيسة

أولاً: جذور الحياة الرهبانيّة السريانيّة الأنطاكيّة

ومنذ القرن الرابع، برزت الحياة الرهبانيّة بصورة فرديّة، على يد نسّاك متوحّدين، رفضوا التراخي المنتشر بُعيد السلام القسطنطينيّ، فعاشوا وحيدين في القفر والمناسك، وازدهرت حياتهم القشفة والمتزهّدة. من هؤلاء النسّاك عرفنا الناسك الأوّل يعقوب النصيبيني ويوليانوس الملقّب بسابا، أيّ الشيخ (+367). وكان مارون من أبرز العائشين في العراء، وصاحب فضل في تأسيس الحياة النسكيّة في العراء في منطقة قورش. فتتلمذ على يده الكثيرون، رجالاً ونساء. من تلاميذه: حوشب القورشيّ ويوحنّا وبردات ويعقوب؛ ومن تلميذاته: مارانا وكيرا ودومنينا، وقد ذكرهم تيودوريتس أسقف قورش في تاريخه الرهبانيّ الأنطاكيّ المعنون “تاريخ اصفياء الله”[6]. لقد شكّل هؤلاء المتوحّدون دعامة رئيسيّة للشهادة على تعاليم المجامع ودحض البدع، فكان التفاعل التأسيسيّ بين المجمع الخلقيدونيّ وبناء دير مار مارون، انطلاقة لبروز حالات عيش مشترك. وبنتيجة تأثير ترجمة العديد من الكتب المصريّة الرهبانيّة إلى اللغة السريانيّة[7]، وخصوصًا بعد نشر سيرة القدّيس انطونيوس على يد اثناسيوس الاسكندريّ المعاصر له، وبعد الاطّلاع على قوانين القدّيس باخوميوس وعلى نمط القدّيس باسيليوس الكبير[8]، تعزّز امتزاج الطريقة التوحّديّة في التقليد السريانيّ الأنطاكيّ بالطريقة الجماعيّة، وسرعان ما تحوّل الكثيرون من التفرّد النسكيّ إلى اتحاد متوحّدين، لتوحيد الفهم والقلب والمسلك عبر شراكة الخبرات وضبط المغالاة والتطرّف[9]. عندئذ، بدأت الحياة الرهبانيّة الجماعية بتجمّع النسّاك، وتمحورت سريعًا حول حياة ديريّة، جزئيّة (قنّوبيّ)[10] أو كاملة، مع حفاظها على النسك الفرديّ، أحد وجوهها الزهديّة المهمّة[11].

وقد استمرت هذه الميزة المزدوجة، التأمّليّة-الرسوليّة للحياة الرهبانيّة، في الكنيسة الأنطاكيّة عامّة، وصحبت قيام الكنيسة المارونيّة بالذات في أواخر القرن السابع.

ثانيًا: من القرن السابع حتى القرن السابع عشر

ويجمع المؤرّخون واللاهوتيّون على القول إنّ دير مار مارون بأسقفه ورهبانه ومؤمني الجوار، شكّل النواة الأولى لنشأة الكنيسة المارونيّة، دون أن ننسى أن الدير ورهبانه أنبثقوا هم أيضًا من جوار مؤمن. وفي هذا قيل: “إنّها ظاهرة فريدة في تاريخ الكنيسة الجامعة، حيث لا نعرف كنيسة أخرى خرجت من دير، وتمحورت حوله، بالرغم ممّا كان للحركات الرهبانيّة من أثر عميق في حياة الكنائس في الشرق والغرب؛ فمن الطبيعيّ، إذًا، أن تتميّز كنيسة الموارنة بروحانيّة نسكيّة ورهبانيّة، انطبعت بها منذ نشأتها، وتشابك تاريخها بمصير الحياة الرهبانيّة التي بقيت بمثابة القلب النابض فيها”[15].

 وبعد اندحار الصليبيّين والهجوم على الجبل، ذُبح العديد من الرهبان والراهبات وتأثّرت الحياة الرهبانيّة وتفكّكت الأديار الكبيرة. لكنّ الحالة الرهبانيّة ما لبثت ان عادت لتزهر في أعماق الوديان وأعالي قمم جبل لبنان، فشكّلت منذ القرن الرابع عشر وحتى القرن السادس عشر، فردوسًا من الرهبان والراهبات.

ثالثًا: منذ  أواخر القرن السابع عشر وحتى اليوم

في السنة1770 انقسمت هذه الرهبانيّة إلى قسمين، حلبيّة[16] وبلديّة[17] (لاحقًا، المريميّة واللبنانيّة)، أشخاصًا وأديارًا وممتلكات وديونًا ونفوذًا ومعاملات.

