المجمع البطريركي الماروني 2003-2006
النص الثاني عشر: الليتورجيّا
مقدّمة
- الليتورجيّا هي الكنـز الحيّ للكنيسة المارونيّة وهي في سفرٍ نحو ملكوت الآب، منها تغتني وتغني اختباراتها الروحيّة والإنسانيّة. تحتلّ الليتورجيّا موقعًا محوريًّا في مسيرة الكنيسة، فتشكِّل واحدة من أهم ثوابتها المكوّنة لها إنطلاقًا من الحدث الفصحيّ: موت الربّ على الصليب وقيامته من بين الأموات. إنّها الينبوع الّذي منه تغرف روحانيّتها فتتمنطق بالقداسة، وهي الغاية الّتي إليها تصبو كلّ الأعمال الكنسيّة الّتي تتناول الحياة المتعلّقة بالأسرار والجهود الرسوليّة عبر حضورها في العالم.
شكّلت الليتورجيّا الموضوع الرئيس الّذي عالجته مجمل المجامع المسكونيّة، والملف الأوّل في المجمع الفاتيكانيّ الثاني، الّذي أصدره في دستور خاصّ في أولى جلساته، مشيرًا بذلك إلى أهمّيّة الليتورجيّا في حياة الكنيسة. وقد نالت الطقوس بدورها، إهتمامًا أساسيًّا في مجامع الكنيسة المارونيّة المحلّيّة منذ القرن السادس عشر وحتّى منتصف القرن العشرين، مـا جعلها تتجاوب بسهولة مع تعاليم المجمع الفاتيكانيّ ونداءات البابوات المتكرّرة، وآخرها الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان”، فتجدّد طقوسها، بنيةً ونصوصًا، ملبّيةً شعار “دستور في الليتورجيّا” بالعودة إلى الينابيع والأصول[1]. وتشكِّل المسيرة المجمعيّة، في هذا السياق، مناسبة مميّزة لهذا التجديد.
- ينبع الاختبار الليتورجيّ في الكنيسة من الثالوث الأقدس وإليه يعود، فالليتورجيّا هي تعبير عن اختبار الكنيسة المصلّي مع الثالوث ونحوه: فيها ترفع الجماعة المفتداة الشكر والتمجيد لله الآب الخالق والمخلّص؛ وشكرها هو إفخارستيّا تقدّم مع الابن الوحيد، الّذي بارك، أي شكر الآب من أجل الخلاص الّذي تحقّق فيه لحياة العالم؛ وتتمّ ليتورجيّا الكنيسة بالروح القدس، الّذي حلّ فيها يوم العنصرة، وهو يحلّ فيها في الاحتفال الليتورجيّ، ويكمّل ويختم ويحقّق في داخلها وفي العالم ثمار الخلاص. لأنّه هو الّذي يوجّه كنيسة المسيح ويقودها ويجدّدها ويجعلها عنصرة متواصلة؛ إنّه يصلّي فيها بأنّات لا توصف. الليتورجيّا هي إذاً عمل الثالوث الأقدس والاحتفال به، تنبع منه وتعود إليه. وفي هذه الديناميّة الثالوثيّة تتّحد الكنيسة بسرّ المسيح الفصحيّ، سرّ موته ونزوله إلى الجحيم وقيامته، فيصبح الاحتفال الليتورجيّ عيش الفصح المتجدّد والإعلان المتواصل لحدث القيامة[2].
تحتلّ الليتورجيّا المكانة المركزيّة الأولى في الكنيسة والمحور الأساس؛ فهي من إحدى الثوابت المكوّنة لها. إنّها التعبير الصافي لاختبار الكنيسة الروحيّ والمصلّي. لذا تبلغ الليتورجيّا أوجها في فعل العبادة العظيم، فتؤدّي الكنيسة المحتفلة المجد للثالوث المحيي.
ومن هنا تصبح الليتورجيّا المربّية الحقيقيّة للحياة المسيحيّة والخلاصة الأكمل لمظاهرها المتنوّعة؛ فهي، في الواقع، ذروة حياة الكنيسة وينبوعها[3]. إنّها اشتراك في سرّ المسيح وكنيسته، تؤوّنه وتدعو المؤمنين إلى التأمّل فيه وعيشه، رافعة الشكر للربّ من أجل محبّته اللامتناهية.
- يكوّن الاختبار الليتورجيّ بعامّةٍ، والإفخارستيّ بنوعٍ خاصّ، المكان اللاهوتيّ – الإنسانيّ الأوّل لإعلان حدث موت الربّ وقيامته السعيدة. فيه تشترك الكنيسة فعليًّا وبطريقة آنيّة في السرّ الفصحيّ؛ فيه تتجدّد ومنه تنبع كلّ الحياة الطقسيّة والأسراريّة. ومن شخص المسيح تأخذ الليتورجيّا بعدها الإسكاتولوجيّ، فهو الألف والياء، والبداية والنهاية، والملك المنتظر الّذي سوف يأتي بالمجد ليدين الأحياء والأموات.
تلخّص الليتورجيّا المارونيّة الإختبار المارونيّ وتجسّده في معظم أبعاده وجوانبه. فاللاهوت، والروحانيّة، والكتاب المقدّس، والرسالة التبشيريّة، تتجلّى كلّها في الليتورجيّا.
وانتماء الكنيسة المارونيّة إلى المدرسة الأنطاكيّة السريانيّة يجعلها جزءًا من هذه المدرسة. إنّر كلّ ما لديها من إرث آبائيّ وليتورجيّ ولاهوتيّ وروحانيّ وكنسيّ ينبع من هذه الثقافة العريقة: واللاهوت المارونيّ، بشكلٍ عامّ، يظهر في مفاصله الكبيرة والأساسيّة في الكتب الطقسيّة. فالصلوات النثريّة والشعريّة والحسّايات والألحان في القدّاس والأسرار وسائر الرتب الطقسيّة تزخر بميزات لاهوتيّة وكتابيّة تعكس روحانيّة خاصّة بهذه الكنيسة. وإنّ الشعار الّذي أطلقه مار أوغسطينوس، “شريعة الصلاة هي شريعة الإيمان”، ليجد له صدًى واضحًا في الليتورجيّا المارونيّة؛ فإيمانها يتجلّى صريحًا في اختبارها العريق والعميق لصلاتها عبر العصور، وهـذا الاختبار يعكس جليًّا عقيدتها اللاهوتيّة ويعبّر، بحقّ، عن أنّ الليتورجيّا هي مدرسة إيمان.
الفصل الأوّل : الليتورجيّا المارونيّة
أوّلاً: أساسها وطبيعتها
- الليتورجيّا المارونيّة أنطاكيّة، في نشأتها، تفاعلت مع الكنائس السريانيّة الشرقيّة والغربيّة، وتطوّرت في هيكليّاتها وأشكالها الأخيرة في جبل لبنان. والطقس المارونيّ ينتسب إلى العائلة الأنطاكيّة الغربيّة، ما يعني ثلاثة أمور:
- الطقس المارونيّ واحد من عائلة التقليد السريانيّ الأنطاكيّ، الّذي يجسّد إلى حدٍّ بعيد تقليد أورشليم “أمّ الكنائس”، ويؤلّف معهما، أي الأورشليميّ والأنطاكيّ، وحدة ليتورجيّة متكاملة.
- ينفتح الطقس المارونيّ الأنطاكيّ على الطقس السريانيّ الشرقيّ، أي الكلدانيّ – الأشوريّ، ما يجعلنا نجدُ فيهما نقاطًا كثيرة مشتركة، أبرز مصادرها كتابات مار أفرام ومار يعقوب السروجيّ، الّتي كان لها الأثر الكبير في تكوين الليتورجيّا المارونيّة.
- حافظ الطقس المارونيّ، على الرغم من تأثّره اللاحق والهامشيّ بالطقس اللاتينيّ، على شخصيّة ليتورجيّة فريدة. فنصوصه الليتورجيّة تحمل لاهوتًا أنطاكيًّا وسريانيًّا عريقًا، كما أنّ هيكليّات صلواته ورتبه هي ذات طابع أنطاكيّ – أورشليميّ لا يقبل الجدل.
- إنّ هويّة الليتورجيّا المارونيّة هي، إذًا، أنطاكيّة سريانيّة. وعلى الرغم من النقاط المشتركة مع السريان والكلدان والأقباط، فإنّ المارونيّ يتمتّع بشخصيّته المميّزة، وله عناصره ومقوّماته الخاصّة به، وهذا ما حفظه من الاندثار والذوبان في أيّ من الطقوس الأخرى.
هناك دراسات متعدّدة تُظهر التفاعل العضويّ بين الطقوس الآتية: المارونيّ والسريانيّ والكلدانيّ؛ ولقد توصّلت بعض الأبحاث إلى القول بأنّ لليتورجيّات السُريانيّة الثلاث أصل مشترك هو ليتورجيا مدينة الرها. وقد عرفت هذه الليتورجيّات تطوّرًا في أطر كنائسها، الّتي تنتمي إلى الحضارة الأنطاكيّة – السُريانيّة[4].
- إستنادًا إلى هذه الأبحاث، نرى أنّ الليتورجيّا المارونيّة، ذات العمق الأنطاكيّ، ما زالت تحمل آثارًا رهاويّة تتميّز ببنية خاصّة ونسق معروف يشهد له نافور “شَرَر”، ورتب تقديس الميرون، وتقديس الماء، وبعض الأناشيد الطقسيّة المنسوبة إلى مار أفرام السريانيّ ومار يعقوب السروجيّ وغيرهم من الآباء السريان[5].
ثانيًا: تطوّرها
الحقبات التاريخيّة الأساسيّة الّتي مرّت بها الليتورجيّا المارونيّة هي الآتية[6]:
- المرحلة الأولى تمتدّ من نشأة الموارنة إلى أواخر القرن السابع مرورًا بالمجامع المسكونيّة الستّة الأولى، وما تبعها من انقسامات داخل الكرسيّ الأنطاكيّ، لاسيّما الانفصال بين سريان غربيّين وشرقيّين، وانفصال آخر بين سريان غربيّين وملكيّين، وثالث بين الخلقيدونيّين أنفسهم. لم تؤثّر هذه الإنقسامات العقائديّة والاجتماعيّة والسياسيّة في الليتورجيّا، بل حافظت على وحدتها داخل الجماعة الكنسيّة الواحدة. ولقد تميّز الموارنة بقربهم من أنطاكية ومن الرها، ومن تراثهما الروحيّ واللاهوتيّ. ومع تكوين البطريركيّة المارونيّة بدأ الاستقلال الطقسيّ المارونيّ.
- المرحلة الثانية، الّتي تمتدّ من القرن الثامن إلى القرن الثاني عشر، تميّزت بالطابع الأنطاكيّ السريانيّ ذي العناصر المشتركة ما بين الليتورجيّات السريانيّة والملكيّة، والّتي تؤكّدها مقارنة مخطوطات تلك الحقبة (لندن – متحف بريطانيّ 17129) أو بعض السدرات والأناشيد. تقتضي هذه الحقبة التاريخيّة دراسات نقديّة وتحليليّة ترتكز على منهجيّة “الدراسة المقارنة”، لأنّها تشكّل حقبة المصادر. وتجدر الإشارة هنا إلى ظهور مجموعة “البيت غازو” للمخطوطات الليتورجيّة المارونيّة الّتي تلقي الضوء على أبعاد من الهويّة الليتورجيّة المارونيّة إلى جانب عناصر لاهوتيّة ثابتة تستخرج من هذه المجموعات الثمينة.
- مرحلة ما بعد القرن الثاني عشر، حيث بَدت الليتورجيّا المارونيّة ذات طابع أنطاكيّ وسريانيّ مع علامات تأثير رومانيّة، وذلك من جرّاء العلاقات المباشرة بين الموارنة وكرسيّ روما. ظهر التقارب على مستوى الملابس الحبريّة والفنون الكنسيّة والآنية، وبعض طرق الاحتفال بالرتب والأسرار، كتقديس الميرون ومنح سرّ التثبيت. أمّا النصوص والهيكليّات، فحافظت بشكل عامّ على طبيعتها. ومع التطوّر التاريخيّ ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر، قويت التأثيرات الخارجيّة في الطقس المارونيّ. فبرزت آثار غير خلقيدونيّة من خلال نشر مخطوطات طقسيّة بين الموارنة في شمال لبنان، وتدخّلات رومانيّة لاهوتيّة، وكان من أهمّ روّاد هذه المرحلة المطران جبرائيل ابن القلاعيّ الراهب الفرنسيسكانيّ.
- مرحلة مدرسة روما المارونيّة، الّتي شهدت طباعة الكتب الطقسيّة. وإثر زيارة الأب إليانو سنة 1578 للموارنة، تمّ تقديم اقتراح لإعادة تنشئة الطلاّب، فكانت مدرسة روما. ثمّ تمّت طباعة الكتب الطقسيّة وتشذيبها، مثل طباعة الجنّازات سنة 1585، والقدّاس 1594، وخدمة القدّاس 1596، والشحيمة 1624، والمتعيّدات والفنقيط الشتويّ 1656، والفنقيط الصيفيّ 1666. وكانت هذه الكتب تنشر بتصدير من المراجع الرومانيّة، مثبّتة مطابقتها لكلّ مبادئ العقيدة الكاثوليكيّة. في هذه المرحلة، قويت العادات الغربيّة داخل العبادات التقويّة والشعبيّة. أسهم تلامذة المدرسة المارونيّة في روما في إدخال بعض هذه العادات، الّتي زادت وتأصّلت مع وصول الإرساليّات إلى الشرق. وفي هذه الحقبة، بدأ الموارنة يصلّون في قدّاسهم نافور “الكنيسة الرومانيّة”، ويستعملون بعض الصيغ الخاصّة بتوزيع الأسرار والمأخوذة عن الصيغ اللاتينيّة.
