البطريرك الراعي يضع حجر الاساس لكنيسة القديس شربل في الدوحة – قطر


نشاط البطريرك

واصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الجمعة 20 نيسان 2018، زيارته الراعوية الى قطر يرافقه المطرانان بولس الصياح وسمير مظلوم والأب شربل مهنا خادم الرعية المارونية في قطر، واستهل اليوم الثاني منها بوضع  حجر الاساس لكنيسة مار شربل ومجمعها في الدوحة، بحضور السفير البابوي في قطر فرنشيسكو مونتشينيلو باديلا، النائب الرسولي لشبه الجزيرة العربية المطران كاميللو باللين، سفير لبنان في قطر حسن نجم،  مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو ابو كسم، لجنة بناء كنيسة القديس شربل، سفراء دول، ملحقين عسكريين، وفعاليات اقتصادية واجتماعية ورجال اعمال ومؤمنين  من أبناء الجالية اللبنانية.

وألقى جهاد ابي صالح كلمة بالمناسبة شكر فيها البطريرك الراعي “حضوره وتبريك حجر الاساس للكنيسة باسم الجالية اللبنانية في قطر”، وقال: “أبناؤكم يا سيدنا تغمرهم اليوم في قطر الفرحة الكبيرة لوجودكم بينهم، فباركوا هذا المشروع الحلم الذي يتجسد اليوم بوضع حجر الاساس لبناء كنيسة القديس شربل الذي فاض بنعمه على العالم اجمعين ومن دون تمييز”. 

بدوره، رحب البطريرك الماروني بالحضور وشكر الله على “عنايته ورحمته برفع القديس شربل على مذابح الكنيسة. هذا القديس المسافر الكبير الذي وصل الى دول العالم كلها ومن بينها قطر فلمس قلوب المسؤولين فيها فقدموا له ارضا لبناء كنيسة على اسمه في الدوحة تفتح ابوابها لجميع المؤمنين من دون استثناء.”

وشدد غبطته على ان “الله يخاطب كل انسان وما على الانسان سوى الاستماع الى صوته، ليعمل بمشيئته ويمجد اسمه”، شاكرا “للاب شربل مهنا الراهب المريمي كل “الجهود التي بذلها مع لجنة الكنيسة والمعنيين في سبيل اطلاق المشروع، هو الذي الدعوة وجاء الى قطر ليخدم الجماعة المارونية فيها. رافقهم الله لانهم بايمانهم وبجهودهم وضعوا يدهم بيد الاب شربل وبتوجيهات المطران باللين سيتم تنفيذ مشروع بناء الكنيسة على رغم من كل المشاكل الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الشرق. لقد قبلوا التحدي لبناء هذه الكنيسة، ومار شربل سيكافئهم”.

بعد ذلك، كان عرض لصور تجسد مختلف اقسام الكنيسة والمجمع الراعوي التابع لها، وهي تضم مدرسة تتسع لزهاء 600 طالب وكذلك ديرا، اضافة الى الكنيسة ومكاتب تابعة لها. 

وتوجه غبطته والحضور بعد تبريك المكان بالماء المقدس الى كنيسة سيدة الوردية للاحتفال بالذبيحة الإلهية وقبل بدء القداس، ألقى النائب الرسولي لشبه الجزيرة العربية المطران كاميلو بالين كلمة، وقال: “بحضوركم معنا، يا صاحب الغبطة، يوضع حجر الاساس لكنيسة مار شربل المارونية فتجسد نعمة من الله الذي يرعى ابناءه اينما كانوا. وتشريفكم لنا بالحضور يرمز الى وحدة الكنيسة التي صلى لاجلها يسوع”. 

