البطريرك بولس مبارك مسعد، ولد في أوائل شباط سنة 1806 في بلدة عشقوت في كسروان، وهو البطريرك الأوّل باسم بولس. هو تلميذ المدرسة المارونيّة في روما. رقّي الى الدرجة الأسقفية في 28 آذار سنة 1841، على طرسوس شرفًا، وكان نائبًا بطريركيًّا في الشؤون الروحيّة. فكان أشدّ الاهتمام بحفظ الوثائف التاريخية من أن تعبث بها يد التلف والضياع. إنتخبه مجمع الاساقفة في 12 تشرين الثاني سنة 1854 بالصوت الحي وإجماع الرأي. ثبّته البابا بيوس التاسع في 23 آذار سنة 1855. كان عالـمًا كبيرًا ومؤرِّخًا وكاتبًا، كما كان حادّ الذكاء، وذا إرادة صلبة، وبارعًا في الرسوم البيعيّة لاسيّما في الحقّ القانونيّ. وأقام في بكركي شتاءً والديمان صيفاً.

أهمّ الأحداث في عهده :

تثقيف الاكليروس وتعليم الأحداث في روما، وإعادة بناء المدرسة المارونية القديمة فيها.

إهتمامه بالمكتبة البطريركية العريقة ؛ وإجراء إصلاحات هامّة في المقرّ البطريركي في بكركي وفي الديمان، واتقنه بالاثاث الفاخر ؛ وشراء الاملاك لزيادة ازدهار المقام البطريركي.

عقد المجمع البلدي في بكركي بين 11 و13 نيسان سنة 1856، فكان أطول المجامع المارونية بعد المجمع اللبناني.

جرت ثورة الفلاحين في كسروان بقيادة طانيوس شاهين، سنة 1858.

وشهدت حبريته الاقتتال الطائفي بين الموارنة والدروز، المعروفة بحوادث سنة 1860 المؤلمة التي كان ضحيّتها المسيحيّون في لبنان والشام، ولا سيّما الموارنة.

في خلال بطريركيته، تمّ إقرار نظام المتصرفية في جبل لبنان، وثورة يوسف بك كرم على العثمانيّين، سنة 1861.

وسنة 1867، قام بأول زيارة خارجية لبطريرك ماروني منذ القرن الثالث عشر، فسافر إلى روما لحضور الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة ذكرى مرور ألف وثمانماية سنة لاستشهاد الرسولين بطرس وبولس. ومن روما توجّه إلى باريس حيث استقبله الامبراطور نابوليون الثالث، الذي قلّده الوسام الفرنسي من رتبة كومندور، في تموز 1867. كما عرّج على اسطنبول، في آواخر آب 1867، حيث استضافه السلطان العثماني عبد العزيز خان في قصر خاصّ، وجهّز له فيه كابيلا صغيرة لإقامة الذبيحة الإلهية وصلواته الخاصّة. واستحصل البطريرك منه على اعفاء المسلمين اللبنانيين من تأدية الخدمة العسكرية أسوة باللبنانيين المسيحيين. وقلّده السلطان الوسام المجيدي من الطبقة الأولى.

مؤلفاته : 1) الدرّ المنظوم ؛ 2) رد على فتح الله مراش في حقيقة انبثاق الروح القدس ؛ 3) كرّاس فس شرح حوادث سنة الستين المشؤومة ؛ 4) تاريخ العيال اللبنانية ؛ 5) مقالة في دخول المصريين الى بلادنا وجلائهم عنها ؛ 6) كتاب المحاماة عن بتولية سيدتنا مريم العذراء اسمه ” النجمة الغرّاء في تثبيت بتولية مريم العذراء ؛ 7) رسالة في الملكية والمارونية ؛ 8) فهارس السجلات البطريركية ؛ 9) الكرونيكون : تاريخ القرن الثامن عشر الذي يكمل تاريخ الأزمنة للدويهي ؛ 10) بحث تاريخي قانوني  على المجمع اللبناني ؛…

ميزاته : دمث الأخلاق، .زاهد، متعفف، متقشف، رصين، موقر، بعيد عن الهزل والمزاح والغضب، رائق الذهن، سريع الخاطر، يقظ الفؤاد، صاحب حافظة نادرة قلّ من رزق مثلها.

توفيّ البطريرك مسعد في 18 نيسان سنة 1890، ودفن في كنيسة مار بطرس وبولس في بلدته عشقوت التابعة لآل مسعد.