النص الثالث عشر: الرعيّة والعمل الراعويّ

المجمع البطريركي الماروني 2003-2006


النص الثالث عشر: الرعيّة والعمل الراعويّ


مقدّمة

  1. بما أنّ هذا المجمع المقدّس يريد إبراز التراث المارونيّ وروحانيّته وتطوير ثوابته، بحيث تستطيع الكنيسة المارونيّة أن تعيش خصوصيّتها وشهادتها في الزمن الحاضر، كان لا بدّ لنا من أن نتطرّق في هذا النصّ إلى الثوابت المارونيّة التي عاشتها الرعيّة، وننظر إلى سَيْرها في الوضع الراهن عبر مجالات العمل الراعويّ، لكي نتلمّس الخطوات التي يجب اتبّاعُها مستقبلاً لتطوير هذا العمل وإنعاشه بحسب التّراث العريق.

الفصل الأوّل : نظرة عموميّة إلى وضع الرعيّة المارونيّة

أوّلاً: في الماضي

إنّ مجتمعنا المارونيّ إذًا، كان في غالبيته مجتمعًا ريفيًّا، إذ فضّل آباؤنا العيش في المناطق الجبليّة النائية للمحافظة على إيمانهم ومعتقداتهم والتعبير عنها بحريّة. والمجتمع الريفيّ، كما هو معروفٌ، يتميّز بالعلاقات الاجتماعيّة الوطيدة نتيجةً لأواصر القُربى. فالقرية، بشكلٍ عامّ، مكوّنة من عائلة واحدة كبيرة، أو من عائلات متزاوجة فيما بينها.

كما وأنّه كان أشدَّ فقرًا من المجتمع المدينيّ، ومن هنا نمت حاجة الأفراد والعائلات بعضهم إلى بعض، فلم تكن العائلات تقتني كلّ الأشياء الضروريّة للحياة، وهذا ما ولّد فيما بينها قيمة التضامن والمشاركة الإيجابيّة والبقاء على قلبٍ واحد، رغبةً في البقاء والصمود رغم صعوبات المعيشة. وأكبر الأمثلة على ذلك هو مبدأ “العونة”: لبناء بيتٍ، أو قطف كرمٍ، أو حتىّ لمساعدة مريضٍ…

ومن هنا نرى اهتمام الموارنة الكبير ببناء الكنائس (والأديار)، والكنيسة غالبًا ما تكون قريبة من بيوت الناس، ليس بالمسافة وحسب، بل أيضًا ببنائها المتواضع الفقير: إنّها بيت الله وبيت جميع الناس. ولكنّ لكلّ عملةٍ وجهان، فلا يجوز أن نقتصر على الوجه المشرق في اهتمامات الموارنة الروحيّة والزمنيّة، لأنّها كثيرًا ما أصبحت مشكلةً بسبب الأنانيّات والمحسوبيّات والانتماءات العائليّة.

لا شكّ في أنّ وجود الخوري الدائم في الرعيّة، مشاركًا الناس أفراحهم وأحزانهم ومناسباتهم وأعمالهم، يعود إلى كون الخوري واحدًا من أهل القرية، له بيته ويعمل في أرضه. وقد كان لهذا الحضور دور كبير في ممارسة الخوري أعماله الرعويّة، التي غالبًا ما كانت تدور حول الأعمال الليتورجيّة كتقديم الأسرار إليهم وزيارتهم، وأحيانًا تعليم أولادهم اللغة السريانيّة والعربيّة لإحياء الاحتفالات الليتورجيّة، غالبًا في مدرسة “تحت السنديانة”، والسبب هو أنّ خوري الرعيّة كان غالبًا أوسع علمًا من أبناء رعيّته، إضافة إلى وضعه الدينيّ والاجتماعيّ الذي يجعل منه مرجعًا مهمًّا لأبناء القرية-الرعيّة.

ولنا في المجامع المارونيّة بعض الأمور الراعويّة التي كان على الخوري أن يتبعها:

كما أوصى هذا المجمع بأنّه على الأسقف أن يعيّن للخوري ومعاونيه جعلاً كافيًا، إمّا من دخل الخورنيّة، أو من مال المؤمنين الذين عليهم أن يؤمّنوا للكهنة ما يكفيهم (لأنّ هذا الأمر كان ومازال مشوبًا بكثير من الشذوذ). ويشدّد الآباء على أن يكون لخادم الرعيّة من الكتب ما يمكّنه من القيام بواجباته نحو أبناء رعيّته من إرشاد ووعظ وتعليم مسيحيّ للأولاد. وعليه أن يوفّر سجلاّت مُحكَمة التجليد لتسجيل المعمّدين والمتزوّجين والمتوفَّين. وعلى الخوارنة أن يبذلوا جهدهم لنظافة الهيكل والمذابح والأثاث المقدّس في كنائس الرعايا، وليحترسوا على الزيوت المقدّسة وحوض المعموديّة وحوض الماء المبارك وعلى تجديد هذا الماء. وعليهم أن يقوموا بكلّ الاحتفالات الدينيّة من ذبيحة القدّاس وصلاة الخوروس والزيّاحات وغيرها…

كما أنّ بعض المرسَلين ممّن زاروا لبنان، تركوا لنا وصفًا لما كانت عليه حالة الرعيّة آنذاك، لاسيّما في القرن السابع عشر. فتكلّم الأب أوجين روجيه عن الموارنة ومكان سكنهم والسلطة الكنسيّة والبطريرك ومساعديه الأساقفة، ويقول إنّ الموارنة يقطنون القرى العديدة. وكلّ قرية يخدمها كاهن خوري أو راهب. وهناك أيضًا شمامسة يبقون حياتهم في الحالة الشمّاسيّة، من دون أن يقبلوا سرّ الكهنوت[5]. وكلّ مرّة يقومون بالجنّاز يشترك بعده الإكليروس، من مطران وكهنة ورهبان وشمامسة، وأيضًا الشعب، الرجال والنساء والأطفال، بوليمة يكونون قد أعدّوها. وهذا دليل على المحبّة والوحدة التي بينهم، لأنّ كلّ ما يوفّرونه في حياتهم كلّها، يوفّرونه ليكرّموا موتاهم ولأجل راحة أنفسهم[6]. وفي مقالة عنوانها : “وصف مختصر للجبل المقدّس لبنان وللموارنة الذين يقطنونه” يقول سيلفستر دي سان إنيان (1671)، وهو يتكلّم عن الكهنة: “إنّه لمن المعزّي أن نرى بأيّة غيرة يجدّ هؤلاء الرعاة في تلبية حاجات خرافهم، وأيّة تقوى يُظهرون في الاحتفال الطقسيّ الذي يواظبون عليه لاسيّما في الأعياد”[7].

وأخيرًا ننوّه بأنّ رعايا القرى والمدن التي يتساكن فيها الموارنة وغيرهم من الطوائف والأديان، شهدت الرعايا مشاركةً جديرةً بالذكر. فالحوار، قبل أن يكون في المجادلات الفلسفيّة واللاهوتيّة والسياسيّة، هو أوّلاً حوار المحبّة في الحياة اليوميّة. وقد تميّز الموارنة بالقدرة على الانفتاح والمشاركة مع إخوانهم مهما كبرت الفوارق والاختلافات.

