كلمة البطريرك الراعي في دورة تخرج طلاب جامعة سيدة اللويزة


أخبار

الجمعة 21 حزيران 2024

ايها الشباب الخريجون الأحباء،

1. يسعدني جدًا ان أشارك في حفل تخرجكم من جامعة سيدة اللويزة، الزاهرة والعزيزة. فيطيب لي ان احييكم واهنئكم وأهلكم الذين يفاخرون بكم. وأهنّىء رئيس الجامعة والإدارة وهيئة الأساتذة الذين ضحوا في سبيلكم وهم اليوم يفاخرون بكم. وجميعنا نتمنى لكم مستقبلًا زاهراً في ما انتم تخططون له. وأشكر رئيس الجامعة حضرة الأب بشاره الخوري على اشراكي في حفل تخرجكم. ايها الشباب، انتم “حراس الصباح” (اشعيا)، انتم فجر الحياة الجديدة. انتم تقلقون على مستقبلكم ومصير وطنكم، لكنكم لا تيأسون، لأننا ابناء الرجاء، ابناء القيامة. لقد مررنا في ظروف أصعب من التي نعيشها اليوم. واضمحلّت وبقي لبنان. هذا اللبنان الغني بقديسيه لن يسقط، بل يبقى ثابتًا بهمة ابنائه اللبنانيين.

انتم تتلقون من هذه الجامعة الأسس الثقافية والخلقية والتعليم النوعي الذي سيجعل منكم مسيحيين نانشطين، وشهودًا للإنجيل، ومواطنين مسؤولين في وطنكم، حاملين رسالة الكنيسة.

2. ان جامعتكم أخذت على عاتقها مبادىء تعليمية وهي :

أولاً: توفير نوعية التعليم في فروعها الثلاثة : الفرع الأم في زوق مصبح حيث عمق جبل لبنان، وفرع برسا الشمالي، وفرع دير القمر الشوف. تقدم هذه الفروع الثلاثة الاختصاصات التي تتكامل وتترابط بشكل مركزي، وهو ما أدّى الى نيل أرقى الاعتمادات المؤسساتية العالمية سنة 2018.

ثانيًا : تطبيق مبدأ الدمج الأمثل لذوي الصعوبات التعليمية، من خلال التعاون مع مؤسسة SKILD، التي تعنى بإحاطة هذا الموضوع بكل الأطر المثالية لتطبيقه سواء على مستوى الهيئة التعليمية، ام على مستوى المتابعة والمرافقة للطلاب الذين يتمتعون بكل الحقوق اللازمة لنيل التحصيل العلمي، والدخول بالتالي الى سوق العمل.

ثالثًا : تطبيق مبدأ البعد الإنساني من خلال البناء المتكامل للإنسان، اكاديميًا، فكريًا، علميًا، ثقافيًا، رياضيًا، وطنيًا، دويوقراطيًا وروحيًا. وبذلك يتكامل مع العائلة والمدرسة والمجتمع لرفد بالطاقات المتكاملة.

رابعًا : تطبيق مبدأ التعاضد المجتمعي والإنساني، كانت جامعة سيدة اللويزة سبّاقة بتطبيق وتقديم كل دعم، تفهّمًا لشمولية ترددات الأزمة، بدءًا بتوازن قيمة الأقساط، وصولًا الى كل التسهيلات المتعلّقة بتسديدها.

خامسًا : تطبيق مبدأ الإنفتاح، من خلال مدّ الجسور مع الخارج، وتثبيت الجسور السابقة على محورين :

• الأول : تفعيل خزّان خريجي الجامعة في شتى دول العالم.

• الثاني : تفعيل الإنفتاح على الولايات المتحدة الأميركية من خلال رابطة اصدقاء جامعة NDU.

سادسًا : تحقيق مفاعيل الرسالة الأساسية للجامعة من خلال بناء قادة وشباب المستقبل، هي التي مدّت المجتمعات المحلية والعالمية بأكثر من 25000 الف خرّيج وخرّيجة يرفعون اسمها واسم وطنها لبنان. وهي تسعى جاهدة الى تثبيت الشباب في أرضهم من خلال تأمين فرص العمل.

3. أمام واقع التدهور المستمر وتناسل الأزمات، وجدت الجامعة نفسها أمام حتميّة المواجهة من خلال لعب دور الدولة الغائبة والمُغيّبة، وحيث إنها تشكّل الأرضيّة المثالية للقيام بالدراسات والأبحاث العلمية اللازمة لإستنباط الحلول من خلال مؤتمرات وندوات تُستتبع بآليات تطبيقية مع المراجع المعنية، أكانت رسمية محليّة، أم بالتعاون مع منظّمات دولية، إمتدادًا الى الدول المؤثرة من خلال التشبيك المستدام مع السفارات المعنيّة. وهذا ليس فقط من أجل دعم الرسالة التعليميّة وحسب، بل ان الجامعة تجد نفسها أمام لعب دور وطني، اجتماعي، تنموي واقتصادي.

4. صحيح ان هذا التدهور الوطني العام يشكّل خطرًا كبيرًا على مستقبل شبابنا، ولكن قطاع التعليم العالي لديه القدرة على لعب دور الدفاع والتحصين، لا بل تمتين ركائز هيكلنا المتداعي، وذلك بقوة الإرادة، العزم، المقدرة والثقة.

وعليه، فإن دور الجامعات، لا يقتصر فقط على التثقيف وبناء الأجيال، بل يتعدّاه الى بناء قادة يشكّلون ضمانةً للمستقبل المنشود.

من هنا الدعوة الى اتاحة المجال لعيش الديمقراطية والتلاقي بالملء، لكيما يكون الشباب عيّنة يُفتَخر بها في هذا المجال، وهذا هو واقع الحال في جامعة سيدة اللويزة.

وبالأكثر فإن الجامعة هي صرحُ استقطاب لكلّ قطاعات المجتمع وتكاوينه، محليًا كان أم دوليًا، وهذا يجعل منها رافعةً أساسية للوطن.

وأبعد من ذلك، الجامعة هي حصن دفاع بإمتياز، منبرها مسموع، والأنظار تتّجه اليه على الدوام، لما فيه من نتاج فكري، علمي، ثقافي، نُخبويّ يشكّل مرجعيةً وأكثر.

شبابنا اليوم، تسمعون أنكم الأمل، الرجاء والتطلّع نحو آفاق المستقبل، وهذا صحيح.

لكن اليوم انتم والوطن على مفترق أساسي ومفصليّ، قرارنا معكم نهائي وناجز، لبنانُنا هو لنا، لا مساومة على هويّته وكيانه.

انتم في جامعة سيدة اللويزة التي نفتخر بها، برهنتم أنكم حصن الدفاع المتين، قد تتواجهون مع الكثير من التحديات والمصاعب، لكن كونوا من أهل الثقة ان جامعكتم وكنيستكم هي الى جانبكم على الدوام. سلاحكم العلم، الكلمة، المثابرة، القرار، الحوار، التلاقي.

عشتم! عاشت جامعة سيدة اللويزة! عاش لبنان.