وأضاف: “ها نحن نحتفل اليوم بوضع حجر الاساس في اول كنيسة مارونية في الخليج. ونحمد الله الذي امدنا بمكان نجتمع فيه للقائه لكي نقدم اليه افراحنا ومشكلاتنا. الحق ان الهدف من الكنيسة هو ان يكون هناك مكان يمكننا فيه ان نجدد علاقتنا بالرب من خلال يسوع المسيح وننعشها ونعمقها. ونتقدم بأسمى آيات الشكر لدولة قطر، اميرا وشعبا، لانفتاحه على الاديان الاخرى وهو موقف يشترك مع بعض بلاد منطقة الخليج. وكلما كنا اكثر انفتاحا على الاخر كلما كان الله كريما معنا. وهذه الكنيسة هي بمثابة صورة الام التي تستقبل اولادها وترحب بهم، ولا شك في ان هذه الكنيسة المارونية في قطر ستكمل مهمتها اذا ما قبلت طوائف اخرى صغيرة، ولا سيما تلك الطوائف الناطقة بالعربية. هذه الكنيسة سوف تكون علامة على هويتها الجوهرية اي لكونها كاثوليكية تلك التي تعني عالمية، وللكنيسة المارونية علاقة خاصة مع الحبر الاعظم وظلت متحدة معه برغم الاضطهادات وشتى المتاعب التي وقعت عبر التاريخ”. 

وشكر باللين “الآب على رؤية هذه الوحدة والمحبة من جانب الكنيسة المارونية تجاه الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وتابع: “نبدأ بناء هذه الكنيسة الملموسة، لكن الهدف هو اقامة كنيسة روحانية هي، في الحقيقة، كل فرد منا، وكل واحد منا يسكنه الروح القدس منذ لحظة معموديتنا. وفي الوقت عينه، علينا ان نشبك ايدينا سوية لكي نكون قادرين على بناء الكنيسة الملموسة. وعلينا ان نجدد قلوبنا وعلاقتنا بالرب وبجيراننا. وهكذا تكون الكنيسة الروحانية جميلة تنشر الوحدة والمحبة والمشاركة للكل”. 

وقال: “ان وضع حجر الاسس هو مناسبة خاصة لكي نجدد امانتنا واخلاصنا ليسوع وللرسالة التي اعطانا اياها ان نكون تلاميذه اخوة واخوات لبعضنا البعض بصرف النظر عن الجنسية او اللغة او الدين”.

بعدها ترأس البطريرك الراعي القداس الإلهي في كنيسة سيدة الوردية في الدوحة وعاونه المطرانان سمير مظلوم وبولس الصياح وخدمت له جوقة سيدة الوردية في قطر .

والقى غبطته بعد قراءة الانجيل، عظة بعنوان: “أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي” (متى 16: 18) قال فيها: “عندما سأل الرب يسوع تلاميذه: “وأنتم من تقولون اني أنا هو؟” أجاب سمعان بن يونا: “أنت المسيح ابن الله الحي”. فامتدح يسوع إيمانه وبدل اسمه إلى بطرس أي الصخرة، ويعني بها “صخرة الإيمان التي عليها يبني كنيسته” (راجع متى 16: 15-18). هذه الكنيسة هي “بيت الله” المكون من المؤمنين بالمسيح كحجارة إيمانية حية، على ما كتب بطرس الرسول: “كونوا أنتم أيضا مبنيِين كحجارة حية بيتا روحيا” (1 بط 2: 5). هذا هو المعنى اللاهوتي والروحي للاحتفال بوضع حجر الأساس لكنيسة مار شربل الذي قمنا به. هذا الحجر المعروف “برأس الزاوية” هو المسيح، كما قال بطرس الرسول (راجع أعمال 4: 11)، وشرح معنى هذا الحجر بقوله: “لا خلاص إلا بيسوع المسيح. فما من اسم آخر تحت السماء وهبه الله للناس نقدر به أن نخلص” (أعمال 4: 12)”.

وأضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، مع سيادة السفير البابوي المطران فرنسيسكو باديلا francisco Padilla وسيادة النائب الرسولي في شمال الجزيرة العربية المطران Camillo Ballin الذي قبل هبة سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني بتخصيص عقار لبناء كنيسة مارونية على اسم القديس شربل، تكون مفتوحة لحاجات سائر المؤمنين، وفقا لتوجيهات سيادته، ومع الأب شربل مهنا، من الرهبانية المارونية المريمية العزيزة، خادم جماعتنا المارونية والمعاون في خدمة الجماعات الأخرى، فاننا نحييه مع لجنة بناء كنيسة مار شربل وكل المعاونين فيها ولا سيما المهندسين والمقاولين. بارك الله اعمالهم وكللها بالنجاح. لقد أتينا من لبنان مع سيادة أخوينا المطرانين سمير مظلوم وبولس الصياح والمكتب الإعلامي في الكرسي البطريركي والوفد الاعلامي الآتي من لبنان ولا سيما محطة lbc وmtv ونورسات ومدير المركز الكاثوليكي للاعلام و”الوكالة الوطنية للاعلام”، لنشارككم فرحة هذا الاحتفال، ونشكر معكم سمو الأمير على مبادرته الكريمة، وعلى تسهيل جميع المعاملات اللازمة. نسأل الله أن يكافئه بالصحة والخير، ويفيض على دولة قطر رحمته وبركاته، شاكرين لها استضافة الآلاف من اللبنانيين الذين يعملون فيها بإخلاص، ويكسبون لقمة عيشهم لهم ولعيالهم ويساهمون في نمو هذه الدولة المضيافة وازدهارها. وقد فتحت الدولة القطرية ابوابها لعشرات الالاف من بلدان الشرق الاوسط والبلدان الآسيوية وسواها”.

