اليوم الثاني من اعمال منتدى بكركي الإقتصادي- الإجتماعي الثاني
نشاط البطريرك
تابع غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم السبت 3 آب 2019، في قاعة مؤتمرات الصرح البطريركي في بكركي اعمال اليوم الثاني من منتدى بكركي الإقتصادي –الإجتماعي الثاني بحضور لفيف من المطارنة الموارنة من لبنان ودول الإنتشار، حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، نائب رئيس المؤسسة البطريركية المارونية العالمية للإنماء الشامل الدكتور سليم صفير، وحشد من سيدات ورجال الأعمال اللبنانيين والمغتربين اضافة الى فعاليات اجتماعية واقتصادية.
والقى سلامة بداية كلمة شدد فيها على ان وضع الليرة اللبنانية مستقر، وقال:” من الضروري جدا اليوم ان ننظر الى ما يجري حولنا في العالم، فلقد دعا صندوق النقد الدولي الحكومات في العالم الى تخفيف حدة الصراعات السياسية واعتبر ان تخفيض التوقعات للنمو العالمي في هذا العام يعود اساسا الى اجواء السياسة المتأزمة عالميا. ان جزءا من هذا التأزم هو ناتج عن الحرب التجارية على كافة الدول ولا سيما على الصين. وهذا الأمر كانت له تداعياته على اسعار المواد الأولية وتأثيره على مداخيل اللبنانيين لأنهم يعملون في دول ترتكز اساسا في مواردها على المواد الأولية. ونحن بعد ال2008 بدأنا الخروج تدريجيا من العولمة وهذا امر يتأكد اكثر فأكثر وما يحدث اليوم في اوروبا وخاصة في انكلترا يؤكد على ان التعاطي الإقتصادي المستقبلي سوف يكون مختلفا وهذا امر يؤثر علينا في المنطقة وفي لبنان.”
وأضاف سلامة:” لقد اعتبر صندوق النقد الدولي ان النمو في الشرق الأوسط ستكون نسبته 1% في خلال العام 2019، وهذه نسبة منخفضة تأثرنا بها. فلقد توقعنا في لبنان بأن يكون النمو لهذا العام نحو 0%، وهذا الأمر يؤثر على لبنان لناحية تخفيض قدراته على التصدير وبحسب الأرقام التي لدينا فان التصدير تراجع الى ملياري دولار كما انه يؤثر على حركة التحاويل الخارجية الى لبنان وايضا في هذا المجال تشير توقعات البنك الدولي ان تكون هذه التحاويل نحو 7 مليار دولار بعد ان كانت عامة نحو 9 مليار دولار وهذا الفارق الذي تأثر به لبنان، يجب على المصرف المركزي العمل لتأمينه سنويا. وهذا العام شهدنا انخفاضا في ميزان المدفوعات بحدود ال5 مليار و300 مليون دولار وانما هذا الإنخفاض ناتج عن تسديد الدين الذي قام به مصرف لبنان عن الدولة اللبنانية بحدود ال3 مليار و200 مليون دولار ونحن نسترد المبلغ عند اصدار سندات سيادية لبنانية من جديد في خريف العام 2019 عندها تتغير المعطيات الا ان الدفعات المهمة قد تمت في اواخر ايار ولمسنا في شهر حزيران توازنا في ميزان المدفوعات وفي شهر تموز تدفقات ايجابية الى لبنان مع قيام عدة مصارف بمنتجات مالية استقطبت استثمارات من اللبنانيين من الخارج الى لبنان.”
واردف سلامة:” لهذه الأوضاع آثارها الإقتصادية سواء في العالم او في المنطقة او لناحية السيولة التي انخفضت في لبنان وهي آ’ثار مباشرة على مستوى الفوائد الموجودة في السوق اللبنانية. نحن نتابع ما يجري نسبة للمردود على السندات اللبنانية السيادية في اسواق لندن بحيث تراوحت بين و 12و11%. في السوق المحلية في لبنان ومقارنة مع تشرين من العام 2017، وتزامنا مع استقالة الرئيس الحريري في السعودية بدأت الفوائد ترتفع في لبنان فتراجعت السيولة. وهنا نجد ان معدل الفوائد المدينة في لبنان ارتفع الى 2% نتيجة القروض المدعومة التي يقوم بها البنك المركزي والتي لولاها لكان الإرتفاع تجاوز ال3%. من هنا تدخل مصرف لبنان في العام 2018 في السوق لإبقاء التقديمات التي يقوم بها بالنسبة لدعم الفوائد وهذا الأمر ساعد، كما تدخل لدعم تخفيض كلفة المديونية للدولة اللبنانية بحيث انه اقرض الدولة نحو 8 آلاف و800 مليار ليرة اي ما يساوي 5 مليار و500 مليون دولار للتسليف بنسبة 1%. وهذا الأمر اوجد وفرا كبيرا على القطاعين الخاص والعام وبالتالي تحمل البنك المركزي هذه الكلفة ذلك ان ميزانيته تسمح له بتحمل هذه المبادرات.”