- مرحلة البطريرك إسطفان الدويهيّ (1670-1704): تعتبر هذه المرحلة مفصليّة في تاريخ الليتورجيّا المارونيّة، وذلك بفضل هذا البطريرك المؤرّخ واللاهوتيّ والمفكّر والمصلح الكنسيّ والليتورجيّ. فلقد أفنى البطريرك الدويهي حياته في إصلاح الكتب الطقسيّة وتنقيتها من العناصر اللاتينيّة وغير الخلقيدونيّة. وساعدته سعة ثقافته الكنسيّة على إجراء مقارنة عميقة ودقيقة بين الطقس المارونيّ وسائر الطقوس الشرقيّة والغربيّة. وكان يبرّر كلّ عمل إصلاحيّ بشروح لاهوتيّة يظهر من خلالها ما هو مشترك بين الكنائس وما هو متفرِّد مارونيًّا.
- المرحلة الممتدّة من المجمع اللبنانيّ (1736) إلى المجمع الفاتيكانيّ الثاني (1965)، الّتي شكّلت الحقبة التاريخيّة ما قبل الأخيرة في تاريخ الطقس المارونيّ، وتميّزت بالإصلاحات المتواصلة وبطبع الكتب. لا بدّ لنا ههنا من التنويه بما نشأ من إصلاح طقسيّ مهمّ عقب المجمع اللبنانيّ (1736). كما لا بدّ من التنويه بدور عائلة السمعانيّ في القرن الثامن عشر، ونسخهم للمخطوطات وجمعها في مجموعات كبيرة في اللغات السريانيّة والعربيّة واللاتينيّة، وكذلك بدور أبرشيّة حلب ومدرستها والتجديد الطقسيّ الّذي قامت به. وبدلاً من أن ينقص العنصر اللاتينيّ في الطقس المارونيّ على أثر إصلاحات الدويهيّ، لوحظ تزايده، لاسيّما في كتب الأسرار والرتب، وبنوع خاصّ في الزيّاحات الشعبية وعلى الرغم من كلّ أنواع الإدخالات اللاتينيّة، حافظت الليتورجيّا على روحانيّتها المارونيّة. كما عرفت هذه الحقبة رعاية المشاريع الإصلاحيّة من قبل لجان متخصّصة، يشرف عليها أصحاب الغبطة البطاركة.
- من المجمع الفاتيكانيّ الثاني إلى اليوم: تابعت الكنيسة المارونيّة المشاريع الإصلاحيّة لطقوسها عبر اللجنة البطريركيّة، الّتي تعمل استنادًا إلى القواعد الثابتة في “دستور في الليتورجيّا المقدّسة”، وانطلاقًا من التقليد الخاصّ، مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الرعويّ للكنيسة في النطاق البطريركيّ وفي عالم الانتشار. ولا بدّ من أن نشير إلى الدور الّذي تؤدّيه اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة[7]، ويمثّله معهد الليتورجيّا في جامعة الروح القدس – الكسليك[8]، وهو الفريد في الشرق الأوسط في مجال الأبحاث الليتورجيّة المشرقيّة، والتنشئة الطقسيّة للكهنة والعلمانيّين، ونشير بحقٍّ وقدر إلى العمل الإصلاحيّ الليتورجيّ الّذي قامت به الأبرشيّة المارونيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وتابعته باهتمامٍ كبير ولفترة طويلة الرابطة الكهنوتيّة في لبنان، إلى جانب أساقفة وكهنة أفاضل كثيرين[9]. لا يسعنا هنا إلاّ أن ننوّه بالدور الرائد الّذي أدّته الرابطة الكهنوتيّة في لبنان في مجال التثقيف الليتورجيّ من خلال ندوات ومحاضرات تتناول الكهنة وبعض الشرائح الرعويّة إلى جانب وسائل تثقيف أخرى كالمنشورات على أنواعها، إضافة إلى التنشئة المستديمة. وقد نشرت الرابطة بعض الرتب الليتورجيّة في حالتها المصلحة والّتي من خلالها كانت تهيّئ وتواكب الإصدارات الليتورجيّة الرسميّة.
إذًا، هيّأت هذه المرحلة الأخيرة من تاريخ الليتورجيّا في الكنيسة المارونيّة النفوس لقبول الرتب المصلحة من خلال مناخ إيجابيّ بالتثقيف الليتورجيّ، وهو تثقيف يشكّل ركيزة جوهريّة لقبول النصوص الطقسيّة والاحتفال بها بفعاليّة روحيّة مميّزة.
- نستنتج من الحقبات التاريخيّة ما يأتي:
- إنتماء الليتورجيّا المارونيّة إلى الكنيسة الأنطاكيّة وارتباطها العضويّ بالثقافة السريانيّة في قسمَيها الغربيّ والشرقيّ في آنٍ، وهذا ما جعلها تستقي مصادرها من ليتورجيّات أساسيّة هي أنطاكية وأورشليم والرها.
- العناصر الليتورجيّة المشتركة بين الطقس المارونيّ والطقوس السريانيّة والملكيّة والكلدانيّة، والّتي تثبّتها “الليتورجيّا المقارنة” وبعض مخطوطات القرنين السابع والثامن، وهذه تشكّل ثابتة تاريخيّة من شأنها أن توجّه العمل الإصلاحيّ نحو إبراز ما هو مشترك، وتطوّره وتجعله أساسًا في مشاريع الإصلاح الطقسيّة، حتّى يُسْهِم في توطيد روابط المحبّة والوحدة بين هذه الكنائس ذات الأصل المشترك. فالعمل المسكونيّ ينمو ويقوى إنطلاقًا من اختبار الكنيسة المصلّي.
- يؤكّد تاريخ الليتورجيّا المارونيّة تفاعلها المتبادل مع سائر الكنائس؛ وما أُخذ عن الطقس الرومانيّ بقي محدودًا بعض الشيء في مجال الفنون الكنسيّة والثياب البيعيّة وبعض أشكال الممارسة الليتورجيّة والأعمال الطقسيّة والصِيغ الّتي تتعلّق بمفهوم لاهوتيّ محدّد. أمّا بُنية الرتب ونصوصها الأساسيّة فحافظت على الطابعَ المارونيّ – السريانيّ. وأمّا التأثير السريانيّ غير الخلقيدونيّ فقد تناول بعض النصوص، ولاسيّما في مرحلة الانتقال من حقبة المخطوطات إلى حقبة الكتب المطبوعة في بعض قرى جبل لبنان.
- تُظهر هذه الناحية حرص الموارنة على أن تحافظ رتبهم، في مضمونها وجوهرها، على الأصالة المارونيّة. لذلك سعوا، خلال حقبات طبع الكتب، إلى تشذيب العناصر الخارجيّة الّتي تتنافى وعقيدتهم، وتحدّ من تطوير طقسهم ولاهوتهم.
- أسهم طلاّب مدرسة روما، بانفتاحهم على الثقافة الغربيّة وعلومها، في تنقية الطقوس المارونيّة من كلّ ما هو دخيل. وما كثافة الطبعات الطقسيّة، خلال فترات زمنيّة قصيرة، إلاّ تعبير عن رغبتهم في إصلاح الطقوس وتجديدها والحفاظ على تفرّدها. الليتورجيّا، بالنسبة إلى الموارنة، هي ثابتة مكوّنة لكنيستهم، سكبوا فيها روحانيّتهم ولاهوتهم وعبّروا عن إيمانهم وعقيدتهم. لذلك عرفت الكنيسة المارونيّة حركة إصلاحيّة ليتورجيّة شبه متواصلة.
- عمل البطريرك إسطفان الدويهيّ على تجديد الطقوس وإعادتها إلى أصالتها المارونيّة، فوضع القواعد الثابتة الّتي منها ينطلق الإصلاح الليتورجيّ الحديث.
- عرف تاريخ الليتورجيّا المارونيّة تجاذبًا بين العودة إلى الجذور وإدخال عناصر غريبة على الطقس، إلى أن أتى المجمع الفاتيكانيّ الثاني ودعا بصراحة إلى العودة إلى الجذور وإبراز الهويّة اللاهوتيّة والليتورجيّة الخاصّة بكلّ كنيسة، ولاسيّما روحانيّات الكنائس الشرقيّة وآبائها، حتّى تُسهم في إغناء الروحانيّة على مستوى الكنيسة الجامعة. فكلّ توجيهات الكنيسة الجامعة والدوائر الرومانيّة والبطريركيّة المارونيّة تصبّ في هذا الاتّجاه، يُحتّم وبجِدّيّة عالية، تنشئة ليتورجيّة باتّجاه أنطاكيّة والحضارة السريانيّة المارونيّة، دون إغفال الواقع الرعويّ وكلّ التحدّيات والتغييرات الّتي تواجه الكنيسة في الشرق وفي بلدان الانتشار. وانطلاقًا من هذه المنهجيّة، عمدت الكنيسة المارونيّة، عبر اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، إلى إنعاش الحياة الطقسيّة وإظهار ثوابتها اللاهوتيّة والروحانيّة[10].
ثالثًا: وضعها الحاضر وآفاق مستقبليّة: دور الليتورجيّا في توحيد الموارنة في النطاق البطريركيّ وفي عالم الانتشار
- ينتج الواقع الطقسيّ الراهن في الكنيسة المارونيّة من تشعّبات وتراكمات تاريخيّة مختلفة، يضاف إليها تيّارات فكريّة وثقافيّة واجتماعيّة متعدّدة أثّرت في الليتورجيّا طقوساً ونصوصاً.
تجاه هذا الواقع، قامت حركة طقسيّة ناشطة في مختلف الحقول، ولاسيّما في تأليف الصلوات والتراتيل، فكثر المصلحون، كلٌّ بحسب إلهامه، حتّى بتنا نجد كتبًا مختلفة، ورتبًا متعدّدة، منها القديم والحديث والمستحدث. وسرعان ما تحوّلت هذه الحركة الطقسيّة من عملٍ إيجابيٍّ إلى تضعضع وفوضى في بعض الأماكن والأحيان ومع بعض الكهنة والرعايا. علاوةً على ذلك، راح دعاة كُثر للإصلاح الطقسيّ يسمحون لأنفسهم باستنباط رتبٍ طقسيّة جديدة غير متطورة عن أصل مارونيّ خاصّ[11].
أمام هذا الواقع أصبح الإصلاح الطقسيّ ضرورة ملحّة من أجل ترتيب النصوص وتوحيد الرؤية داخل الكنيسة المارونيّة، فيجتمع الموارنة في النطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار كي يحتفلوا أينما حلّوا في ليتورجيا واحدة تعبّر عن أصالتهم وتفرّدهم.
- الإصلاح الليتورجيّ يعني بشكل مباشر الانتشار المارونيّ في بلدان متعدّدة من العالم، فالليتورجيّا هي من أهمّ العوامل الّتي تربط الموارنة بالكنيسة الأمّ وتسهم في وحدتهم في بلدان انتشارهم. ففي عالمنا المعاصر، وفي هذه الحقبة التاريخيّة بالذات، حيث نرى صحوة الإتنيّات من جهة، وإعلان النظام العالميّ الجديد من جهة أخرى، يشعر الموارنة بالحاجة القصوى إلى أن ينهجوا نهج الكنيسة المارونيّة الليتورجيّ والكنسيّ والفكريّ المتمثّل بالكرسيّ البطريركيّ في بكركي. وهكذا، فإن الليتورجيّة في بلدان الانتشار تنطلق من الإصلاح المركزيّ وتطوّره، وتتكيَّف مع واقع أبنائها ضمن المجتمعات الجديدة الّتي توجد فيها، مع المحافظة على الشخصيّة المارونيّة وإبراز معالم الهويّة. وهنا، لا بدّ من الثناء على الجهود الكبيرة الّتي تبذلها أبرشيات الانتشار للتواصل الدائم مع الكنيسة الأمّ، منسجمة مع توجيهاتها. كما تجدر الإشارة، في هذا المجال، إلى ضرورة أن يحافظ الطقس على بعض العناصر المشتركة في اللغة السريانيّة مثل “القاديشات آلوهو”، و”كلام التأسيس”، وغيرها من الصيغ الطقسيّة. فوحدة القالب تُسهم في وحدة القلب، وانطلاقًا من الإرث الليتورجيّ يكون الموارنة سفراء كنيستهم وثقافتهم في العالم، ومن خلالها يتفاعلون مع ثقافات الكنيسة الجامعة، ويكون لهم فيها مكانتهم ودورهم.