ثانيًا: في الزمن الحاضر

هذا التحدّي ولّد الحاجة إلى نشاط رعويّ مع فئات المجتمع المختلفة لاسيّما في المدينة. فالمؤمنون الذين كانوا يعيشون “بالفطرة المارونيّة” القِيَم الدينيّة-الاجتماعيّة،لم يعودوا كذلك، إذ انهالت عليهم قيم أخرى، من كلّ حدبٍ وصوب، هي في  الغالب معارضة للقيم الإنجيليّة، لا سيّما في عصر العولمة هذا. لذلك انطلقت بعض الرعايا، خصوصًا في المدن أو التجمّعات الكبرى، على أخذ المبادرات لتصبح حاضرةً بين المؤمنين، فتحوّل التوجّه من الرعيّة إلى المؤمنين ، بعد أن كان من المؤمنين إلى الرعيّة، وباتت هذه الأخيرة تتجاوب مع حاجات المؤمنين الدينيّة، لتكون شاهدةً ورسولةً للكنيسة جسد المسيح: تجاه أبنائها أوّلاً، وتجاه سائر الطوائف والأديان الأخرى ثانيًا. طبعًا ما زال هناك الكثير من العوائق أمام هذا التحرّك، كالصعوبات البشريّة والماديّة والإداريّة. وبعض الرعايا هي في أوّل الطريق وأخرى تتحرّك ببطء، وأخرى رائدة.

وتبقى الممارسة الرعويّة، في أغلب الأحيان، أكبر لدى النساء وأقلّ بكثير لدى الرجال!

وتجدر الإشارة أيضًا إلى وجود المكرَّسين والمكرّسات في الرعيّة ولهم فيها دورهم الفاعل: فهناك بعض الرهبان الذين يقومون بخدمة الرعايا بصفة خوري رعيّة؛ وبعض المكرّسين والمكرّسات الذين يقومون بعدد من الخدم الرعويّة مثل التعليم المسيحيّ، والاهتمام بالقربانة الأولى الاحتفاليّة، ونشاطات الشبيبة؛ كما أن البعض الآخر يهتمّ بمؤسّسات مختلفة كالمدارس، والمستشفيات، والمياتم. ولا يَخفى ما لحضورهم وعملهم من تأثير إيجابيّ في الرعيّة وأبنائها.

أمّا عمل الرعايا المسكونيّ فهو أشدّ اعتمادًا على الحياة والاحتكاك اليوميّ بالآخر، وليس هناك عمل رعويّ يُذكَر يتمّ فيه التخطيط ويُتَّبع بأسلوب منظَّم!

إنّ الواقع الرعويّ، الحافل أحيانًا بالأنشطة بفضل حماسة العديد من أبنائنا وبناتنا الغيورين، والمفتقر أحيانًا إلى التنظيم، هو الأرضيّة التي يسعى مجمعنا إلى أن يبني عليها عملاً رعويًّا ينهض برعايانا على أساسٍ منظّم ومدروس للاستفادة من جميع الطاقات الموجودة في كنيستنا[8].

الفصل الثاني : الانتماء الرعويّ

أوّلاً: المعطيات اللاهوتيّة

  1. إن المعطيات اللاهوتيّة في ما يتعلَّق بالانتماء الرعويّ تأتي من مفهوم الرعيّة بالذات، وبالتالي من “لاهوت الكنيسة”[9]، ومن “شركة المحبّة” بين أعضاء الجسد الواحد في المسيح، على مثال الشراكة الثالوثيّة.

تضمّ الرعيّة جماعة المعمّدين في بقعةٍ محدَّدة، وتكوّن جسد المسيح السرّيّ الذي يجتمع بقوّة الروح القدس في مكانٍ معيّن من خلال ارتباطها الجذريّ بالكنيسة المحليّة، أيّ الأبرشيّة، ومن خلال اتّحادها بالأسقف الذي يمثّل المسيح الرأس، وذلك عبر الخوري الذي يقوم برسالته في الرعيّة وبالشركة التامَيْن مع أسقف أبرشيّته.

يقول المجمع الفاتيكانيّ الثاني في الرعيّة: “إنّها تمثّل نوعًا ما الكنيسة المنظورة القائمة على الأرض”[10]. كما يصف الرعيّة في موضع آخر بأنّها “تكوّن الخليّة في الأبرشيّة”، التي تقدِّم “نمطًا رائعًا للعمل الرسوليّ الجماعيّ، لأنّها تجمع في الوحدة كلّ ما فيها من تنوّع إنسانيّ، وتُدخِله في جامعيّة الكنيسة”[11].

فالانتماء الرعويّ له أساس ثابت، لأنّ الرعيّة هي كنيسة المسيح الحاضرة بين بيوت البشر، وعائلة العائلات، والمكان الملموس للمشاركة في حياة الكنيسة، وخليّة تعيش إشعاع المسيحيّة، وهذا يجعلها وسيلة تتأمّل “الكنيسة” من خلالها في مكانٍ محدَّد، لتكون شاهدةً بقوّة الروح القدس للمسيح القائم من بين الأموات والعائد في نهاية الأزمنة. هذا التأصّل يأتي من جرّاء تكاثف حضور الكنيسة في جماعة مكانيّة جغرافيّة كونَها تحمل حدثًا خلاصيًّا حيًّا، وتندمج به، ويصبح هذا الحدث “الذكرى” التي تسلّمتْها الرعيّة ممّن عاشوا على أرضها، فتعيشها وتسلّمها إلى كنيسة المستقبل تقليدًا مقدَّسًا.

إنّ الرعيّة هي الرحم الذي يلد أبناء الله، لا سيّما في أسرار التنشئة المسيحيّة. فهي، بالدرجة الأولى “جماعة إفخارستيّة” لكونها المكان الذي يجتمع فيه جميع المؤمنين للاحتفال بالإفخارستيّا يوم الأحد. إنّها “الكنيسة” المرتبطة ببقعة جغرافيّة معيّنة والتي تعيش في أعضائها الحدث الخلاصيّ “هنا والآن”، خصوصًا في سرّ الإفخارستيّا الذي يصنع الكنيسة لكي تصنع الكنيسةُ المحتفلةُ بربّها ومعه الإفخارستيّا.

إنّ الرعيّة مدعوةٌ إذًا لأن تكون جماعةً حيّةً يتنشّأ فيها الشعب المسيحيّ على نحو ما تكون الحياة الليتورجيّة عادةً، فيجتمع في ذلك الاحتفال، ويتعلّم عقيدة المسيح الخلاصيّة، ويمارس محبّة الربّ في أعمال صالحة وأخويّة[12].

ثانيًا: الاقتراحات والتطلّعات

1. الانتماء إلى الرعيّة

  1. يجب أن يكون تعزيز روح الانتماء أوّلاً إلى المسيح وبه إلى الجماعة الرعويّة التي من شأنها أن تُحقِّق حضور جسد المسيح السرّيّ في مكان محدَّد. فلا بدّ إذًا من الاهتمام بالرعايا الكبيرة، ليتمكّن الكهنة من القيام بخدمتهم على أساس معرفة أبنائهم معرفةً شخصيّة: “أعرف خرافي وخرافي تعرفني” (يو 10/14)، ولكي يتمكّن أبناء الرعيّة الواحدة من ان يعرف بعضهم بعضًا ويلتزموا حاجات الرعيّة ويجعلوها أداةً كنسيّة حيّة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية تُسند خدمة هذه الرعايا الكبيرة إلى مجموعة كهنة يعيشون حياةً مشتركة، وعليهم تُوزَّع قطاعات العمل المختلفة.

