البطريرك الراعي يزور الشوف والاقليم


نشاط البطريرك

 

بدأ غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي يوم السبت 15 ايلول 2018، زيارة راعوية الى الشوف والاقليم يرافقه راعي ابرشية صيدا ودير القمر المطران مارون العمار ومطرانها السابق طانيوس الخوري اضافة الى النائب العام للابرشية المونسنيور مارون كيوان وعدد من الكهنة الذين يشكلون اللجنة المنظمة للزيارة التي تستمر على مدى يومين.

      الباروك

 المحطة الاولى للزيارة كانت في الباروك حيث اقيم لغبطته استقبال حاشد في منزل رئيس بلدية الباروك الفريديس ايلي نخله، بمشاركة شخصيات تقدمها ممثل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط واللقاء وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال مروان حمادة، النواب جورج عدوان، ماريو عون وفريد البستاني، قاضي المذهب الدرزي الشيخ فؤاد البعيني ووفد من اعضاء المجلس المذهبي والمشايخ الدروز، قائمقام الشوف مارلين قهوجي وممثلين عن الاحزاب والتيارات السياسية اضافة الى معاليات مدنية وعسكرية.

والقى نخلة كلمة ترحيبية توجه فيها الى البطريرك الراعي بالقول: “ان تزرع ارزة في هذا المكان المبارك فيعني ان نجدد فعل ايمان بلبنان الواحد الذي يستظل علما واحدا تتوسطه ارزة خضراء فروعها الى السماء وجذورها ضاربة في الارض، وتستولد دائما حكاية الثبات في ارضنا نرويها من خزين تعبنا، وكم نحن اليوم في ذروة الاشتباك القائم الذي لا يخلو من نبرة تعيدنا الى الليالي الحالكات في حاجة الى كلمة سواء والى صمت عميق يعتصم به السياسيون الذين ندعوهم ان يتقوا الله ويلوذوا الى رحمته”.

ثم تحدث فضيلة الشيخ البعيني، فحيا “مصالحة الجبل”، وقال: “الجبل انتصر دائما على المصاعب برعاية وبركة مسيح الحق عليه السلام بحنوه وعطفه على رعيته من موحدين ونصارى. هكذا نحن متكاتفين متضامنين نصنع من المحن منحا ومن الغم فرحا ومن التشتت وحدة ومن الوهن عزيمة بدوام نظر المسيح الينا. المسيح قام حقا قام، نعم قام وهو عندنا في جبلنا قيامة دائمة”.

ورد البطريرك الراعي بكلمة شكر فيها مستقبليه “وسط جمال الطبيعة في هذه المنطقة، اذ عندما ادخل الى هنا اشعر بالطمأنينة والسكينة والسلام، وكل يوم نجدد هذا الالتزام نحفر في قلوبنا كما في ذاكرتنا معاني النشيد الوطني لكي نعيشه بكل ابعاده العائلية والاجتماعية والوطنية، ونترجمه بكل معانيه سياسيا ووطنيا ايضا”.

واضاف: “اخترت شعار شركة ومحبة لخدمتي البطريركية سنة 2011 شعورا بايمان عميق ان قيمة لبنان بمكوناته المتنوعة، ما يعني اننا في بنيان هذا الوطن كل واحد منا يشكل حجرا لا يمكن الاستغناء عنه، واذا شئتم فسيفساء لا يمكن انتزاع ولو حجر صغير منها، هذا هو لبنان واهميته في مكوناته المتنوعة وتعدديته بكل القوى الموجودة كبلد ديموقراطي وحرية رأي وتعبير وتعددية الاحزاب والطوائف والمذاهب، وهذا غنى ثقافي وحضاري وديني وقيمي. نحن بحاجة اليها كلها في هذا الوطن الصغير لكي نحافظ على الفسيفساء التي نكونها، وجمالها انها حجارة مبنية مع بعضها. اما حجر واحد فيفقد قيمته، لكن الحجر في مكانه قنطار ما يعني اننا نأخذ قيمتنا من الجماعة ونفقدها عندما نخرج من مسيرة الجماعة، هذه هي الشركة، ولكن الحجارة بحاجة الى اسمنت وعندنا الاسمنت هو المحبة، فلا يمكن ان يبنى وطن من دون محبة”.

