البطريرك الراعي يزور رئيس الجمهورية اللبنانية – بعبدا


نشاط البطريرك

 

زار صاحب الغبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القصر الجمهوري في بعبدا قبل ظهر اليوم الجمعة 8 نيسان 2022 حيث التقى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وجرى البحث في موضوع التحضيرات لزيارة قداسة البابا الى لبنان، كما وجه صاحب الغبطة دعوة الى فخامة رئيس الجمهورية للمشاركة في قداس عيد الفصح المجيد في بكركي.

بعد اللقاء، تحدث غبطته الى الاعلاميين فقال: “تشرفت مع سيدنا المطران ميشال عون، بزيارة فخامة الرئيس لتهنئته على عودته بالسلامة من الفاتيكان، حيث قام بزيارة ناجحة والبرهان القرار الذي اتخذه قداسة البابا بزيارة لبنان في حزيران المقبل. وقد تطرق اللقاء الى هذا الموضوع لأن سيدنا المطران ميشال عون هو رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان ويتمثل فيها مختلف المطارنة من كل الكنائس، والمسؤول عن ترتيب الزيارة على المستوى الكنسي، وقد أعطى الرئيس عون توجيهاته بالنسبة لترتيبات اللجنة الوطنية في القصر الجمهوري. كما أطلعت الرئيس عون على لقاءاتي في مصر ونقلت له تحيات الرئيس المصري والأمين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، وهما يحملان همّ لبنان، وقد شكرنا الرئيس السيسي على فتح أبواب مصر أمام اللبنانيين والشركات اللبنانية في هذا الظرف الصعب، كما على فتح الاسواق المصرية للتفاح اللبناني، وهو يحمل القضية اللبنانية في قلبه. وكان لي الشرف بأن أوجه دعوة الى الرئيس عون للاحتفال معاً بعيد الفصح، لا سيما وأن لدى الرئيس عون الحرص على المحافظة على هذا التقليد في عيدي الميلاد والفصح المجيد، وبأن نحتفل معه في بكركي”.

 

وتابع غبطته: “ان اللقاء تطرّق الى عدة مواضيع، وجميعنا نتطلع الى شهر حزيران المقبل والى اليوم الذي سيأتي فيه قداسة البابا الى لبنان بعدما يتمّ تحديد تاريخ هذه الزيارة وبرنامجها، وهذا ما يعمل عليه حاليا في السفارة البابوية بالتنسيق مع المطران ميشال عون وفي اللجنة الوطنية في القصر الجمهوري”.

 

وعن سؤاله عن أي رسالة يريد قداسة البابا ايصالها عبر زيارته لبنان؟ أجاب صاحب الغبطة: “أنا أعتقد أن قداسة البابا سيحمل كلمة رجاء ليقول الى اللبنانيين أنكم تعيشون ليلا طويلا على كل المستويات، ولكن بعد هذا الليل الطويل سيكون هناك فجر، وسيتحدّث عن قيمة لبنان ودوره ومميزاته بالعيش معاً وتعدديّته، وعن ديموقراطيته والصعوبات التي يمر فيها اليوم على مختلف المستويات، الاقتصادية والاجتماعية والمالية. سيكون لديه كلمة رجاء”.

 

أما عن تطرّقه مع الرئيس عون الى موضوع القضاء، قال البطريرك: “في الحقيقة لم يكن هناك مجال لتناول هذا الموضوع، فالحديث كان محصوراً أساساً بالمواضيع الثلاثة التي أشرت إليها ولم نتطرّق الى قضايا لبنانية حالية”.

 

كما سُئل غبطته عن الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي بالتزامن مع الحديث عن عودة سفراء مجلس التعاون الخليجي الى لبنان، فأجاب: “هذا الاتفاق وعودة السفراء أمران يكمّلان بعضهما البعض، وقد تطرّقنا خلال اللقاء مع فخامة الرئيس الى هذا الموضوع واستوضحت منه بعض النقاط عن الاتفاق مع صندوق النقد، فأشار الرئيس عون الى انه تم الاتفاق على جميع المراحل كما على خطّة الاصلاح، موضحاً ان كل الامور أصبحت جاهزة ومن الممكن ان نبدأ فوراً بتطبيق الاتفاق، وعلى الحكومة أن تبادر الى تقديم مشاريع القوانين الى المجلس النيابي حيث اعلن الرئيس بري ان المجلس على استعداد للمباشرة بالقيام بما هو مطلوب منه في هذا السياق. وقد أكد رئيس الجمهورية ايضا ان العمل في هذا الاتفاق لا يتوقف بعد اجراء الانتخابات النيابية في ظل حكومة تصريف أعمال، فهناك استمرار لعمل السلطة وقد اتّخذت القرارات في هذا الموضوع قبل اجراء الانتخابات ويجب مواصلة العمل بها. أما في ما يتعلق بعودة سفراء التعاون الخليجي الى لبنان، فهذا الامر يصب في الاتجاه ذاته، خصوصا وأن دول هذا المجلس يعبرون دائما عن استعداهم للوقوف الى جانب لبنان ومساعدته، إذا ليس هناك من تناقض بل تكامل”.

