زيارة الاعتاب الرسولية – الفاتيكان


زيارات رسولية

 

تستمر زيارة اساقفة مجمع الكنيسة المارونية المقدس للاعتاب الرسولية في الفاتيكان برئاسة غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي وقد زار الاباء قبل ظهر اليوم الاربعاء 21 تشرين الثاني المجلس الحبري للحوار بين الاديان حيث استقبلهم امينه العام سيادة المطران Miguel Angel Ayuso Guixot واعضاء المجلس.

 في مستهل اللقاء القى البطريرك الراعي كلمة تعريف وشكر تناول فيها خبرة لبنان المميزة واختبار لقاء الاديان والعيش الواحد المسيحي – الاسلامي فيه معتبرا ان نموذجية هذا العيش دفعت بالقديس البابا يوحنا بولس الثاني الى اعتبار لبنان “رسالة للشرق كما للغرب”. فللغرب يقول لبنان ان العيش الواحد بين الاديان باخاء وتعاون، هو ممكن وحقيقة معاشة، وللشرق يقول ان المشاركة بمساواة في الحكم والادارة وان الفصل بين الدين والدولة وان احترام الحريات وحقوق الانسان على قاعدة المواطنة في نظام ديمقراطي ممكن ومعاش ايضًا.

ثم انتقل الاباء الى زيارة مجمع دعاوى القديسين حيث كان لقاء مع رئيسه نيافة الكردينال جيوفاني انجيلو بيتشو استهل بتسّلم البطريرك الراعي اعمال دعوى تطويب البطريرك مار الياس الحويك من مقرر الدعوى الأب فنشنسو كريسكولو، وقد تناولت حياة البطريرك الحويك وفضائله وشهرة قداسته، تمهيدا لاعلانه مكرما. أي انه عاش ببطولة الفضائل الإلهية والإنسانية والأخلاقية، وبهذا الإعلان ينتهي رأي الكنيسة بانتظار معجزة لإعلان التطويب.

ثم جرى استعراض لمجمل دعاوى التطويب المرفوعة امام المجمع لمكرمين لبنانيين، فتبلغ الاباء انها تسير وفق الاصول وبمتابعة حثيثة ودقيقة؛ فدعوى تطويب البطريرك المكرم مار اسطفان الدويهي، الذي اعلنت الكنيسة بطولة فضائله، تنتظر انتهاء التحقيق بأعجوبة مطروحة. وكذلك دعوى تطويب البطريرك مار الياس الحويك فقد احرزت تقدما كبيرا وقد امل البطريرك الراعي صدور قرار باعلان بطولة فضائله قبل شهر حزيران المقبل. وكذلك فان دعوى تطويب الراهب المريمي الاب انطون طربيه، التي لا تزال في بداية التحقيق، هي قيد الدرس وتحتاج الى عناصر جديدة، ودعوى تطويب الاخت ايزابيل خوري مجددة الحياة الرهبانية لدى الراهبات الانطونيات، تسير بحسب الاصول، ودعوى المكرم الاب بشارة ابو مراد المخلصي تنتظر حصول اعجوبة على يده. اضافة الى دعاوى اخرى للبنانيين، اطلع عليها غبطته معلّقًا “ان لبنان لن يموت طالما ان الكثير من ابنائه هم في السماء”.      

وكان البطريرك الراعي قد شارك مع الاساقفة في الإحتفال الذي اقامته سفيرة لبنان في ايطاليا ميرا ضاهر بمناسبة العيد ال75 لإستقلال لبنان بحضور النواب اللبنانيين الذين رافقوا صاحب الغبطة في لقائه قداسة البابا فرنسيس مع رئيس واعضاء المؤسسة المارونية للانتشار قبل ظهر اليوم في الفاتيكان.

والقت ضاهر كلمة بالمناسبة شكرت فيها البطريرك الراعي لحضوره ومشاركته في الإحتفال ناقلة تحيات فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون.