  1. وفي السنة 1700 أيضًا، ومن دير طاميش بالذات، وبعد اختبار رهبانيّ نسكيّ عميق لسنوات، أطلق المطران جبرائيل البلوزانيّ، مطران حلب ورئيس الدير، مجموعة من الرهبان والآباء، هم رزق الله السبعليّ وبطرس البزعوني، تبعهما سليمان بن الحاج المشمشانيّ وعطالله كريكر وموسى البعبداتيّ، ليبدأوا مسيرة الرهبانيّة الأنطونيّة في محيط غير مسيحيّ من المتن الشماليّ الحاليّ، في دير مار اشعيا الذي بنوه بمساعدة المطران المذكور، على تلّة مكرّسة للإلهة “عرمتا” الفينيقيّة، فانصرفوا إلى الخدمة والعمل، ونمت هذه الرهبانيّة بدورها وانتشرت سريعًا في مختلف النواحي اللبنانيّة، ولاسيّما في الأقاليم غير المسيحيّة بالكامل، وتعدّدت مراكزها، وكثر عدد رهبانها وراهباتها.
  2.  وغالبًا ما بقيت أديرة الراهبات مجاورة لأديرة الرهبان، كما في السابق، وذلك لتيسير الخدمة الروحيّة لهنّ وسدّ حاجاتهنّ الماديّة، وللإفادة من خدماتهنّ الداخليّة المتنوّعة، والذود عنهنّ ضدّ المعتدين. لكنَّ المجمع اللبنانيّ أيقظ بعض الظنون معتبرًا هذا الوضع وضعًا شاذًّا ومشكّكًا، واتّخذ قرارات حازمة بهذا الشأن[18]. لكن تنفيذ هذه القرارات لم يكن سهلاً، فبدأ العمل على تقليص النشاطات المشتركة إلى حدّها الأدنى، وخصّص تباعًا بعض ما أمكن من الأديار، ولم تفصل جميع الأديار فعليًّا إلاّ مع البطريرك يوسف حبيش الذي وضع حدًّا نهائيًّا للأديار المزدوجة في رسالته المؤرّخة في 26 ايلول 1824. وعلى الرغم من فصل معظم الأديار وتخصيصها، بقيت الراهبات اللبنانيّات والأنطونيّات في كنف الرهبانيّات الرجاليّة، وارتبطن بانطلاقتها وعشن باسمها وبرعاية رؤسائها طوال قرنين ونصف القرن، حافظن خلالها على سيرة نسكيّة وحياة تأمّليّة محصّنة، تملأها الصلاة والزهد والعمل اليدويّ لتأمين الخدمات الفضلى. أمّا قانونهنّ، فكان القانون المثبت للرهبان، وقد خُصّص فيه لهنّ الفصل الرابع عشر، بالإضافة إلى ما خصّصت به سائر الراهبات المارونيّات في أحكام المجمع اللبنانيّ، بما في ذلك القرار الأخير المثير للدهشة عن إمكانيّة قبول رئيساتهنّ بركة الشمّاسات من يد الأسقف، إحياء لتقليد الكنيسة الأنطاكيّة الأوّل والفريد[19].
  3. وفي السنة 1940 رفع الكرسيّ الرسوليّ الحصن عن الراهبات الأنطونيّات لتمكينهن من ممارسة الرسالة الخارجيّة، ثمّ استفتاهنّ سنة 1953حول هذا الأمر، فاخترن انتهاج الرسالة وثبّت الكرسيّ الرسوليّ قوانينهنّ الخاصّة سنة 1958، فيما اختارت الراهبات اللبنانيّات البقاء، بإنعام خاص، في كنف الرهبانيّة الرجاليّة حتى سنة 1984، حين قرّر الكرسيّ الرسوليّ توحيد أديارهنّ ضمن منظّمة رهبانيّة، على أن تبقى مرتبطة بالرهبانيّة اللبنانيّة الرجاليّة من الناحية الروحيّة، فيما تستند حياتهنّ الرهبانيّة على الحياة الديريّة الجماعيّة المشتركة مع مواصلة اعتبار الدير ديرًا مستقلاًّ ذا جمهور ثابت، وتعود السلطة الرهبانيّة العليا فيه إلى المجمع العام الذي له أن ينتخب رئيسة عامّة ومجلس مدبّرات.
  4. وكان البطريرك حبيب العاقوري قد أسّس سنة 1643 دير مار يوحنّا حراش، ولا نعرف عن تاريخ الدير سوى أنّ المجمع المارونيّ قد عُقد فيه، وأنّ أوّل رئيسة عليه توفيت سنة 1659، كما أنّ المطران عبدالله قرألي سكنه مذ أصبح أسقفًا على بيروت وتعذّرت عليه الإقامة الدائمة في كرسيّ أبرشيّته[20]. فساعد الراهبات المحصّنات وسهر على شؤونهنّ، بعد أن كان قد سنّ لهنّ قانونًا طغى عليه الطابع النسكيّ، وشكّل دستورًا لسائر أديار الراهبات المستقلّة، وأرسلت بعض راهبات هذا الدير إلى الأديار الممتثلة لتدرّب جمهورها على هذا القانون. لقد رُحْنَ يوزّعن نشاطهنّ الديريّ بين التأمّل اليوميّ والقراءة الروحيّة والصلوات الفرديّة والأشغال اليدويّة، فيما تهتمّ بعضهنّ اليوم بإدارة مدرسة أسَّسنها في منتصف القرن العشرين، ويخضعن قانونًا لأبرشيّة صربا (حاليًّا الأبرشيّة البطريركيّة).
  5.  سنة 1744، أسّس دير راهبات الزيارة في عينطورة وانطلقت منه راهبتان إلى ذوق مكايل سنة 1836 لإنشاء دير آخر تخضع فيه الراهبات للبطريرك المارونيّ، بموجب شرط وضعه البطريرك يوسف حبيش، على قبول وقفيّة بيت وأملاك السيّد بشاره جفّال الخازن وشقيقته بادوانيّة وزوجته زياره، على أن تتّخذ الراهبات الطقس المارونيّ[21]. إنّهنّ يتبعن القانون الذي يجسّد روحانيّة المؤسّسين: القدّيس فرنسوا دي سال والقدّيسة جان دي شانتال، والذي وضع لراهبات الزيارة المحصّنات، اللواتي برزن سنة 1610 في فرنسا (انسي)، ويعشن في أديار مستقلّة ويتقيّدن بسلطة الأسقف المحلّي، ما عدا في لبنان حيث يخضعن للبطريرك المارونيّ ويتبعن الطقس المارونيّ. وقد أوقف قبول المبتدئات في دير عينطورة منذ أكثر من 40 سنة، ولا تزال فيه حاليًّا ستّ راهبات مارونيّات مسنّات، يأملن اتّخاذ القرار بقبول المبتدئات مجدَّدًا، ليعود هذا الدير إلى سابق عهده من النموّ الروحيّ والشهادة الصادقة لحضور الإيمان والصلاة في عيش النسك، و”لتستعيد الحياة التوحّديّة المكان الذي يعود اليها”، كما شدّد على ذلك الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان”[22].
  6. أمّا دير سيّدة الحقّلة فبقي ديرًا مزدوجًا حتى سنة 1818، تستظلّ تحت سقفه جماعتان رهبانيّتان، رجاليّة ونسائيّة، تعيشان بحسب نمط حياة الرهبان العبّاد والراهبات العابدات. ولمّا التأم مجمع اللويزة سنة 1818، حتّم انفصال أديرة الرهبان عن أديرة الراهبات وخصّص دير سيّدة الحقّلة بالراهبات[23]، ولمّا يزل حتى اليوم ديرًا مستقلاًّ، تطبّق فيه الراهبات القانون الرهبانيّ الذي سنّه المطران عبدالله قرألي سنة 1725.
  7.  في عهد البطريرك يوسف حبيش وعهدته، برزت سنة 1839 “جماعة المرسلين الإنجيليّين” وكان من روادها بعض كهنة الطائفة. إلاّ أنّها تعثّرت في بداياتها، فعمد إلى تجديدها سنة 1865 الخوري يوحنّا حبيب من بتدّين المير (المطران في ما بعد) في دير الكريم-غوسطا، بمعاونة الخوري اسطفان قزاح من بكفيّا، وأصبح اسمها “جمعيّة المرسلين اللبنانيّين”، وأثبت قانونها التأسيسيّ البطريرك بولس مسعد سنة 1873. ودأب الخوريّان معًا على إيقاظ الدعوات وتنشئتها وبعث الخدمة الرسوليّة في أرجاء الطائفة. وقد اعتنقت الجمعيّة  مهمّات التبشير بالكلمة عن طريق الوعظ والإرشاد والإعلام والكتابة والتعليم، وامتدّت باكرًا نحو بلدان الانتشار بدءًا بالأرجنتين (منذ السنة 1901)، بحيث ينشط اليوم خارج لبنان والشرق، قرابة النصف من أعضائها.
  8. بتاريخ 15 آب 1895، أسّس البطريرك الياس الحويكّ، وهو لا يزال أسقفًا، جمعيّة راهبات العائلة المقدّسة، وهي جمعيّة رهبانيّة رسوليّة، تهدف إلى حياة الاتحاد بالله في خدمة الكنيسة والعائلة. وقد تجلّى هذا الهدف في الخدمة التربويّة والتعليميّة، والإنسانيّة والاجتماعيّة وفي خدمة راعويّة العائلة والتنشئة على الحياة المسيحيّة.
  9. في 17 ايار سنة 1935، الموافق عيد تثبيت القدّيسة تيريزيا الطفل يسوع، أسّس الخوراسقف أنطوان سعد حبيب عقل جمعيّة راهبات القدّيسة تريزيا الطفل يسوع المارونيّات، وغاياتها تقديس نفوس المشتركات وخدمة الإنسانيّة المتألّمة عبر إنشاء المياتم والمستشفيات والمآوي بصورة رئيسيّة، ومساعدة كهنة الرعايا في خدمتهم، بروحانيّة القدّيسة تيريز الصغيرة، أي عيش البساطة والطفولة الروحيّة والفرح في الخدمة والرسالة. فاشتهرت مستشفياتها ومدارسها وخدمتها الرعويّة في المناطق اللبنانيّة وفي الأراضي المقدّسة.
  10. وأسّس الأب إميل جعاره سنة 1966، في دير مار أنطونيوس-عين ورقة، جمعيّة راهبات القربان الأقدس المرسلات، وغاياتها: تأمين العبادة لسرّ القربان الأقدس ونشرها وتنشئة فتيات القرى ومعاونة كهنة الرعايا في مختلف نشاطاتهم الرسوليّة تحت شعار: “وأرسلني لأبشّر المساكين وأشفي منكسري القلوب” (لو 4/18)، وشفيعتها العذراء مريم سلطانة الرسل، وحقل رسالتها هو القرية باعتبارها الأكثر احتياجًا.  وفي العام 1969، أصبح لهنّ مركز جديد للرسالة في بيت حبّاق (جبيل) وحاليًا ثمانية مراكز موزّعة على مختلف المناطق اللبنانيّة.
  11. بعد مرور سنة على إعلان قداسة مار شربل (1977)، اتّفق الأب البنديكتانيّ ويليام دريسكول وبعض رفاقه على تبنّي روحانيّة القدّيس الجديد، وبنوا سنة 1981، بموافقة راعي أبرشيّة الموارنة في الولايات المتّحدة الأميركيّة المطران فرنسيس الزايك، ديرًا وكنيسة في مدينة بيترشام في ولاية ماساشوسيتس الأميركيّة. هناك أعدّوا قوانينهم بإشراف الراهب اللبنانيّ الأب يوسف محفوظ (المطران الحاليّ للموارنة في البرازيل)[24]، وبتاريخ 8 أيلول 1989 وقّع سيادة مطران الأبرشيّة القوانين الجديدة وأعلن الدير ديرًا مارونيًّا قائمًا بذاته، باسم دير الثالوث الأقدس ذي الحقّ الأبرشيّ، يعيش فيه حاليًّا 17 راهبًا، بينهم 9 كهنة، حياة تأمّلية محصّنة، وقد أعطى رئيسه الأب ويليام لقب أباتي منذ عيد مار أنطونيوس الكبير سنة 1996. وأنشأت هذه الرهبانيّة سنة 2000 ديرًا تابعًا في بلدة “موناستيري” في ولاية “نوفا سكوتيا” في شرقي كندا، يخضع لمطران أبرشيّة كندا للموارنة.  ونرجو ان تندفع هذه المسيرة الرهبانيّة المارونيّة وتلتقي بجذورها العباديّة المحصّنة-الرسوليّة فتنمو من خلال إشعاع الدير وشهادة العائشين فيه.
  12. بتاريخ 12 تمّوز 1959 أجاز المطران اغناطيوس زياده رئيس أساقفة بيروت تأسيس دير لراهبات الوحدة في اليرزة، على الطقس المارونيّ.