وتابع غبطته: “نحن نعيش اليوم نقصا في المحبة وقلة ثقة بين بعضنا البعض، وهذا يظهر عند اول مناسبة وظرف، واعتقد ان الازمة في عدم تأليف الحكومة هي ازمة ثقة، كلنا سيهدم كلنا، كلنا لا نريد ان نعطي، نخاف، نحن بحاجة الى ثقة ومحبة لكي نتعانق ونغتني من بعضنا البعض لبناء هذا الوطن الصغير والكبير جدا في رسالته. الجميع يعلم ان العالمين العربي والغربي يتطلعان الى لبنان ويحبانه لانه وطن عجيب غريب بشعبه المنفتح والمحب والمضياف والطموح الذي لا يقف امام ضعف، بل ينطلق الى السمو، يعرفونه من خلال اللبنانيين في كل مكان، هم شعب خلوق يذهب الى العلى، في كل اماكن الارض حيث يتاح لنا زيارة جالياتنا اللبنانية، نسمع نفس الحديث من السلطات المدنية والكنسية ان اللبنانيين شعب خلوق جبار محب وصاحب ولاء”.

واضاف: ” هذا اللقاء رائع ولا ينسى، شكرا لانكم هنا، فلنشبك ايادينا بعضنا ببعض لبناء هذا الوطن، اذ لا يجوز ان نقف مكتوفي الايدي امام هذا البنيان الذي يتهدم شيئا فشيئا وهذا وصمة عار على جبيننا كلنا في ان نرى وطننا يتداعى ويسقط، وكلنا نقول ذلك وكلنا نعرب اننا على شفير الهاوية، بالاقتصاد والمال والهجرة والتراجع، ولكن الحل في ايدينا ولا يحق لنا القول ان السبب هو الخارج، كل الحق على الداخل. فبكثير من الفضيلة والتجرد والتفاني والثقة والمحبة يجب أن نعمل معا، لانه اذا بقينا على هذه الحال سنذهب الى الموت”.

وختم الكردينال الراعي: “أتجرأ القول هنا، لماذا لا نفكر بحكومة طوارئ مثلا خارج الجميع، تبني الوحدة الداخلية والمصالحة، ونحن في ارض المصالحة، كنا نبغي ان تكون مصالحة الجبل على يد غبطة ابينا البطريرك مار نصرالله بطرس ووليد بك جنبلاط، ونحن نبني عليها، ان تكون مصالحة نموذجية لكل لبنان. اننا نحمل هذه المسؤولية في المصالحة الوطنية كلها. اقول نعم حكومة طوارئ حيادية تجمع الشمل، وعبثا نقول حكومة وحدة وطنية ونحن مختلفون ومتنازعون، فحكومة وحدة وطنية بالاسم! يدخلون معا ثم يقتلون التنين في كل مرة ينبغي اتخاذ قرار ما معا، هذا غير ممكن! حكومة وحدة وطنية تبدأ بالمصالحة وطالما لا يوجد مصالحة في القلوب ومحبة وثقة، بل خوف كل واحد من الآخر، فليس من حكومة وحدة وطنية. ربما تولد الحكومة وستولد، انما يجب الذهاب الى الاساس ووضع يدنا على الجرح، ان جمال هذا الجمع أملى علي قول ذلك”.

بعدها توجه البطريرك الى غابة ارز الباروك في محمية ارز الشوف، وغرس شجرة ارز حملت اسمه، وتفقد الارزة التي تحمل اسم البطريرك نصرالله صفير.

بعدها توجه غبطته الى كرسي مطرانية بيت الدين، حيث التقى كهنة الابرشية واطلع على عملهم الراعوي وتحديات خدمتهم.

