مدة ولايته: من 1297 إلى 1339
شمعون أو سمعان، هو البطريرك الخامس بهذا الإسم. وفي عهده بدأت أفظع حملة تنكيل جردّها المماليك ضد الموارنة وبشكل لم يعرفه التاريخ الماروني من قبل. وفي سنة 1303 وجّه المماليك حملة إلى جبل لبنان فواجههم الموارنة بقيادة مقدميهم وكان عددهم يربو الى الثلاثين، من بينهم : خالد مقدم مشمش، وسنان وأخوه سليمان مقدّما إيليج، وسعاده وسركيس مقدّما لحفد، وعنتر مقدّم العاقورة، وبنيامين مقدّم حردين، ومقدّم بشرّي. وعند مدخل جبيل كانت الموقعة الرهيبة التي قتل فيها حمدان قائد جيوش المماليك. وكان قد حصل خلاف بين المقدّمين على قسمة الغنائم، فتدخّل البطريرك شمعون وحسمه، وكان قد وحّد كلمة أولئك المقدّمين حتى تسنّى لهم بذلك النصر المبين.
ولكن المماليك لم يصبروا على هذه النكبة. ففي سنة 1305، حشدوا جيوشهم صوب جبل الجرد، وأحاطت عساكرهم بتلك الجبال وتلك الأرض، ففتكوا بأهلها وخرّبوا كلّ البلدات والقرى. ومنذ ذلك الحين أمست نواحي كسروان خرابًا وتشتت شمل أهلها الذين بقيوا على قيد الحياة. ولـمّا انتهت الحوادث، بدأ البطريرك يحرّض الموارنة، الذين كانوا يقطنون شمال لبنان، من نهر ابراهيم حتى جبّة بشرّي، على الخلود الى السكينة وعدم التحرّش بأحد كما كانوا يفعلون من قبل. ولما انصرف المماليك لترميم ما هدمته جيوشهم، جعلوا للبنان نظامًا خاصًّا وفقًا لتقاليده في الحكم. وقسموه قسمين جنوبي وشمالي، وعهدوا بإدارة الشمال الى الامراء التركمانيين، وبإدارة الجنوب الى الأمراء التنوخيين.
وفي سنة 1313، ابتاعت الملكة قسطنسيه زوجة روبرتوس ملك صقلية كنائس القدس بثمانين ألف دينار، وهي : القيامة، وقبر مريم، والطور، فمنحت الموارنة مغارة الصليب في القدس وخصّتهم بأربعة مذابح في سائر كنائس القدس الأربعة.