وفي لبنان وسائر بلدان الشرق العربيّ توجد رهبنة أخوات يسوع الصغيرات وهي تنتمي في هذه البلدان إلى الكنائس الشرقيّة وتختار في كلّ منها الطقس الملائم، وفقًا لقوانين الرهبنة ذات الحقّ الحبريّ. بناء على ذلك، ينتمي إقليم لبنان إلى الكنيسة المارونيّة، وترتبط راهباته برعاة هذه الكنيسة، وتتبعن ليتورجيّة الكنيسة المارونيّة وأنظمتها وروحانيتها.

والمؤسّسات الرهبانيّة الرجاليّة هي: الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، الرهبانيّة المريميّة المارونيّة، والرهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة؛ وهذه الرهبانيّات الثلاث ذات حقّ حبريّ؛ وجمعيّة المرسلين اللبنانيّين، ذات الحقّ البطريركيّ، ورهبانيّة دير الثالوث الأقدس، ذات الحقّ الأبرشيّ.

أمّا المؤسّسات الرهبانيّة النسائيّة فهي: الراهبات اللبنانيّات المارونيّات(حقّ حبريّ)، الراهبات الأنطونيّات المارونيّات(حقّ حبريّ)، جمعيّة راهبات العائلة المقدّسة المارونيّات (حقّ بطريركيّ)، وجمعيّة راهبات القدّيسة تريزيا الطفل يسوع المارونيّات(حقّ بطريركيّ)، وجمعيّة راهبات القربان الأقدس المرسلات (حقّ بطريركيّ)، وراهبات أخوات يسوع الصغيرات في لبنان (حقّ حبريّ).

وتحافظ راهبات أخريات على انتمائهنّ إلى أديار قديمة مستقلّة، وهنّ: راهبات دير سيّدة الحقلة، راهبات دير مار يوحنّا حراش، راهبات الزيارة في دير عينطورة وراهبات الزيارة في دير سيّدة البشارة-الذوق.

بالإضافة إلى هذه المؤسّسات الرهبانيّة المارونيّة، تغذّي كنيستنا المارونيّة بالدعوات مؤسّسات رهبانيّة كاثوليكيّة من كنائس أخرى، بحيث يشكّل الموارنة في بعضها غالبيّة الأعضاء، كما تتبع رهبانيّات وجمعيّات عديدة في لبنان الطقس المارونيّ.

الفصل الثاني: روحانيّة الحياة الرهبانيّة المارونيّة السريانيّة الأنطاكيّة

1. تجذّر إنجيليّ

بذلك، تتمثّل الحياة الرهبانيّة في المدى السريانيّ-الأنطاكيّ، على شكل دعوة خاصّة إلى الاقتداء بيسوع المسيح الذي عاش ومات وقام من أجل خلاص الجنس البشريّ. فكما سلّم المسيح ذاته بكليّتها لعمل الخلاص مطيعًا حتى الموت على الصليب حبًّا بأبيه السماويّ، هكذا يسلّم الراهب ذاته حتى الموت مقتديًا بالمسيح، توّاقًا إلى تحقيق خلاصه الذاتيّ وخلاص القريب.

2. حبّ لـ “وحيد الآب”

إنّ الروحانيّة التي يعيشها المكرّسون هي روحانيّة كنيستهم العرسيّة، التي تدخلهم في العشق الإلهيّ ببعده الكنسيّ. هذه الصورة العُرسيّة التي يعشقها مار افرام تجعل من الجميع أبناء العليّ. فكلّ المعمَّدين أطهار  مخطوبون للمسيح، ومصابيحهم تضيء، وهم يدخلون الخدر برفقة العريس. والمتوحّدون هم أشخاص معمّدون تابعون للمسيح بلا منازع، متوحّدو الذهن، وقلبهم متوحّد غير منقسم، جاهز للعريس الأوحد. ولذا يصفهم تيودوريتس في مقدّمة كتابه قائلاً: “ليست طبيعتهم المائتة والمليئة بوفرة الآلام هي التي تمنحهم هذا الانتصار، بل عزمهم المنوط بالنعمة الإلهيّة. ولمّا كانوا عاشقين عشقًا حارًّا الجمال الإلهيّ ومصمّمين على أن يعملوا ويحتملوا كلّ شيء بطيبة خاطر في سبيل حبيبهم، كانوا يصمدون صمودًا رائعًا تجاه نزوات الشهوات”[28].  تلك هي حكمة الشهادة والاستشهاد. إنّها حكمة الصليب التي طبعت الحياة الرهبانيّة بالصبر على الرجاء، وأصبحت بديلاً عن الاستشهاد بالدمّ أو مرافقة له، استشهادًا يوميًّا أبيض، حبًّا للحمل الذبيح القائم.