     

 ضهر المغارة

وبعد الظهر استهل البطريرك الراعي جولته الرعوية في منطقة اقليم الخروب بدءًا من بلدة ضهر المغارة، حيث أقيم له استقبال حاشد في ساحة البلدة، تقدمه النواب جورج عدوان، فريد البستاني، ماريو عون وبلال عبدالله ممثلا رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، رئيس اتحاد بلديات اقليم الخروب الشمالي زياد الحجار، رئيس دير مار شربل في الجية الاب شربل القزي، وكيل داخلية “الحزب التقدمي الاشتراكي” في اقليم الخروب سليم السيد وفاعليات وحشد من ابناء البلدة.

وتوجه البطريرك والحضور الى كنيسة البلدة، وبعد الصلاة، القى رئيس البلدية طلعت داغر كلمة رحب فيها بالراعي “في ضهر المغارة البلدة الصغيرة بحجمها والكبيرة بايمانها”، معتبرا ان زيارته لها تعطي أهلها دفعا جديدا لمقاومة الهجرة والتمسك بالارض”. وأكد ان “الغد سيكون افضل”، وان “هذا التاريخ محطة جديدة لانطلاقة جديدة تنمو فيها البلدة بالايمان والبشر والحجر”.

وكانت كلمة ترحيبية لكاهن البلدة شارل كساب اعتبر فيها ان زيارة غبطته الى الاقليم تاريخية كونها الاولى لبطريرك الى المنطقة.

ثم أزاح غبطته الستار عن لوحة تذكارية على مدخل كنيسة مار الياس الحي، ورفع الصلاة داخل الكنيسة، ثم بارك النصب التذكاري لشهداء البلدة. والقى كلمة في قاعة الكنيسة حيا فيها نواب المنطقة وأهاليها ورؤساء البلديات، وقال: “نفاخر ان ضهر المغارة بلدة الشهداء، واليوم عيد الصليب، والصليب افتخارنا لانه انتصر على الخطيئة والشر، فاصبح علامة نصرنا”.

وتناول قيمة الشهادة، وقال: “الشهداء مفخرة لنا، لذلك نضع على اضرحتهم الورود والغار لنعتبرهم احياء بيننا. الشهادة ليست بالامر السهل، الشهداء لم يترجعوا، لقد وقفوا، صمدوا وحافظوا على الوطن، ومنذ العام 1975 مازالت الشهادة المعنوية مستمرة وشهادة الرسوخ بالارض مستمرة، فالشهادة هي شهادة بالصمود. لا يحق لنا ان نعبث بدولتنا ومؤسساتها، والوطن دفع شهداء ولا يمكننا ان نعبث بدمهم الغالي. نطلب من المسؤولين السياسين، ونحملهم الهموم لان بناء الدولة بين ايديهم، الدولة لا تقوم فقط على السلطة، بل على الشعب. للاسف يتنافسون بالمخالفات وتجاوز القوانين”.

أضاف: “الازمات تمر ولكن أصالتنا واخلاقنا وثقافتنا ووحدتنا تبقى، وانتم انتصرتم على الحرب الاهلية بقوة ثقافتكم، وبعد الحرب التأمنا، ثقافة العيش المشترك اقوى من كل شيء، ويجب ايجاد فرص عمل لنبني العائلة الواحدة الموحدة في الجبل”.

وختم: “ضهر المغارة عزيزة، صغيرة بعددها وكبيرة باخلاقية شعبها، فهو لا يريد الموت، ونأمل لها الازدهار والتقدم”.

     

 الدبية

وفي بلدة الدبية كان في استقبال غبطته نواب المنطقة ورئيس البلدية نبيل البستاني واعضاء المجلس البلدي، المختار مخايل البستاني وحشد من الأهالي. ثم ترأس الصلاة في كنيسة مار مارون بمشاركة راعي الابرشية المطران مارون العمار ولفيف من الكهنة.