رابعًا: ميزاتها
الليتورجيّا المارونيّة غنيّة بأبعادها اللاهوتيّة والإنسانيّة. إنّها حقًّا مدرسة إيمان تتجسّد في العالم لتُنير طريقه بأنوار الملكوت. ومن أهمّ أبعادها:
1. البعد التدبيريّ – الثالوثيّ
- تبرز معالم هذا التدبير في صلوات الإفخارستيّا المارونيّة. فصلاة النافور لها طبيعة تدبيريّة، والكنيسة تلخّص من خلالها مراحل التدبير الإلهيّ، إذ تشكر الآب لأنّه الخالق المحبّ الّذي أراد أن يخلّص آدم والجنس البشريّ بعد السقطة الأولى. وقد توّج تدخّل الآب هذا في ملء الزمن بأن أرسل ابنه الوحيد – الكلمة، فتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، ليدبّر كلّ شيء محقّقًا إرادة الآب الخلاصيّة بتقدمة ذاته على الصليب، وتقدمة جسده ودمه لحياة العالم. وأكمل الآب تدبيره، فأرسل روحه القدّوس ليحلّ على التلاميذ في العلّيّة. والكنيسة تطلب إليه أن يحلّ روحه عليها وعلى القرابين الّتي ترفعها، ليحوّلها ويكمّلها كلّها بختمه الإلهيّ. يتمثّل هذا البعد التدبيريّ في مجمل الرتب والصلوات الطقسيّة، لاسيّما في بواعيث الفرض الإلهيّ من خلال صيغ لافتة نذكر منها: “الآب أرسل ابنه إلى العالم، الابن حقّق الخلاص بموته وقيامته، والروح القدس كمّل ويكمّل جميع الأسرار ويختمها بوسمه الإلهيّ”[12].
2. البعد الكريستولوجيّ
- تظهر المعاني اللاهوتيّة والكتابيّة لهذا البعد الكريستولوجيّ – المسيحانيّ عبر حدثين أساسيّين في رسالة يسوع المسيح العلنيّة: حدث عماده على يدّ يوحنّا في نهر الأردن، الّذي شكّل بدء رسالته التبشيريّة، وحدث موته على الصليب في الجلجلة وقيامته المجيدة من بين الأموات. لقد جمع العماد في الطقس المارونيّ هذين الحدثين وعكس من خلالهما المفهوم اللاهوتيّ في الطقس الأنطاكيّ السريانيّ، الّذي ركّز على تدبير الابن – الكلمة وتجسّده وعماده ورسالته الخلاصيّة، ومن ثمّ آلامه وموته على الصليب وقيامته من بين الأموات. فعماد الربّ يسوع أصبح أنموذجًا لعماد كلّ مؤمن، إذ يُعمَّد فيحيا في المسيح ويحمل رسالته إلى العالم، ملكًا يشهد لمحبّة الآب، ونبيًّا يعلن بشرى القيامة وكاهنًا يشترك بكهنوته. وعماد المؤمن يغدو ميلادًا جديدًا، فضلاً عن أنّه موت عن الإنسان العتيق آدم الأوّل، على مثال موت الربّ، ليحيا الإنسان كخليقة جديدة على مثال آدم الثاني، يسوع المسيح القائم من بين الأموات[13].
3. البعد الإسكاتولوجيّ
- يتميّز لاهوت الليتورجيّا المارونيّة بنفحة نهيويّة ومعاديّة، تظهر في مجمل الاحتفالات والنصوص الليتورجيّة، وبخاصّة منها النصوص المتعلّقة بالقربان، جسد الربّ والقيامة – الحياة الجديدة. ونصوص الجنّاز المارونيّ الغنيّة تحمل أبعاد الرجاء وعيشه واعتباره قاعدة ثابتة ومتينة للإيمان المسيحيّ. من هذا المنطلق، نفهم روحانيّة يوم سبت النور في الليتورجيّا المارونيّة، ولاهوت النـزول إلى الجحيم وانتظار فجر القيامة، وترقّب مجيء العروس السماويّ “ماران أتا”، الّذي سيُشرق في مجيئه الثاني على “مستقيمي القلوب”. والكنيسة، إذ تحتفل، هنا على الأرض، بالليتورجيّا بكلّ رمزيّتها، تعكس بذلك احتفال السماء بليتورجيا الحمل الإلهيّ. وعليه، فإنّ ليتورجيا الأرض تشكّل تذوّقًا مسبقًا لطعم ليتورجيّا السماء؛ فالليتورجيّا هي احتفال بقيامة الربّ، وفرح بعرس الكنيسة المولودة من حشا جرن المعموديّة، ومن ثَمّ، عيد السماء والأرض في آن[14].
4. البُعد المريميّ
- تعتبر الليتورجيّا المارونيّة مريميّة بامتياز. ويبدو اللاهوت المريميّ واضحًا في أقدم النصوص، إذ يركّز على العذراء مريم “أمّ الله” في فهم التدبير الإلهيّ لخلاص الإنسان. هذا التدبير، الّذي يخصّص مقامًا كبيرًا، متعدّد الوجوه ومتكامل التنسيق، للعذراء مريم، ولعيش مراحل الخلاص تلك في مختلف الصور والرموز، يُظهر العذراء – حوّاء الجديدة، الّتي على يدها يتمّ الخلاص، وهي “الأمّ البتول” الّتي بشّر بها الأنبياء والّتي منها سيولد “عمّانوئيل”، “المخلّص” الّذي سيفدي الإنسان، وهي تشاركه في عمل الفداء[15].
5. اللاهوت الكتابيّ
- تتأصَّل الليتورجيّا المارونيّة في الكتاب المقدّس، ويحتلّ هذا الأخير، في عهديه القديم والجديد، المركز الأساسيّ فيها، حتّى يبان من الصعب أحيانًا فصل النصّ الليتورجيّ عن النصّ الكتابيّ، فلا ليتورجيا بدون كتاب مقدّس. ويشكّل الاحتفال الطقسيّ الواحة الكنسيّة الفُضلى لقراءة “كلمة الله” وإعلان “البشرى”. والليتورجيّا المارونيّة، في عمق لاهوتها، بيبليّة، وللكتاب المقدّس مكانة محوريّة فيها. فهي تصلّي الكتاب المقدّس، وتفكّر فيه، وتتأمّله، وتفسّره، وتوزّعه زادًا على المؤمنين، وتجعله ينبوعها ومصدر وحيها ورمزيّتها ونثرها وشعرها، وغايتها الأخيرة.
وعليه، فالجماعة المارونيّة المصلّيّة تُعتبر جماعة كتابيّة في محوريّة اللقاء مع “كلمة الله”؛ فيها تفسّر الكلمة وتعلن البشارة الّتي تحملها الكنيسة رسالة حيّة إلى العالم كلّه[16].
6. البعد الرهبانيّ
- تجمَّع تلاميذ مار مارون حول أبيهم الناسك مارون واتّخذوه شفيعًا لهم، وانطلقوا من دير مار مارون وأدياره في سورية، حيث اختبرو الحياة الليتورجيّة المؤسّسة على طقس الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة. طبع هذا الاطار الديريّ الطقس المارونيّ بالطابع الرهبانيّ، الّذي يتميّز بصلوات الساعات الخاصّة[17]، وبذكر البيَع والكنائس والأديار في معظم الصلوات والطلبات والأناشيد، وبقراءات متواصلة للكتاب المقدّس في عهدَيه القديم والجديد، وبمسحة خاصّة من التوبة الدائمة والزهد في العيش والنسك والتقشّف، حتّى قيل بأنّ جماعة الموارنة يُشبهون الجماعات الرهبانيّة بحيث يُصلّون صلوات الرهبان ويحتفلون، شأن الرهبان، بسائر الرتب الطقسيّة. وبذلك، كانوا يعبّرون عن هذا البعد الرهبانيّ بعيش جذريّة الإنجيل واتّباع المسيح بحمل صليبه الظافر.
7. البعد الإنسانيّ
- عكست الليتورجيّا المارونيّة روحانيّة خاصّة بالإنسان وباختباراته في مختلف حالاته الّتي يعيشها في مسيرته الإيمانيّة، وجسّدتها في ديناميّة صلاة تصاعديّة نحو الآب الّذي يرضى ويقبل ذبيحة الابن الّتي يرفعها الإنسان المؤمن بقوّة الروح القدس.
تتميّز الليتورجيّا المارونيّة ببعدها الإنسانيّ – الأنتروبولوجيّ من خلال نصوصها ورموزها وحتّى هندستها. فلقاء الجماعة المصليّة، وانسجام المؤمنين الخارجيّ مع بعضهم، يعبّر عن وحدة فكريّة وروحيّة تتفاعل فيها القيم الإنسانيّة والاجتماعيّة في كلّ أبعادها وحالاتها وواقعها. وتعكس النصوص الليتورجيّة الإختبارات المتعدّدة الّتي مرّت بها الكنيسة المارونيّة، من آلام واضطهاد وحروب وتهجير، إلى أفراح الشراكة والتضامن والوحدة والمغفرة والمسامحة، إلى أمجاد الانتصار بقيامة الربّ وتحرير الشعب وظفر القدّيسين الطالعين من هذه الكنيسة[18]. والطابع الشعبيّ هو من أهم الخصائص لهذه الليتورجيّا الّتي تتجلّى بالبساطة والعمق في آنٍ. سهولة في اللحن السُريانيّ، بساطة في بُنية الرتب وصيغها، عمق في المعنى اللاهوتيّ وفسحة لمشاركة الشعب في الصلوات والتراتيل داخل الاحتفال القربانيّ وخارجه. يحرص الإصلاح الليتورجيّ المعاصر على صون هذه الخاصّة الّتي تطبع بامتيازٍ الليتورجيّا المارونيّة.
8. لاهوت التوبة
- يبرز لاهوت التوبة في كثير من النصوص الليتورجيّة، إذ تعبّر بغالبيّتها عن ارتباطها بحقيقة الصليب وآلام الربّ الفادي وموته، ولا يغيب عنها بُعد الصوم ومعناه التقشّفيّ وارتباطه بالتوبة. وقد يكون ذلك بتأثير مباشر من الاختبار الرهبانيّ والطابَع الزهديّ الّذي ميّز الآباء السريان والشعب المارونيّ. يعبّر حسّيًّا عن لاهوت التوبة في رتب وضع البخور، ويرمز إليه بالسجود و”المطانيّة” تعبيرًا عن إنحناء الخاطئ، وندمه على الخطايا الّتي اقترفها، وخضوعه التامّ للعظمة الإلهيّة.
تشكِّل حالة التوبة الّتي يعيشها المؤمن الطريق الّذي يوصل إلى فرح القيامة ورجاء الحياة الجديدة وإلى أداء الشكر لمحبّة الربّ ومواهبه الفيّاضة للبشر[19].
الفصل الثاني : تجديد الليتورجيّا المارونيّة
1. ضرورة التجديد
- الإصلاح الليتورجيّ ورشة دائمة في الكنيسة، ولا شكّ في أنّه دفع إلى الأمام على أثر المجمع الفاتيكانيّ الثاني. وقد بدأت الكنائس تأخذ مبادرات إصلاحيّة وفق الخطوط الّتي رسمها المجمع وحدّدتها القوانين الخاصّة.
يتمّ الإصلاح لحقبة زمنيّة معيّنة، لأنّ الليتورجيّا هي صلاة الكنيسة الحيّة، وعليها أن تخاطب إنسان اليوم. فجماعة المؤمنين، الّتي تعيش في مكانٍ وزمانٍ محدَّدين، مدعوّة إلى فهم معاني الليتورجيّا ورموزها والمشاركة فيها بطريقة واعية وفعّالة ومُثمرة.
والتجديدُ الطقسيّ لا يعني العودة إلى الممارسات الماضية، بل هو حسن قراءة للواقع الراعويّ استنادًا إلى التقاليد الثابتة وتطوّرها ضمن الخطّ الليتورجيّ السليم، حتّى تؤدّي إلى مشاركة شعبيّة فعليّة منسجمة مع روح الطقس والذوق السليم.
- في الإطار الإصلاحيّ، شهدت الكنيسة المارونيّة عبر تاريخها، وبطريقة خاصّة ومباشرة منذ أكثر من حوالي خمسمائة سنة وحتّى اليوم، نزعة نحو الإصلاح الدائم مقارنة بغيرها من الكنائس الشرقيّة. وهذه إشارة واضحة إلى اهتمام الموارنة بالحياة الطقسيّة وتطويرها، وجعلها أكثر ملاءمة مع إرثهم الأنطاكيّ السريانيّ وإظهار تفرّدهم بغية إشراك الشعب في الحدث الطقسيّ.
وتجاوبًا مع توصيات المجمع الفاتيكانيّ الثاني، تقوم الكنيسة المارونيّة اليوم بإصلاحها الليتورجيّ عبر اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة. ينطلق العمل من وضع النصّ السريانيّ أساسًا للنصوص المصلحة الّتي منها تنبعث ترجمات من وحي النصّ الأصليّ وصيغ متطوّرة من النصّ السريانيّ، وكلّها تحافظ على العمق اللاهوتيّ والأصالة الروحانيّة الّتي تشكّل تراثًا تتناقله الأجيال وتعبّر فيه عن اختبارات روحيّة وإنسانيّة صالحة لكلّ جيل، مؤكّدة بذلك المبدأ الآتي: الهويّة والتطوّر هما شريعة الحياة في كلّ شيء[20].
2. مبادئ التجديد: العودة إلى الأصول الأنطاكيّة والتحديث الرعويّ
- الإصلاح الليتورجيّ منوط فقط بالسلطة الكنسيّة، ويستند إلى الدراسات والمشاريع الإصلاحيّة الّتي تقوم بها اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، التي تشكّل المرجِع الكنسيّ المختصّ، إذ تقدّم أعمالها لمجمع السادة المطارنة برئاسة غبطة السيّد البطريرك لإقرارها وفق القوانين الكنسيّة والإجراءات المتّبعة. من هنا تتوزّع الكتب الطقسيّةُ على الجماعات المصلّيّة لتستعمل كمرجع كنسيّ رسميّ يُسهم في إحياء الايمان في داخلها. وأهمّ مبادىء التجديد هي:
- الانطلاق من الأصالة الليتورجيّة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة، وحفظ هويّتها نقيّةً من أي دخيل يتعارض مع هذه الأصالة ويغيّر ملامح هذه الهويّة.