واكدت ضاهر ان الشعب اللبناني”يعشق الحرية ويقدس كرامة الإنسان، وهو لم ينحن يوما امام طامع اومحتل،” لافتة الى “نضاله في سبيل نيله الإستقلال فهو يواجه الجهل بالعلم والتخاذل بالصمود واستقواؤه بالداخل وليس بالخارج.”

كما شددت الضاهر على ميزة لبنان في تطبيق صيغة التعايش “لا نسعى الى التعايش لأننا نعيش سوية منذ فجر التاريخ،” وشكرت للدولة الايطالية دعمها المستمر للبنان معلنة ان “ايطاليا تحتل المرتبة الأولى بين الدول التي تربطها علاقات تجارية وثقافية بلبنان وداعمة اساسية لمبادرات السلام فيه.

بعد ذلك لبى غبطة البطريرك والسادة الاساقفة والرؤساء العامين دعوة المؤسسة المارونية للانتشار الى لقاء تكريمي للبطريرك الراعي بحضور الكردينال بييترو بارولين امين سر دولة حاضرة الفاتيكان، والكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية، وعدد من النواب اللبنانيين وسفير لبنان لدى الكرسي الرسولي فريد الخازن وسفيرة لبنان لدى روما ميرا الضاهر وعدد من ابناء الجالية اللبنانية في روما.

في بداية اللقاء القى رئيس المؤسسة المهندس شارل الحاج كلمة رحب فيها بصاحب الغبطة والحضور مشيرا الى تاريخ الكنيسة المارونية “الزاخر بالتضحيات في خدمة الإنسان والإنسانية وما قدمته على مدى التاريخ من خدمات روحية واجتماعية وتربوية وثقافية لخير الشعوب وكل ذلك وفق تعاليم الرب يسوع.”

كما لفت الحاج الى حضور عدد من النواب اللبنانيين مسلمين ومسيحيين الذين شاركوا في لقاء غبطة البطريرك مع قداسة البابا مشيرا الى اهتمام الكرسي الرسولي بهذه الصورة المميزة من التعايش بسلام ومن الحوار والاحترام المتبادل فيما بينهم.” 

وختم الحاج:” لا يمكننا التعبير عن مدى تقديرنا واحترامنا لصاحب الغبطة لحكمته وارشاده ودعمه لنا، كما نتمنى ونصلي بعد البركة والدعم الذي نلناه من الكرسي الرسولي ان نتمم مهمتنا في الحفاظ ودعم ومساندة الحضور المسيحي في الشرق الاوسط.”