ثم توجه غبطته الى كنيسة مار يوسف القديمة والتاريخية في وسط البلدة، وقد استقبله الاهالي بنثر الورود وفرقة السيف والترس وبقرع الطبول. وكانت كلمة ترحيب لكاهن البلدة الاب اغناطيوس داغر ثم القى السيد مارون البستاني باسم اهالي الدبية كلمة أكد فيها “اننا كنا بأمس الحاجة الى هذه الزيارة الى بلدة العلم والادب، وهي لن تكون لقاء شكليا، فانتم بالنسبة للرعية تشكلون الامل الاخير لرعية قاست الكثير خلال فترة التهجير، ولكن الاهالي عادوا ليبقوا بارض الاجداد مع جيراننا في اقليم الخروب”.

ثم تحدث البطريرك الراعي شاكرا اهالي الدبية “على هذه اللفتة الكريمة”، وقال: “اليوم تحقق حلمي، نحن نعرف الدبية من خلال الادباء واهل العلم، فهي اعطت شخصيات في العلم والترجمة واهل العلم والأدب، ومطارنة، الدبية صاحبة الثقافة الكبيرة، واستذكر الراحل اميل البستاني والنائب الراحل نبيل البستاني، وأحيي جميع الحاضرين في هذا اليوم، أحيي كاهن الرعية والمجلس البلدي وكل الاهالي والشخصيات، أشكر محبتكم”.

أضاف: “أرضنا هي ثقافتنا ووجودنا، صحيح هناك ظروف صعبة مرت علينا واضطر البعض الى بيع الارض، لكن ندعو الى عدم بيع الارض والتمسك بها، مسلمين ومسيحيين، فهذه ارض الثقافة والعلم، والثقافة هي التي تخلص الشعوب، الثقافة علم وتاريخ وسياسة وام كل الفنون، فاذا فقدنا الثقافة نفقد كل شيء”.

وختم غبطته: “اليوم نمر بظروف صعبة، ونتمنى على الدولة التعاون مع القطاع الخاص لنخرج من أزماتنا. نأمل من النواب حمل هذه القضية، وندعو الى التمسك بثقافة العيش المشترك والتعددية، متمنين من الاحزاب والنواب الدخول في هذه الثقافة والتنافس ديموقراطيا”.

   

   البرجين

ومن الدبّية تابع الكردينال الراعي جولته الراعوية في الاقليم وصولاً الى بلدة البرجين حيث ترأس الصلاة في كنيسة سيدة الوردية بمعاونة كاهن الرعية الاب جوزف القزي، وفي حضور النواب بلال عبد الله ممثلا رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، فريد البستاني، جورج عدوان وماريو عون، الوزير السابق جوزف الهاشم، المدير العام لوزارة المهجرين احمد محمود، رئيس البلدية عدنان بوعرم واعضاء المجلس البلدي والمختار نمر بو عرم وحشد من الاهالي.

بعدها انتقل الجميع الى “روضة البرجين” في وسط البلدة، حيث اقيم احتفال حضره ايضا، اللواء ابراهيم بصبوص، وكيل داخلية “الحزب التقدمي الاشتراكي” في اقليم الخروب سليم السيد، عضو المكتب السياسي ل”تيار المستقبل” رفعت سعد، ومسؤول “القوات اللبنانية” في الشوف طوني القزي، إمام البرجين الشيخ الدكتور عبد الرحمن ابو زيد وحشد من اهالي البلدة.

والقى كاهن رعية البرجين الخوري جوزف القزي كلمة أعرب فيها عن “فرحة أبناء البلدة بهذه الزيارة التي ستزيدنا عزما واصرارا على العيش معا مجسدين نموذجا للعيش المشترك”. أما رئيس البلدية السيد عدنان ابو عرم فرأى ان “الزيارة تدل على جمع الشمل بين ابناء البلدات والقرى ونشر المحبة في ارجاء الوطن”، معتبرا ان “البطريرك الراعي يجسد كل مفاهيم العيش المشترك ويبرهن للعالم ان لبنان بالفعل وطن الرسالة”.