- استحداث صيغ طقسيّة على قاعدة “التطوّر العضويّ”، أي أنّ الرتب الليتورجيّة يجب أن تصلح بالعودة إلى جذورها الخاصّة وبالتطوّر المستند إلى طبيعتها الأساسيّة وثوابتها اللاهوتيّة والكتابيّة ضمن خطّ التقليد الكنسيّ. ويتمّ الاستحداث عندما تقضي به مصلحة الكنيسة بصورة أكيدة وحازمة[21].
- جعل الرتب رعويّةً وشعبيّة، فيها الحركة الرمزيّة والأناشيد، وصلوات تتلى على لسان الشعب، الّذي يشارك فيها اشتراكًا واعيًا ومُثمرًا[22].
- تُشكِّل الدورة الطقسيّة محورًا في الإصلاح الليتورجيّ بحيثُ تتركّز في سرّ المسيح، وفيه ترتبط سائر الأسرار والرتب الكنسيّة.
- إمكانيّة التطوّر في الصيغ الليتورجيّة وفق حاجات العصر بحيث تتلاءم وتطلّعات الجماعات المؤمنة المتنوّعة، شرط ألاّ يتبدّل التنسيق الطقسيّ العامّ.
- استخدام لغة طقسيّة تتميّز بسهولة الصياغة ووضوح المعنى وعمق الروحانيّة الكتابيّة واللاهوتيّة حتّى تساعد الجماعة على الدخول في ديناميّة الصلاة. المطلوب إذًا هو نصّ ليتورجيّ يعبّر عن اختبار الجماعة الإيمانيّ بلغة تساعد على ارتفاع القلب والعقل إلى الله، وبصياغة تعي أهمّيّة الانفتاح على الكنائس الأنطاكيّة والسريانيّة والشرقيّة من جهة وعلى الثقافة العربيّة والإسلاميّة من جهة أخرى[23].
3. دور اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة
- عملاً بأحكام المجمع اللبنانيّ‘ وبالإرادة الرسوليّة: “في الطقوس والأشخاص للكنائس الشرقيّة”، وبالمجمع الفاتيكانيّ الثاني في “دستور في الليتورجيّا”، ومرسوم تطبيقه، وقراره حول الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة، وبوثيقتيّ “مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة” و”التوجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة” الّتي وردت فيها، أنشأ السيّد البطريرك، بصفته المشرف الأوّل على الليتورجيّا في الكنيسة، لجنة خاصّة دعاها “اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة”[24].
- غاية هذه اللجنة جعل الليتورجيّا وسيلة تبشير، ومدرسة إيمان، وأداة تقديس، وذلك بدرس إصلاح الطقوس وتحضير الرتب البيعيّة، والزيّاحات والعبادات العامّة، والألحان والموسيقى الكنسيّة، وتجديدها، وعرض ذلك على السيّد البطريرك ومجمع السادة الأساقفة لإقراره والعمل به، فتصبح الليتورجيّا محطّ أنظار، يُقبل الناس عليها، ويشتركون فيها اشتراكًا واعيًا تامًّا وفعّالاً، ويستقون من ينبوعها الروح المسيحيّة الحقّة. يشمل عمل هذه اللجنة ودورها كامل النطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار.
- تستطيع اللجنة، إدراكًا لغايتها بطريقة أفضل، أن تستعين بمعاهد ومؤسّسات وبخبراء إكليريكيّين وعلمانيّين، يختارون من كلّ الأبرشيّات، في النطاق البطريركيّ وفي عالم الانتشار. وتضع اللجنة جدولاً بمواضيع أبحاثها، ترتّب فيه الأوَّليات وفقًا لأهميّة كلّ منها، وتحدّد بموجب روزنامة الوقت اللازم لإنجازها، والخطّة الّتي ستتّبعها في برامجها.
- تتقيّد اللجنة في عملها بالمبادئ الّتي حدّدها المجمع الفاتيكانيّ الثاني، وتعيد النظر، حيثما تدعو الحاجة، في الطقوس برمّتها بما ينبغي من الرويّة، فتصلح النصوص وتنظّم الرتب، فيتسنّى للشعب أن يتفهّمها. فالليتورجيّا تتألّف من قسم ثابت هو من وضع إلهيّ لا يتغيّر، ومن أقسام عارضة هي من وضع بشريّ يجوز، بل يجب، أن تتبدّل مع الزمن لتبعث في الكنيسة حيويّة جديدة تتلاءم ومقتضيات الظروف والأشخاص وحاجات كلّ عصر[25].
4. دور الأساقفة في الحياة الليتورجيّة
- تنظيم الطقوس في الحياة الكنسيّة، المنوط أساسًا بالسلطة الكنسيّة، يتحقّق، عمليًّا، بعمل الأسقف ودوره الأساسيّ في أبرشيّته. لأنّ الأسقفهو بمثابة الكاهن الكبير والأوّل لقطيعه؛ وحياة المؤمنين الروحيّة تأتي منه وتتعلّق به، لكونه حارسًا ومنشّطًا ورئيسًا للحياة الليتورجيّة بأجمعها في الأبرشيّة[26].
يقوم دور الأساقفة على تعزيز الحياة الليتورجيّة وتنظيمها بحسب رسوم الكنيسة المارونيّة الخاصّة وعاداتها المشروعة، فهم لا يتصرّفون من عندهم، بل يستندون إلى التراث الخاصّ بالكنيسة المارونيّة، وبذلك يحقّقون الشراكة مع إخوتهم الأساقفة. وعليهم أن يتّحدوا مع إكليروسهم ويكونوا حارسين متنبّهين لذاك الضمير الليتورجيّ الحاضر والعامل في الذهن الحيّ لشعب الله في أبرشيّاتهم إنّ شعور الشعب المؤمن جازم في فهم عقيدة الإيمان، لذا يجب الحفاظ على الاحتفال بهذا الإيمان[27]. وعليه، يتوجّب على الأساقفة أن ينشئوا لجانًا ليتورجيّة تتواصل مع اللجنة البطريركيّة وتعمل على تدعيم العمل الليتورجيّ في الأبرشيّة.
وعلى الشعب المؤمن أن يقدر قدرًا عظيمًا الحياة الطقسيّة في الأبرشيّة حول الأسقف، لا سيّما في الكنيسة الكاتدرائيّة، وهذه ينبغي أن تكون مثالاً يحتذى في الحياة الليتورجيّة في الأبرشيّة[28].
ولأجل تعزيز الحياة الليتورجيّة في الأبرشيّة، على الأسقف أن يجهد في تشجيع التنشئة الليتورجيّة المستديمة لكهنته، وذلك من خلال دورات تثقيفيّة ومحاضرات دوريّة تعنى بشؤون الليتورجيّا النابعة من التراث الكنسيّ الأصيل عند الموارنة[29].
وعلى الأسقف أن يقود قطيعه إلى المراعي الليتورجيّة الخصيبة عبر سهره على تطبيق القواعد الطقسيّة الخاصّة بالكنيسة المارونيّة وبتوجيهاتها المستمرّة لتنشيطها ونموّها وتقدّمها، وهي تحافظ على تراثها العريق والغنيّ في آن[30].
الفصل الثالث : التنشئة الليتورجيّة
1. في المدارس الإكليريكيّة والرهبانيّة
- يتحقّق الإصلاح الليتورجيّ في الكنيسة عندما يجمع بين أمرين: الأوّل يتناول التنشئة العلميّة والبحثيّة لليتورجيّا من الناحية التاريخيّة واللاهوتيّة والرعويّة، وهذا يعني دراسة الوثائق المخطوطة والمطبوعة ومقارنتها بسائر الليتورجيّات، الشرقيّة منها والغربيّة؛ والثاني يهتمّ بالتنشئة المستمرّة للكهنة والإكليريكيّين والرهبان والراهبات والعلمانيّين بغية تعميق الفهم الليتورجيّ والمعرفة الطقسيّة بأبعادها اللاهوتيّة والروحيّة والرعويّة كافّةً من جهة، وإحياء وإنعاش الاحتفالات الطقسيّة في الجماعات الرعويّة المصلّيّة من جهة أخرى.
- لذا تدعو الكنيسة القائمين على المدارس الإكليريكيّة والمؤسّسات الرهبانيّة إلى أن يولوا التنشئة الليتورجيّة الأهميّة الواجبة خدمة للكنيسة، ودعمًا للكهنة وللإكليريكيّين، كهنة الغد، وللرهبان والراهبات، شهود محبّة يسوع وحضوره الفعّال في كنيسته. هذه هي الرسالة المطلوبة منهم: أن ينسجم التعليم اللاهوتيّ والثقافة المسيحيّة العميقة والشاملة الّتي يتلقّونها مع الأبعاد الليتورجيّة والرعويّة الّتي عليهم أن يحافظوا عليها، لأنّها رمز وحدتهم وأمانتهم لهويّتَهم المارونيّة الأصيلة[31].
- يجب إدراج تعليم الليتورجيّا في المدارس الإكليريكيّة والرهبانيّة وفي معاهد اللاهوت من ضمن المواد الأساسيّة والضروريّة الهامّة. كما يجب أن تدرّس من الوجهات اللاهوتيّة والتاريخيّة والروحيّة والرعويّة والقانونيّة كافّة. وعلى الإكليريكيّين والرهبان والراهبات أن يتنشّأوا تنشئة ليتورجيّة وروحيّة كاملة، إن من ناحية درسها وفهمها، أو من ناحية الإشتراك فيها عبر الإحتفال بالأسرار المقدّسة أو بسائر الرتب الطقسيّة المشبعة بالروحانيّة المسيحيّة الشرقيّة الأصيلة[32].
2. التنشئة المستمرّة للكهنة
- تبغي الكنيسة المارونيّة، من خلال إصلاحها الليتورجيّ، أن يصل المؤمنون إلى المشاركة الفعّالة والواعية في الاحتفالات الطقسيّة، لأنّها الينبوع الأساس الّذي تستقي منه الجماعات المؤمنة الروحَ المسيحيّة الحقّة والعقيدة اللاهوتيّة الأكيدة. لذا تطلب الكنيسة إلى الرعاة أن يسعوا جهدهم لتأمين تنشئة مستمرّة للكهنة في الأبرشيّات، تنشئة ليتورجيّة ورعويّة، لاهوتيّة وروحيّة، خدمة للكنيسة الّتي تحتفل بسرّ يسوع المسيح الخلاصيّ[33].
لبلوغ هذه الغاية، على الرعاة أن يتشرّبوا بعمقٍ من الليتورجيّا ومن فعاليّتها وقوّتها ليتمكّنوا من أن يعطوها ويعلّموها ويأمروا بمتابعتها عبر تنشئة مستمرّة لكهنتهم، الأمر الّذي يجعل من هذه التنشئة واجبًا ملزمًا في الأبرشيّات[34].
3. توعية المؤمنين على المفاهيم الليتورجيّة
- لم تكن الليتورجيّا المارونيّة بعيدة عن واقع المؤمنين وحياتهم. لقد أظهرت اختباراتهم الحياتيّة في صلواتهم، وخيارات حياتهم المسيحيّة، وحاجاتهم الروحيّة في ظلّ الاضطهادات والآلام والأفراح. وكانت الليتورجيّا، في هذا الإطار، مرآة تعكس إيمان هذه الكنيسة المؤمنة بالله الثالوث، وبتجسّد الابن الوحيد، الإله الكامل والإنسان الكامل؛ ليتورجيّا توفّق بين الاحتفال بالتدبير الإلهيّ وعيش الاختبار البشريّ الحرّ والصادق.
لذا، يطلب إلى الرعاة أن يجتهدوا، بغيرةٍ وصبرٍ وصدقٍ، في تأمين تنشئةٍ طقسيّة للمؤمنين وتوعيتهم على مفاهيمها الضروريّة، ليتمكّنوا من المشاركة الفعّالة في الاحتفالات، مشاركة روحيّة ترفع قلوبهم إلى الله وهم يحتفلون حسّيًّا بسرّه الخلاصيّ[35].
4. دور المُحتفل والشمامسة والمنشّطين
- الليتورجيّا هي احتفال جماعيّ للكنيسة بكلّ فئاتها؛ وتنـزع عنها الصفة الخاصّة الضيّقة. إنّها عمل الشعب والخدمة الّتي تؤدّيها الكنيسة، جماعة المؤمنين الّتي هي سرّ وحدة جسد المسيح. وعليه، فإنّ هذا الاحتفال يخصّ الكنيسة بجميع مؤمنيها، كلٍّ باختلاف وضعه ودرجته ووظيفته.
وعلى خادم السرّ، والكهنة المشاركين، و الشمّاس، والمنشّط، أن يقوم كلٌّ بخدمته خلال الاحتفال الطقسيّ، بحسب ما تمليه درجته الكنسيّة وخدمته الرعويّة وتفرض عليه طبيعة الاحتفال وقواعده الطقسيّة. كما أنّ على كلّ منهم ألاّ يتعدّى حدود دوره، فيتعلّم كيف يساعد بحكمة دون اعتبار نفسه مستقلاًّ وقائمًا بذاته. هذه المشاركة تتطلّب من هؤلاء جميعًا ثقافة ليتورجيّة واسعة وعميقة، وروحانيّة مؤسّسة على الإنجيل ليتمكّنوا من تأدية واجبهم بطريقة صحيحة ومنظّمة[36]. يُسمّى هذا النهج “المشاركة الليتورجيّة”، وهي ممارسة نشأت وتطوّرت بمفهومها الطقسيّ في الكنائس الليتورجيّة الشرقيّة، ثمّ وتوسّعت لتشمل الطقوس المسيحيّة الأخرى[37].