3. نسك وحياة جماعيّة

ولقد أُنشئت المحابس حول معظم الأديار الكبيرة، فاستمطر العديد من نسّاك الرهبانيّات النعم الغزيرة، ولم ينقطع هذا النهج، لأنّ السنوات الأخيرة عادت لتشهد نهضة لافتة بوجود ثلاثة حبساء في محابس أديرة الرهبانيّة اللبنانيّة[31]، يلتزمون نظام المحبسة القائم أساسًا على الانصراف إلى الصلوات الطويلة والتأمّل بصمتٍ في سرّ الدهر الآتي، مع العمل والتقشّف والصيام، فلا يأكلون إلاّ مرّة واحدة كلّ يوم، ممتنعين عن أنواع مأكولات حتى في مرضهم، إلاّ بإذن مباشر وصريح من الرئيس الرهبانيّ العام.

ولئن تطلّب الاستحباس نعمة خاصّة لا تعطى لكثيرين، فإنّه لا يعفي سائر الرهبان من العمل على خلق محبسة في أعماق نفوسهم، وفي صميم الحياة المشتركة. إنّ النجاح في تنشيط الحياة المشتركة بما تستدعيه من خروج من الذات لملاقاة الآخر،  لا في تقلّباته البشريّة، بل في عمق سرّ وجوده الفصحيّ، وباستمداد الجذوة من وهج حياة الثالوث الأقدس، لهو دليل ساطع على تقيّد الجميع برباط المحبّة، وهو شرط لإطلاق الراهب نحو حياة اتّحاد أوثق بالله في المحبسة.

4. صراع داخليّ ونموّ روحيّ

يتحقّق هذا الارتقاء الروحيّ في الانتقال من حياة الجماعة إلى حياة توحّديّة في جوار الدير، وأخيرًا إلى وحدة أكثر قسوة. ولا يتعلّق الأمر هنا إلاّ بنمط الحياة المثاليّ هذا، الذي بموجبه ينفخ الروح القدس حينما وأينما شاء.

أثناء حياة الراهب في الدير، ضمن الجماعة،  خصوصًا في مرحلة الإبتداء والنذور الموقَّتة يطبّق الأعمال التقشّفيّة الجسديّة تحت إشراف أبيه الروحيّ وتبعًا لتمييزه. وهذه الأعمال هي بخاصّة الصيام، والسهر، وصلاة الخورس، والقراءة الروحيّة، والسجود، وخدمة الأخوة…؛ تهدف ممارسات الراهب الجسديّة هذه إلى محاربة شهوات الجسد كالشراهة، وحبّ المال، والإرادة الذاتيّة. هذه هي مرحلة التطهير.

عندما تصل هذه المرحلة الزهديّة إلى شيء من الكمال، وتبعًا لرأي المعلّم الروحيّ، ينصرف الراهب إلى الأعمال الخاصّة بمرحلة النفس. فبالإضافة إلى الصيام والسهر لمدّة أطول من تلك المتّبعة في المرحلة السابقة، وإلى صلاة الخورس والسجود، ينقطع الراهب إلى الصلاة ساعات طويلة متأمّلاً في كلمة الله ومشروعه الخلاصيّ للبشر. وأثناء هذه المرحلة الثانية، يتطهّر الراهب من أهواء النفس، كالكسل، والوهن، والملل، والغضب، والتكبّر…، متّبعًا في كلّ ذلك، إرشادات المعلّم الروحيّ. وهذه هي مرحلة التنوير.

في نهاية هذا الإرتقاء، يدرك الراهب “الروحانيّة”، أي الحريّة الروحيّة لحامل الروح. من هنا يصبح الروح القدس قادرًا  على الانبعاث فيه وتوجيهه إلى ذروة الروحانيّة، ألا وهي التأمّل في الثالوث الأقدس. هكذا، وانطلاقًا من هذه الحياة، يدخل الراهب بوعي وبطريقة أسراريّة في حياة الحبّ غير الموصوف للربّ الواحد والثالوث: الآب، والأبن والروح. غير أنّ هذه الدرجة لا يبلغها الجميع مع أنّهم يتوخونها غاية لهم ودعوة. وهذه هي مرحلة التقديس.

5. صلاة وعمل

لم يكن يقطع هذه الصلوات والممارسات الروحيّة إلاّ الانكباب على العمل. فلطالما اتُّخذ العمل هدفًا مزدوجًا بالنسبة إلى الرهبان إن لجهة الالتزام بالوضع البشريّ العامّ، أيّ كسب الخبز اليوميّ بعرق الجبين، والابتعاد عن البطالة؛ وإن لجهة خدمة القريب عبر مشاركته في ما ينتج، ثمّ عبر تعزيز كرامة الإنسان، ومن ثمّ عبر تقديم خبز الكلمة له، إضافة إلى الأسرار المقدّسة، والتربية والعناية الصحيّة والثقافة…. ناهيك عن اعتبار العمل اليدويّ المضني أحد عناصر برنامج توبة الرهبان وطريقتهم الخاصّة لعيش الفقر. لهذا كانوا يعملون في الوديان والجبال، يستصلحون المنحدرات ويجعلون منها مدرجات صالحة لزراعة الكرمة والتوت والزيتون؛ وينسجون الأقمشة لتلبية حاجات الجماعة الجسديّة، ويبنون الكنائس والأديار لتلبية حاجاتها الروحيّة، مؤكّدين ارتباط الحياة الرهبانيّة المارونيّة الشديد بشعب الله.

لقد تميّز التنظيم الرهبانيّ السريانيّ-الأنطاكيّ، والمارونيّ تحديدًا، بسعيه الحثيث إلى استصلاح الأراضي، وبحبّه الآداب. فقد ساعد العمل الزراعيّ الشعب على الاعتماد على مهارة الرهبان وحذاقتهم لتأمين قوتهم ومؤونتهم في ظروف غالبًا ما كانت قاسية. ومن حبّ الأرض وإخصابها استمدّ إيمانهم ميزات الصلابة والعفويّة والصمود والصبر والقناعة. أمّا العمل الثقافيّ، وفيه أيضًا قول سريانيّ مأثور “كتوبوخ ونفشوخ” (كتابك ونفسك)،  فقد اكتسب أشكالاً مختلفة منها المحافظة على الإرث السريانيّ وتطويره، وإطلاق ثقافة عربيّة وسريانيّة مزدوجة ونسخ المخطوطات، وتأمين التعليم للأولاد، وممارسة المهن وغيره…. لقد اعتُبر الكتاب رفيقًا للراهب السريانيّ، وسمةً ميّزته عن الراهب الصعيديّ. نتيجة لهذا التراث، كانت أوّل مطبعة في بلاد الشرق تلك التابعة لدير مار أنطونيوس قزحيا، التي أحضرها الرهبان القدماء من الغرب في سنة 1585. وبقي هذا النشاط بارزًا ومتواصلاً من خلال مطبعة طاميش في أواسط القرن التاسع عشر، والمطبعة الأنطونيّة في مطلع القرن العشرين، وحاليًّا من خلال مطبعة الكريم التي تقدّم الخدمات الجلّى للكنيسة.

