هو يعقوب ابن الخوري يوحنّا عوّاد من حصرون، من جبّة بشرّي، والبطريرك الرابع باسم يعقوب. وهو تلميذ المدرسة المارونية في روما. رسمه البطريرك اسطفان الدويهي مطرانًا على طرابلس سنة 1698. انتخب بطريركًا في 5 تشرين الثاني سنة 1705، وثبّته البابا اكليمنت الحادي عشر في 21 شباط سنة 1706. تنقّل في إقامته ما بين دير قنوبين ودير قزحيا ودير مار شليطا مقبس في غوسطا. أوسعه حسّاده اضطهادات جمّة حتّى أنزلوه ظلمًا وعدوانًا عن بطريركيته، حين أقاله مجمع الأساقفة سنة 1710، وأقاموا عوضه خلافًا لكلّ ناموس، الأسقف يوسف مبارك الريفوني. لكنّ الكرسي الرسولي أعلن أن تنزيله باطل، وأمر بإعادته الى السدة البطريركية. فرجع إليها في بداية 1714، وقد كان البطريرك يوسف مبارك الريفوني قد توفي في 8 أيلول 1713. هذا ما سهّل تنفيذ قرار الكرسي الرسولي وإعادة الأمور الى مجراها الطبيعي. ونجد في رواية أخرى رسالة رفعها البطريرك يعقوب عواد الى قداسة البابا إقليموس الحادي عشر يقول فيها أنّه تنازل باختياره، من غير إرغام ولا إكراه، عن مقام البطريركية المارونية لكي يتحرّر من فظاعة المشايخ غير المؤمنين واضطهاداتهم التي لا تطاف، ويحول دون إحداث فتنة وانشقاق بين أبناء طائفته، ملتمسًا من قداسته إرسال درع التثبيت الى البطريرك الجديد يوسف مبارك الريفوني.

في أيّامه، أنشأ البابا اكليمنضوس الحادي عشر، في روما، سنة 1707، أول أنطوش للرهبان اللبنانيين الموارنة، هو دير القديسين بطرس ومرشلين. فصيّروه ديرًا ومدرسة سنة 1725. ثم بيع سنة 1753 بأمر من البابا بنيدكتوس الرابع عشر وتم شراء بدلاً عنه محل آخر في روما بالقرب من كنيسة مار بطرس في السلاسل، فجعلوه ديرًا ومدرسة كالسابق على اسم مار أنطونيوس أبي الرهبان.

كان البطريرك يعقوب عواد عالـمًا بارعًا، فصيح اللسان، مهيبًا مهذّبًا. ولما جلس على الكرسي كانت الطائفة في أيّامه متموجة بالبلايا والسجس أولاً من أقاربه كانوا عقاربه، وثانيًا لأنه بواسطة أقاربه صار نهب واختطاف في أرزاق الكرسي منهم وبسببهم. أما المطران جرمانوس فرحات فينسب كل ما جرى للبطريرك يعقوب عواد كان من قلّة تدبيره وعدم إحسانه التصرّف مع مرؤوسيه وسائر بني طائفته.

اشتهر في أيامه جملة علماء ملافنة موسومين بالعلم والعمل. لمع من بينهم وكان أشرفهم وأعظمهم كوكب الشرق وقبة الحكمة الخوري بطرس التولاوي البتروني الذائع الصيت شرقًا وغربًا، الذي كان ذا غيرةٍ رسولية، واشتهر بوعظه وتعليمه ونقله لبعض الكتب من اللاتينية الى العربية. وكان ضليعًا بالعربية والسريانية. وقد أظهر براعةً وشجاعة في الجدال عند الهراطقة والمنشقين، فردّ الكثير من الروم والأرمن والنساطرة واليعاقبة الى الايمان الكاثوليكي ؛ ومن بين تلاميذه الروم : عبدالله زاخر والخوري نقولا الصائغ. ورتّب طقوسًا وعبادات شتى.

ومن الموارنة كان له تلميذان مشهوران بالعلوم والقداسة : القس عبدالله قراعلي الحلبي المصلح الرهباني ومؤسس الرهبانية اللبنانية المارونية، الذي نظّم لها فرائض وقوانين نسكية. وكان عابدًا ومتواضعًا جدًّا وبارعًا في الشريعة العالمية والبيعية، فسيم بعدها مطرانًا على بيروت. والآخر القس جبرائيل فرحات الحلبي الذي كان أيضًا من مؤسسي الرهبانية اللبنانية المارونية والذي اشتهر بعلم النحو والصرف والشعر.

وفي عصره أيضًا، نشأ علماء اتقياء منهم الخوري وهبه الدويهي ابن أخ البطريرك اسطفانوس. واشتهر بالوعظ والارشاد والعبادة لمريم العذراء. مات مسمومًا في طرابلس ودفن هناك. وشهد الكثيرون انه ظهر على قبره نور سماوي ساطع كان يلمع عليه بالليل مدة أيام ثم اختفى، والى الآن يعطي الأشفية للذين يزورون ضريحه.

ومن العلماء ايضاً المونسنيور يوسف السمعاني، والمطران سمعان عواد والقس اسطفان ورد.  وتوفّي البطريرك يعقوب عوّاد في 12 شباط سنة 1733، في دير مار شليطا مقبس ودفن فيه.