ليعمل الكهنة على إشراك أبناء الرعيّة في حياة الرعيّة وتشجيعهم على الانضمام إلى المؤسّسات والمنظّمات والأخويّات، أو إلى سائر النشاطات والاحتفالات والخدمات، لأجل نموّ الإيمان من خلال مسيرتهم الروحيّة، وللمشاركة الفعليّة في العمل الرعويّ من خلال الحركة أو المنظَّمة التي إليها ينتمون، أو النشاط الذي يقومون به.

نظرًا إلى أهميّة المسيرة الروحيّة التي يجب أن تتّصف بالاستمراريّة والمتابعة، يوصي المجمع بضرورة تجسيد الانتماء إلى الرعيّة عبر مشاركة المؤمنين، القاطنين ضمن حدودها، في احتفالاتها الليتورجيّة. كما يشير المجمع إلى أهميّة إقبال المؤمنين على الأسرار المقدّسة، وخصوصًا سرَّي العماد والزواج، كلّ في رعيّته لما في ذلك من تعبير عن الانتماء إلى الجسد الواحد، ولما فيه من مشاركةٍ في حياة الرعيّة الماديّة في سبيل نهضتها وتطوّرها.

أمّا في شأن الرعايا التي تضمّ أكثر من طائفة كما في بلدان الانتشار، فيشجَّع أبناء الرعيّة المارونيّة لأن يأتوا باستمرار إلى كنيسة الرعيّة، لكي يُنمّوا الانتماء إلى العائلة المارونيّة، وينهلوا من الروحانيّة التي تتميّز بها كنيستهم، فيتعرّفوا بعضهم إلى بعضٍ أوّلاً، ثمّ إلى تراثهم وحيويّته العاملة في نفوسهم والآتية من تاريخ مشترك عبرَ شهدائهم وقدّيسيهم، وعبر روح الآباء والأجداد.

2. الرعايا المدينيّة والرعايا الريفيّة

أ. خدمة الرعايا الريفيّة

  1. إنّ إنشاء خورنيّات مشتركة أو أقلّه قطاعات رعويّة مشتركة لخدمة الجماعات الرعويّة في قطاع محدَّد يساهم في تجديد مستمرّ لهذه الجماعات، إذ يتعاون الكهنة وأبناء الرعيّة المُلتزمين نشاطاتٍ رعويّةً في بلدات القطاع بروح الشركة الكنسيّة، ويؤمّنون لها خدمة الأسرار والحاجات الأخرى. كما يُحبَّذ إرسال الكهنة الجُدد إلى الرّيف لمدّة سنتين في بدء حياتهم الكهنوتيّة لعمل مشترك داخل هذه القطاعات، وذلك بعد إعدادهم كما يلزم لهذه الرسالة.

ب. خدمة الرعايا المدينيّة

  1. إنّ التجمّعات الرعويّة الكبيرة في المدن وضواحيها تطرح واقعًا رعويًّا مختلفًا، متعدّد الأوجه والمجالات، يفرض خطّةً رعويّة شاملة تطال مختلف فئات الرعيّة. فهذه الرعايا هي غالبًا كبيرة بعدد سكّانها، ويصعب بالتالي على الكاهن معرفة جميع أبنائه خصوصًا الذين انقطعوا عن المشاركة في الاحتفالات الليتورجيّة في كنيسة الرعيّة. وبما أنّ الراعي لا يمكنه أن يكتفي بالخراف الموجودة داخل الحظيرة، عبر اهتمامه بالملتزمين من أبناء الرعيّة وبالمنضوين إلى الجماعات الرعويّة وحسب، بل عليه أن يطال البعيدين من الشبيبة والعائلات أيضًا، فلْيعمل الخوارنة في الرعايا المدينيّة وفق خطّة رعويّة متكاملة يتعاونون على رسمها وتنفيذها مع الكهنة المعاونين والعلمانيّين الملتزمين. وللإحاطة بجميع الحاجات الرعويّة في هذه التجمّعات الكبيرة، يجب السعي إلى أن يكون خوري الرعيّة متفرّغًا كليًّا لرعيّته، لكي يُواجه كلّ القضايا المطروحة على أرض الرعيّة ويعالجها، ويوزّع على الكهنة المعاونين والمساعدين أدوارًا مختصّة من أجل تأمين الوظائف الأساسيّة الثلاث: التعليم والتقديس والتدبير.

كما أنّ العمل الرعويّ الناجح والمُتكامل لا بُدّ أن يُبنى على روح التعاون مع المؤسّسات الرعويّة والمنظّمات الرسوليّة لتلبية الحاجات المهمّة، ومنها: السهر على تنشئة مسيحيّة عميقة، وإذكاء الروحانيّة المارونيّة وخصوصيّتها، وإحصاء سكّان الرعيّة وزيارتهم، وخلق الروابط فيما بينهم وتنظيم العمل الاجتماعيّ.

ج. التعاون بين الرعايا المدينيّة والريفيّة

  1. لتأخذِ الأبرشيّات على عاتقها تنظيمَ التعاون وتفعيلَه بين الرعايا المدينيّة والرعايا الريفيّة، والرعايا الكبيرة والصغيرة، وإرساءَ أسس التعاون والتبادل فيما بينها في المجالات الروحيّة والرسوليّة والترفيهيّة والثقافيّة، وفي ميادين العمل والأشغال هنا وهناك.

كما يجدر التركيز على التعاون خلال فصل الصيف حيث يتكاثر وجود المؤمنين في الرّيف وقُرى الجبال، فتعمل الأبرشيّة مع الكهنة والرهبان العاملين في المدارس وأعضاء الجمعيّات الرسوليّة على القيام ببعض أعمال الرسالة والمخيّمات والتنشئة اللاهوتيّة والتهيئة للأسرار من خلال دورات مكثّفة متنقّلة من رعيّة إلى رعيّة.

د. التعاون بين الرعايا والمؤسّسات الرهبانيّة

  1. بما أنّ الرعيّة تمثّل نوعًا ما الكنيسةَ المنظورة القائمة على الأرض من خلال ارتباطها بالأبرشيّة، ولأنّها المكان الملموس للمشاركة في حياة الكنيسة، هي المحلّ الطبيعيّ ليعيش المؤمنون إيمانهم فيه وينموا في المسيح بواسطة خدمات التعليم والتقديس والتدبير. فالعمل الرعويّ الذي ينطلق من الرعيّة ويهدف إلى خلاص الإنسان يمكنه أن يتكامل بتضافر جهود جميع القوى الموجودة على أرض الرعيّة. لذلك يدعو المجمع كهنة الرعايا والمسؤولين عن المؤسّسات الرهبانيّة إلى التعاون بروح الشركة الكنسيّة الحقيقيّة. ويحثّ القيّمين على هذه المؤسّسات على أن يعوا قيمة الرعيّة ويدركوا أنّ حياتهم المكرّسة لا تنفصل عن حياة الرعيّة التي هي جسد المسيح. فعليهم أن يضعوا كلّ طاقاتهم في خدمة الله والنفوس، فينطلقوا إلى الرعايا ليتعاونوا مع خدّامها لعيش الشركة الحقيقيّة. ويحثّ الكهنة على التنسيق في عملهم الرعويّ مع الجماعات الرهبانيّة للاستفادة من مواهب أعضائها، مدركين الكنوز الروحيّة لدى المكرّسين أخوتهم في الكهنوت وشركائهم في خدمة النفوس، فيفتحوا لهم أبواب الرعيّة ويعملوا معًا لينموا في المسيح ويبلغوا ملء قامته.