6. حياة رهبانيّة رسوليّة

وعليه، فإنّ تزهّد الرهبان السريان القاسي لم يمنعهم من الانخراط في العالم بغية حمله إلى المسيح. لقد كان نضالهم الروحيّ الشخصيّ تحضيرًا ضروريًّا من أجل الصراع الأكثر صعوبة ضدّ الشرّ في العالم. ففي كلّ مرّة يخرجون من كهوفهم وأديرتهم، يجوبون الطرقات ويدخلون المدن والقرى ليبشّروا الناس ويربحوهم للإنجيل. دام هذا الاندفاع الإرساليّ للتنظيم الرهبانيّ السريانيّ زهاء ألف عام (400-1400). لكنّ مآسي الزمن عملت على أفوله منذ القرن الخامس عشر وانحصاره، في أبناء الجوار، ليستعيدوه بعد تنظيمهم الجديد في أواخر القرن السابع عشر، فيعمّموه في كلّ مناطق لبنان وخارجه، بالتزام مباشر وحثيث.

7. حياة رهبانيّة منفتحة

هذا التأقلم الروحيّ قاد الحياة الرهبانيّة إلى عملية إصلاح وتجديد للأطر على المثال الغربيّ من حيث التنظيم، وهو ما يجب أن يقودها دومًا إلى إطلاق مسيرة تجدّديّة، مع الحفاظ، من حيث المبدأ، على الأساس التوحّديّ، النسكيّ – الرسوليّ لكلّ دير ومركز، ومع الحرص على مواصلة خبرة الأقدمين الوجوديّة المتمثّلة بعناصر هذه الروحانيّة المختمرة عينها، وان غلب أحيانًا عنصر على آخر.

الفصل الثالث : قوانين الحياة الرهبانيّة

الفصل الرابع:  رسالة الرهبانيّات

 ومن أهمّ ثمار الحياة الرهبانيّة، غزارة النعمة المتدفّقة بفعل الصلوات المنتظمة في معظم الأديار والمناسك. وقد تميّز القرن المنصرم ومطلع القرن الحاليّ بالتماع عهد تطويب وتقديس بعض الرهبان والراهبات، فأُعلنت قداسة الأب شربل مخلوف والراهبة رفقا ومؤخّرًا الأب نعمة الله كسّاب الحرديني، وذاع صيتهم ونهجهم الرهبانيّ المارونيّ في العالم. وهناك وجوه أخرى عديدة نأمل أن تظهر علامات قداستها.

وهناك أديار حوت مزارات تستقطب الزائرين من مسيحيّين وغير مسيحيّين أيضًا، من لبنان والمنطقة العربيّة والعالم، يؤمّونها لتنشّق عبير الروح العابق في أرجائها. لقد واصلت الرهبانيّات مواكبتها همّ الكنيسة الجامعة والمحليّة المسكونيّ، فأسهمت في إنعاش التراث الأنطاكيّ بعد التعمّق فيه، وتابعت إسهامها في شحذ الطاقات الفكريّة وكلّ الوسائل التي تركّز الحوار بين الأديان، في سبيل العيش معًا بالإحترام المتبادل.

أمّا استشهاد الدمّ الذي طبع الرهبانيّات منذ البدايات، فقد تواصل في كلّ العصور، لكنّه لم يضعف الرهبانيّات قدرة على الحوار والانفتاح، ممّا سهّل لها الاستقرار في مناطق متعدّدة الطوائف، وفي بلدان متنوّعة الحضارات.

ولم يتوّقف نشاط الرهبانيّات عند مناطق لبنان الوسطى، بل تعدّاها بسخاء إلى تلك المناطق النائية والبعيدة. وبالأكثر، فقد اهتمّ الرهبان والراهبات بالخدمات الرعويّة والتربويّة لموارنة الانتشار حيثما حلّوا. فمنذ انطلاقتهم المتجدّدة، أسّسوا مدارس في قبرص وعكّا واللاذقية، وخدموا رعايا هذه البلاد مع رعايا بلاد الشام ومصر وفلسطين وتركيا. ثمّ منذ منتصف القرن المنصرم، وصلوا إلى افريقيا وكندا وأستراليا وأميركا والبرازيل والمكسيك وإنكلترا وبلجيكا وفرنسا والأوروغواي وفنزويلاّ والأرجنتين، كما أمّنوا حضورًا رهبانيًا كثيفًا في إيطاليا.

الفصل الخامس:  ارتباط الرهبان والراهبات بالسلطات الكنسيّة العليا

ومنذ بدايات الألفيّة الثانية تجلّى التزام الحياة الرهبانيّة بتوجّهات كنيستها المارونيّة وميزتها، فأظهرت الإجلال العميق لبابا روما وللبطريرك والأساقفة وفي الوقت نفسه، استيعاب كبير للتنوّع المدهش في التسلسليّة المنصهرة في الكنيسة، وبتناغم مع الكنيسة المارونيّة بكامل فئاتها. هذا ما أكّدت عليه قوانين الرهبان الأولى (1732 و1740) فأوجبت على الرهبان والراهبات الخضوع للكرسيّ الرومانيّ وللسيّد البطريرك في آن، فنقرأ في القسم الثاني، الباب التاسع، أوّلاً: “(…) فليجتهد الرؤساء كافة في أن يحقّقوا عند رهبانهم الإعتقاد بأنّ الطاعة والخضوع للكرسيّ الرومانيّ الرسوليّ هو بمنزلة أساس ووسم وعلامة لديانتنا التي بها أرادت طائفة الموارنة للسريان ان يفترقوا ويتميّزوا من جميع الطوائف الشرقيّة. (…) فليحرصوا إذًا حرصًا كليًّا على حفظ هذه الوديعة الكليّة الثمن المقلّدة لنا من سلفائنا”، وثانيًا: “ثمّ بعد إكرام الأحبار الرومانييّن الأعظمين فليكرّموا أمّهم الكنيسة الأنطاكيّة والسيّد البطريرك الكليّ الاحترام المتولّي على رعاية طائفتنا ورهبنتنا من قبل الكنيسة الرومانيّة المقدّسة، وليكونوا له خاضعين بودّ خاص فريد بمنـزلة أب خصوصيّ، وليخضعوا ويطيعوا كلّ مراسيمه وأوامره غير المضادّة الإيمان الكاثوليكيّ والأحبار الرومانيّين ولا يخالفوها”.