من جهته رد البطريرك الراعي بكلمة فاستذكر معرفته “التاريخية بالبرجين من خلال الوزير السابق جوزف الهاشم”، وقال: “أتيت الى البرجين، واكتشفت البرجين المسيحي والاسلامي. لقد توقفت الكلمات التي سمعناها على نقطتين الاولى “الشركة والمحبة”، والثانية “التجرد والتواضع”، وانا اضيف عليها ثالثة من البرجين “العقل والقلب”. من البرجين نعلن هاتين الكلمتين اللتين تؤمنان بالكلمات السابقة، فنحن بحاجة الى عقل يفكر ويسمو بنا الى الحقيقة، وهذا ما يميز الانسان اذ انه قادر ان يصل الى الحقيقة المطلقة، وان يسمو الى فوق، فنحن بحاجة الى عقول تبحث عن الحقيقة وتعبر عنها باللسان، خاصة ان هناك في الارض عقولا تفكر فقط بالشر والكذب والتضليل، علما أن العقل هو الطاقة لمعرفة الحقيقة وليس للتضليل، نحن في البرجين، برج العقل الساعي للحقيقة وبرج القلب الذي يحب”.

وختم: “العقل والقلب، الحقيقة والحب، والعيش المشترك الذي تعيشون، هو حقيقة وطنية نفاخر بها ونحافظ عليها. اعتقد ان مشكلتنا في لبنان هي ان كل واحد يجعل من رأيه وفكره وشخصه حقيقة، وهذا ما يسمى بالنسبية، لذا فعندما نعود الى الحقيقة الجامعة سنلتقي”.

  

    عين الحور

والى بلدة عين الحور حيث رفع غبطته الصلاة في كنيسة مار جرجس على نية لبنان واهل المنطقة. ثم انتقل إلى كنيسة سيدة النجاة وقد القيت في قاعتها كلمات الترحيب بحضور النائب فريد البستاني، النائب بلال عبد الله ممثلا النائب تيمور جنبلاط، النائب جورج عدوان وشخصيات.

بداية، تحدث كاهن الرعية المونسنيور مارون كيوان، فقال: “أنتم الأب المحب، الذي يزور كل أبنائه ليحييهم ويباركهم ويستمع إليهم. أنتم الرأس الذي يوحد أبناءه في كل العالم”.أضاف: “بلدتنا دمرت بالكامل خلال الحرب، وأعيد بناؤها، ولكن ليس بالكامل، وبنيت كنيسة السيدة وقاعتها، ولا شك أن وجودكم بيننا يعطينا دفعا جديدا واضافيا لاستكمال البناء والنهوض ببلدتنا”.

ثم رحب رئيس البلدية المهندس حبيب الهاشم بالبطريرك، معتبرا أن “زيارته للمنطقة خير دليل على محبته ورعايته”، مؤكدا أن “المصالحة التي أرساها البطريرك صفير مع الزعيم الوطني وليد جنبلاط، يكمل مسيرتها البطرك الراعي، معتبرا أن هذه المسيرة أصبحت واقعا متجذرا في نفوس أبناء الشوف”.

البطريرك الراعي شكر من جهته، الجميع على الحضور، وقال: “إن مطارنة كثرا عاشوا المصالحة التاريخية فعليا، والمطران العمار يكمل الطريق”، معتبرا أن “عين الحور هي نموذج للمصالحة، وأهاليها تعالوا على الجراح، وبنوا منازلهم وبنوا الكنيستين، وهذه الزيارة الراعوية، جمالها أنها عرفتنا على عين الحور وأهلها، لذا فإننا عندما نصلي على نيتكم، أصبحنا نعرف أين أنتم. اكتشفنا وتعرفنا على قلوب محبة تتعالى على جراحها مضيافة ومخلصة”.

وختم: “علينا أن نطوي نهائيا الصفحات السوداء من تاريخنا، ولا عودة إلى الوراء في المصالحات، التي يجب أن تطال الجميع، من أجل الانطلاق بالوطن إلى مستقبل أفضل، وهذا حق وطننا علينا. أرض الإقليم عزيزة علينا ونحن معكم باستمرار”.

