اليوم الثاني من زيارة البطريرك الراعي الى البينان
زيارات رسولية
إستهلّ صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يومه الثاني من الزيارة الراعوية الى البينان بلقاء وزير خارجية البينان اوريليان اغبينونسي باسم رئيس جمهورية البينان وعرض معه للأوضاع العامة في البلدين ولا سيما وضع الجالية اللبنانية. وبعد اللقاء قال غبطته:
“انا اليوم في زيارة راعوية لرعايانا في إفريقيا الغربية والوسطى ولقد سررنا كثيرا بلقاء وزير الخارجية الذي استقبلنا البارحة واليوم يستقبلنا باسم رئيس الجمهورية.
وتابع غبطته: “ان الهدف من الزيارة هو توطيد العلاقات بين لبنان والبينان وبين كنيستنا المارونية الكاثوليكية الانطاكية مع الدولة ونعرب عن امتنان هذه الجماعة اللبنانية بمسيحييها ومسلميها الموجودة في هذا البلد والتي تعمل بكرامة وتحقق قدراتها بفضل هذا البلد وللتأكيد على ان هذه الجماعة سوف تبقى وفية ابدا للبينان. ونحن نتمنى ان تبقى العلاقات متجددة وقوية لخير هذا البلد ولخيرنا ايضا. ولقد سمعت من الوزير ان الجماعة اللبنانية تعمل وتشارك في ازدهار البلد وهذا فخر لنا.
بدوره اعرب وزير الخارجية اغبينونسي عن قوة العلاقة التي تجمع بين البلدين. واضاف: “أكرر العبارة التي قلتها بالأمس في خلال استقبالنا لصاحب الغبطة اننا نحن ابناء البينان ولدنا ورأينا اللبنانيين معنا هنا في وطننا، فهم اخوتنا والبينان ارض الضيافة والانفتاح. وصباحا كان لي شرف استقبال البطريرك الراعي باسم رئيس الجمهورية الذي تعذّر عليه استقباله فكلفني باستقبال غبطته باسم بلدنا”. وتابع: “ان جمهوريتنا هي جمهورية علمانية ولكنها تحترم كل المعتقدات وهي منفتحة على كل ما يتيح للإنسان بان يتطور وعيش الروحانية في الحرية والكرامة. ورئيسنا يعير أهمية كبيرة لكافة الطوائف في بلدنا وكدليل على ذلك طلب مني هذا الصباح لقاء غبطة البطريرك الكردينال الراعي الذي يزور بلدنا وتحت عنوان الاخوة والتعاون.”
ثم كانت لغبطته سلسلة لقاءات في صالون رعيّة مار شربل – كوتونو وقد شملت سيادة المطران فيكتور أغبانو رئيس مجلس اساقفة البينان الذي عرض مع غبطته للخدمة الراعوية في اطار التعاون الكنسي بين الكنيسة المارونية والكنيسة المحلية. بعد اللقاء، قال المطران أغبانو: “إن الطائفة المارونية هي فرع لا يتجزأ من الكنيسة، وأتمنى أن تُكمل هذا النهج وهذه الطريق التي تسير بها، فكلّ حسب فرادته، يعطي الغنى للكنيسة، وقدّيسو الكنيسة المارونية هم قديسينا جميعاً، فأنا أعرف القديس شربل وأحتفظ بصور وذخائر له في منزلي”.
وعن أهميّة زيارة صاحب الغبطة لأفريقيا، قال: “هذه الزيارة تثبّت الايمان والاخلاص للكنيسة، وتذكّرنا أننا أبناء كنيسة واحدة، هي كنيسة الايمان والرجاء والمحبة.”
ثم استقبل غبطته ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في غرب افريقيا فضيلة الشيخ علي صعب العاملي وكانت مناسبة للتأكيد على نموذجية لبنان في العيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين. كما جرى عرض لواقع الجاليات اللبنانية في افريقيا والصعوبات التي تواجهها الى جانب الحديث عن اوضاع لبنان العامة والتدهور الاقتصادي الذي لا يفرق بين لبناني وآخر. وبعد قال الشيخ العاملي: “إن لهذه الزيارة أهمية كبرى، فهي دعم للجالية اللبنانية على المستوى السياسي، لأن الجالية اللبنانية هنا تفتقد هذا التواصل القوي والمتين مع الدولة البينانيّة، ونحن نتمنى أن يفتح صاحب الغبطة طريق التواصل بيننا وبين الدولة. أما على الصعيد الاجتماعي، فهذه الزيارة ستخلق بالطبع ألفةً بين اللبنانيين الذين يعيشون كعائلة واحدة بكل ما للكلمة من معنى، وهذه الزيارة ستعطينا الأمل لنبقى هكذا يداً واحدة”.