ومع أنّ تثبيت القوانين من قبل الكرسيّ الرسوليّ الرومانيّ لا يعني بحدّ ذاته خروج الرهبانيّات من كيان كنيستهم المارونيّة، أثارت التغيّرات التنظيميّة الكبيرة في الهيكليّات جملة تساؤلات، خصوصًا وإنّها تختلف عن تقليد الموارنة وتنظيمهم الكنسيّ المألوف، فظهرت مفاهيم متباينة وممارسات غير مألوفة، أدّت أحيانًا إلى بعض خلافات واللجوء إلى الكرسيّ الرومانيّ وتدخّل هذا الأخير بشكل متواتر، لفرض حلول تزيد من تطابق أنظمة الكنيسة المارونيّة مع مثيلاتها في الكنيسة اللاتينيّة، فتعزّز سلطان الأساقفة في أبرشيّاتهم وتربط الرهبانيّات بالكرسيّ الرومانيّ بصورة مباشرة وحصريّة بدافع خير الكنيسة العام. مع ذلك بقيت الرهبانيّات تبدي احترامًا كبيرًا للبطريرك ولكلّ سلطة كنسيّة محليّة كما تواصل اهتمام البطاركة والأساقفة بالرهبانيّات فاحترموا قوانينهم وأنظمتهم وسهروا على شؤونهم. ولكنّ ازدياد إطلالة الرهبانيّات على الأعمال الرسوليّة أوجبت تعميق العلاقات بين الأساقفة والرهبانيّات، شرقًا وغربًا، وتوضيح الصلاحيّات المتقاطعة وأطرها، فجاءت وثيقة “العلاقات المتبادلة” والإرشاد الرسوليّ “الحياة المكرّسة” والإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان” والرسالة البابويّة “نور الشرق”، إضافة إلى توجيهات المجمع الفاتيكانيّ الثاني في القرار المجمعيّ “في مهمّة الأساقفة الرعويّة في الكنيسة”، والقرار “في نشاط الكنيسة الإرساليّ”، وغيرها من الوثائق، لتركّز العلاقة بين الرهبان والسلطة الكنسيّة على قاعدة مفهوم الكنيسة اللاهوتيّ. ويعمل المعنيّون على استلهام كلّ هذه المراجع والاسترشاد بها وإثرائها بخبرة الكنيسة البطريركيّة المميّزة بعد تبيان خصوصيّتها، لتجسّد علاقاتهم المتبادلة إشراق روح الشراكة والخدمة، ولتؤكّد على تعاطيهم الكنسيّ الذي لا يقوم إلاّ بالتعاون والتنسيق، ولتظلّ الحياة الرهبانيّة شديدة الإرتباط بحياة كنيستها وصدق شهادتها.

الفصل السادس : تجـدّد دائـم

خاتمة

توصيات النصّ وآليات العمل

الموضوعالتوصيةالآليّة
1- تعزيز الحياة الديريّة المشتركة لإبراز روح الإنجيل وكاريزما الرهبانيّة1- لمّا كانت الحياة الديريّة المشتركة المكان الأكثر ملاءمة لكي يعيش الرهبان والراهبات التعاليم الإنجيليّة، لاسيّما المحبّة الأخويّة، وبما أنّ عمل الرهبان والراهبات المتزايد في المجالات الرسوليّة قد يُضعفُ تلك الشركة في بعض الحالات، يدعو المجمع المؤسّسات الرهبانيّة إلى أخذ المبادرات التي من شأنها تعزيز الحياة الديريّة المشتركة وفقًا لتعاليم الإنجيل، والقوانين والتقاليد الرهبانيّة، وظروف الزمان والمكان.1-أ: تضع الجماعات الديريّة برنامج يتضمّن على نحو ثابت مجامع ديريّة، ولقاءات أخويّة في مناسبات متنوّعة، وتبادل الخبرات. 1-ب: التحلّي الدائم بالفضائل الرهبانيّة، لاسيّما عند تبديل المسؤوليّات والولايات.
2- التوازن بين الصلاة والتأمّل والعمل.  2- بما أنّ الصلاة الفرديّة والجماعيّة والبعد التأمليّ هما من المقوّمات الأساسيّة للحياة الرهبانيّة، وحيث إنّ تنامي البعد الرسوليّ في مؤسّساتنا الرهبانيّة بات يهدّد التوازن المرجّو بين الصلاة والتأمّل والعمل في بعض الحالات، يوصي المجمع تلك المؤسّسات بالعمل على تقوية حياة الصلاة والتأمّل في كلّ أديارها ومراكزها بحيث تغدو تلك الأخيرة علامات حيّة للملكوت.2-أ:  الإلتزام بأوقات صلاة مشتركة يوميّة تتناسب ومُهمات الرهبان والراهبات المتنوعّة. 2-ب: تعزيز الصلوات الخورسيّة بشكلٍ منتظم وتمكين العلمانيّين من المشاركة فيها. 2-ج: الحفاظ على جوّ الخلوة والصمت والبُعد عن العالم.
3- العلمانيّون العاملون في المؤسّسات الرهبانيّة.  3- لمّا كان العلمانيّون العاملون في المؤسّسات الرهبانيّة يؤلّفون مع الرهبان والراهبات عائلةً روحيّةً واحدة، يدعو المجمع تلك المؤسّسات إلى أن تولي هؤلاء العاملين إهتمامها الخاصّ بحيث تسهر على تنشئتهم الروحيّة كي يشهدوا للمسيح في نطاق عملهم وخارجه.3-أ: السهر على الجمع بين العدالة والمحبّة المسيحيّة في تطبيق قوانين العمل. 3-ب: توفير رياضات ومرافقة روحيّة دوريّة للعلمانيّين العاملين في المؤسّسات الرهبانيّة. 3-ج: إنشاء رابطات روحيّة بينهم وبين المؤسّسات.  
4- الرهبانيّات المارونيّة والإهتمام بالأرض.  4- نظرًا إلى ما أولته بعض الرهبانيّات المارونيّة من أهميّة روحيّة واقتصاديّة واجتماعيّة للأرض، وذلك منذ تأسيسها حتى اليوم، وبما أنّ الإهتمام بالأرض وإستثمارها يسهم في تنمية المجتمع وفي الحدّ من الهجرة المتنامية، يوصي المجمع تلك الرهبانيّات بمواصلة جهودها في تنمية القطاع الزراعيّ ضمن أراضيها.4-أ: إستثمار الأراضي على أسس علميّة حديثة مع إدخال تصنيع المنتوجات الزراعيّة. 4-ب: تطوير نظام الشراكة مع العلمانيّين العاملين في تلك الرهبانيّات.
5- تفعيل الدائرة البطريركيّة للتنسيق بين الأساقفة والرهبانيّات.  5- لمّا كانت الرهبانيّات المارونيّة في قلب الكنيسة البطريركيّة وفي خدمتها، وحرصًا على أن تؤدّى تلك الخدمة، لاسيّما في المجالات الراعويّة، بروح الشركة لما فيه خير الكنيسة وبنيانها، يوصي المجمع بتفعيل الدائرة البطريركيّة للتنسيق بين الأساقفة والرهبانيّات.5-أ: التنسيق بين الأساقفة والرؤساء العاميّن والرئيسات العامّات في ما يتعلّق بالخدمة الراعويّة والعمل الرسوليّ. 5-ب: تعزيز اللقاءات القائمة بين الإكليريكيّين الأبرشيّين والرهبان والراهبات الذين يدرسون معًا بحيث يتدربون على خدمة الكنيسة بروح الشركة الحقيقيّة. 5-ج: الإهتمام بالتنشئة الرعويّة للرهبان وللراهبات.
6- التنسيق بين المؤسّسات الرهبانيّة.  6- تشجيعًا للتعاون البنّاء بين المؤسّسات الرهبانيّة ذات الطابع الرساليّ، وحرصًا على توزيعٍ مسؤولٍ للطاقات بحيث تسهم في تلبية حاجات الكنيسة في لبنان والنطاق البطريركيّ وبلاد الانتشار، يوصي المجمع بضرورة التنسيق والتعاون بين تلك المؤسّسات، لاسيّما في المناطق التي توجد فيها بشكلٍ مكثّف.6- تعهد هذه المسألة إلى الدائرة البطريركيّة للتنسيق بين الأساقفة والرهبانيّات وإلى مجلس الرؤساء العاميّن والرئيسات العامّات.
7- الرسالات الرهبانيّة المارونيّة في بلاد الانتشار.  7- نظرًا إلى واقع الانتشار المارونيّ المتنامي منذ بضعة عقود، وحرصًا على وحدة الكنيسة المارونيّة في النطاق الأنطاكيّ وبلاد الانتشار، ونظرًا إلى أهميّة دور المؤسّسات الرهبانيّة في تعزيز هذه الوحدة من خلال نقل التراث الأنطاكيّ السريانيّ المارونيّ إلى موارنة الانتشار بما يتلاءم مع حاجاتهم وذهنياتهم، يوصي المجمع تلك المؤسّسات بضرورة متابعة عملها في مختلف الرسالات وتنظيمه في ما بينها بشكلٍ متكافئ وهادف، وذلك بالتعاون الوثيق مع السلطات الكنسيّة المختصّة.7-أ: تضع الدائرة البطريركيّة للانتشار، بالتعاون مع أساقفة الانتشار والمؤسّسات الرهبانيّة المعنيّة بهذه المسألة، خطّة كنسيّة شاملة للعمل في بلاد الانتشار. 7-ب: تنشئة الرهبان والراهبات: أوّلاً: على تاريخ كنيستهم البطريركيّة وروحانيتها، وعلى التراث الأنطاكيّ السريانيّ في أبعاده الليتورجيّة، والروحيّة، والآبائيّة، والإيقونوغرافيّة، وغيرها. ثانيًا: على واقع الانتشار في تعقيداته وتحدياته قبل إرسالهم إلى بلدان الانتشار. ثالثًا: على العمل الراعويّ المشترك مع السلطات المحليّة.    