من جهته القى البطریرك الراعي كلمة حيا فيها الجهود التي تبذلها المؤسسة في سبيل مد جسور التواصل وتمتين العلاقات بين اللبنانيين المقيمين في بلدهم الأصيل واخوانهم في بلاد الإنتشار، وقال: ” لقد عشنا الیوم اوقاتا ممیزة للغایة اولھا لقاؤنا بقداسة البابا فرنسیس الذي اعرب عن حبه الكبیر للبنان. ففي الحقیقة لم نكن نعلم مقدار العاطفة والمحبة التي یكنھا للبنان. لقد كنا نستمع الى تصریحاته وكلامه عن لبنان ولكننا الیوم لمسنا لمس الید عظمة ھذه المحبة، وتقدیره لوطننا. لقد التقینا بقداسته مع وفد من البرلمانیین اللبنانیین مسلمین ومسیحیین ومعهم ايضًا السيد احمد الحریري امین عام تیار المستقبل. انھا العائلة اللبنانیة التي اتت وبعفویة تامة لتشارك والمؤسسة المارونیة للإنتشار بھذا اللقاء. اود شكر الكردینال ساندري والسفیر البابوي في لبنان على جھودھما من اجل تحقیق ھذا اللقاء لأنه من غیر المعتاد ان یقوم المؤمنون بزیارة الأعتاب الرسولیة مع البطریرك والاساقفة، انھا المرة الأولى من نوعھا. لقد تفھم البابا ھذه المبادرة العفویة والشكر الكبیر في ھذا الإطار للكردینال بیترو بارولین على جھوده الخاصة لإتمام ھذه المبادرة ومشاركتنا فرحة ھذا اللقاء. لایمكننا التعبیر عن مدى تأثر الوفد بلقاء قداسته الذي تحدث الیھم بكلام نابع من القلب والأھم من ھذا ایضا الوقت الذي خصنا به قداسة البابا مع الأساقفة حیث امضینا نحو ثلاث ساعات معه وقال لنا: “نحن ھنا في لقاء اخوي وانا ھنا للإستماع الیكم اطرحوا ما تشاؤون من الأسئلة وسوف اجیبكم علیھا،” لقد لمسنا حبه الكبیر لبلدنا وتشجیعه لنا لكي نحب لبنان اكثر واكثر ونحافظ على وجودنا فیه وعلى صیغة التعایش الإسلامي المسیحي التي تميزه. اما الفرحة الثانیة فھي ذكرى استقلال لبنان. لقد اختار قداسته ھذا التاریخ كموعد للقائه بنا ولم یكن الأمر من قبیل الصدفة. لقد جددنا الیوم ایماننا ببلدنا الغالي لبنان. اما العید الثالث فھو عید المولد النبوي الشریف وھو عید وطني في لبنان نجدد امنیاتنا وتھانینا بالعید. كل ھذه الامور تمت من قبیل الصدفة ولكن الله ھو من یقود التاریخ. وتحیة خاصة الى شخصیة حاضرة دائما معنا وھو الوزیر السابق میشال ادة مؤسس المؤسسة المارونیة للإنتشار ورئیسھا الفخري لمدى الحیاة. وكان غبطته قد رأى ان “ھذا اللقاء جاء بتدبیر رباني اذ ان الموعد لم یكن مؤكدا . والنتیجة حدوث اللقاء الجمیل والحار مع قداسته الذي وجه كلمة للبنان وللشرق. ومن ثم كان لقاؤنا مع قداسته في اطار زیارة الاعتاب الرسولیة وھنا فاجانا قداسته بقوله “انا ھنا لأستمع الیكم نحن في لقاء اخوي فقولوا ما تریدونه وانا اجیبكم.” ثم عبّر قداسته عن اھتمامه بالكنیسة المارونیة والكنائس الشرقیة كما عبر عن وجعه والمه عما یجري في المنطقة متاملا استمرار المسیحیة في لبنان والشرق الأوسط مع المسلمین لیتابعوا الطریق سویا ولكي یبقوا نموذجا للعیش بین الدیانات. لقد امتلأنا فرحا جمیعنا، خرجنا من ھذا اللقاء الذي كان بمثابة عنصرة بالنسبة لنا. تمنیت لو شارك الجمیع معنا في ھذا اللقاء لكي یدركوا كم ان البابا والفاتیكان یحبون لبنان وكم یعقدون امالا علیه وعلى دوره الكبیر. وبعد سماعنا لھذا الكلام ادركنا حجم المسؤولیة التي نحملھا تجاه لبنان فلا یمكننا التلاعب بمصیره او واقعه وحاله. كما ذكر قداسته النازحین واللاجئین في لبنان وتعجب من محبة اللبنانیین في استقبالھم ولكنه شدد على ضرورة عودتھم الى اراضیھم. الیوم عشنا فرح الله.  وردا على سؤال عن علاقة الكرسي الرسولي بالبطریركیة المارونیة اكد غبطته على متانتھا مشیرا الى انه لو لم تكن علاقة ممتازة لما حدث اللقاء الیوم مع قداسته. وھذا ظھر بشكل جلي لأنه في العادة من یأتي لزیارة الأعتاب الرسولیة ھم الأساقفة من حول العالم والإستثناء الیوم كان وجود وفد برلماني معنا رحب به قداسته وعندما علم بان الوفد يرافق البطریرك والمطارنة قرر كسر العادة واستقبلھم جمیعا وھذا یظھر كم ان العلاقة جد ممتازة ولا نعرف لماذا یروج اللبنانیون لمسألة وجود خلاف بیننا وبین الكرسي الرسولي، لا یھم نحن نعرف جیدا مدى قوة العلاقة بین كنیستنا والكرسي الرسولي.