 

أما عن تخوف صاحب الغبطة من أمر ما في حال عدم حصول اقتراع كثيف، أجاب: “نحن ندعو اللبنانيين الى الاقتراع، لأنه لا يكفي المطالبة بالتغيير، إذ لا تملكون الحق بالقول ان ليس لديكم ثقة بأحد، فالاقتراع هو واجب دستوري، وإذا فعلا تريدون التغيير فعليكم التوجّه الى صناديق الاقتراع واختيار اشخاصا تمنحونهم ثقتكم. فلا يكفي القول بأن ليس لدي ثقة بأحد، فهذا كلام لا يقال. ولا يمكن اعتبار الجميع سيئون، اختاروا الاشخاص الذين تعتبرون أنهم سيتمكنون من إجراء التغيير في لبنان، والاشخاص الذين يلبون صرخاتكم. فنحن في الاساس باركنا الثورة عندما بدأت. لماذا، لأنها كانت عابرة للطوائف والمناطق وبدأت بشكل عفوي. وكنا نقول للثوار دائما، أكملوا مسيرتكم ولكن اعلموا ماذا تريدون. اعملوا على تهيئة النخب من بينكم وتوقفوا عن حرق الدواليب وقطع الطرقات. ونحن دائما ندعو اللبنانيين الى كثافة الاقتراع، ففي صناديق الاقتراع يبدأ التغيير”.

 

وردّاً على سؤال: زيارة قداسة البابا للبنان تفرض وجود وحدة وطنية ومصالحة وطنية، فهل ستعملون خلال الفترة الفاصلة عن الزيارة على التخفيف من حدة الاحتقان الذي نراه حاليا؟

أجاب البطريرك: “هذا الامر لا يحصل بسحر ساحر، ويتطلب عملا مكثفا، وللأسف زادت حدته مع اقتراب الانتخابات التي يجب أن تشهد تنافسا بالبرامج بدلا من الاهانات والاساءات. واليوم اصبح هذا الامر بعيدا جدا. ونحن نسأل ما معنى الوحدة الوطنية؟ نحن نطالب بالوحدة الوطنية ليس لأننا مختلفون على الرؤية، فهل يا ترى لدينا جميعا ولاء للبنان، للدولة ولمؤسساتها؟”.

 

وتابع غبطته: “اللبنانيون يقولون، والمسيحيون خصوصا، انهم منقسمون. وأنا اقول لهم، هل هم منقسمون ايديولوجيا. كلا بل هم منقسمون لأن هناك امرا غير طبيعي يتعلق بالولاء للبنان. ولاؤنا جميعا يجب أن يكون للبنان، وعندها تتكون الوحدة الوطنية. وأنا شخصيا كنت انتقد تسمية الحكومة بحكومة وحدة وطنية، إذ لا يمكن أن يكون اسمها وحدة وطنية عندما يجلس الاضداد والمتباغضون سويا. الوحدة الوطنية تتكوّن عندما يتمّ التفاهم والتصالح حول الشؤون الوطنية، فيما هم يسمّونها نقاطاً خلافية. وأنا أكرر الدعوة الى المسؤولين اللبنانيين انه في حال عجزهم عن الجلوس الى طاولة لحل الامور، فيجب عندئذ حصول مؤتمر دولي كما حصل في الطائف وغيره. وفخامة الرئيس وجه دعوة مرتين الى طاولة الحوار، فمن لبى الدعوة؟

 

كما أكّد صاحب الغبطة انه “لا يمكن إجراء وحدة وطنية إذا كان الجميع يشارك في الحكومة. فأولا علينا أن نتفاهم على ما يسمونه نقاط خلافية ومعرفة ما هي هذه النقاط. فالطبيب يجب أن يشخص للمريض مرضه اولا. واللبنانيون لا يريدون الجلوس الى طاولة لتشخيص المشكلة. وأنا أعتقد أنه سيكون للبابا كلام قوي في هذا الموضوع، ففي الفاتيكان يتألمون على لبنان وشعبه المنقسم، بل بالاحرى على سياسييه المنقسمين”.