5. دور الجوقة
- للترنيم مكانة محوريّة في الاحتفال الطقسيّ، لا سيّما في الليتورجيّات الشرقيّة. إنّه التعبير عن إتّحاد كنيسة الأرض بكنيسة السماء في أداء نشيد الشكر والتمجيد الّذي ترفعه الكنيسة بلا انقطاع إلى الآب السماويّ على محبّته الّتي تجلّت بالخلاص الّذي حقّقه الابن ويتمّمه الروح في العالم. والألحان الكنسيّة هي انعكاس لتسبيح الملائكة في ليتورجيا الحمل، ومن هنا امتازت الليتورجيّات بإتقان الألحان، وكان لا بدّ من جوقات مدرّبة للقيام بهذه الخدمة. والطقس المارونيّ، الّذي يتميّز بألحان جميلة ذات طابع شعبيّ، لم يحصر الخدمة اللحنيّة بالجوقة، بل تميّزت جوقة المرتّلين بمساعدة الشعب على تأدية الألحان، وهذه من أبرز ميزات هذا الطقس. من هنا لا بدّ أن تعي الجوقات المارونيّة اليوم هذه الثوابت الطقسيّة الّتي تطبع ليتورجيّتها المارونيّة، فتقوم بخدمة الاحتفال بإتقان وروحانيّة، وتتناغم الأصوات العذبة بالقلوب المصلّيّة، فتشكِّل الجوقة العنصر المساعد للجماعة المصلّيّة على المشاركة في الألحان وفق الأصول الموسيقيّة وبروحانيّة وخشوع مميّزين. لذلك فإنّ على الجوقة كما على المرتّلين الإفراديّين أن يلتزموا بما تمليه عليهم طبيعة الاحتفال الطقسيّ وقواعده، دون تعدٍّ على حقّ المؤمنين بالمشاركة. فالليتورجيّا هي للشعب، ولا يحقّ للجوقة أن تأخذ مكان الشعب. دور الجوقة مساعد لا مستقلّ، واختيارها للألحان يجب أن يتطابق مع الأصول الطقسيّة. من هنا وجب التنسيق بين المحتفل والجوقة وفريق العمل الطقسيّ في تحضير الاحتفالات في الرعيّة، فلا يسمح بعد ذلك بالارتجال والمزاجيّة في هذا الشأن.
وفي هذا السياق وجب التمييز والفصل بين الجوقة الطقسيّة، الّتي تؤدّي مهامها خلال الإحتفالات، والكورس الدينيّ، الّذي يعنى بإحياء ترانيم كنسيّة خارج نطاق الاحتفال الطقسيّ.
وعلى الجوقة والمرتّلين الإفراديّين أن يمارسوا مهمّاتهم بتقوى خالصة وترتيب يليق بخدمة بيت الله وسرّه الخلاصيّ، وهم مجلَّلين بروح طقسيّة مشبعة بثقافة ليتورجيّة وروحانيّة وأداء خشوعيّ مصلٍّ.
6. ضرورة إشراك الشعب بشكل فعّال
- الطقوس احتفال، والاحتفال وهو للشعب. والطقوس المارونيّة معروفة بلونها الشعبيّ. وعليه، لا يمكن أن تبقى جماعة المؤمنين غريبة ومشاهدة ومستمعة وصامتة. إنّ دور الكاهن المحتفل والشمّاس والمنشّط الليتورجيّ والجوقة والمرتّلين الإفراديّين هو مساعدة الشعب على المشاركة الواعية، والتقويّة والفعّالة في الترتيل والصلوات والزيّاحات. عندئذ، تصبح الليتورجيّا تعبيرًا صادقًا عن صلاة الشعب وتضرّعاته وتمجيده لله الخالق وحمده على كلّ إنعاماته وهباته، فيتجدّد المؤمنون ويتقدّسوا بالمسيح، وفي الأخير يصيروا كلّهم في الله، وهو يصير كُلاّ في الكلّ.
الفصل الرابع: قواعد عامّة بشأن المشاركة في مختلف الرتب الليتورجيّة
- غاية الليتورجيّا هي تمجيد الله وتقديس البشر. لذا فمن الضرورة بمكان أن تشارك الجماعة المؤمنة في فعل العبادة هذا بطريقة واعية ومثمرة تظهر جلالة هذه الخدمة ووقارها الرفيع. انطلاقًا من هنا ترسم الكنيسة المارونيّة قواعد المشاركة في الرتب الطقسيّة حتّى تتلألأ بالبساطة الشريفة والإيجاز العميق، فتتحاشى بحيث التكرار الّذي لافائدة منه، حتّى تتلاءم مقوّمات الاحتفال مع حاجات المؤمنين المتنوعّة وفق ثقافاتهم وأوضاعهم الاجتماعيّة، سواء في النطاق البطريركيّ أو في بلدان الانتشار. في هذا الإطار الاحتفاليّ اللائق، تأتي الليتورجيّا لتعبّر عن حضور المسيح الفاعل في كنيسته وفي العالم، وتعكس السرّ الفصحيّ الّذي حقّقه الربّ مرّة واحدة وما يزال من خلال الممارسة الأسراريّة الّتي تؤدّيها الكنيسة. ولكي تظهر الليتورجيّا المارونيّة بأجلى وحدتها في الاحتفال الطقسيّ، عبر الكلمة واللحن والحركة، والجماعة المؤمنة المصليّة، كان لا بدّ من وضع قواعد عامّة بشأن المشاركة في مختلف الرتب الليتورجيّة[38]. لذا يوصي آباء المجمع البطريركيّ المقدّس بما يأتي:
1. أسرار التنشئة المسيحيّة
- غاية الأسرار تقديس البشر وبنيان جسد المسيح. وبكونها علامات حسّيّة، تأخذ الحياة الأسراريّة في الكنيسة بُعدًا تعليميًّا. فهي لا تفترض الإيمان وحسب، بل تعبّر عنه وتقوّيه وتغذّيه، فتفيض النعمة في قلوب البشر. وعليه، تجب تهيئة المؤمنين لقبول هذه النعمة بصورة صحيحة[39].
- تُعتبر أسرار التنشئة وحدة لا تتجزّأ. من خلالها يتمّ الدخول في حياة المسيح كما في الجماعة الّتي تحيا فيه. إنّها النداء الأوّل إلى الإيمان، الّذي يبلغ ذروته في السرّ الفصحيّ، أي في سرّ موت الربّ وقيامته، وفيها يعمّد الإنسان، ويصير ابن الله وهيكل الروح القدس بمسحة الميرون، فيتأهّل للمشاركة في مائدة الإفخارستيّا، وليمة الملكوت.
- تؤكّد المصادر الليتورجيّة المارونيّة ووثائقها المخطوطة والمطبوعة الرابط الوثيق الّذي يجمع بين أسرار التنشئة المسيحيّة الثلاثة، إن من حيث وحدتها اللاهوتيّة أو من حيث ترابطها الاحتفاليّ. وتعتبر أسرار التنشئة إحتفالاً واحدًا لا يتجزّأ للدخول في حياة المسيح. ووفقًا للمفهوم الكنسيّ والممارسة الطقسيّة منذ بداياتها، كان المؤمن يتقبّل الولادة الجديدة العماديّة وموهبة الروح القدس، أي الانخراط في شعب الله عبر “علامة” سامية هي وليمة الملكوت. هذا السرّ، إذًا، لا يمكن أن يتجزّأ، ويجب أن يمنح بأسمى تناسق وانسجام[40].
- توصي جميع كتب الـرتب المارونيّة بـأهمّيّة الإستعداد للمعموديّة وبضرورة أن يسبق منحَ السرّ تحضيرٌ يعبّر فيه عن مسيرة المرشّح نحو المسيح. إلى هذا يعود العُرف العريق في القدم بأن يكون لمن ينال المعموديّة، على الأقلّ، عرّاب يساعد المعمّد على أن يسير سيرة مسيحيّة لائقة بمعموديّته ويقوم قيامًا أمينًا بالواجبات الّتي تقتضيها، دون أن نُغفل دور الأبوين في الإعداد لهذا السرّ العظيم[41].
يُحصر منح سرّ المعموديّة في الأساقفة والكهنة. وفي حال الضرورة، يجوز منحه لا من جانب الشمامسة الإنجيليّين وحسب، بل أيضًا من جانب الإكليريكيّين وأيّ مؤمن مسيحيّ. وعليه، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس بـأن يكون منح سرّ المعموديّة من صلاحيّة خوري رعيّة المعتمد الخاصّ، أو كاهن آخر بإذن مـن ذلك الخوري نفسه أو من الرئيس الكنسيّ المحليّ[42].
يمنح سرّ المعموديّة بالتغطيس الثلاثيّ، بفطنةٍ وتقوى، أو بسكب الماء ثلاثًا على رأس المعتمد. يتمّ المسح بالميرون المقدّس مباشرة بعد التعميد، تركيزًا على التنشئة الكاملة في سرّ المسيح الواحد[43].
- تُراعى، فـي منح المناولة الإفخارستيّة بعد المعموديّة والميرون المقدّس، تعليمات الشرع الخاصّ الّذي يصدره مجمع الأساقفة المارونيّ برئاسة غبطة السيّد البطريرك.
وإلى أن تتبنّى السلطة الكنسيّة تدابير ملائمة للتقليد العريق في الكنائس الشرقيّة، أيّ منح أسرار التنشئة في احتفال واحد، يعمل بما يأمر به مجمع الأساقفة.
2. القدّاس أو الإفخارستيّا
- يشكّل الاحتفال بالقدّاس محور العبادة المسيحيّة، فهو الاحتفال بسرّ التدبير الخلاصيّ، الّذي حقّقه ربّنا يسوع المسيح. إنّه سرّ موته وقيامته وإعطائه الكنيسة جسده ودمه. السيّد المسيح حاضر في كنيسته عبر كلمته المحيية وعبر المائدة الإفخارستيّة حيث يمثّل أعلى درجات الحضور. وعليه، يُقسم الاحتفال بالقدّاس إلى قسمين أساسيين: كلمة الله وجسد الربّ ودمه[44].
- تعتمد رتبة القدّاس الّتي أقرّها مجمع الأساقفة برئاسة السيّد البطريرك والّتي تصدر بموجب مرسوم بطريركيّ دون سواها. كما يعتمد كتابا قراءات الرسائل والإنجيل، وكتاب الألحان الطقسيّة، وكتاب الإرشادات الطقسيّة، لدى صدورها بموجب مرسوم بطريركيّ، دون سواها.
- يحتفل “بالقدّاس” على المذبح الرئيس في الكنيسة الرعويّة أو في كنيسة الدير. ويحبّذ القدّاس المشترك برئاسة محتفل ومعاونة كهنة آخرين، تفاديًا للاحتفال بالقداديس الإفراديّة الّتي يحتفل بها جانبًا[45]، والّتي لا يحبّذ الاحتفال بها، لأنّها لا تتناسب وطبيعة الليتورجيّا، ولاسيّما روحيّة الطقوس الشرقيّة.
يُحتفل بالقدّاس بكامل اللباس الكهنوتيّ المنصوص عليه في التقليد المارونيّ العريق. ويلبس الكهنة المعاونون البطرشيل فوق الجبّة أو العباءة، ولا يُسمح بوضع البطرشيل بغير هذه الحالة.
- في القدّاس العاديّ، تُضاء على الأقلّ شمعتان عسليّتان. وفي القدّاس الحبريّ، تُضاف إليهما اثنتان أخريان.
يُحتفل بالقدّاس في الأعياد والآحاد والأيّام العاديّة باستثناء يوم الجمعة العظيمة، حيث يحتفل برتبة القدّاس السابق تقديسه، ويوم سبت النور. تتمّ خدمة القدّاس بموجب الإرشادات الطقسيّة الصادرة في كتاب خاصّ.
- تُحبّذ المناولة من القربان المقدّس المبارك عليه في القدّاس ذاته، كما يُسمح عند الحاجة بالمناولة من القربان المحفوظ في بيت القربان[46].
تُعطى المناولة لجماعة المؤمنين المشتركين في احتفال القدّاس، ويجب الانتباه إلى غير المعمّدين الّذين يشاركون أحيانًا في القداديس، فلا تعطى لهم المناولة. كما يحبّذ عدم دعوة غير المسيحيّين إلى المشاركة في القداديس، ويُستعاض عنها بدعوتهم إلى المشاركة في رتب دينيّة خاصّة بالمناسبات ذات الطابعَ الوطنيّ.
يُناط توزيع المناولة بالأسقف والكاهن والشمّاس الإنجيليّ. وإذا اقتضى الأمر، يُسمح للشدياق أو لصاحب درجة كهنوتيّة صغرى بمساعدة الكاهن المحتفل. وعند الحاجة القصوى، وبإذنٍ خاصّ من المطران المكانيّ، يمنح هذا الإنعام للمؤمنين الملتزمين[47].
تُعطى المناولة تحت شكلي الخبز والخمر المقدّسين. ويجب أن يسبق تناول جسد المسيح ودمه الإعداد الصادق الجِدّيّ والروحيّ[48].