وتابع: “أنتم أيها المؤمنون والمؤمنات، نحييكم ونقدم هذه الذبيحة المقدسة على نيتكم، فيما أنتم تتعبون وتجاهدون، والآن تتعاونون في بناء كنيسة مار شربل ومجمعها الراعوي. نحن نؤمن بأن يده معكم، وهو يعرف كيف يكثر ما تقدمون من مال وتضحيات. فهو رب هذا البيت. كما نصلي في المزمور: “إن لم يبنِ الرب البيت، عبثا يتعب البناؤون؟” (مز127: 1). فلا تخافوا من حجم الكلفة فلا أحد يعلم من أين يرسل الله محسنين لبناء بيته.

ومعلوم أن الله لا يسكن بيوتا صنعتها أيدي البشر. “فالسماء عرشه، والأرض موطئ قدميه. لقد صنعت يداه هذا كله” (أعمال 7: 48-49؛ أشعيا 66: 1-2). بل يريد الله أن يسكن في قلب الإنسان، وفي منسحقي الروح المرتعدين من كلمته (أش 66: 2). هذا ما أكده الرب يسوع بقوله: “من يحبني يحفظ كلمتي، وأبي يحبه وإليه نأتي، وعنده نجعل لنا منزلا؟” (يو 14: 21 و23).

وقال: “أنت المسيح ابن الله الحي” (متى 16: 16). هذه هي صخرة الإيمان التي عليها تبنون كنيستكم الرعائية، ايها المسيحيون المشرقيون، على اسم القديس شربل هنا في الدوحة الزاهرة. وهذا هو إيماننا الذي نعلنه اليوم. ربنا يسوع هو المسيح الذي انتظرته أجيال وأجيال من الأمم والشعوب. وعنه تكلم الانبياء وجميع الكتب المقدسة في العهد القديم، وظهر في ملء الزمن، واعتلن في كتب العهد الجديد. وهو ابن الله الذي صار إنسانا ليكلمنا عن الله ويكشف لنا وجهه وسره. وقد اتخذ طبيعة الإنسان وعلم كل واحد وواحدة منا كيف يكون إنسانا. فقد فكر بعقل إنسان، وقال الحقيقة بلسان إنسان، أحب بقلب إنسان، واشتغل وأعطى بيد إنسان، ولم يصنع إلا الخير بإرادة إنسان، وهو الإله الحي، الذي سماه النبي أشعيا “عمانوئيل” أي الله معنا. فهو رفيق درب كل إنسان ليصل به إلى معرفة الحق ونيل الخلاص”.

أضاف: “إننا نلتمس اليوم هبة الإيمان الذي ملأ قلب سمعان بطرس. أجل الإيمان عطية من الله ونعمة، وهو نور الروح القدس الذي ينير عقولنا، ويحرك قلوبنا نحو الله، فنفهم الحقيقة ونقبلها في عقلنا مقتنعين بها، وفي قلوبنا فنحبها، وفي إراداتنا فنخضع لها ونجسدها في الأفعال والمبادرات. لا ينحصر الإيمان في الإطار الروحي والديني فقط، بل يتخطاه ليشمل حياتنا الزمنية بكل أبعادها. نحن نعيش في لبنان وبلدان الشرق الأوسط أوضاعا صعبة للغاية، وظروفا قاسية، من جراء الحروب الدائرة والنزاعات والأزمات السياسية والاقتصادية والمعيشية في عدد من بلداننا. فلا بد من مواجهة هذه الاوضاع الصعبة بإيمان، صامدين في القيم الروحية والاخلاقية وإيمان نترجمه في الأفعال والمبادرات والمواقف. يحتاج لبنان إلى رجالات دولة غير عاديين يعملون من أجل إعادة بناء الوحدة الوطنية. لبنان في حاجة إلى سياسيين متجردين يحاربون الفساد المتفشي في الوزارات والإدارات العامة ومؤسسات الدولة، ويضعون الخطة اللازمة للنهوض الاقتصادي والمالي، ولإجراء الإصلاحات المطلوبة من مؤتمري روما وباريس الأخيرين. وهي إصلاحات تشمل الكهرباء والماء والمال والبنى التحتية. ويحتاج لبنان إلى مسؤولين سياسيين يحترمون الدستور والقانون، ويلتزمون القرارات القضائية ويعملون على تنفيذها.

