البطريرك الراعي يعلن مذكرة ” لبنان والحياد الناشط “


أخبار بيان

أطلق غبطة البطريرك الكردينال ماربشارة بطرس الراعي “مذكرة لبنان والحياد الناشط”، وذلك في مؤتمر صحفي عقده في المقر الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان، بحضور المطرانين منير خيرالله راعي أبرشية البترون، والمطران جوزف نفاع النائب البطريركي على الجبة وزغرتا، وعدد من الكهنة.

في بداية المؤتمر رفع غبطته الصلاة من أجل راحة نفس شهداء تفجير بيروت، ومن أجل شفاء المرضى والمتضررين من هذه الكارثة، و عبّر غبطته عن تضامنه مع أهل المتضررين من أجل تخطّي هذه المحنة.

ثم تحدث غبطته عن أسباب إطلاقه لمشروع الحياد والموجبات له، كما تناول مفهوم الحياد الناشط مشدداً على أن نظام الحياد هو مصدر استقلال لبنان واستقراره، وعرض غبطته في فصول متتالية لأهميّة الحياد الذي ورد بتعابير مختلفةٍ في خُطَب رؤساءِ الجُمهوريَّة وفي البيانات الوزاريَّة وفي كلِّ بيانٍ وطنيٍّ يَصدُر عن هيئة حوارٍ وصولًا إلى 12 حزيران 2012 مع “إعلان بعبدا” الذي تمَّت الموافقةُ عليه بالإجماع وقد تضمَّنَ بوضوحٍ عبارةَ “تحييدِ لبنان”، كما أكّد على أن إعلانُ حياد لبنان هو فعلٌ تأسيسيٌّ مثل إعلان دولة “لبنان الكبير” سنة 1920 وإعلان استقلال لبنان سنة 1943.

وشدّد غبطته على أبعاد الحياد الناشط الثلاثة، وهي عدم دخول لبنان قطعيًّا في أحلافٍ ومحاورَ وصراعاتٍ سياسيَّةٍ وحروبٍ إقليميًّا ودوليًّا؛ وامتناع أيِّ دولة إقليميَّة أو دوليَّة عن التَّدخُّل في شؤونِه أو الهيمنة عليه أو اجتياحه أو احتلاله أو استخدام أراضيه لأغراض عسكريَّة، وثانياً تعاطف لبنان مع قضايا حقوق الإنسان وحرِّيَّة الشُّعوب، ولا سيَّما العربيَّة منها التي تُجمِع عليها دولُها والأمم المتَّحدة؛ وبذلك يُواصِل لبنان الدِّفاع عن حقِّ الشَّعب الفِلسطينيّ والعمل على إيجاد حلٍّ للَّاجئين الفِلسطينيّين لاسيَّما أولئك الموجودين على أراضيه، وثالثاً، تعزيز الدَّولة اللُّبنانيَّة لتكون دولةً قويَّةً عسكريًّا بجيشها وبمؤسَّسَاتِها وقانونها وعدالتها وبوحدتها الدَّاخليَّة وإبداعاتها، لكي تضمن أمنها الدَّاخليّ من جهة، وتدافع عن نفسها بوجه أيِّ اعتداءٍ برِّيٍّ أو بحريٍّ أو جوّيٍّ يأتيها من إسرائيل أو من سواها من جهة أخرى.

وختم غبطته بتأكيده على حاجة لبنان لأن تجد الأمم المتحدة مع الدول المعنيّة حلاً لوجود نصف مليون لاجىء فلسطيني ونحو مليون ونصف المليون نازح سوري على أراضيه.

وبعد عرضه المذكرة جرى حوار مع الاعلاميين، وكان سؤال عن معارضي فكرة الحياد أو المتحفظين عليها، فقال صاحب الغبطة :”هناك نوعان من المعارضين، وأنا لا أطلق عليهم صفة المعارضين، فبعضهم قال أن تحقيق الحياد أمر صعب، وبالتالي هم خائفون من العقبات التي نعلم نحن بوجودها، ولكن العقبات تُذلّل. لا أحد عارض بالمطلق، بل البعض تساءل ماذا سنفعل بإسرائيل، فجاوبنا أنه يجب أن يكون لدينا دولة قوية بجيشها وقادرة على الدفاع عن نفسها بوجه أي اعتداء من أي دولة كان، وبالتالي لبنان لا يستطيع الدخول في حروب الغير أو حروب ليست ضمن إمكانياته، فللبنان دور ورسالة، لأنه البلد التعددي الوحيد في المنطقة، وكما قلنا ونكرّر، يجب أن يكون هناك دولة قوية تحترم نفسها وتحفظ سيادتها في الداخل أولاً، ولا يجوز أن يكون لكلّ حزب دولة”.

وعن ما هو مطلوب من الحكومة الجديدة إزاء مشروع الحياد، أجاب البطريرك الراعي :” لقد أشارت كل بيانات الحكومات منذ العام 1943 حتى اليوم الى الحياد وعدم الانحياز في سياسة لبنان الخارجية، ثم أتى اتفاق القاهرة وبدأ معه التدهور، وسنة 1975 كانت الاجتياحات نتيجة كل هذه الأمور، فاجتاحات إسرائيل لبنان، وسوريا أيضاً، ووُجدت الميليشيات الطائفية، الى أن أتى اتفاق الطائف وأمر بحلّ جميع الميليشيات وتسليم سلاحها للجيش، ولكن بقي حزب الله بذريعة الدفاع عن لبنان بوجه إسرائيل، ونحن نقف هنا اليوم بسبب دخول لبنان في حروب الغير، حتى وصلنا الى العام 2012 وأُقرّ اتفاق بعبدا بموافقة الجميع، ثم تنصّل الجميع منه، وبالتالي نحن بحاجة الى قرار رسمي داخلياً وخارجياً بضرورة تطبيق الحياد والاّ فلبنان الى زوال، وهذا الحل هو لصالح كل اللبنانيين دون إستثناء”.