وعن تطرّق صاحب الغبطة لموضوع اللاجئين والنازحين في لبنان وكل البلدان، وعن حقّهم بعودة آمنة، علّق فضيلته: “نوافق صاحب الغبطة بكل ما تفضّل به، فاللاجؤون أتوا الى لبنان في ظروف صعبة، والآن عاد الأمن الى بلادهم، فيجب أن يعودوا بدورهم، لأن لبنان لا يمكنه أن يتحمّل هذه الأعباء الكبيرة. كلامنا اليوم وكلام صاحب الغبطة، ينبع من حرصنا على وطننا وعلى حق كل انسان بالعودة الى وطنه طوعيّاً واختياريّاً”.
أما عن أصداء الزيارة، فقال: “إن لهذه الزيارة تأثير ايجابيّ على كل الجاليات والبلدان التي زارها حتى اليوم، فهي تحمل معاني كبيرة على جميع المستويات، فصاحب الغبطة يملك من القدرة ما يجعله قادراً على إحداث تغيير، وهو اليوم يطالب بتوحيد الكلمة وجمع الصفوف والمحافظة على التعايش المسيحي الاسلامي”.
وبعد اللقاءات جال البطريرك الراعي في المجمّع الراعوي وزار كنيسة مار شربل التي كان دشنها سنة 2009 حين كان راعيا لابرشية جبيل وكان يتولى تأمين كهنة لخدمتها. بعدها توجه غبطته الى القنصلية اللبنانية، حيث كانت كلمة ترحيبيّة لقنصل لبنان الفخري السيد أنطوان الشاغوري.
وبدوره رد صاحب الغبطة بكلمة جاء فيها: “أحييّكم جميعاً، تحيّة خاصة نجدّد من خلالها محبتنا وولاءنا لوطننا، وهذه الحالة تعيشونها أنتم هنا في البينان. وأحيّي سعادة القنصل الذي يسعى للحفاظ على هذا التواصل بين لبنان والبينان، وأشكره على هذا الاستقبال الجميل والكرم الذي تُعرفون به. أنا أشكر الرب على وجودكم وجهودكم، فأنتم تعيشون جمال الحياة، وأتمنى لكم دوام التوفيق والازدهار. ومن هذا البيت اللبناني، أحيّي كل الجالية اللبنانية الموجودة في البينان”. وأضاف: “إن الاستقبال الذي نظّمته الدولة البينانيّة بشخص وزير الخارجية ممثلاً رئيس الجمهورية، كان جميلاً جداً ومُقدّراً من قبلي ومن قِبل الوفد المرافق، وهو علامة على مدى تقدير السلطات البينانيّة للبنان واللبنانيين المقيمين، وهذا ما سمعناه من وزير الخارجية”.
وختم غبطته:” أنا أفتخر بكم أنتم اللبنانيين الموجودين هنا، وبكل الانجازات التي تقومون بها، فلبنان المتعثّر في الداخل، متألّق في الخارج، وهذا سيرتدّ يوماً ما خيراً على لبنان.” ن يفتح غبطته هذه
وفي السياق عينه اعرب البطريرك الراعي عن تقدير خاص للنشاط الذي تقوم به الرعية المارونية في البينان بفضل جهود راعي الابرشية المطران سيمون فضول وتعاون كاهن الرعية الاب شربل الحاج الأمر الذي يساعد المؤمنين على ممارسة طقسهم الماروني ونشر كلمة الله.
وشكر غبطته الاستقبال الملفت الذي نظم له وللوفد المرافق في هذا البلد ولا سيما حفل الاستقبال الذي دعا اليه القنصل الفخري طوني الشاغوري على شرف غبطته وحضره وزراء الخارجية والسياحة والداخلية والبيئة والرياضة في البينان اضافة الى هيئات دبلوماسية واجتماعية واقتصادية وفعاليات من ابناء الجالية اللبنانية.
واضاف غبطته في الكلمة التي القاها بالمناسبة: “احيي ابناءنا جميعا في هذه الدولة العزيزة وأحملهم في قلبي وصلواتي وأود التعبير عن امتناننا لهذا البلد لاستقباله جماعتنا اللبنانية المسيحية والمسلمة وتقديم الفرص لهم ليحققوا قدراتهم ومواهبهم التي انعم الله عليهم بها
ونحن نحمل ايضا هذا البلد ومؤسساته في صلواتنا من اجل ان يزدهر وينمو وينعم بالاستقرار الدائم. نشكر القنصل العام الذي يجمعنا الليلة معكم ابنائي الاحباء وأنا احييكم لما انتم عليه فأنتم تكشفون وجه لبنان الحقيقي في البينان بوحدتكم وتكاتفكم وتواصلكم وتقاليدكم اللبنانية وعاداتكم الجميلة وأنتم تغنون هذا المجتمع من خلال ما تحملون من تقاليد وقيم ونحن حريصون على هذا لان معنى وجودكم في البينان ليس فقط من اجل العمل وانما ايضا لانكم تغتنون بقيم وتقاليد وتغنون هذا المجتمع وتغتنون منه بما له من قيم ولهذا توجد هنا رعية وسلطة دينية لان الهدف تعزيز القيم الروحية والأخلاقية وتعزيز التقاليد التي تحملونها معكم من لبنان ومن اجل المحافظة عليها وإغنائها لكي نكون فعلا كما انتم فاعلون في هذا المجتمع الذي استقبلكم على الرحب والسعة.