وفيما تفصلنا ثلاثة اسابيع عن اجراء الانتخابات النيابية، فإننا ندعو جميع اللبنانيين للادلاء بصوتهم المسؤول من اجل اختيار مثل هؤلاء المسؤولين. وفيما تقدر مبادرة فخامة رئيس الجمهورية برد المادة 49 المضافة الى موازنة 2018 الى المجلس النيابي لاعادة النظر فيها، فانا نرجو من هذا المجلس ازالة منح الاقامة لأي اجنبي او عربي لقاء شرائه شقة في لبنان، بل ايجاد شروط وتسهيلات اخرى لحل مشكلة السوق العقارية. ونناشد الحكومة وضع سياسة سكنية من اجل تأمين منازل للشباب اللبناني كي يتمكن من تأسيس عائلة والبقاء على ارض الوطن، ومن اجل ايواء عائلاتنا اللبنانية المحرومة من منزل لائق بسيط”.

وتابع: “إننا نناشد الاسرة العربية الدولية إيقاف الحروب العبثية الدائرة في فلسطين والعراق وسوريا واليمن، وتوطيد السلام العادل والشامل والدائم، وإعادة جميع النازحين واللاجئين إلى ممتلكاتهم وأوطانهم. فمن حقهم المقدس استعادتها مع ثقافاتهم وحضاراتهم وتاريخهم. فكم هو معيب على هاتين الأسرتين الاستمرار في الحرب والقتل والدمار، والتنكر لواجب بناء السلام. اليس من العار ان تصرف المليارات التي باتت لا تحصى من الاموال على السلاح والتسلح من اجل الدمير والقتل وتشريد المواطنين الآمنين؟ وفي المقابل، ملايين وملايين من البشر يموتون جوعا، فضلا عن الفقراء والمحرومين ابسط حقوقهم الاساسية؟ لكن إيماننا كبير بأن المسيح الإله القائم من الموت قادر على مس العقول والإرادات والقلوب، على تحريكها نحو السلام والخير والبناء. وبهذا الرجاء الثابت نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

وفي ختام القداس، القى الراهب المريمي شربل مهنا كلمة وجه فيها “تحية شكر وتقدير الى غبطته”، مرحبا به “بين ابناء الجالية المسيحية مع ما تحتضنه من حركات رسولية وحركات شبيبة واخويات ساهمت من خلال خدمتها وصلواتها ومحبتها بالوصول الى يوم وضع حجر الاساس للكنيسة”. ووجه تحية شكر الى لجنة بناء الكنيسة التي اعطت الكثير من وقتها وجهدها لتنفيذ المشروع كما شكر النائب الرسولي والسفير البابوي في قطر والآباء “الذين تعاون معهم منذ توليه مهمته في قطر منذ 4 أعوام ومدوا اليه يد المساعدة لكي يتم بناء كنيسة مار شربل”.

وشكر الاب مهنا لغبطته ثقته “التي منحني اياها لتعييني خادما لبناء كنيسة القديس شربل حتى تحقق هذا الامر ببركته”. وخص بالذكر “الرهبنة المارونية المريمية التي رافقته طوال وجوده في هذه الخدمة والمسؤولية.

ثم توجه المؤمنون يتقدمهم البطريرك الراعي الى ساحة الكنيسة حيث بارك تمثالا للقديس شربل وازاح الستار عن لوحة للمناسبة.، ليلتقي بعدها المؤمنين جميعا في قاعة الرعية.

 

اضغط هنا لمشاهدة البوم الصور

PHOTOS: Patriarch Rai Visit to Qatar_Day2_20.4.2018