هو البطريرك يوحنا بن مخلوف من اهدن، والتاسع بهذا الإسم. انتخب بطريركًا في 16 تشرين الأول سنة 1608، بعد فراغ الكرسي البطريركيّ لعدّة شهور، بسبب الفتن وجور الحكام واحتلال الاتراك لدير قنوبين. أقام في دير قنوبين، وثبّته البابا بولس الخامس سنة 1609.
كان من التقوى العميقة والفاعلة والعبادة بمنزلة عالية حتى كان يشفي المدنفين بوضع يده عليهم. وكان كريم وكامل الأخلاق، ذا تفكير سليم، حكيمًا وفطنًا، رجل خير، كثير الشفقة على الفقراء والمساكين، ذا قلب طاهر. قاسيًا على نفسه، شفوقًا على غيره. سيرته الحلوة والثابتة تؤكّد عزمه على مقاومة كل العقبات. كان غيورًا على تقدم الاكليروس في العلوم، ومسموع الكلمة لدى الباب العالي، ويأتمر بأمره الحكام.
في سنة 1610، كانت أول مطبعة في دير مار أنطونيوس قزحيا. وفي أيامه التمس من الأحبار الرومانيين طباعة كتاب الشحيمة المارونية في روما.
في سنة 1624، أسّس أوّل معهد إكليريكي في الطائفة المارونيّة في دير سيدة حوقا في الوادي المقدّس، وطلب الى بعض الرهبان التابعين لرهبانية مار فرنسيس الأسيزي أن يعلّموا فيها ويشرفوا على تهذيب الطلاب الاكليريكيين، ووعد بإرسال المجتهدين منهم الى مدرسة روما لاكمال علومهم.
في سنة 1626، فتح الباب أمام الإرساليات الرهبانية الأجنبية من الفرنسيسكان والكرمليين والكبوشيين، وعيّن رؤساءهم نوابًا بطريركيّين عامين لتسهيل أمور رسالتهم اللبنانية.
وبسبب مضايقة حاكم البلاد والشدياق خاطر الحصروني له وللكرسي البطريركي، انتقل البطريرك إلى بلدة مجدل المعوش في الشوف، حيث بنى كنيسة السيدة وداراً، فكان في حماية صديقه الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير، الذي كان يرجع الى رأيه في أهمّ الأمور. ومن ثم عاد إلى قنوبين، حيث توفي في 15 كانون الأول 1633، ودفن في قنوبين.