الفصل الثالث : وعيُ الرعيّة لدورَها

أوّلاً: المعطيات اللاهوتيّة

  1. يتمثّل دور الرعيّة الأوّل في عمل الكنيسة ذاتها بالاتّحاد مع المسيح الرأس، وهذا الدور الذي تسلَّمتْه منه بالذات: “رسالة التبشير بملكوت الله والمسيح، وإنشائه في جميع الأمم، فكانت الكنيسة على الأرض بذرة هذا الملكوت وبدءَه. غير أنّها فيما كانت تنمو شيئًا فشيئًا كانت تصبو إلى كمال هذا الملكوت، راجيةً ومتمنيّةً بكلِّ قواها أن تتّحد بملكها في المجد”[13].

الرعيّة مدعوّة إذًا إلى أن تعيش في أبنائها ما عاشه المسيح الرأس، وأن تحيا به ومعه، “ليكون الله كلاًّ في الكلّ” (1 قور 15/28). إنّ المسيح هو المُرسل من لدن الله بمسحة الروح القدس ليكون في رسالته الكاهن والنبيّ والملك. لذلك على الكنيسة أن تحيا بهدي الروح القدس وتقف خادمة، على صورة ربّها “الكاهن الأوحد”، تشاركه الكهنوت (شعائر العبادة) النبويّ (البشارة) والملوكيّ (خدمة المحبّة)[14]. من هنا يتّضح أنّ الرعيّة تكون وفيّة لجوهر كينونتها عندما تعيش خدمتها المثلّثة مع المسيح النبيّ والكاهن والملك.

1. الدور النبويّ

  1. إنّ شعب الله المقدّس يشترك أيضًا في خدمة المسيح النبويّة. وهو هكذا على وجهٍ خاصّ بحسِّ الإيمان الفائق الطبيعة الذي هو حسّ الشعب بكامله، علمانيّين وذويّ سلطة، عندما يتمسّك تمسُّكًا ثابتًا بالإيمان الذي تسلَّمه للقدّيسون دفعةً واحدة، ويتعمَّق في فهمه، ويصبح شاهدًا للمسيح في وسط هذا العالم[15]، لكي تشعّ في الحياة اليوميّة العيليّة والمجتمعيّة قوّة الإنجيل. وهذه الخدمة النبويّة التي تقوم بها الرعيّة “كمدرسة إيمان” يجب أن تبرز في مجال الوعظ، والتعليم المسيحيّ، والأخويّات والمنظّمات الكنسيّة، والمدرسة، والعائلة.

لذلك يُلقي المجمع ضوءًا خاصًّا إلى عمل الرعيّة الرسوليّ والإرساليّ في عالم اليوم. ولأنّ الرعيّة شاهدة حيّة، بقوّة الروح القدس، للمسيح القائم من بين الأموات، وللشركة المُعاشة بين أبنائها وبينها وبين الرعايا الأخرى، عليها أن تكون “بنوعٍ ضمنيّ ولكن حتميّ” رسولةً ومُعلِنةً للإيمان. هذا هو المقياس-الدليل لكلّ عملٍ رعويّ، لذلك لا يمكن، بكلّ بساطة، اعتبار هذه الضرورة واحدة من متطلّبات العمل الرعويّ وحَسْبُ، بل هي المطلب المركزيّ، وبمعنى آخر، الوحيد والمقرِّر.

2. الدور الكهنوتيّ

  1. بدخول الإنسان في شعب الله بالإيمان والمعموديّة، يصبح شريكًا في دعوة هذا الشعب الجديد الذي جعل منه المسيح الربّ “ملكوتًا وكهنةً لإلهه وأبيه” (رؤ 1/6؛ 5/9-10)، ذلك بأنّ المعمَّدين قد تكرّسوا بالميلاد الثاني ومسحة الروح القدس لكي يكونوا مسكنًا روحيًّا وكهنوتًا مقدَّسًا[16].

يتمثّل دور الرعيّة الكهنوتيّ هذا في احتفالها بالمسيح القائم من بين الأموات عن طريق أسرار الكنيسة الخلاصيّة. لذلك يجب على الرعيّة أن تكون المجال العاديّ لعيش أسرار الخلاص هذه عيشًا حقيقيًّا، وعيش الصلوات الأخرى أيضًا، فتصبح السبيل إلى القداسة وإلتقاء الله الآب عن طريق الابن والروح القدس. إنّ الجماعة الرعويّة بأبنائها كافّةً مدعوةٌ إلى سلوك طريق القداسة، لكي يُثمر الروح في أعضائها ثمارًا متزايدة على الدوام، مساعدًا إيّاهم على تقديم ذواتهم “ذبائح حيّة” لله. ذلك بأنَّ جميع نشاطاتهم وصلواتهم ومشاريعهم الرسوليّة وحياتهم الزواجيّة والعيليّة، وأعمالهم اليوميّة، وتسلياتهم العقليّة والجسديّة، إذا هم عاشوها بروح الله، بل حتى مِحَن الحياة إذا تحمَّلوها بطول أناة، كلّ هذا يستحيل “قرابين روحيّة يقبلها الله عن يدّ يسوع المسيح” (1بط 2/5)؛ وهذه القرابين تنضمّ، في إقامة الإفخارستيّا، إلى قربان جسد الربّ لتُرفَع بكلّ تقوى إلى الآب. على هذا النحو يُكرِّس العلمانيّون لله العالم بالذات، مؤدّين لله في كلّ مكان، بقداسة سيرتهم، فِعل عبادة[17].

3. الدور الملوكيّ

إنّ الكنيسة الأولى، منذ بدايتها، كانت تعيش بروح الشركة، لا بالمواظبة على تعليم الرسل والصلاة والذبيحة وحَسْب، بل في الأمور الماديّة الإنسانيّة أيضًا، ممارسةً بذلك دورها الملوكيّ: “وكان جميع الذين آمنوا جماعةً واحدة، يبيعون أملاكهم وأموالهم، ويتقاسمون الثمن على قدر احتياج كلّ منهم” (رسل 2/44-45). فقد كانت “السعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ” (20/35)، متمِّمين تعليم الربّ يسوع إذ قال: “كلّما صنعتم شيئًا من ذلك لواحدٍ من إخوتي، هؤلاء الصغار، فلي قد صنعتموه” (متى 25/40).

إنّ دور الرعيّة الملوكيّ يتجلّى إذًا في المشاركة الأخويّة، وفي الشركة بين الغنيّ والفقير عبر مبادراتٍ حسّيّة تسعى الرعيّة إلى خلقها وتفعيلها، وفي الاهتمام بالمرضى وذوي الحاجات الخاصّة، وفي الشركة بين الرعايا من خلال تقديم المساهمة المئويّة التي تحدّدها الأبرشيّة، وفي الأعمال المشتركة مع الطوائف والأديان الأخرى.

ثانيًا: الاقتراحات والتطلّعات

1. تثقيف الإيمان وممارسة الأدوار اللاهوتيّة الثلاث

ومن أجل تشجيع الأهالي على البقاء في قراهم الريفيّة، هناك أعمال ملحّة يجب السير فيها، ومنها مسح الحاجات التربويّة وإنشاء مدارس ومعاهد أكاديميّة ومهنيّة، ومسح الحاجات المعيشيّة والاقتصاديّة تمهيدًا لاستصلاح الأراضي واستثمارها بطرق حديثة وتصنيع أصناف المأكولات، وإقامة مشاريع صناعيّة واقتصاديّة متنوّعة. فلا بدّ إذًا من تعاون الأبرشيات المارونيّة فيما بينها ومع غيرها من أبرشيات الكنائس الشقيقة لخلق مثل هذه المشاريع في القطاعات الريفيّة أو السعي إلى إنشائها من قِبَل مؤسّسات الدولة.