3. الكهنوت والدرجات الكهنوتيّة
- الكهنوت في الكنيسة هو سرّ من أسرارها المقدّسة، وهو امتداد لرسالة المسيح الكاهن الّذي قدّم ذاته في العشاء الفصحيّ وعلى الصليب من أجل فداء العالم، وهو التقدمة الطاهرة الّتي قرّبت إلى الآب. أرسل السيّد المسيح الرسل كي يواصلوا الخدمة الكهنوتيّة. والأساقفة في الكنيسة هم خلفاء الرسل في مهمَّتهم، يواصلون رسالة السيّد المسيح المثلّثة الأبعاد، أي التعليم والتقديس والرعاية. فالدرجة الكهنوتيّة تنبعث من خدمة الأسقف، ويتميّز الجسم الإكليريكيّ بفعل السيامة المقدّسة بتآلف تراتبيّ وبدرجات واضحة هي درجات الأساقفة والكهنة والشمامسة الانجيليّين. ومن ينال هذه الدرجات لا يعود من بعد علمانيًّا، بل يصبح عضوًا في جماعة الإكليروس، منتميًا بحكم الشرع إلى أبرشيّة معيّنة، بهدف الخدمة[49]. علاوةً على هؤلاء، يُنشأ خدمة آخرون كي يخدموا شعب الله ويمارسوا الوظائف في الليتورجيّا. وفي هذا الإطار، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس باستعادة تقليد الكنيسة المارونيّة العريق، القاضي بسيامة مرشّحين إلى درجة المرتّلين و القارئين والشدايقة، وذلك في إطار تعزيز الخدمة الطقسيّة الّتي تتطلّب أعلى درجات الشرف والكرامة والحيويّة الراعويّة، والّتي تسهم في عيش التزام جدّيّ للإيمان المسيحيّ، وذلك من أجل تفعيل نقاط التلاقي بين الكنائس الشرقيّة عبر الأمانة لتقاليدها المشتركة.
وفي السياق ذاته، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس أن تستعيد السيامة الشمّاسيّة الإنجيليّة الدائمة مكانتها، وذلك خدمةً لوظائف ليتورجيّة منوطة حصرًا بالشمامسة، وأيضًا من أجل الإسهام في خدمة البشارة وخدمة المحبّة ببُعديها الاجتماعيّ والإنسانيّ. فدرجة الشمّاسيّة قد تكون أساسًا لبلوغ الكهنوت، وقد تكون أيضًا حالة دائمة من أجل مساعدة الأساقفة والكهنة على تدبير الكنيسة، على ما ورد في رسائل القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ[50].
4. التوبة ومسحة المرضى
- تبادر الكنيسة، برحمة الأب وعطف الأمّ، إلى ملاقاة الضعف البشريّ، عندما تمنح نعمة الغفران بعد المعموديّة. فالمؤمنون الّذين اقترفوا الخطايا، ويعتزمون التوبة والعيش مجدّدًا في حياة النعمة، ينالون من الله نعمة التوبة، فيتصالحون مع الله ومع ذواتهم ومع الكنيسة بواسطة الكاهن. وصيغة الاعتراف الفرديّ، مع الحلّ، تشكّل الطريقة الوحيدة الّتي يستطيع المؤمن التائب أن ينال بها الغفران، وبخاصّة في زمن الصوم الكبير[51].
ويحبّذ المجمع البطريركيّ المقدّس أن يمنح هذا السرّ العظيم في إطار رتبة توبة كنسيّة جماعيّة يحتفل بها طقسيًّا[52] ويكون محورها كلمة الله وصلاة الجماعة.
- سرّ مسحة المرضى هو اعتلان للخلاص وعلامة لحضور يسوع المسيح، الطبيب الوحيد للنفوس والأجساد. تُشكّلُ هذه الرتبة إحدى مهمّات الكنيسة الّتي تكمّل بالروح القدس عمل الخلاص هذا، على ما أوصى به القدّيس يعقوب في رسالته (يع 5/14). وعليه، كانت مسحة المرضى بهدف شفائهم، وذلك عبر رتبة تعبّر عن شفاء المؤمن نفسًا وجسدًا من جميع أمراضه النفسيّة والروحيّة والجسديّة. وبهذا، صار زيت المرضى يعني الدواء الروحيّ الّذي ينعم به ربّنا على الإنسان المؤمن، فيتوب إلى الله ويتّحد به ليصل معه إلى الملكوت[53].
تُمنح المسحة للمريض الّذي يتعرّض لمرضٍ خطير، دون أن يكون ذلك حتمًا في مرحلة النـزاع. وهي رتبة منوطة بالكهنة وحدَهم، وَفقًا لما تنصّ عليه قوانين الشرع الخاصّ[54]. ويحتفل فيها بحضور قسم من جماعة المؤمنين، ولاسيّما ذوي المرضى، الّذين يحتاجون إلى تجديد الرجاء في قلوبهم والتعزية الّتي تأتي من المسيح، الّذي يشفي جراح البشر.
5. الزواج
- يعبّر هذا السرّ العظيم عن غنى الحياة الزوجيّة الّتي تتحقّق على صورة رباط المسيح بكنيسته. وعليه، وجب الاهتمام بالمؤمنين الّذين يتأهّبون لعقد سرّ الزواج، كي يستعدّوا له الاستعداد اللائق في إطار سرّ الشراكة في المحبّة، ويطّلعوا على مفهوم الزواج ومعناه المسيحيّ، وميزات وحدته وديمومته، ويتعرّفوا الواجبات المترتّبة عليهم. من هنا، تعتبر كنسيّةً الزيجات الّتي تعقد برتبة مقدّسة بالبركة ويحتفل بها رئيس كنسيّ أوكاهن يفوّضه، على أن يحضرها إشبينان على الأقلّ. فبركة المحتفل تعني أنّه الخادم الحقيقيّ للسرّ بحكم سلطان التقديس الكهنوتيّ[55].
تحتفل الكنيسة المارونيّة، بحسب تقاليدها العريقة، برتبة الخطبة المسمّاة أيضًا “رتبة الخواتم”، وتسبق عادة “رتبة الإكليل” الّتي يتمّ فيها عقد الزواج. وعليه، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس بتجديد هذا التقليد العريق، الّذي يعبّر عن رضى العروسين في رتبة الخطبة، بينما تهدف رتبة الإكليل إلى الولوج مباشرة إلى كمال الحياة الزوجيّة[56].
6. الصلاة الطقسيّة الخورسيّة
- تَجد الصلاة المسيحيّة مصدرها الدائم في الروح القدس، الّذي يفيض أنهار ماء حيٍّ تنبع من المسيح الممجّد (يو 7/38-39). ويتجاوب المؤمن مع هذه النعمة، فيدخل في حالة إصغاء لكلام الله والعمل بموجبه. وضعت الصلاة الطقسيّة في الكنيسة لتنعش على الدوام روح اليقظة والعودة إلى الربّ، فتتقدّس منه. والصلاة الطقسيّة تعكس هذا النشيد الّذي ترفعه كنيسة الأرض إلى الآب من خلال الكاهن الأوحد، يسوع المسيح. فمن خلالها تتمّ الشراكة بين الأرض والسماء، وفيها يعبّر بوضوح عن مهمة المسيح الكهنوتيّة، وفيها تتجلّى الكنيسة الجماعة في شراكة حميمة مع الثالوث الأقدس. من هنا كانت الصلاة الطقسيّة، بحقّ، “مدرسة صلاة وإيمان”[57].
وعليه، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس كلّ أبناء الكنيسة، كهنة ورهبانًا وشعبًا، بضرورة الاحتفال بالصلوات الطقسيّة، جماعيًّا، في كنيسة الرعيّة كما في كنيسة الدير، وذلك وفقًا للكتب الطقسيّة وبطريقة خشوعيّة واحتفاليّة. ويشجّع المجمع على أن تتقن هذه الصلوات في الكاتدرائيّات، الّتي تشكّل الأنموذج الليتورجيّ لسائر الكنائس في الأبرشيّة. وتأتي صلوات الساعات لتُدخل المؤمنين في حالة “الصلاة الدائمة” واللقاء المستمرّ بالمسيح، فتثبّتهم في العبادة الحقّة وتغذّي روحانيّتهم وهم في مسيرتهم نحو الملكوت.
7. سائر الرتب والزيّاحات
- على المسؤولين الروحيّين أن يبذلوا كلّ ما في وسعهم من أجل تثقيف المؤمنين تثقيفاً ليتورجيّاً ناضجاً، فينشئوهم تنشئة أسراريّة حقّة تسمح لهم بأن يتغذّوا روحيًّا من خلال معرفة معاني الاحتفال والمشاركة الفعّالة في الرتب وسائر الطقوس التقويّة، الجماعيّة منها والفرديّة، وفي الزيّاحات المختلفة[58]، فيميّزون، من ثمَّ، بين ما هو طقسيّ رسميّ وما يسمّى بالليتورجيّا الشعبيّة، الّتي لها أثرها الفاعل في الاختبار الكنسيّ.
وعليه، تشجّع الكنيسة الإحتفالات الجماعيّة، الّتي تُظهر جليًّا قيمة الصلاة الكنسيّة وفق القواعد الليتورجيّة؛ وعلى اللجنة الليتورجيّة، أن تأخذ بعين الاعتبار وجود صلوات تقليديّة ذات طابع رعويّ وشعبيّ، فتُصلحها بشكلٍ يتلاءم مع روحيّة الطقوس وحاجات المؤمنين الروحيّة.
الفصل الخامس : الفنّ الكنسيّ والأعياد
1. هندسة الكنيسة المارونيّة
- البناء المقدّس علامة ترشدنا إلى سيّد الخليقة، القدّوس وحده، الّذي جاء وسكن في ما بيننا كي يقودنا إلى الملكوت، أرض ميعادنا الحقيقيّة في السماء.واعتُبرت الكنيسة – الحجر علامة المذبح السماويّ والهيكل الحقيقيّ في حضرة الله. والبناء المقدّس هذا يعبّر عن العلاقة بين العالمين الأرضيّ والسماويّ. لذا ترى الكنيسة من الضرورة أن يُفسَح في المجال أمام الخلق والإبداع في هندسة بنائها، إلى جانب الحفاظ على ثوابت التقليد والتراث الكنسيّين.
ولمّا صار المكان مقدّسًا بتجسّد الربّ وموته وقيامته[59]، تحوّل الكون كلّه إلى “بيت لله مقدّسًا”، نعبده فيه بالروح والحقّ (يو 4/23). والكنيسة، جسد المسيح السرّيّ، ستختار مكانًا تجتمع فيه لتعبد الله وتمجّده. وحيث تلتقي جماعة المؤمنين تكون الكنيسة، وهذا المكان سيأخذ اسمه من اسم الجماعة المجتمعة فيه. وعليه، يجب أن تكون الكنيسة، الهيكل الجديد المبنيّ بالحجارة، على صورة الجماعة المؤمنة الّتي تبنيها: بيتًا لله يحتضن إيمان شعب الله، ذات هندسة مقدّسة وفنٍّ معماريٍّ خاصٍّ ينبثق من روحانيّة الكنيسة المارونيّة وتقاليدها العريقة وليتورجيّتها الأنطاكيّة السريانيّة[60].
والمذبح هو التعبير الصريح للعبادة المرتبطة بالذبيحة الجديدة على رأس الجلجلة، به يُحمَد الله على مواهب نلناها، وعليه يتجدّد الاحتفال بعشاء الربّ الأخير، استجابة لوصيّته: “إصنعوا هذا لذكري حتّى مجيئي”. فهو كمالُ قبر الربّ، ومجد قيامته، ومصدر كلّ نعمةٍ أسراريّة، وإيقونة المذبح السماويّ حيث يحتفل الملائكة بليتورجيّا التقديس السرمديّة، وحيث تقدّم كنيسة الأرض القربان مع الابن نحو الآب. وعليه، تعبّر الكنيسة أصدق تعبير عن تجلّي الله وحضوره في وسطها. لذا يجب أن يكون مكانه صوب الشرق ضمن هندسة الكنيسة الداخليّة[61]، وذلك تماشيًا مع المعنى اللاهوتيّ والتقاليد الشرقيّة المشتركة.
2. الثياب الطقسيّة
- اللباس الليتورجيّ هو عنصر مهمّ من عناصر الاحتفال الطقسيّ. لذا يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس بالسهر على أن يتمتّع هذا اللباس بالنبل والرونق والجمال والبساطة، بعيدًا عن المغالاة، مستلهمًا أصالة اللباس الليتورجيّ في الطقس السريانيّ الأنطاكيّ، فيكون أداة صالحة لتأدية الوظيفة الطقسيّة في الاحتفال الليتورجيّ.
كما يوصي المجمع بضرورة توحيد اللباس في كلّ طقس أو رتبة أو احتفال. فللحبر لباسه، وللكاهن المحتفل لباسه، وللكاهن المعاون لباسه، وللشمّاس لباسه، وللشدياق والقارئ والمرتّل لباسهم الخاصّ بهم، بحسب درجاتهم. ولكلّ رتبة أو مناسبة لباسها ولونها الخاصّ بها. وعليه، يوصي المجمع بالتقيّد بجميع الإرشادات الّتي تصدر عن اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة في هذا الشأن، والّتي يقرّها مجمع الأساقفة برئاسة غبطة السيّد البطريرك، الّذي يأمر بتنفيذها[62].