وتوجه غبطته الى الحضور البيناني وقال: اعزائي في البينان نحن في لبنان ضحية حرب مستمرة في الشرق الأوسط ونحن ندفع الأثمان الباهظة منذ العام ١٩٤٨ اي منذ النزاع الفلسطيني الاسرائيلي ولجوء الفلسطينيين الى بلدنا والذين بات يفوق عددهم اليوم النصف مليون نسمة يعيشون في ظروف مأساوية في المخيمات ومعهم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وهم ينتظرون منذ ٧١ سنة وصول الحل السياسي لقضيتهم من اجل ان يعودوا الى بلادهم الا ان هذا الحل تحول الى سراب وهو لن يصل ابدا على ما يبدو. لقد دفعنا ثمن حرب العراق وسوريا عاليا واستقبلنا نحو مليون ونصف نازح سوري ليصبح العدد مع الفلسطينيين نحو مليوني إنسان اي نصف عدد سكان لبنان على مساحة صغيرة جدا وهذا يشكل عبئا فظيعا على كافة المستويات وأنا اتساءل معكم اي دولة قوية قادرة على تحمل هذا العبء واستقبال نصف عدد سكانها؟ أقول هذا من اجل تحفيز صوت هذا البلد بحضور وزير خارجيته معنا الان فنحن بحاجة الى صوت الأصدقاء الذين ينادون بصوت عالي وبشجاعة بوضع حد للحرب في سوريا والعراق وفلسطين صوت يطالب بعودة النازحين فهذا حقهم بالعودة الى ارضهم لديهم تاريخهم وثقافتهم وهويتهم. السياسة الدولية تعلن انه يجب ايجاد حل سياسي للحرب السورية ومن ثم التفكير بعودة النازحين السوريين وهذا يعني ان على السوريين انتظار الحل كما فعل الفلسطينيون وعلى الارجح ان الحل سيأخذ اكثر من ٧١ سنةً فتجربة الفلسطينيين ماثلة أمامنا. نحن نطالب كل الدول الصديقة بفصل الحل السياسي في سوريا عن عودة النازحين وإلا فنحن سنكون أمام حربين الاولى مفروضة لتدمير الحجر والثانية مفروضة ايضا لتدمير الحضارة والتاريخ والثقافة.”
وتابع البطريرك الراعي: “لبنان لم يعد يحتمل دفع أثمان حروب لا دخل له بها لبنان يحمل رسالة في المنطقة وهو معروف بميزة التعايش القائمة فيه بين المسيحيين والمسلمين وبنظامه الديمقراطي الذي يحترم حرية الرأي والتعبير هذا البلد الذي يحمل رسالة الوحدة بالتنوع هو ضرورة للشرق الأوسط. ونتمنى مع الاحتفال بمئوية لبنان الكبير في لبنان ان نتمكن من العودة الى جذورنا والثوابت السياسية في بلدنا والتخطيط من اجل المستقبل.”
وكان القنصل الفخري طوني الشاغوري قد استهل الحفل بإلقاء كلمة ترحيبية أشار فيها الى ان “هذه الزيارة التاريخية لغبطتكم أتت لتشهد على التطور والنمو الذي حققه ابناء الجالية اللبنانية في هذا البلد المضيف الذي نعتبره وطننا الثاني. وشكر الشاغوري البطريرك الراعي على اهتمامه الكبير بابناء الكنيسة واصفا الزيارة بانها اكثر من تاريخية لانها اعادت الأمل والثقة الى نفوس اللبنانيين المنتشرين بان هناك راع لا يفرق بين المذاهب والطوائف وانما يبحث عن قطيعه أينما كان ليحسسه بالأمان والاهتمام وزيارتكم اليوم يا صاحب الغبطة تتزامن مع قرب الاحتفال بمئوية لبنان الكبير الذي وجد بفضل جهود البطريرك الحويك الذي تكملون مسيرته وذلك برفع صوتكم دائما من اجل ان ينعم بلدنا الحبيب لبنان وشعبه بالأمان والاستقرار ليكمل رسالته في هذا الشرق. ولا بد لنا من ان نعلن يا صاحب الغبطة بان رعيتنا باتت تشكل منذ شباط العام ٢٠١٨ جزءا من الابرشية المارونية في إفريقيا الغربية والمتوسطة وذلك بفضل جهود المطران فضول تطبيقا لما طلبه قداسة البابا فرنسيس وبتنا في شراكة مع كافة الرعايا المارونية في إفريقيا الأمر الذي عزز حضور كنيستنا في المنطقة مجددًا نشكركم يا صاحب الغبطة لان زيارتكم لنا لم تعزز وتدعم حضورنا في البلد المضيف وحسب وانما قربت المسافات كثيرا بيننا وبين وطننا الأم لبنان ليس من الناحية الاقتصادية والمادية وحسب وانما من الناحية الروحية ايضا.
LINK TO GALLERY: www.media.bkerki.org
PHOTO ALBUM: Africa Benin Visit_17.10.2019