2. الممارسة الدينيّة

أ. حثّ أبناء الرعيّة باستمرار على قبول الأسرار عامّة

إنّ للأسرار دورًا أساسيًّا في حياة المؤمنين، إذ إنّها تهدف إلى أن ينال المسيحيّ المعمَّد ثمار السرّ الفصحيّ عبر مشاركته الحيّة في أسرار الكنيسة السبعة. فمن الضروريّ إذاً أن يتهيّأ المؤمنون كما يجب لتكون مشاركتهم في السرّ إيجابيّة. فالعمل الرعويّ في مجال الأسرار يحمل ثماراً أوفر إذا ما طال المؤمنين بصورةٍ شخصيّة. من هنا أهميّة التحضير لسرَّي المعموديّة والميرون مع الوالدين والعرّابين، والتشجيع على الاحتفال بهما جماعيًّا في بعض المناسبات، والسّهر على أن ينموَ المعمّد ليصِل إلى الإيمان البالغ عبر تنشئة ملائمة في الجماعة الرعويّة، الكبيرة منها والصغيرة. ويجب تفعيلُ سرّ التوبة على نحوٍ يُظهر غفران الله ومحبّته للإنسان ثمرةً لقيامة الربّ يسوع من بين الأموات، كما يجب التشجيع على قبول هذا السرّ والاحتفال برتب توبةٍ حيّة بحسب الأنظمة الكنسيّة. أمّا سرّ المسحة، فيجب التذكير بأنّه للمرضى ولا للمدنفين فقط، والاحتفال به عند توافر الظروف الملائمة بإشراك أعضاء من الأخويّات أو المنظّمات الكنسيّة، وبحضور العائلة وتوزيع الأدوار والقراءات وإشعال الأنوار لاستقبال الطبيب الشافي، والروح المعزّي. أمّا في شأن سرّ الزواج فقد شرعت بعض الأبرشيّات في تهيئة الخُطَّاب وإعدادهم قبل الإقبال على الزواج، وهذه ضرورة ملحّة لِما نراه اليوم من صعوبات تواجه الأزواج والعائلات. ولا ينسَ الكهنة الحاجة الملحّة إلى مرافقتهم عبر أنشطة رعويّة خاصّة بالعائلات ليستطيع الأزواج مواجهة الصعوبات والمشاكل التي تعترضهم.

وإلى جانب تفعيل المشاركة بالأسرار، لا بُدّ من عنايةٍ جدّية وواعية بسائر الاحتفالات الليتورجيّة من رتبٍ طقسيّة وتساعيات وزيّاحات لِما فيها من منفعة تعود بالخير على سائر المؤمنين وتساهم في نموّهم الروحيّ. ولبلوغ جماليّة الاحتفالات وتنظيمها كي تكون خاشعة ومُصلّية، من الضروريّ أن يكون في كلّ رعيّة منشّطون للعمل الطقسيّ، لهم مع الكاهن دورٌ أساسيّ في حياة الجماعة الرعويّة.

ب. التوعية على أهميّة الاحتفال بسرّ الإفخارستيّا

ج. الاعتناء الجدّي بالاحتفالات الدينيّة على أنواعها

د. العظة في الاحتفالات

3. إذكاء الروح التعاونيّة

إضافة إلى ذلك، يجب تشجيع أبناء الرعيّة على الاستمرار في بناء الكنائس حيث تدعو الحاجة، وخلق دُورٍ ومراكز رعويّة لتربية الإيمان والقيام بنشاطات مختلفة، روحيّة، وثقافيّة، ورياضيّة واجتماعيّة.

4. تنمية الروح الرسوليّة – الرساليّة

أ. أهداف رسوليّة

ب. أهداف مسكونيّة

ج. أهداف حِواريّة ورساليّة

وعلى صعيد آخر، يمكن أبناءَ الرعيّة أن يُفعِّلوا الحوار الإنسانيّ مع أبناء الديانات الأخرى ويتعاونوا معهم في مجالات متعدّدة: في الجمعيّات الخيريّة، وميادين العمل والتربية، وصولاً إلى التلاقي حول حسّ إيماني مشترك تَكَوَّن عبر الأجيال، ولا يزال يتغذّى من ينابيع مشتركة، ويتجلّى في التعابير الدارجة (مثل الحمد لله والشكر لله)، أو في أنواع الموسيقى الدينيّة وفي أشكال الهندسة والفنون والثقافة وبعض السبُل الحياتيّة.

أمّا عن الدور الإرساليّ فيجب أن تسعى الرعيّة إلى حمل الشهادة وإعلان البشرى في صَلاتها وطريقة عيشها وكلامها تمثّلاً بالكلمة الكتابيّة: “وإذ قد أعطى يسوع حياته من أجلنا، فيجب علينا أن نعطي حياتنا من أجل أخوتنا” (1 يو 3/16)، وتلبيةً لنداء المسيح: “اذهبوا إلى العالم كلّه وأعلنوا البشارة إلى الخلق أجمعين” (مر 16/15).

الفصل الرابع : دور كاهن الرعيّة

أوّلاً: المعطيات اللاهوتيّة

لقد وعد الله شعبه بألاّ يتركه من دون راعٍ يجمع شمله ويَهديه: “وأعطيكم رعاة على وفق قلبي” (ار 3/15)، “وأقيم على غنمي رعاة يرعونها، فلا تخاف من بعد ولا تفزع” (23/4). وقد تحقّق وعد الله لشعبه وللكنيسة التي تختبر يوميًّا هذه النعمة، بيسوع المسيح “الراعي الصالح” (يو 10/11؛ عب 13/20).

1. الرعاية عمل باسم المسيح وبقوّة الروح القدس

فالكهنة [الرعاة] مدعوّون إذًا إلى أن يكونوا في وسط الجماعة الرعويّة امتدادًا لحضور المسيح، الراعي الأوحد والأعظم، متشبّهين بنمط حياته وعاكسين، نوعًا ما، صورته شفّافةً وسط القطيع الموكول إليهم[21].

غير أنّ عمل الرعاية، الذي يعكس بطبيعته البُعد الخريستولوجيّ، لا يمكنه أن يكون امتدادًا لعمل المسيح، ولا يمكنه أن يأتي بالثمار المرجوّة إلاّ إذا قام بقوّة الروح القدس الذي يحقّق في الزمن الحاضر الخلاص الذي تمّمه الربّ يسوع بقيامته من بين الأموات. إنّ الروح القدس هو الذي يوجّه عمل الرعاية نحو الهدف النهائيّ، ويُعطي نشاطَ الكاهن الراعي في قلب الرعيّة، معناه الأخير.

2. مضامين الرعاية

وتتأتى خدمته الرعويّة من المسيح “الراعي الأعظم”. وهو يشترك في خدمة المسيح الرعويّة بواسطة “المسحة” التي نالها، فيضحي “خادم المسيح الحاضر في الكنيسة من حيث هي سرّ وشركة ورسالة. فالكاهن يواصل في الكنيسة صلاة المسيح وكلامه وذبيحته وعمله الخلاصيّ بقوّة الروح القدس وفاعليّته. إنّه إذن خادم الكنيسة-السرّ، لأنّه يحقّق حضور المسيح القائم، في علاماته الكنسيّة والسرّية؛ إنّه خادم الكنيسة-الشركة، لأنّه باتّحاده بالأسقف وارتباطه الوثيق بالمصفّ الكهنوتيّ، يبني وحدة الجماعة الكنسيّة، في تناغم الدعوات المتنوّعة، ومختلف المواهب والخِدَم؛ وهو أخيرًا خادم الكنيسة-الرسالة لأنّه يجعل من الجماعة جماعة تبشير بالإنجيل تشهد له”[22].