 

 

      شحيم

وتابع البطريرك جولته وصولاً الى بلدة شحيم، حيث أقيم له احتفال حاشد في قاعة الشهيد الرائد فادي عبد الله، في مبنى مهنية شحيم، وحضره ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون النائب الدكتور فريد البستاني، ممثل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الدكتور داوود الصايغ، وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب، ممثل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط النائب بلال عبد الله وحشد من الفعاليات المدنية والعسكرية.

بعد ترحيب من الاعلامية سهى شعبان، ألقى رئيس البلدية السفير زيدان الصغير كلمة، فرحب بالبطريرك الراعي “أكبر مرجعية مارونية”، وقال: “إن مسيحيي الشرق هم من حافظ على اللغة العربية لغة القران”، مشيرا إلى أن “شحيم تؤمن بالعيش المشترك، والجميع أخوة في المواطنة والعروبة”.

بدوره، رحب فضيلة الشيخ إياد عبدالله بالبطريرك، وثمن “رغبته الصادقة في تعزيز الشراكة الوطنية من روحية الشركة، التي أطلقها كنموذج للعيش الواحد، المنطلق من إعادة بناء المواطن اللبناني على قاعدة وحدة المصير”. وحيّاه على “مواقفه في تعزيز حق الإنسان بالعيش الكريم في وطنه، من دون الاضطرار الى الهجرة. وتعزيز النمو الاقتصادي للمواطنين في مناطقهم”.

ثم قدمت الدكتورة سلمى بويز، فقرة فنيّة تجسد التعايش الإسلامي – المسيحي.

وألقى البطريرك الراعي كلمة، شكر فيها الجميع على حضورهم، وشكر “رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء على إيفاد ممثلين عنهما، وخاطبهما قائلا: “أحملكما الشكر الكبير لهما. اليوم أدركت لماذا فخامة الرئيس ودولة الرئيس أوفداكما إلى شحيم، بالبداية كنت أتساءل لماذا هنا؟ أما الآن فأنا مقتنع كل الاقتناع، أنه لا يمكن أن نكون في هذه المدرسة الوطنية، من دون حضور ممثل لرئيس الجمهورية ولرئيس الحكومة”.

أضاف: “أتينا زيارة راعوية، لكننا وجدنا أنفسنا في مدرسة وطنية من الطراز الأول، من خلال ما في قلوبكم، ومن خلال ما في تاريخكم، ومما اعطت شحيم لهذا الوطن من شخصيات كريمة، رجال علم وثقافة وسياسة، نوابا ووزراء، أحييهم جميعا، وأود أن أحي النائب الجديد ابن شحيم الدكتور بلال عبد الله ممثلا النائب تيمور جنبلاط. كما أحي النائب محمد الحجار ابن شحيم الغائب بداعي السفر وقد اتصل معتذرا “.

وتابع الكردينال الراعي: “لا يمكن أن نكون في عروس الإقليم في شحيم من دون هذا الاحتفال الرائع، أنا أشكر الكلمات الغنية التي سمعناها من رئيس البلدية السفير زيدان الصغير، كلمات غنية بالأدب وبتاريخ العروبة ومعنى العروبة، وغنية بدور المسيحيين في هذه الاطر، فشكرا لك لأنك اعطيتنا أمثولة رائعة فيما تكلمت به، كما أشكر فضيلة الشيخ اياد عبدالله الذي أعطانا أمثولة عظيمة في الوطنية والسياسة، وفي محبة هذا الوطن لبنان، فأشكرك من صميم قلبي، على ما تفضلت به من كلمات رائعة. كما أشكر الاعلامية سهى شعبان التي اتحفتنا بكلماتها، وكانت مسك الختام الأناشيد من المبدعة سلمى بويز ابنة دير القمر”.

