البطريرك بشاره الراعي يحتفل بالقداس الإلهي من مزار مار شربل على تلة الصليب في فاريا


نشاط البطريرك

“الزرع الجيّد هم أبناءالملكوت” (متى 13 : 38)

1. القديس شربل زرع جيّد زرعه الله في حقل بقاعكفرا، وحقل الرهبانية اللبنانية المارونية، وحقل كنيستنا، بل في ارض لبنان فنما وتحصّن من زؤان الشر والأشرار، حتى انه “يتلألأ إلى الأبد كالشمس في ملكوت الآب” (متى 13 : 43).

2. يسعدنا ان نحتفل اليوم معًا بهذه الليتورجيا الالهية، ونحن نحيي ذكرى القديس شربل ونستشفعه لكي نعرف مثله ان نحافظ على طبيعتنا الاساسية “كزرع جيّد زرعه الله في حقل هذا العالم وفي أرض لبنان ، ونحميه من زؤان الشر والأشرار.

ويطيب لي ان احييكم جميعًا وبخاصة رئيس المجلس البلدي عزيزنا المهندس ميشال سلامه واعضاء المجلس وعائلته وشقيقه واسرته اشكره على الكلمة الافتتاحية وعلى شهادة الإيمان بما يصنع مار شربل بالمؤمنين. هم الذين شاؤوا رفع تمثال القديس شربل على هذه القمة الجميلة جبل الصليب من فاريا العزيزة قرب الصليب المرتفع عليه والمشع بنوره على المنطقة.

3. كان المثل الانجيلي الذي ضربه الرب يسوع لتلاميذه وفي إنجيل اليوم يشرحه هو افهامنا سرّ ملكوت الله الذي يبدأ على الأرض بالكنيسة، جماعة المؤمنين المنظمة تراتبيًا، ويكتمل في السماء عند نهاية العالم.

وأراد الرب يسوع من خلال هذا المثل افهامنا سرّ الانسان الذي هو زرع جيّد من طبعه يزرعه الله في حقل هذا العالم ليعطي ثمار الخير في العائلة والمجتمع والكنيسة والدولة.

لكن الشيطان عدوّ الله والانسان، والأشرار اتباعه يزرعون بقرب الإنسان زؤان الشرّ على انواعه من اجل تبديل طبيعته الحسنة اساسًا لأنه مخلوق على صورة الله. كل إنسان من أي دين او عرق او لون كل إنسان مخلوق زرع جيًد على صورة الله . وهناك مع الأسف كثيرون سقطوا ويسقطون في هبائل هؤلاء الأشرار فتتبدّل حياتهم، ويكثر الشرّ وفاعلوه وتكثر الشكوك في المجتمعات البشرية.

4. أمّا الربّ يسوع ابن الله المتجسًد بتجسّده والفداء اتّحد بكل انسان، وجعله طريقه لكي يخلصه بكلامه وبنعمته ويحميه من الخطيئة والشرّ. وعهد بالإنسان هذا الى الكنيسة، فاصبحت بدورها معنيّة به، ايًا يكن لونه ودينه وثقافته ورأيه.

هذا الانسان، ليس بالمطلق إنما هذا الإنسان الذي امامنا ونراه ونتعامل معه كل يوم، والذي هو طريق الكنيسة، ينبغي ان يكون أيضاً هو اياه طريق الدولة وطريق العمل السياسي، وان يكون المحور لأي مشروع اجتماعي وسياسي. هذا الانسان – الطريق رسمه المسيح الاله نفسه، وجعل من ذاته الطريق الى كل انسان عبر التجسّد والفداء. هذا هو المعنى اللاهوتي لارتفاع صليب الفداء على هذا الجبل على هذه القمة من فاريا العزيزة، وهذا هو المعنى اللاهوتي لارتفاع تمثال القديس شربل الانسان المفتدى بامتياز والمتلألأ بنعمة الخلاص في السماء . وانتم تشاؤون ان تجعلوا من هذا الجبل موقع اشعاع روحي كما رأينا في الأبنية الجديدة وتطلعات اخرى. اخذ الله بيدكم وحقق امنياتكم وكافأكم على كل شيء .

5.انطلاقًا من هذا الرابط اللاهوتي بين المسيح والانسان، وبين الكنيسة وبين الإنسان عينه، نقول مع القديس البابا يوحنا بولس الثاني: “ان كل ما يمسّ الانسان في كرامته وسلامة حياته وحقوقه، إنما يمسّ الكنيسة في صميم فؤادها وايمانها بابن الله المتجسّد. فلا يحق لها يواصل قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ان تصمت عن الظالم، بل عليها ان تتسلّح بالجرأة، وتعطي صوتًا لمن لا صوت له، وتعيد صرخة الانجيل في الدفاع عن الفقراء والمظلومين والمهدّدين والمحتقرين والمستضعفين والمحرومين من حقوقهم الاساسية، ولا يستطيع احد ان يوقفها عن ذلك” (فادي الانسان 13؛ انجيل الحياة ،5)

6. وما القول عن زؤان النزاعات والخلافات والعداوات المستجرية والتي تباعد بين القلوب، وتعطّل عمل المؤسسات الدستورية والعامة وتسيّس نشاطاتها وتمذهبها، والكل على حساب الشعب المقهور. 

فإننا نرجو بإلحاح القيادات وذوي الارادات الصالحة ندعوهم الى جرأة المصالحة عن طريق المصارحة والصالح العام. ليست الرجولة في بث زؤان الخلافات والاساءات بل الرجولة في زرع حبات التفاهم والتلاقي والحوار البنّاء، لقد انتهت الشريعة القديمة “العين بالعين، والسن بالسن”، وبدأت مع المسيح منذ الفين سنة شريعة المغفرة ومبادلة الشرّ بالخير، الى هذه الثقافة الانجيلية نحن ننتمي ونحن بحاجة اليوم الى أكثر يوم مضى. 

7. من هذا المكان المقدس، من على اقدام صليب الفداء، وفي ظل تمثال القديس شربل، نرفع افكارنا وعقولنا وقلوبنا الى العلى، ملتمسين نعمة الاستمرار في طبيعتنا الاساسية كزرع جيّد في حقل هذا الوطن ونواصل زرع حبات قمح جيًدة في مجتمعنا وعائلاتنا وكنيستنا والوطن بنعمة الثالوث القدوس، الآب والابن والروح والقدس، له المجد والتسبيح الآن والى الأبد، آمين.

 

LINK TO GALLERY: www.media.bkerki.org



PHOTO ALBUM: FARAYA MASS_9.8.2019