3. الأَيقونات
- الإيقونة المقدّسة قيمةٌ عظيمة، لأنّها تذكّر المؤمنين بعظائم الله وبما حقّقه بواسطة قدّيسيه، ولأنّها تؤوّن مختلف أزمنة التدبير الخلاصيّة. تستحضر الإيقونة وتمثّل الجدّة المسيحيّة المطلقة الّتي “لم ترها عين، ولا سمعت بها أذن، ولا خطرت على قلب بشر” (1 قور 2/9)، وذلك بتقنيّاتٍ خاصّة وأشكالٍ من وحي التراث الحضاريّ الخاصّ وأساليب منسجمة ومتناسقة مع التصاوير المقدّسة، تعبيرًا عن إيمان المؤمنين بالحقائق السماويّة[63].
وعليه، يوصي المجمع المقدّس بضرورة استرداد هذا التراث العريق في كنيستنا، بعيدًا عن التأثيرات الغريبة عن تقاليدنا المارونيّة. ويوصي أيضًا بضرورة العمل على توعية المؤمنين إلى أهميّة تكريم الإيقونات المقدّسة، وعرضها، بترتيب وانسجام مع روحانيّة الكنيسة المارونيّة، في المكان الخاصّ بها في الكنيسة، وفي الاحتفالات الّتي يجب أن تظهر فيها بتطابق وتناسق مع الاحتفال الطقسيّ[64].
4. الآنية المقدّسة والأدوات المقدّسة
- اهتمّت أمّنا الكنيسة وسهرت منذ البدايات على الأثاث المقدّس، واعتنت أشدّ العناية بالآنية المقدّسة والأدوات المقدّسة، وطالبت دائمًا بأن تسهم هذه كلّها، بما لها من لياقة وجمال وفنّ، في نجاح الاحتفالات الليتورجيّة لتمجيد الله[65].
وعليه، يوصي المجمع المقدّس بالسهر الكامل على الأثاث الكنسيّ، والآنية المقدّسة، واللباس الليتورجيّ، وكلّ ما يمتّ بصلة إلى التحف القديمة والجميلة والعريقة، لئلاّ تتعرّض للتلف أو البيع، بل فليحافظ عليها بعناية فائقة لكونها زينة بيت الله المقدّس[66]، ولتخضع كلّها لصلاة البركة بحسب التقليد الليتورجيّ المارونيّ العريق، قبل البدء باستعمالها.
5. الموسيقى الكنسيّة
- الموسيقى في الكنيسة هي إرث عريق وكنـز ثمين للغاية. منبعه الأوّل هو الكتاب المقدّس والتقاليد الكنسيّة والشعبيّة، وما الترتيل إلاّ صلاة الكنيسة المباركة الّتي لا تَنْفَصل عن الاحتفال الطقسيّ. لذا توصي الكنيسة بضرورة إتقان التراتيل المقدّسة لتعبّر في المعنى واللحن عن إيمان الكنيسة الوطيد عبر الصلاة المرنّمة بلحنٍ شجيّ، فيناغم القلب بالصوت في تسابيح ترتفع إلى الآب بوقار وجلال.
وعليه، يوصي المجمع المقدّس بالحفاظ على قواعد التقليد اللحنيّ المارونيّ المعروف في كلّ صلواته واحتفالاته ورتبه الطقسيّة، على أن يراعى الهدف الأوّل للموسيقى الكنسيّة، وهو تمجيد الله وتقديس المؤمنين. وتكلَّف، لهذه الغاية، لجنة موسيقيّة خاصّة تنبثق عن اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، فتوجّه التأليف الموسيقيّ الكنسيّ وفق مقاييس لحنيّة ولاهوتيّة ثابتة وواضحة، وتسهر على كلّ الأعمال الموسيقيّة الجديدة، وتبدي رأيها قبل أن توافق عليها المراجع الكنسيّة المختصّة. وليتمّ الإهتمام بجمع التراث الموسيقيّ المارونيّ وتجديده بما يتلاءم وحاجات المؤمنين في كلّ بقعة انتشروا فيها. ولتشجّع، في هذا الإطار، الجوقات في الكاتدرائيّات لتسهم في إشراك جماعة المؤمنين الفعّالة في كلّ احتفال طقسيّ. كما يوصي المجمع بأن تعنى الإكليريكيّات وأديرة الرهبان والراهبات بتدريس الموسيقى والألحان الكنسيّة، ولاسيّما تراث المزامير، الّذي يشكل غنى موسيقيًّا مميّزًا[67].
6. الفنّ المقدّس
- يعتبر الفنّ المقدّس من أسمى نشاطات العقل البشريّ. فهو يهدف إلى التعبير عن الجمال الإلهيّ غير المحدود، ومن ثمَّ، إلى تمجيده وتوجيه المؤمنين إليه ليحمدوه ويشكروه. احتلّت الفنون المقدّسة مكانة مميّزة في الكنيسة المارونيّة، ولا سيّما في القرون الماضية، وكانت صديقة لها منذ البدايات. وما المنمنمات في أناجيلها، والتصاوير على جدران كنائسها ومغاور نسّاكها سوى دليل قاطع على اهتمامها بالشأن الفنّـيّ ببعديه اللاهوتيّ والأنتروبولوجيّ.
وعليه، يوصي المجمع البطريركيّ المقدّس، بتفعيل عمل لجنة الفنّ المقدّس التابعة للّجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، ولجان أخرى فرعيّة تابعة لها على مستوى الأبرشيات، فتسند إليها مهمّة التحقّق من أنّ مشاريع بناء الكنائس أو الكاتدرائيّات أو البازيليكات الجديدة، وتزيينها من الداخل، وترميم القديمة منها، تتوافق ومعايير التقليد الليتورجيّ المارونيّ العريق ومعانيه. تسعى هذه اللجنة إلى الحفاظ على تراث الفنّ المارونيّ المقدّس وتطويره، ولا سيّما رسم الإيقونات، فتنشيء مشاغل لهذا الغرض ترتبط بالأبرشيّات والأديار[68].
7. السنة الطقسيّة والأعياد والأصوام والبطالة
- تقوم الليتورجيّا ببناء المؤمنين هيكلاً مقدّسًا للربّ، ومسكنًا لله في الروح، في ديناميّة الحركة الزمنيّة الّتي قدّسها الربّ يسوع بتجسّده وفدائه، وكرّسها بالسنين والأشهر والأسابيع والأيّام والساعات. وتتكوّن السنة الطقسيّة لتحتفل بسرّ يسوع المسيح وبكلّ مراحل تدبيره الخلاصيّة إنطلاقًا من سرّه الفصحيّ: موته وقيامته السعيدة. وتتصاعد حركة السنة الطقسيّة المقدّسة بشكلٍ لولبيّ يعبّر عن ارتقاء الجماعة المقدّسة نحو ملكوت الآب، فلا تعود المحطَّات السنويّة تكرارًا فارغًا لأحداث جرت في الماضي، بل تصبح مع المسيح دورة تهدف إلى الوصول إلى ملء قامته[69].
والأعياد هي تعبير إيمانيّ تشرح فيه الكنيسة تعلّقها العميق بالمسيح وبتدبيره الخلاصيّ، عبر محطّات دعتها “أعيادًا”، وصنّفتها “سيّديّة” و”مريميّة”، وميّزتها عن تذكارات الأنبياء والرسل والشهداء والمعترفين لتكريمهم بعدما غاصوا في محبّة الله، واتّحدوا به، وأصبحوا أمثلة تحتذى، وشفعاء لجماعة المؤمنين، فعيّدت لهم، وكانت “الروزنامة الطقسيّة”، وكانت الأصوام، وكانت رسوم البطالة[70].
ويوصي المجمع البطريركيّ المقدّس، في هذا السياق، بضرورة الالتزام بما يصدر عن مجمع الأساقفة في شأن السنة الطقسيّة والأعياد والأصوام والبطالة. وعليه، فليردّ هذا الطابع بفطنة رعويّة إلى “الروزنامة الطقسيّة” وإلى ما كانت عليه في التقليد المارونيّ ، ولتُلغَ كلّ العناصر الّتي لا تتوافق وروح التقليد الشرقيّ الأنطاكيّ السريانيّ المارونيّ[71].
خاتمة
- الليتورجيّا الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة هي مدرسة إيمان، سكبت فيها الكنيسة لاهوتها، واختبرت روحانيّتها، وجسّدت قيمها الإلهيّة والإنسانيّة، وعكست مسيرتها الطويلة مع الكتاب المقدّس واللاهوت وآباء الكنيسة. وشكّل الاختبار الليتورجيّ عند الموارنة أهميّة محوريّة، فنمت فيه الحياة الكنسيّة وتطوّرت بكلّ أبعادها الرعويّة والنسكيّة والرساليّة والاجتماعيّة والإنسانيّة.
الليتورجيّا المارونيّة هي بحقّ “بيت غازو”، “كنـزٌ حيّ”، و”ذخيرة” زيّنت الكنيسة عبر تاريخها بالقدّيسين، أبطال الشهادة والإستشهاد. وهي، بحقّ، ينبوع أروى المؤمنين في مسيرتهم نحو أورشليم السماء.
واليوم، وأمام الحاجات الملحّة والتحدّيّات الكثيرة، فإنّ المطلوب هو ألاّ تفقد هذه الليتورجيّا روحانيّتها وبساطتها وعمقها، حتّى تبقى للموارنة وللكنيسة الجامعة الينبوع والغاية، وحتّى تسهم في نشر الروحانيّة المسيحيّة في العالم الجديد، الّذي يحتاج أكثر فأكثر إلى أن يعلن فيه سرّ المسيح المتجسّد، والنازل إلى الجحيم، ليحوّل الموت إلى قيامة وحياة جديدة.
توصيات النصّ وآليات العمل
الموضوع | التوصية | الآليّة |
1- إشراك موارنة الانتشار في ورشة الإصلاح الليتورجيّ. | 1- يوصي المجمع بضرورة المحافظة على وحدة الطقس المارونيّّ وعلى بعض الصيغ باللغة السريانيّة في جميع الأبرشيّات والرعايا المارونيّة حيثما وجدت. | 1 – تكلّف اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة تأليف لجان من أصحاب الإختصاص والخبرة، إن في النطاق البطريركيّ أو في بلاد الانتشار، لإصدار الكتب الليتورجيّة والشروحات والإشراف على الترجمات، فتعمل على : المحافظة على وحدة الطقوس. المحافظة على بعض الصيغ باللغة السريانيّة، كمثل “القاديشات آلوهو”، و”كلام التأسيس”، وغيرها من الصِيَغِ الطقسيّة. |
2- درس الليتورجيّا وعيشها في دور التنشئة. | 2- يوصي المجمع المدارس الاكليريكيّة، ودور التنشئة الرهبانيّة، وكلّيّات اللاهوت، ومعاهد التثقيف الدينيّ، بدرس الليتورجيّا وعيشها. | 2-أ: تكلّف اللجنة الليتورجيّة، بالتنسيق مع المدارس الإكليريكيّة ودور التنشئة الرهبانيّة وكلّيّات اللاهوت ومعاهد التثقيف الدينيّ، وضع برنامج تدريس الليتورجيّا المارونيّة، وذلك من النواحي اللاهوتيّة والتاريخيّة والروحيّة والراعويّة والقانونيّة. 2-ب: تعنى المدارس الإكليريكيّة ودور التنشئة الرهبانيّة بإتقان الطقوس والإحتفالات الليتورجيّة، كدرس الموسيقى الكنسيّة، وتعلّم التراتيل الطقسيّة، والتمرّس على إلقاء المواعظ، وفنّ الخطابة والتواصل وحسن الأداء. |
3- تنشئة المؤمنين دينيًّا وليتورجيّاً في الرعايا. | 3- يوصي المجمع الرعاة بتأمين حياة رعويّة وليتورجيّة تحتلّ فيها الصلوات والأسرار والرتب مكانتها المميّزة إلى جانب التعليم المسيحيّ، وذلك لكلّ فئات المؤمنين وأعمارهم وبأفضل الطرق، فيتمكّنون من المشاركة الواعية والفعّالة في الإحتفالات الطقسيّة. | 3-أ يطلب إلى الأساقفة وكهنة الرعايا، بالتعاون مع المجلس الرعويّ في كلّ رعيّة، والحركات الرسوليّة، والمؤمنين ذوي الكفاءة، وضع برنامج متكامل للتنشئة الدينيّة في رعاياهم. 3-ب: تكلّف اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة وضع دليل ليتورجيّ يتضمّن: شرح الليتورجيّا ورموزها تحضيرًا لمنح الأسرار والقيام بالإحتفالات.شرح السنة الطقسيّة وأعيادها للمؤمنين كلّما سنحت الفرصة. |
4- تحضير الأبوين والعرّابين لسرّ المعموديّة. | 4- يشدّد المجمع على أهمّيّة الاستعداد لسرّ المعموديّة، ويوصي بضرورة تحضير العرّابين والأبوين لمساعدة المعمّد “على أن يسير سيرة مسيحيّة لائقة بمعموديّته ويقوم قيامًا أمينًا بالواجبات الّتي تقتضيها”. | 4-أ: تكلّف اللجنة الليتورجيّة البطريركيّة إعداد كتيّب لمساعدة الرعاة على إعداد العرّابين والأبوين لسرّ العماد. 4-ب: يطلب إلى الأساقفة وكهنة الرعايا عدم منح سرّ العماد قبل اللقاء بالأبوين والعرّابين ولو مرّة واحدة إستعدادًا لهذا السرّ. |
5- القدّاس يوم الجمعة العظيمة ويوم سبت النور. | 5- يحتفل بالقدّاس السابق تقديسه يوم الجمعة العظيمة، ولا يحتفل بالقدّاس يوم سبت النور. | |
6- نصوص ليتورجيّة لمناسبات معيّنة. | 6- يوصي المجمع بكتابة نصوص ليتورجيّة جديدة، مستوحاة من تقليدنا السريانيّ والآبائيّ، ليحتفل بها في مناسبات معيّنة تقرّها السلطة الكنسيّة المختصّة. | 6- تكلّف اللجنة الطقسيّة البطريركيّة، مستعينة بذوي الخبرة، كتابة هذه النصوص لتعميمها والإفادة منها. |
1. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 199-248؛ الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان“، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، بيروت 1997، 65-68؛ ج. فغالي، تاريخ قانون الكنيسة المارونيّة، مجامع القرنين السادس عشر والسابع عشر، باريس 1962، (في الفرنسيّة)؛ المجمع اللبنانيّ، “1736”، بيروت 1986، 34-233.