1. يوحنّا بولس الثاني، نور الشرق، 3 ايار 1995، رقم 9.

2. نشر النصّ السريانيّ في Wright W., Apocryphal Acts of the Apostles, volume 1, London 1871.

3. نشر النصّ السريانيّ: Kmosko M., Liber Graduum, Patrologia syriaca, Pars prima, Tomus 3, Paris 1926. ونقله المطران فرنسيس البيسري الى العربيّة، راجع كتاب المراقي، المكتبة البولسيّة، جونية 1989.

4. نشر مقالات افراهات بالسريانيّة: Graffin R., Aphraatis sapientis Persae, Demonstrationes, Patrologia syriaca, Pars prima.. وقام الاب بولس الفغالي بنقل النصوص الى العربيّة، أفراهات الحكيم، بيروت 1994.

5. راجع: S.BROCK, Le monachisme Syriaque, histoire et spiritualité, في أعمال المؤتمر السريانيّ الثانيّ، انطلياس 1998، ص 21.

6. نشره مع النصّ اليونانيّ:

 Pierre CANIVET et Alice Leroy-Molinglen, Théodoret de Cyr, Histoire des moines de Syrie, coll.Sources chrétiennes“, 234, 257, Paris 1977.  

وتوجد أيضًا ترجمة عربيّة لهذا الكتاب، حققها الارشمندريت ادريانوس شكّور، تاريخ أصفياء الله، جونيه 1987.

7. راجع: P.BEDJAN, Acta Martyrum et Sanctorum, vol VII.

8. راجع: J.AMAR, Byzantine ascetic monachism and Greek bias in the Vita tradition of Ephrem the Syrian, Orientalia , Christiana Periodica 58 (1992), pp. 123-156.     

9. إلى جانب أهل العراء والعاموديّين والحبساء، عرفت أنطاكيّة الوقّافين والشجريّين والسهّارين والعشّابين والبكّائين الذين امتازوا بالزهد العنيف، كما عرفت كذلك الدّوارين أو الجوّالين والمصلّين الذين سبّبوا لها متاعب كثيرة. من أجل شرح واف عن كلّ من هذه الأنماط، يمكن مراجعة الأب سهيل قاشا، “تفجّر الحياة النسكيّة والرهبانيّة في الكنيسة”، في مجلّة المنارة، السنة 41، العددان 2 و3، ص 298-302.

10. انّها جماعة من النسّاك، يتبع لها المتوحّدون ويخضعون لرئيسها، وإليه يرجعون، فيلتقون نهاية الأسبوع لعيش الإفخارستيا معًا وتقاسم الخبز والخبرات قبل أن يعودوا الى مناسكهم.

11. يسهب اسحق الأنطاكيّ في وصف هذا التحوّل ويقول إن معظم النسّاك والرهبان بدأوا خلال النصف الثاني من القرن الخامس بهجر حياة الزهد الفرديّة القاسية في المغاور والكهوف للاستقرار نهائيًا في الأديرة الكبيرة. راجع: BEDJAN P., Homiliae S. Isaaci, Syri Antiocheni, Paris 1903. وراجع أيضًا: الأب شفيق ابو زيد، مقالة الحياة الرهبانيّة في سورية والعراق وفلسطين، في المسيحيّة عبر تاريخها في المشرق، مجلس كنائس الشرق الأوسط، بيروت 2001، ص 396.

12. يقول المطران الدبس: “إنّ رهبان دير القديس مارون لم يكونوا يقتصرون على النسك والتكامل بالفضيلة وتخليص نفوسهم فقط، بل كانوا يباشرون الرسالة والاهتمام بخلاص الآخرين أيضًا، فيطوفون المدن والقرى منادين بكلمة الله ومحرّضين الشعب على اقتفاء الفضائل والتحاشي عن الرذائل، ولا سيّما الكفر بالدين، ويناصبون أصحاب البدع والآراء الفاسدة، بخطبهم ومكاتباتهم وجدالهم. فكان رؤساؤهم كقادة جيش يدافعون عن الدين القويم، والرهبان جنوده الباسلين وكماته الظافرين. وكانت أديارهم كقلاع حصينة يلجأ إليها كلّ من ضايقه المارقون، ويؤّمها كلّ من عازه سلاح العلم الصحيح لمناوأة الجاحدين”. المطران يوسف الدبس، تاريخ سورية الدنيويّ والدينيّ، المجلّد الرابع، ص 454.

13. يقول سوزومين: “إنّهم دخلوا في عهد الامبراطور فالنس أشدّ المناطق وثنيّة، وسكنوا بالقرب من أفاميا وحمص وغيرها، وبشّروا بالمسيح وأعادوا له عددًا من السريان والفرس والعرب”. Sozomenus, Historia Ecclesiastica, in P.G., 67, v 1, 34, col. 1396.

14. راجع: علي الحسن بن الحسين بن علي المسعودي، كتاب “التنبيه والإشراف“، طبعة لايدن 1894، ص 153، ومقالات المطران توما الكفرطابي (القرن الحادي عشر) في المخطوط السريانيّ في مكتبة باريس العامّة، رقم 203، ص97-98.

15. راجع: الأب الياس خليفة، مجلة أوراق رهبانيّة، 47 (1995) ص 85-86.

16.  سنة 1969 أصبح اسم الرهبانيّة الحلبيّة الرهبانيّة المريميّة المارونيّة.

17. كنّيت الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة بالبلديّة لأنّها تحوي رهبانًا من البلاد.