كما وأنّ علاقة الكاهن مع أبناء الرعيّة يجب أن تذهب إلى أبعد من التعامل الخارجيّ. إنّها تتأصّل في سرّ المسيح الابن الذي أظهر لنا أبوّة الآب، وكان لنا أخًا في الإنسانيّة ومعلّمًا. ولنا فيه، وهو الكاهن الأوّل، قدوة ومثال في عيش العلاقة الكهنوتيّة. وعلى هذا يقول المجمع الفاتيكانيّ الثاني: “إنّ سرّ الكهنوت يولي كهنة العهد الجديد، في شعب الله ولأجله، وظيفةً سامية، وهي أن يكونوا له آباء ومعلمين. فالكهنة بين جميع المعمَّدين هم أخوة بين إخوتهم”[24].

ثانيًا: الاقتراحات والتطلّعات

1. تنشئة الكهنة[25]

2. توزيع الكهنة[26]

أمّا في الأماكن التي يكثر فيها عدد الكهنة، فيجب أن تُراعى خدمة رعايا الانتشار، فيُرسل إليها كهنة يخدمونها على نحوٍ دائم أو بالتناوب مع آخرين، وذلك بعد إعدادهم لهذه الرسالة ليتمكّنوا من القيام بخدمتهم انطلاقًا من وعيهم خصوصيات البلد الذي يُرسَلون إليه وذهنيّة أبنائه.

3. تفرّغ الكاهن لخدمة الرعيّة

للقيام بهذه الخدمة الرعويّة لا بدّ إذًا من تفرّغ العدد اللازم من الكهنة للاهتمام بالمؤمنين والعناية بهم روحيًّا ورعويًّا ورسوليًّا. هذا التفرّغ يقتضي التهيئة الجدّية ليكون حضور الكاهن نوعيًّا، بدون إهمال مجالات العمل الكهنوتيّ الرعائيّ في المدارس والمؤسّسات.

4. الاهتمام بالدعوات

وليَحثَّ الأساقفةُ الكهنةَ والمسؤولين في المنظّمات الرسوليّة والأخويّات، على الانتباه إلى الأشخاص الذين يرون فيهم إشارات تدلّ على الدعوة، فيرافقونهم ويشجّعونهم بأنفسهم ومن خلال زملائهم على التفكير جدّيًّا في هذا الأمر.

5. التشديد على الزيارات

6. معيشة الكاهن

الفصل الخامس : المؤسّسات الرعويّة والمنظّمات

أوّلاً: المعطيات اللاهوتيّة

وبما أنّ رسالة الكنيسة ليست محصورة بالإكليروس، بل هي واجب على كلّ معمَّد وحقّ له، فعليه أن يشترك في عمله بخدمة هذه الرسالة بالدرجة الأولى في رعيّته، حيث يرتبط هو شخصيًّا وترتبط الكنيسة الجامعة في هذه البقعة من الأرض. وأكبر مجالٍ يُعطى لأبناء الرعيّة في هذه الخدمة هو أن يشاركوا في نشاط الرعيّة وتقديسها وإعلانها الإيمان، من خلال المجلس الرعائي والمجالس الأخرى والمنظّمات الرسوليّة أو النشاطات الأخرى.

إنّ توصيات المجامع الكنسيّة ورسائل الباباوات تذكّر بأنّ المسيحيّين هم مدعوّون للعمل الرسوليّ فرديًّا في مختلف أحوالهم الحياتيّة، ولهم أن ينشئوا المنظّمات ويديروا شؤونها، ويتسمّوا باسْمها، بشرط احترام الرُبط التي تربطهم بالسلطة الكنسيّة[27]. ويقول الإرشاد الرسوليّ: “إنّ الشركة الكنسيّة، الحاضرة والفاعلة في نشاط كلّ شخص، تجد تجسيدها النوعيّ في نشاط المؤمنين العلمانيّين المشترك”[28].

ثانيًا: اقتراحات وتطلّعات

1. المجلس الرعويّ

2. لجنة الوقف

يوصي المجمع بأن تحتلّ الخدمةُ الرعويّة مركز الصدارة في أعمال هذه اللجنة بتواصل مع المجلس الرعويّ، إلى جانب النشاطات المختلفة وأعمال الرّسالة، من دون إغفال تأمين حاجات الكنيسة المبنى، والاهتمام بالعبادة العموميّة، وتأمين معيشة لائقة للكهنة وسائر الخدّام الكنسيّين، وممارسة المحبّة تجاه الفقراء[31].

3. المنظّمات الكنسيّة

غاية المنظّمات الأولى، تعميق الالتزام الإنسانيّ الروحيّ، إذ إنّ أعضاءها مدعوّون لأن يتلقّوا تنشئة إنسانيّة ودينيّة معمّقة ومستمرّة فتنمو بذلك محبّتهم للمسيح وللكنيسة[32]. لذلك، يجب أن يُعنى الكهنة بالمرافقة الروحيّة، لتكون هذه الجماعات مدرسة إيمان حقيقيّة. كما يوصي المجمع بالعمل على تعميق الانتماء الرعويّ والأبرشيّ والكنسيّ من خلال حثّ الحركات الرسوليّة على الاشتراك بنشاطات الكنيسة على صعيد القطاع وعلى صعيد الأبرشيّة وعلى الصعيد الوطنيّ.

 إنّ المجمع يتطلّع إلى ضرورة إنشاء جماعات مسيحيّة حيّة في الرعايا، في عالمٍ غالبًا ما تسيطر عليه ثقافة ماديّة تؤدّي إلى نمط حياة بعيدةٍ عن الله، وتقود إلى فقدان الإيمان. لهذا السبب، إنّ رعايانا بحاجةٍ ماسة إلى إعلان قويّ وتنشئة مسيحيّة عميقة وصلبة، وهي بحاجة ملحّة إلى مسيحيّين ناضجين، يعون هويَّتهم كمعمّدين ورسالتهم في الكنيسة والعالم.

في زمن يشهد تزايد عدد الذين يبتعدون عن الكنيسة، ويحصرون ارتباطهم بها بالواجبات الاجتماعيّة، وأمام الصعوبة المتزايدة عند الكهنة في الوصول إلى الذين تركوا الكنيسة، إنّ ما تحتاجه رعايانا اليوم هو تشجيع الجماعات التي تتمتّع بروح إرساليّة، لأنّ وجود هذه الجماعات يحوّل الرعيّة تدريجيًّا إلى جماعة مُرسَلَة تحمل البشارة إلى البعيدين من خلال شهادة الحياة وعلامة المحبّة والوحدة التي يحتاجها عالم اليوم. إنّ التنشئة التي تُعطى في هذه الجماعات يجب أن تهدف إلى تكوينٍ شخصيّ فاعل للمنضوين إليها مع السعي إلى تهيئة مرسلين من أبنائها وبناتها، مستعدّين أن يُكرّسوا للبشارة إنْ في الحياة الكهنوتيّة والرهبانيّة، أو في الحياة العلمانيّة المكرّسة.

إن رعايانا المارونيّة غالبًا ما تذخر بعددٍ كبيرٍ من الفرق والمنظّمات الرسوليّة والكنسيّة. فيجب على المسؤولين أن يجهدوا لتكون هذه الجماعات جماعات حيّة حيث لا يتلقّى المنضوون إليها تثقيفًا دينيًّا وحسب، بل أن يعيشوا أيضًا مسيرةً إيمانيّةً شخصيّةً تقودهم إلى اكتشافٍ أعمق لمعنى عمادهم والبلوغ إلى الإيمان الناضج عبر برنامجٍ مبنيّ على كلمة الله وتحقيقها في حياتهم.

ولأجل تفعيل عمل الفِرَق والمنظّمات والجماعات في الرعيّة، لا بدّ من أن يسعى المجلس الرعويّ، مع لجنة الوقف، إلى إنشاء مركز رعويّ لاستيعاب النشاط الرسوليّ، ولتوفير الأمكنة اللازمة لإعطاء التنشئة المناسبة لأعضاء هذه الجماعات. كما أنّ إنشاء مركز رسوليّ أبرشيّ هو من الضرورات الملحّة في كلّ أبرشيّة لما يمكنه أن يقدّم من مساعدات للرعايا في مجال الاهتمام بالتنشئة والبرمجة لها.

أ. خوري الرعيّة

ب. دور الكاهن في المجموعات المنظَّمة

ج. تنسيق وتشجيع

خاتمة

لذلك يشير المجمع إلى أنَّه من بالغ الأهميّة أن تكون الجماعة الرعويّة جماعةً رسوليّة من حيث ارتباطها بالكنيسة الواحدة الجامعة المقدّسة الرسوليّة، وأيضًا جماعة إرساليّة من حيث انفتاحها على عالم اليوم الذي به حاجة ماسّة إلى شهود حقيقيّين للتبشير الجديد، على حدّ قول قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني.

لا شكّ في أنّ تنوّع الرعايا في واقعها الجغرافيّ والديموغرافيّ يقودنا إلى الإقرار بأنّ ما ورد في هذا النصّ بصورةٍ عامّة، والمبادئ التي أُعيد إظهارها، يجب أن تُطبّق على واقع كلّ رعيّة بعد التعمّق والدرس والتمييز بقيادة الرعاة الحكيمة من أساقفة وكهنة بمعاونة العلمانيّين الملتزمين العمل الرعويّ.

توصيات النصّ وآليات العمل

الموضوعالتوصيةالآليّة
1- الانتماء إلى الرعيّة.  1- يوصي المجمع بأن يتعاون الكهنة والعلمانيّون في الرعيّة على تعزيز الانتماء الرعويّ.  1- تشجيع التنشئة المسيحيّة لأبناء الرعيّة، دعوتهم إلى المشاركة في الاحتفالات الليتورجيّة، وفي قبول الأسرار في كنيسة الرعية، لاسيّما الإفخارستيا والعماد والزواج، وفي حاجات الرعيّة الماديّة، وتشجيعهم على الانضمام إلى المؤسّسات والمنظّمات الرسوليّة، وإشراكهم في اتخاذ القرارات وتحمّل المسؤوليّات.
2- إنشاء خورنيّات مشتركة ومناطق رعويّة مشتركة.  2- تعزيزًا للعمل المشترك بين خَدَمة الرعايا، وبسبب تداخل الرعايا في ما بينها، لاسيّما في المدن الكبرى، أو بسبب صغر الرعايا الريفيّة، يوصي المجمع بتنظيم الحياة الرعويّة ليعمل فيها الكهنة معًا.2- إنشاء خورنيّات مشتركة ومناطق رعويّة مشتركة لخدمة الجماعات الرعويّة في المنطقة.  
3- خطة رعويّة متكاملة.  3- يوصي المجمع كهنة الرعايا والمجالس الرعويّة بوضع خطة رعويّة متكاملة للإحاطة بكلّ الحاجات الرعويّة، فتشمل الملتزمين في الرعيّة كما البعيدين عنها.3- تعمل المجالس الرعويّة على جمع المواهب وعلى توزيع العمل بين الكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيّين، ويعمل الجميع يدًا واحدة على تنفيذ الخطّة الرعويّة.
4- التعاون بين الرعايا.  4- يوصي المجمع الأساقفة بأن يأخذوا على عاتقهم، وبالتنسيق مع مجالسهم، تنظيم التعاون بين الرعايا المدينيّة والرعايا الريفيّة، وبين الرعايا الكبيرة والرعايا الصغيرة، وبين الرعايا المقيمة والرعايا المنتشرة، وإرساء أسس التعاون والتبادل في ما بينها في المجالات الروحيّة والترفيهيّة والثقافيّة والماديّة.4-أ: تقسيم الأبرشيّة إلى مناطق يجتمع كهنتها دوريًّا. 4-ب: إنشاء صندوق تعاضد بين الرعايا الكبيرة والرعايا الصغيرة. 4-ج: إنشاء توأمة بين الرعايا.  
5- تهيئة المؤمنين لقبول الأسرار ومتابعتهم.  5- نظرًا إلى أهميّة دور الأسرار في حياة المؤمنين، يوصي المجمع الكهنة والعلمانيّين الملتزمين والمنشَّئين بأن يتعاونوا على تهيئة إخوتهم المؤمنين لقبول الأسرار والإلتزام بها وبأن يسهروا على متابعتهم.  5-أ: التحضير لسرّي المعموديّة والميرون مع الأبوين والعرابين في لقاءات خاصّة. 5-ب: التحضير لسرّ الافخارستيّا والاحتفال بالمناولة الأولى مع فريق متخصّص في الرعيّة عبر لقاءات متوالية خلال السنة. 5-ج: تفعيل سرّ التوبة والتشجيع على الإقبال عليه في احتفالات رعويّة، ولاسيّما عبر إحياء رتبة الغفران. 5-د: تذكير المؤمنين بأنّ سرّ المسحة هو للمرضى وليس للمنازعين فقط، والاحتفال به مع العائلات. 5-هـ:التحضير لسرّ الزواج في المراكز الرعويّة أو الأبرشيّة المعدّة للزواج ومرافقة الأزواج الجدد والعائلات في لقاءات خاصّة أو بواسطة جمعيات خاصّة بالعائلات. 
6- التوعية على أهميّة الاحتفال بسرّ الافخارستيا.  6- بما أنّ سرّ الافخارستيا هو ينبوع الحياة الرعويّة وذروتها، وفيه يتجلّى السرّ الفصحيّ، يوصي المجمع الكهنة والمؤمنين بأن يعتنوا بالاحتفال به لكي تكون المشاركة فيه مشاركة حيّة.  6- إعداد الكهنة والمؤمنين أنفسهم لهذا الاحتفال، أداءه، خَدَمة المذبح، والسهر على أداء الجوقة وضبط دورها، الوسائل اللازمة لجمال الاحتفال وخشوعيّته، والعناية بزينة الكنيسة، توفير المطبوعات والكتب واللباس الليتورجيّ اللائق.
7- تحضير العظة.  7- بالنظر إلى أهميّة العظة في الاحتفالات الليتورجيّة، يوصي المجمع الكهنة بأن يعدّوا العظة إعدادًا جيدًا بالتعاون مع بعض العلمانييّن، آخذين في الإعتبار جماعتهم الرعويّة.  7-أ: الإنطلاق من كلمة الله وتأوينها في ضوء الواقع الراهن والأمور الحياتيّة الحاضرة. 7-ب: الإستعانة بالمجلات والكتب التي تفسّر كلمة الله (مثلاً: “حياتنا الليتورجيّة”). 7-ج: تكوين فريق عمل لهذه الغاية.
8- تشجيع روح التضامن بين أبناء الرعيّة.  8- يوصي المجمع كهنة الرعايا وأبناءها بأن يعملوا على تشجيع روح التضامن، ولاسيّما على صعيدَيْ العمل الاجتماعيّ وخدمة المحبّة.  8-أ: إنشاء جمعيّات لمساعدة المحتاجين وتفعيل الموجود منها. 8-ب: الإفادة من بعض الأزمنة الطقسيّة،كالميلاد، والصوم، لجمع التبرعات. 8-ج: إحياء التقليد الكنسيّ القديم الداعي إلى توفير حصة المحتاج. 8-د: السعي إلى إتمام المصالحات بين المتخاصمين.
9- تشجيع أبناء الرعيّة على إنشاء دور ومراكز رعويّة.9- يوصي المجمع أبناء الرعيّة بأن يعملوا، في ضوء مخطّط أبرشيّ، على إنشاء دور ومراكز رعويّة للتربية على الإيمان والقيام بنشاطات روحيّة وثقافيّة ورياضيّة واجتماعيّة.9- وضع مخطط أبرشيّ لتعميم هذه المراكز وتنفيذه بالتعاون مع لجان الوقف وأبناء الرعايا.  
10- توعية أبناء الرعيّة على دورهم الحواريّ في الانفتاح على سائر المسيحيّين وغير المسيحيّين.10- يوصي المجمع الكهنة والعلمانيّين بأن يعوا ضرورة الانفتاح على المسيحيين الآخرين القاطنين على أرض الرعيّة وضرورة الحوار الإنسانيّ مع أبناء الديانات الأخرى.  10- تنظيم لقاءات بين الحركات والمنظّمات الرسوليّة في المناسبات الدينيّة، والتعاون في الأعمال الخيريّة، وميادين العمل والتربية، وغيرها من المجالات.  
11- الزيارات الرعويّة.  11- يوصي المجمع الكهنة بالقيام بالزيارات الرعويّة، نظرًا إلى أهميّة علاقة الرعاة بأبناء رعيتهم، ومعرفتهم المباشرة بهم، وتفهّم أوضاعهم.11- زيارة أبناء الرعيّة دوريًّا، مرّة في السنة على الأقل، مع إيلاء إهتمام خاص للمرضى والمتألمين والمحزونين.  
12- الإهتمام بذويّ الحاجات الخاصّة.12- يوصي المجمع الكهنة وأبناء الرعيّة بإيلاء ذوي الحاجات الخاصّة إهتمامًا أكبر، نظرًا إلى أهميّة إندماجهم في حياة الرعيّة إندماجًا كاملاً.12- تقديم الوسائل الماديّة والمعنويّة والروحيّة التي تسهّل مشاركة ذوي الحاجات الخاصّة في الإحتفالات الرعويّة وفي نشاطاتها المتعدّدة.  
13- الإصغاء إلى أبناء الرعيّة.13- نظرًا إلى أهميّة الإصغاء في الخدمة الرعويّة، يوصي المجمع الكهنة بأن يكونوا في حالة إصغاء إلى أبناء الرعيّة القريبين والبعيدين.13- تكريس وقت خاص أو مواعيد خاصّة لإستقبال المؤمنين والإصغاء إليهم عند طرح مشاكلهم وهمومهم.