وتابع سلامة:” بالنسبة لموضوع القروض المدعومة اراد مصرف لبنان في 2019 وضع رزمة من هذه القروض في السوق. ولذلك سندعم ما يساوي ال 250 مليون دولار من القروض السكنية لهذا العام وبدأنا العمل على ذلك ونحن نتلقى الطلبات من المصارف التي لم تدخل كلها في تعميم مصرف لبنان في القروض السكنية وانما التزم عدد كبير منها وهو يلبي الزبائن بهذا المعنى. كما ان مصرف الإسكان يقوم بنشاط ملحوظ لتامين القروض السكنية وهنالك قرض من دولة الكويت ب167 مليون دولار يفترض ان تستفيد منه مؤسسة الاسكان وبنك الإسكان اضافة الى ال250 مليون دولار التي يدعمها البنك المركزي. يضاف الى هذا نحو 100 مليون دولار مدعومة من البنك المركزي على شكل قروض تتحول في معظمها الى القطاع السكني. كما اننا دعمنا لهذا العام نحو 150 مليون دولار للقروض االإنتاجية للأسف لم يستعمل منها لغاية اليوم سوى 100 مليون دولار وهي متوفرة في السوق ولكن الطلب الذي نشهده ونظرا للحركة الإقتصادية في البلد هو خجول على القروض الإنتاجية ومعظمه يتم على قروض لها علاقة بالطاقة. ان الوضع التسليفي في لبنان هو وضع دقيق ذلك ان السيولة اصبحت منخفضة. والقطاع المصرفي لديه تسليفات بحدود ال67 مليار دولار للقطاع الخاص اي ان تسليفات القطاع المصرفي باتت اساسا مع القطاع الخاص وهذا رقم مرتفع بالنسبة للناتج المحلي اللبناني المقدر رسميا بحدود ال56 مليار دولار. من هنا نحن نفهم ان قدرة المصارف على تطوير التسليفات او سوق التسليف في الوقت الحالي محدودة والمصارف سوف تنكب حاليا على تخفيض نسبة التسليف الى الناتج المحلي وهذا جزء من الإنكماش الإقتصادي الذي نعيشه.”
وقال سلامة:” الأمر الجيد هو ان التخلف عن التسديد منخفض في لبنان. القروض التي لم تسدد لم تتعد ال6% من مجمل المحفظة التسليفية وهذا امر ايجابي للبنان وهو يؤكد على ان لبنان لديه الملاءة وان كل الكلام عن ان لبنان بلد بخطر الإفلاس هو كلام غير مبرر علميا وبالأرقام. نحن نعتبر كبنك مركزي انه اذا اردنا الخروج من هذا التباطؤ الذي نعيشه هنالك عمل يجب ان يتم ما بين القطاعين العام والخاص. وبالفعل نحن نعتبر ان القطاع العام قد توسع وبات حجمه اكبر مما يتحمله الإقتصاد اللبناني والقطاع الخاص بحاجة الى اعادة تحفيز وتشجيع من القطاع العام وما يحصل اليوم سواء لناحية الموازنة او لناحية مشروع الكهرباء او مؤتمر سيدر هي مبادرات يمكنها خلق الإصلاحات الضرورية لتخفيض العجز ولكن لإعادة تفعيل روح المبادرة في لبنان ليعود النهوض الإقتصادي وتتأمن فرص العمل. ولغاية لمس هذا التغيير نحن نقوم بمبادرات لدعم الإقتصاد في هذه المرحلة الضيقة ونحن نقبل بجدولة الديون بحسب الحالات ويشترط ان يتم الدين بالدولار الأميركي منعا للمضاربة على الليرة اللبنانية ويمدد لآجال طويلة بالإتفاق مع المصرف المعني وعلى مسؤوليته ولكننا سنتجاوب كبنك مركزي مع طلبات المصارف. كما اننا نقبل الطلبات بتسديد الدين من خلال تملك عقار من قبل المصرف على ان يتم التقييم لقيمة العقار بين المصرف والعميل ويعتبر العميل بأنه سدد دينه لذا لا يصنف.”