2. كوربون، ليتورجيّا الينبوع، باريس 1980، “في اللغة الفرنسيّة؛ كتاب القدّاس، بحسب طقس الكنيسة الأنطاكيّة السريانيّة المارونيّة، بكركي، 1992، 330 – 331.
[3]. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 205 – 206؛ توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 14.
4. ج. اسحاق، القدّاس الكلدانيّ. دراسات ليتورجيّة تحليليّة، بغداد 1988؛ جامّو، هيكليّة القدّاس الكلدانيّ من مطلعه ولغاية النافور. دراسة تاريخيّة OCA 207، روما 1979، (في الفرنسيّة)؛ غ. خوري – سركيس، الليتورجيّا السريانيّة. نافور الإثني عشر، باريس 1950، (في الفرنسيّة). ب. فهد، كتاب الهُدى، حلب 1953؛ أ. جبير، كتاب الهُدى، دراسة أوّليّة، جونيه، لبنان، 1974، (في الفرنسية). إ. هايس، مدرسة الرها، باريس 1930، (في الفرنسيّة). و. ماكومبر، نظريّة أصول الطقوس السريانيّة والمارونيّة والكلدانيّة، OCP 39(1973)، 235 – 236، (في الإنكليزيّة).
5. م. حايك، الليتورجيّا المارونيّة. تاريخ النصوص الافخارستيّة، تور 1964، 5-12، (في الفرنسيّة)؛ المطران بطرس الجميّل، تجديد الحياة الطقسيّة في الكنيسة المارونيّة، تقرير الى اللجنة التمهيديّة لإعداد المجمع المارونيّ، قرنة شهوان، 1988; ي. سويف، رتب ما قبل النافور ونافور مار بطرس المارونيّ، الرقم الثالث، (شرر). دراسة تاريخيّة وليتورجيّة، روما 1992، (في الفرنسيّة).
6. ب. ديب، دراسة في الليتورجيّا المارونيّة، باريس 1919، 14-33، (في الفرنسيّة). أسّس الأباتي يوحنّا تابت مجموعة “البيت غازو” للمخطوطات الليتورجيّة المارونيّة والتي تشكّل قاعدة أساسيّة في فهم أصول النصوص وتطويرها عبر العصور.
7. يرأس اللجنة الطقسيّة سيادة المطران بطرس الجميّل ويتعاون مع عدد من السادة المطارنة والآباء والعلمانيّين ذوي الإختصاص والخبرة، بتشجيع وقدر صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الكلّيّ الطوبى ومجمع الأساقفة الموقّر.
8. أسّس هذا المعهد قدس الأباتي يوحنّا تابت بمعاونة المغفور له الأباتي عمّانوئيل الخوري.
9. أمثال المطران فرنسيس الزايك، والمطران هيكتور الدويهيّ، والخورأسقف ميخائيل الرجّي، الخورأسقف يوحنّا كوكباني، والمونسنيور ميشال الحايك، والخوري يواكيم مبارك.
10. مبارك، الخماسيّة الأنطاكيّة – أبعاد مارونيّة، جزء أوّل، 195-275؛ ر. بيداويد، رسائل البطريرك النسطوري تيموتاوس الأوّل، روما 1956، (في الفرنسية)؛ المطران بطرس الجميّل، قسم الخدم في القدّاس المارونيّ، تاريخ وهيكليّة، OCA 147، روما، 1965، (في الفرنسية). المطران بطرس الجميّل، القدّاس المارونيّ، دروس ونصوص، بيروت 1970، 202؛ ميخائيل الرّجي، في الطقس المارونيّ المشرقيّ، 1935، 481 – 522؛ توجيه لتطبيق المبادىء الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996،3-6.
11. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 211.
BOUYER L., “The Different Form of Eucharistic Prayer and their Genealogy” SP 8 TU 93 (1996) ; 156-170 ; LANNE E., “Liturgies eucharistiques en Orient et en Occident, 1er – 4e siècles”, DS 9, 884-899; C. GIRAUDO, Eucaristia per la Chiesa, prospettive teologiche sull’eucaristia a partire della “Lex Orandi” (ALOISIONA 22) Brescia-Rome 1989, à partir de la page 452;
باعوت صلاة نصف النهار ليوم الخميس من الزمن العاديّ. الشحيمة، الكسليك 1982، صفحة 254؛ ي. سويف، الله الآب في الليتورجيّا، سلسلة محاضرات، 26 – الكسليك – لبنان، 2000؛ الروح القدس في الليتورجيّا – سلسلة محاضرات، 25 – الكسليك – لبنان 1999.
13. البيت غازو (ق 12 – 13)، قدّم له وترجمه الأباتي يوحنّا تابت، منشورات معهد الليتورجيّا في جامعة الروح القدس، الكسليك – لبنان، سلسلة المصادر الليتورجيّة المارونيّة، أربعة أجزاء في ستّة كتب، منذ سنة 2000 الى سنة 2004، جزء ثالث؛ أ.مهنّا، رتب التنشئة في الكنيسة المارونيّة، OCA 212، روما 1980 (في الفرنسيّة).
14. الجنّازات المسيحيّة، سلسلة محاضرات، 11، الكسليك – لبنان 1990؛ كوربون، ليتورجيّا الينبوع؛ دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 204.
15. البيت غازو (ق 12 – 13)، قدّم له وترجمه الأباتي يوحنّا تابت، منشورات معهد الليتورجيّا في جامعة الروح القدس، الكسليك – لبنان، سلسلة المصادر الليتورجيّة المارونيّة، أربعة أجزاء في ستّة كتب، منذ سنة 2000 الى سنة 2004، جزء أوّل؛ المطران بطرس الجميّل، مريم في الكنيسة المارونيّة، بيروت، 1988.
16. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 211.
17. ي تابت، الفرض المارونيّ، كسليك – لبنان، 1972، (في الفرنسيّة)؛ ر.تافت، ليتورجيّا الساعات في الشرق والغرب، بلجيكا 1991، 67-126، (في الفرنسيّة).
18. البيت غازو (ق 12 – 13)، قدّم له وترجمه الأباتي يوحنّا تابت، منشورات معهد الليتورجيّا في جامعة الروح القدس، الكسليك – لبنان، سلسلة المصادر الليتورجيّة المارونيّة، أربعة أجزاء في ستّة كتب، منذ سنة 2000 الى سنة 2004، جزء ثانٍ.
19. البيت غازو (ق 12 – 13)، قدّم له وترجمه الأباتي يوحنّا تابت، منشورات معهد الليتورجيّا في جامعة الروح القدس، الكسليك – لبنان، سلسلة المصادر الليتورجيّة المارونيّة، أربعة أجزاء في ستّة كتب، منذ سنة 2000 الى سنة 2004، جزء رابع.
20. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 211؛ توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 18.
21. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 211.
23. إ. دويهي، منارة الأقداس، جزء أوّل، بيروت 1895، 216.
24. المرجع ذاته، 218-220؛ أ. رحماني، الليتورجيّات الشرقيّة والغربيّة. دراسة خاصّة ومقارنة، بيروت 1929. (في الفرنسيّة)؛ ف. برايتمن، ليتورجيّات الشرق والغرب، أوكسفورد 1896، (في الإنكليزيّة). دالميه، ليتورجيّات الشرق، باريس 1980، (في الفرنسيّة).
25. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 21.
27. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 23.
28. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 21.
31. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 17.
32. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 16، الإرشاد الرسوليّ “رجاء جديد للبنان“، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، بيروت 1997، 77.
33. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 17.
37. ر.تافت، ليتورجيّا الشرق والغرب، واشنطن، 1984.
38. هـ. دانزينغر، الطقوس الشرقيّة، جزء أوّل وثانٍ، غراز 1961، (في اللاتينيّة).
39. Rituale, aliægue piæ precationes ad usum Ecclesiæ Maroniticæ, Rome, 1839، دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ لثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 59.
40. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 42؛ أ. مهنّا، رتب التنشئة في الكنيسة المارونيّة، OCA 212، روما 1980 (في الفرنسيّة).
41. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 44؛ كتاب رتبتي المعموديّة والميرون، بحسب طقس الكنيسة الأنطاكيّة المارونيّة، إعداد اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، بكركي 2003.
42. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 46.
44. Diaconale Syriacum juxta ritum Ecclesiæ Antiochenæ nationis Maronitarum, Rome, 1736.
Liber dilationis juxta ritum Ecclesiæ Antiochenæ Maronitarum. Kozhayya, 1816, 1838, 1872, Beyrouth, 1888, 1908.
أما الطبعة الأولى للقداس التي تمّت في روما فهي في سنة 1594، والثانية في سنة 1716. أ. زيادة، القدّاس الشرقيّ، DTC, 11.2، 1343 – 1489، (في الفرنسيّة).
45. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 57.
50. Liber ministerii juxta ritum Sanctæ Syrorum Maronitarum Ecclesiæ. Kozhayya 1854 et 1896
المرجع ذاته، 76. ي. مرهج، معالم في تاريخ كتاب السيامات المارونيّة (أطروحة دكتوراه في المعهد الكاثوليكيّ في باريس)، 1975.
51. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 88.
52. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 89.
55. المرجع ذاته، 79 – 81 – 82؛ رتبتا الخطبة والإكليل، بحسب طقس الكنيسة الأنطاكيّة المارونيّة، إعداد اللجنة البطريركيّة للشؤون الطقسيّة، بكركي 2003.
56. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 85؛ المطران يوحنّا فؤاد الحاج، الخِطبة الزواج والطلاق عبر الأجيال وفي الكنيسة المارونيّة (أطروحة دكتوراه)، 1985، (في الفرنسيّة). المطران يوحنّا فؤاد الحاج، كتاب الناموس لابن القلاعيّ في تاريخ قانون الزواج عند الموارنة، الكسليك 2001، (في الفرنسيّة).
57. Horæ Diurnæ et nocturnæ Maronitarum, Montefiaxone, 1699، دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 59-60؛ الفرض الإلهيّ، سلسلة محاضرات، 21، الكسليك – لبنان، 1987.
58. المرجع ذاته، 225-226؛ الزيّاحات والرتب الطقسيّة، سلسلة محاضرات، 21، الكسليك – لبنان 1996.
59. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 100.
61. المجمع اللبنانيّ “1736”، بيروت 1986، 1-8؛ توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 102-107؛ إ. الدويهيّ، منارة الأقداس، جزء أوّل، بيروت 1895، 93-175.
62. الدويهي، منارة الأقداس، جزء أوّل، 285 -325.
63. بدأت تنمو في الكنيسة المارونيّة اليوم أهمّيّة الايقونوغرافيا وارتباطها بالليتورجيّا. يواكب هذا التطوّر مبادرات لإنشاء مشاغل إيقونوغرافيّة تستوحي أعمالها من التراث السريانيّ المارونيّ العريق، ونذكر منها على سبيل المثال مشغل مطرانيّة قبرص، ومشغل كليّة الفنون الكنسيّة في الكسليك، ومشغل الراهبات الأنطونيّات، ومشاغل بإدارة أفراد من كهنة وعلمانيّين. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 108.
64. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 109.
65. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 122.
67. المرجع ذاته، 242 – 246؛ نلفت الانتباه هنا الى أنّ البطريرك إسطفان الدويهيّ هو الّذي رتّب الألحان السريانيّة المارونيّة آنذاك، واستنادًا إليه، أُنجزِت دراسات موسيقيّة وعلميّة في هذا المضمار. ومن أهمّ من تعمّق فيها: الأب بولس الأشقر، الأب يوسف الخوري، الأب لويس الحاج.
68. دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 246 – 249.
69. مصادر السنة الليتورجيّة؛ دستور عقائديّ في الليتورجيّا المقدّسة، المجمع المسكونيّ الثاني، الوثائق المجمعيّة، مطابع الجميّل، بيروت 1984، 239 – 241؛
[70]. المجمع اللبنانيّ “1736“، بيروت 1986، 1-10؛ هـ. مطر، الكلندار المارونيّ، (أطروحة دكتوراه في المعهد البابويّ الشرقيّ)، روما 1987، (في الفرنسيّة). م. طوني جبران، الجمعة العظيمة في الليتورجيّا المارونيّة، دراسة لاهوتيّة وليتورجيّة، (أطروحة دكتورا، في المعهد البابويّ الشرقيّ)، روما، 2001.
[71]. توجيه لتطبيق المبادئ الليتورجيّة، الواردة في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيّة، منشورات اللجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، جل الديب، لبنان 1996، 36.