وأضاف نيافته: “نعم نحن في شحيم في قلب الوطن اللبناني، نحن مع نفوس وقلوب غنية بالروح الوطنية، فكل ما سمعنا من كلمات تدل على ذلك، ولكن هذا الخزان الوطني شحيم، الذي أعطى وطننا رجالات سطروا صفحات مجيدة وعظيمة في تاريخنا الأدبي والسياسي والوطني، هذه مفخرة ليست لأهل شحيم وإقليم الخروب، لكنها مفخرة واعتزاز لنا جميعا نحن اللبنانيين، لأننا جسم واحد وجسد واحد، الجسد الوطني الواحد يغتني بكل أعضائه ومكوناته، وهذه الحقيقة ترجمت وتترجم في حياتنا الوطنية، وفي ميزتنا السياسية أن لبنان يشكل لكل هذه البيئة العربية المشرقية نموذجا وقدوة، في كل المكونات على تنوعها هي غنى وثروة، وبها نفتخر، المسيحيون من دون المسلمين ناقصون، والمسلمون من دون المسيحيين ناقصون أيضا. نحن هنا نتحدث بأننا نعيش حوار الحياة بين الأديان الديانات والثقافات، وشرقنا بحاجة إلى هذا النموذج، والغرب أيضا بحاجة إلى هذا النموذج، ولهذا لم يتردد القديس البابا يوحنا بولس الثاني، الذي فهم لبنان أكثر من أي لبناني آخر، فهو الذي قال: عن لبنان ليس مجرد بلد، لكنه نموذج للشرق كما للغرب. فما سمعناه اليوم كلاما رائعا وطنيا أدبيا روحيا وإنشاديا، وهذا ما نحن مصممون جميعا على المحافظة عليه. ولذلك على الجماعة السياسية عندنا أن تسرع في إعادة بنيان هذا الكيان اللبناني، بعيدا عن الصراعات، وعن الثنائيات وعن التحديات المتبادلة والإساءات، نعم نحن نتأثر بكل ما يجري في هذا الشرق، لكن علينا أن نضبط شؤوننا فيما بيننا”.

وتابع البطريرك الراعي: ” يتمثل بيننا فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة، وقد خيط الكثير بشأن تأليف الحكومة، فهذا يقول لا تمسّوا بالصلاحيات، وآخر يقول لا يحق للرئيس، فهذا كلام في غير محله. فأنا كنت أتمنى ألا يقال في الإعلام أن هناك توترا بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة، وكنت أتمنى أن يبقى الرئيس المكلّف الى جانب فخامة الرئيس في حال طوارئ، وأن يبحثا ويفكرا معًا حتى الخروج بحكومة، فهذه هي تمنياتي. فلبنان لا يستطيع أن يتحمل أي تأخير على الإطلاق”.

وأسف غبطته أنه “بعد أربعة أشهر لم نتفاهم بعد، وما زلنا في نقطة الصفر، وكأننا في اليوم الأول”.

وختم: “شحيم غنية بالوطنية وبالولاء للبنان، نغادركم ونغادر بعضا، وفي قلبنا شعلة كبيرة لمحبة لبنان ولمحبة بعضنا بعضا”.

الشمّيس – عين الاسد

ختام اليوم الاول من زيارة البطريرك الراعي الى الاقليم كان في رعية مار جرجس- الشمّيس – عين الاسد حيث بارك غبطته اعمال بناء الكنيسة الجدية واطلع عليها ثم انتقل الجميع الى قاعتها حيث القيت كلمة ترحيب من كاهن الرعية الخوري جوزف القزي وكلمة اخرى لمختار البلدة جورج القزي. ثم ردّ غبطته بكلمة شكر نوّه فيها بأعمال البناء واعادة الحياة الى البلدة. وقال: “انا سعيد جدا بزيارتكم لانني اكتشفت كم ان ارادة الصمود والبقاء والسير الى الامام متجلية فيكم واؤكد لكم صلاتي اليومية واني احمل تطلعاتكم في خدمتي البطريركية، ونتواصل معكم من خلال راعي الابرشية وكاهن الرعية كي نعمل معًا على ترسيخ رسالتنا التي ارادها الله لنا وارادها لنا في هذه المنطقة من لبنان الحبيب.”  

 

 _____________________________________________________________________________

Click here for photo Albums

Patriarch Rai Visit to BeitelDine_15.16-9.2018