18. لمزيد من التفصيل حول الأديار المزدوجة، يمكن مراجعة:MAHFOUD G.J., L’organisation monastique dans l’Eglise Maronite, Beyrouth 1967, pp. 289-315.

19. المجمع اللبنانيّ، (ترجمة المطران يوسف نجم)، القسم الرابع، الباب الثالث، عدد 20، ص 507.

20. راجع: الأب ابراهيم حرفوش، راهبات دير مار يوحنّا حراش، في المرجع ذاته، ص 71.

21. سمّي ديرهنّ باسم دير البشارة واتّخذن قوانين راهبات الزيارة تخليدًا لاسم مؤسّسي الدير: بشارة جفّال الخازن وزوجته زيارة.

22.  العددان 56 و57.

23. راجع: الأب بولس صفير، راهبات سيّدة الحقلة في مجلّة المنارة، السنة 31، العددان الثاني والثالث، 1990، ص 58.

24. Most Holy Trinity Monastery Petersham, MA

25. نرفق في ختام النصّ، ملحقًا تفصيليًا بإعداد الرهبان والراهبات في كلّ مؤسّسة مطلع العام 2006.

26. دستور المحبّة الكاملة، عدد 7.

27. ارشاد رسوليّ، في الحياة المكرّسة، فقرة 3.

28. تاريخ أصفياء الله، المقدّمة، 5. وفي آخر فصل من كتابه المدرج تحت عنوان “في المحبّة الإلهيّة“، يكتب قائلاً: “وكما أنّ العشّاق الجسديين يستمدّون من رؤية موضوع حبّهم ما يسحرهم ويزكي فيهم شوكة الجسد، كذلك أولئك الذين أصابتهم سهام المحبّة الإلهيّة والذين يتصوّرون بهاءها الصافي، يجعلون لذعات هذه المحبّة أكثر حدّة ويتحاشون الإرتواء، لرغبتهم في المزيد من الاستمتاع بها. في النهاية يشبع الإنسان من الملاذ الحسّيّة بينما المحبّة الإلهيّة لا تخضع لشرائع الارتواء”.

29. بين المخطوطات العديدة لمؤلّف البطريرك الدويهي “تاريخ الأزمنة“، هناك مخطوط في أرشيف الكرسيّ البطريركيّ في بكركي رقم 46، ترقيم قديم، ورقم 137، ترقيم جديد، ومخطوط آخر في مكتبة الفاتيكان رقمه 215، كان البطريرك الدويهي قد أرسله الى روما سنة 1680 ليطبع هناك. فبقي دون طباعة حتى السنوات الأخيرة، حيث قام بهذه المهمّة الأباتي بطرس فهد سنة 1976.

30. النسّاك البطاركة هم: ميخائيل الرزّي (1567-1581) سركيس الرزّي (1581-1596) ويوسف الرزّي (1596-1608).

31. هم الأب أنطونيوس شينا الذي دخل محبسة مار بولا – دير مار انطونيوس قزحيا في 30 ايار 1982، والأب يوحنّا الخوند الذي دخل محبسة مار أنطونيوس دير سيّدة طاميش في 17 كانون الثاني 1998، والثالث هو الأب داريّو اسكوبار، كولومبي الأصل، جاء ليعيش الروحانيّة المارونيّة في النسك، متأثّرًا بحياة القديس شربل، فدخل محبسة سيّدة حوقا في 15 آب 2000.

32. إعتبر الرهبان أنّ الفقير الواقف على الباب هو الله بالذات، يطرق متخفيًا بلباس الفقراء. راجع عظات يعقوب السروجيّ P.Bedjan 11, p. 832.

33. الأب ايرونيموس دنديني، رحلة الى جبل لبنان سنة 1596، تعريب الخوري يوسف يزبك العمشيتي، بيت شباب 1933، ص 55.

34. فهد الأباتي بطرس، تاريخ الرهبانيّة اللبنانيّة بفرعيها، الجزء الثالث، جونيه 1965، ص 277.

35. عرف بالقانون الأسود.

36. راجع: COUSSA R., Epitome Praelectionem de iure ecclesiastico orientale, vol.I (1984) p. 47, note 118; CHEDID C. (Mariamite), L’origine delle Costituzioni dell’Ordine Libanese Maronita, Roma 1866.

37. عرفت بالقانون الأحمر…

38. أثبت الكرسيّ الرسوليّ القوانين نفسها للرهبان الملكيّين الكاثوليك عام 1743، وللرهبان الكلدان، وللرهبان الأرمن الكاثوليك عام 1825. راجع:

  MAHFOUD G.J., l’organisation… o.c., pp. 15 et 16 et la note (30).

39. جاء في ديباجة المطران يوسف سمعان السمعانيّ الى الرهبان الأنطونيين ما يلي :”لمّا رسم (المجمع اللبنانيّ) من جملة الفرائض السينودسيّة انّ على الرهبان مواصلة الاهتمام بتثبيت قوانينهم من الكرسيّ الرسوليّ والكنيسة المقدّسة الرومانيّة…”، راجع: البعبداتي، الأباتي عمانوئيل، تاريخ الرهبانيّة الانطونيّة المارونيّة، 1992 (2)، ص 66.

40. المجمع اللبنانيّ، القسم الرابع، الباب الثاني، عدد 6.

41. راجع: القسم الأوّل، الباب الثاني، عدد 9.

42. راجع: القسم الرابع، الباب السادس، عدد 1.

43. يوحنا بولس الثاني، نور الشرق، 2 ايار 1995، عدد 9.

44 Leroy j., Moines et monastères du Proche-Orient, Paris 1957, p. 129.

45. إنطلقت مجلة كوكب البريّة من دير مار أشعيا سنة 1905 وتواصلت مع إطلالة العام 1911 بحلّة جديدة من دير مار أنطونيوس بعبدا حيث ركّزت المطبعة الأنطونيّة. لمزيد من التفاصيل راجع: الأب مارون الحايك، دير مار أنطونيوس بعبدا، بيروت 1999، ص 41-43.

46. رجاء جديد للبنان، عدد 54.

47. رجاء جديد للبنان، عدد 52.

48.  راجع: الأباتي عمّانوئيل بعبداتي، تاريخ الرهبانيّة الأنطونيّة، بيروت 1999، ص 114.

49. مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، ق 412 البند 1، ق 555 وق 564.

50. مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، ق 413.

51. راجع مثلاً: ق 1036 البند 2، العدد 3- وق. 1063 البند 3، العددان 3 و4 .

52. راجع ق. 416 .

53. الحياة المكرّسة، فقرة 29.

54. المرجع ذاته.

55. من قوانين الرهبانيّة الأنطونيّة الحديثة، المادة 229 البند 2.

56 .أنشأ سينودس أساقفة الكنيسة المارونيّة هذه الدائرة وأقرّ قانونها الأساسيّ في 16 حزيران سنة 2000.

57. عناوين من وثيقة “الإنطلاق مجددًا من المسيح” وقد أصدرها “مجمع مؤسّسات الحياة المكّرسة ومنّظمات الحياة الرسوليّة” سنة 2002، في الذكرى السنويّة الخامسة لصدور الإرشاد الرسوليّ “الحياة المكرّسة“.

58. مسوّدة الحياة المكرّسة، عدد 90.

59. رجاء جديد للبنان، الرقم 53.