واضاف سلامة:”كما سيقوم مصرف لبنان بطلب من جمعية الصناعيين بزيادة نسبة المساهمة بالقرض المدعوم، اي انه يتحمل كلفة اضافية لكي يتمكن المصرف التجاري من تقديم تسليفات ضرورية لقطالعات الصناعة ومنها رؤوس الأموال التشغيلية لهذا القطاع. ونحن تاريخيا داعمين للقطاعات الإنتاجية ولا سيما الصناعة. كذلك ستطلق الأسواق المالية المنصة الإلكترونية للتداول والتي ستوجد سيولة في الأسواق. لقد اخذت مجموعة بورصة اثينا و بنك عودة الرخصة لتمويل هذه المنصة ونحن نتأمل انه في الفصل الأول من العام 2020 ان تبدأ هذه المنصة بالعمل مع التزام المجموعة التي حصلت على الرخصة تأمين 100 مليون دولار لتأمين السوق السنوية وسيكون الإشراف على هذه المنصة من قبل هيئة الأسواق المالية وسيكون هناك امكانية للتدخل من اي عميل حول العالم ليتداول على هذه المنصة بشكل آني والكتروني. يعود البنك المركزي ليؤكد على استقرار سعر صرف الليرة ونحن لمسنا مؤخرا في الأسواق العودة الى اسواق طبيعية ولم يعد هناك تحويل من المودعين من الليرة الى الدولار وطلب المصارف في معظمه طلب تجاري. ونحن ملتزمون الحفاظ على ملاءة المصارف اللبنانية المرتفعة والتي تبلغ نحو 16% وهناك نسبة سيولة تتعدى ال10% وهذه المصارف سليمة.”
واعلن سلامة:” كالعادة هناك دائما اشاعات سلبية في الأسواق اللبنانية حتى ولو ان مؤسسات التصنيف خفضت تصنيف لبنان الا ان هذا الأمر لن يؤثر على القطاع المصرفي فتأثيره يدني الملاءة من 16 الى 12%وهنا ايضا لا يزال الرقم اكبر مما هو مطلوب عالميا. ونحن نؤكد ان لبنان يحافظ ويطور نظام الإمتثال الموجود لديه وعلاقتنا بالخارج جيدة وباعترافهم “ان لبنان قادر على القيام بما هو مطلوب لمواجهة كافة القوانين الجديدة التي ترعى العالم المالي حاليا سواء على صعيد مكافحة تبييض الأموال لبنان ممتثل اولناحية مكافحة التهرب الضريبي ايضا لبنان ممتثل باعتراف الجهات المختصة. وسنقوم في خلال هذين العامين بتطوير الصيرفة الإلكترونية.”
واضاف سلامة:” نحن نواجه مجموعة من المحترفين في صناعة اليأس ولكننا نؤكد على الإستقرار مرتكزين على ارقام ومعطيات قائمة على العمل الإستباقي الذي يقوم به المصرف المركزي. لدينا قاعدة ودائع هي جيدة ومستقرة ويمكننا القول انها الافضل في المنطقة وموجوداتنا الخارجية مستقرة سواء في البنك المركزي او موجودات المصارف التجارية ونحن متفائلون بان الدولة بدأت بوضع انتظام لتخفيض العجز.”
وختم سلامة:” ان الإستقرار النقدي لا يكفي لنهضة البلد اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا. الحكومة قادرة على تأمين سياسة رشيدة ورشيقة وسريعة ونأمل بان تعاود اجتماعاتها ومبادراتها فالمرحلة دقيقة جدا وتتطلب حكمة وجرأة ورجاحة عقل.”
وردا على سؤال حول القروض السكنية ونسبة الفائدة اكد سلامة :” ان تعميم مصرف لبنان ابقى القروض بالليرة اللبنانية. والقروض الجديدة التي تصدر هي بالليرة اللبنانية للإسكان وبالدولار للقروض الإنتاجية مع ارتفاع الدولرة وتوفر امكانيات التسليف بالدولار. ان المصارف تضع الودائع في البنك المركزي الذي يضخ السيولة في الأسواق كالقروض المدعومة. اليوم المشكل على الطلب وليس العرض. والفوائد ستبقى مرتفعة ذلك ان مخاطر البلد مرتفعة بدورها . والفوائد لا تنخفض الا بإصلاح مالي وهو اصلاح يتطلب توافقا سياسيا وعقلنة سياسية لطمأنة الأجواء. المشكلة ليست في الفوائد فقط وانما هي مشكلة اداء من القطاع العام والمشكلة في الحركة التي يجب ان تقوم بها الحكومة كذلك هي مشكلة وجود النازحين السوريين المكلف وعمليات التهريب والفساد والتأخير في التعيينات كلها عناصر ثقة نحتاجها لنفعل اقتصادنا. الثقة هي اساس الإقتصاد وليس الفوائد.”
بعدها رفع غبطته والحضور الصلاة على نية المشاركين في هذا المؤتمر في يومه الثاني والمستمر لغاية يوم غد الأحد 4 آب.
#البطريركية_المارونية #البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة