عظة البطريرك الراعي في كنيسة سيدة لبنان داكار – السنغال
عظات
“كانت لامرأة درهم، أضاعته”
1. الدرهم الذي أضاعته المرأة، ولو على قلة قيمته، كنسّت البيت حتى وجدته وفرحت به، ودعت جيرانها ليفرحوا معها. هذا المثل يدخل في إطار الحديث عن قيمة كل شخص بشري بمفرده عند الله. اجل، الله خلقنا ويعطي الوجود لكل كائن بشري يفيض من حبّه، وافتدانا وخلصنا، وكل شخص بشري، بابنه الوحيد الذي صار بشرًا، وجعلنا خلقًا جديدًا بالروح القدس.
هذا المثل الانجيلي يعلمني – وكل واحد وواحدة منا – ان الله هو في حالة بحبّ دائمة عني لكي أستمر في الضياع. ويطلب مني ان أخرج غيري من خلاله، أكان ضلالاً روحيًا ام اخلاقيًا ام ماديًا ام مسلكيًا، سواء على مستوى العائلة او المجتمع او الكنيسة او الدولة.
2. يسعدني ان اقوم بهذه الزيارة الراعوية الى داكار وجاليتنا اللبنانية، ورسالتنا المارونية مع سيادة اخي المطران سيمون فضول، راعي الأبرشية، ونائبه العام المونسنيور مارون زغيب، مع عزيزنا الأب طوني فخري المدبر العام للرهبانية اللبنانية المارونية الجليلة، ممثلاً قدس الأباتي نعمة الله الهاشم الرئيسالعام، ومع الوفد المرافق من لبنان.
يطيب لي ان احييكم جميعًا، وان أوجّه تحية خاصة الى سعادة سفير لبنان الأستاذ سامي حداد وزوجته وطاقم السفارة اللبنانية. وأشكره على الاستقبال في المطار مع الأباء ووجوه كريمة من الجالية، على ترتيب الزيارة التي قمنا بها الى فخامة رئيس الجمهورية ، بعد ان زرنا كنيسة سيدة لبنان وصلينا مع المؤمنين. وأشكر سعادته على حفل الاستقبال الذي اقامه في دارة السفارة حيث التقينا عددًا كبيرًا من ابناء الجالية ومسؤولين سنغاليين وسفراء دول.
3. وأوّد ان اوجّه تحية تقدير وشكر للآباء، أبناء الرهبنة اللبنانية المارونية الجليلة الذين يخدمون الرسالة المارونية بوجهيها الراعوي والتربوي، وكل الذين يعاونونهم في الرعية والمدرسة والمعهد. نذكر بصلاتنا كل الذين تعاقبوا على خدمة الرسالة من الأباتي اغسطينوس سركيس الى المدبر العام الأب طوني فخري، فالرئيس الحالي الأب بسام عيد الذي ينهي خدمته، ويخلفه الأب مارون شليطا مع معاونه الأب آسيا صافي اتمنى لهما النجاج للرسالة بدوام النمو والاذدهار.
4. بالعودة الى المثل الانجيلي، يرمز الدرهم الضائع الى كل واحد وواحدة منا يعيش الضياع بمفهومه الروحي عندما يٌزيغ عن شريعة الله وتعليم الكنيسة، وبمفهومه المعنوي عندما يعيش في حالة قلق او قنوط او صدمة او عزلة. وبمفهومه المادي عندما يكون في حاجة اقتصادية ومعيشية واجتماعية.
لا بدّ من ان نتذكر ان الله قريب منا، يبحث عنا مباشرة وبواسطة الكنيسة وذوي الارادة الصالحة لي يخرجنا من حالتنا.
ويريد منا ان نكون نحن، افرادًا وجماعة، قريبين من الذين يعانون اي نوع من الضياع المذكور. من اجل هذه الغاية، كانت رسالة الرهبانية هنا في داكار وفي بلدان اخرى، وكانت الرعايا، وكانت الأبرشية، وكانت الجمعيات لخدمة المحبة الاجتماعية.
5. ان واجب اخراج الناس من ضياعهم المادي والمعنوي والاقتصادي والمعيشي، يقع في الأساس على الدولة، وهنا أخص دولة لبنان، حيث معظم الناس، هيئات ونقابات وطلابًا وعمالاً وعسكريين متقاعدين، في اضرابات ومظاهرات متتالية وقطع طرق رئيسية يُضرّ بالمصالح العامة والخاصة.
اننا نوجّه معكم النداء، من هنا من رعية سيدة لبنان في داكار – السنغال، الى السلطة السياسية عندما لتدرك حجم مسؤوليتها عن ضياع شعبنا وشبابنا، ضياعًا اقتصاديًا ومعنويًا ومعيشيًا ومصيريًا، ولتقرّ بفشلها، وتقوم، بروح المسؤولية والتجرّج من المصالح الخاصة والفئوية، بعملية الاصلاح في الهيكليات والقطاعات، ووضع حدّ للفساد ولأعمال المفسدين، ولتبدأ بعملية النهوض الاقتصادي بكل قطاعاته. بلادنا تمرّ في ظرف دقيق واستثنائي، ولذا، يقتضي ممارسة سياسية استثنائية تعلو على المعالجات العادية البطيئة، وعلى المناكفات الصغيرة غير المسؤولة.
6. فيما نوجّه هذا النداء، نرفع صلاتنا الى الله، بشفاعة امنا مريم العذراء، سيدة لبنان، فنقدّم هذه الذبيحة من اجلكم جميعًا، من اجل الرعية والرسالة من اجل جمهورية السنغال التي استقبلتكم واتاحت لكم امكانية تحقيق ذواتكم والمساهمة في انمائها. ونصلي من اجل اخراج لبنان وشعبه من “ضياعه” ومن ازماته السياسية والاقتصادية والمعيشية. كما نصلي من اجل السلام في بلدان الشرق الأوسط، وعودة النازحين واللاجئين اليها، لمجد الله، الآب والإبن والروح القدس، آمين.
#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة
—
LINK TO GALLERY: www.media.bkerki.org
PHOTO ALBUM: Mass Africa_12.10.2019