[1]. راجع: القانون 6 من مجمع “غانغرا” Gangres (340)؛ والقانون 28 من مجمع اللاذقيّة Laodicea (360)؛ والقانون 6 من مجمع “سارديكا” Sardique (343-344)، وكلّها أصبحت قوانين للكنيسة الجامعة في مجمعيّ In Trullo (691-692) و نيقية الثاني (787).

[2].Chronique de Michel le Syrien, auteur Chabot, t. II, Bruxelles, 1963, p. 493

[3]. عن المجامع، راجع: بطرس فهد، مجموعة المجامع الطائفيّة المارونيّة عبر التاريخ، 1975. وأيضًا: J. FÉGHALI, Histoire du Droit de l’Église Maronite, t. I, Paris, 1962.

[4]. المجمع اللبنانيّ، 1736: ذكرى مرور 250 سنة، الباب الثالث، ص 324-341.

[5]. Y. MOUBARAC, Pentalogie Antiochienne, t. I, vol. 2, Beyrouth, 1984, p. 809.

[6]. المرجع ذاته، ص 814-815.

[7]. المرجع ذاته، ص 827.

8. في العام 1992 جرت دراسات رعويّة ميدانيّة (في لبنان)، خَلُصَتْ إلى النتائج التالية:

إنّ واقع رعايانا لا يزال جيداً بالمقارنة مع غيرها من الرعايا ذات الأوضاع المماثلة ولاسيّما الرعايا في البلدان الأوروبيّة والغربيّة:

أ. إن الخوارنة متوافرون، والدعوات الإكليريكيّة متوافرة.

ب. المشكلة في توزيع الكهنة وفي نوعيتهم من حيث الثقافة والتفرّغ للعمل الراعويّ ونوعيّة الأعمال والنشاطات التي يقومون بها في رعاياهم.

ج. الجمعيّات والتنظيمات عديدة ومتوافرة في كلّ الرعايا. تبقى نوعيّة الالتزام بالقيم والحياة المسيحيّة، ونوعيّة الأعمال والنشاطات وفعاليّتها وتوافقها مع متطلّبات الحياة المعاصرة.

د. حضور القدّاس والمشاركة فيه علامة على تأصّل الممارسة عند المؤمنين.

ولكن لا  بدّ من تغيير في رعايانا، من ذلك:

(“مؤتمر العمل الرعويّ”، الرابطة الكهنوتيّة، 1992، ص 57-84).

9. راجع: المجمع الفاتيكانيّ الثاني، دستور راعويّ في الكنيسة في عالم اليوم.

[10]. المرجع ذاته، في الليتورجية المقدّسة، 42.

[11]. المرجع ذاته، رسالة العلمانيّين، 10.

[12]. كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، العدد 2179. راجع أيضاً: يوحنا بولس الثاني، رجاء جديد للبنان، 66.

13. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الكنيسة، 5.

[14]. التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، 1070.

[15]. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الكنيسة، 12.

[16]. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الكنيسة، 10.

[17]. المرجع ذاته، 34.

[18]. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الكنيسة، 36.

[19]. المرجع ذاته، 8.

[20]. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، خدمة الكهنة الراعويّة وحياتهم، 2.

[21]. يوحنا بولس الثاني، أعطيكم رعاة، 15.

[22]. المرجع ذاته، 16.

23. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الكنيسة، 28.

[24]. المرجع ذاته، خدمة الكهنة الراعويّة وحياتهم، 9.

25. راجع: نص 7 الكهنة (والشمامسة) في الكنيسة المارونيّة: كهنوتهم وخدمتهم الراعويّة، دعوتهم وتنشئتهم.

26. المرجع ذاته.

[27]. المجمع الفاتيكانيّ الثاني، رسالة العلمانيّين، 18 و 19.

[28]. يوحنا بولس الثاني، العلمانيّون المؤمنون بالمسيح، 29.

29. راجع: المجلّة البطريركيّة، العدد 15، 1986، ص 77-83.

30. للمزيد من التفاصيل راجع ما يقوله النصّ الخامس، في الهيكليّات، عن المجلس الرعويّ.

31. راجع: الشرع الخاصّ بالكنيسة المارونيّة، المادة 5، وأيضًا ما يقوله النصّ الخامس، في الهيكليّات، عن لجنة الوقف.

32. راجع: رجاء جديد للبنان، 74.