اليوم الثاني لمؤتمر التراث المسيحي المشترك في الوادي المقدس
نشاط البطريرك
استأنف مؤتمر التراث المسيحي المشترك في الوادي المقدس أعماله في اليوم الثاني، وقد افتتحه البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك السريان الأورثوذكس بصلاة بحضور المطارنة الموارنة يوسف سويف ، الياس نصار ، وجوزيف نفاع ،متروبوليت طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الارثوذكس افرام كرياكوس، المتروبوليت THEOKLITOS ، سفيرة لبنان في اليونان دونا بركات ، رئيس حركة المقدمين وليام طوق ، رئيس حركة الأرض طلال الدويهي ، السفير السابق أنطونيو العنداري ، رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في قبرص ايلي عيد ، الشيخ سعيد طوق ، الى رئيس وأعضاء رابطة قنوبين وحشد من المهتمين.
الجلسة الأولى عقدت بعنوان روحانية الوادي المقدس ، أدارها المطران كرياكوس . وتحدث في أهمية هذا المؤتمر ، الذي يقودونا للعودة الى ينابيعنا وجذورنا في عصر تهددنا فيه العولمة باستباحة هويتنا الروحية والثقافية . وشكر رابطة قنوبين للرسالة والتراث منظمة المؤتمر .
ثم كانت مداخلة الأب يوسف متى بعنوان الوادي المقدس في انجيل ربولا . عرض فيها الكتابات الحواشي التي تحتل هوامش المخطوطة والتي تحدثنا عن وادي قنوبين وعددها حوالي 33 كتابة مؤرخة ما بين سنتي 1304 و1522 م . ، وهي بمجملها تشير الى هبات عينية ( كرم ، زيتون ، توت ، رمان ) ، وأمتعة وأواني ولباس ليتورجي للدير المذكور . بعضها الآخر يذكر شراء أراضي وتجهيز طاحون السيدة ستنا مريم بحجارة الطحن. المميز في هذه الحواشي ذكر لثلاثة بطاركة سكنوا وادي قنوبين وهم يعقوب الحدثي (1445-1468) وبطرس بن داود بن حسّان الحدثي (1468-1492) وشمعون بن داود بن حسان الحدثي (14952-1524) والعملة المستعملة في الحقبة المملوكية وتلك العثمانية هي الدوكاة ducat بالإضافة للدراهم . والصيغ التحريمية المستعملة في حال أخلّ أحدهم بالهبة أو مسّ الوقف بطريقة ما ، فيكون محروماً من السيدة العذراء ومفصول من كرسي بطرس …. . كما انه هناك في هذه الكتابات ذكر لقرى اندثرت مثل قريتي موسى وبقوفا … .
بعد ذلك أنشدت جوقة معهد القديس مار يوحنا الدمشقي بقيادة الأخ جيلبير حنا تراتيل دينية مشركة . كانت بعدها مداخلة المطران جوزيف نفاع حول الحياة الراعوية في الوادي المقدس . قال فيها : وادي قنوبين أيقونة الكنيسة المارونية لا بل الكنيسة الشرقية. هو اشبه بجبل منشق الى قسمين يمثل نسراً رأسه كرسي دير سيدة قنوبين البطريركي وجناحه دير مار ليشع ودير قزحيا. وتناول نمط الحياة الفريد القائم في الوادي وقوامه الصلاة والتأمل والعمل الخطي الشاق المتمثل بتكسير الصخور لتجليل الارض الزراعية. وأعطى المطران نفاع نماذج موسيقية مسموعة شائعة في الوادي وترتبط بحركة الفصول ورموزها المتعلقة بالزرع وحراثة الاراضي والحصاد…وتطرق الى حياة الشراكة القائمة في الوادي على تقاسم خيرات الارض المزروعة في قنوبين بين ابنائها المؤمنين ورعاتهم من بطاركة وأساقفة ورهبان. واشار الى الخصوصية الراعوية التي طبعت تلك العلاقة والمميزة بمحبة وحرص الرعاة على ابناء الرعية. وباعتبار هؤلاء الابناء الكنسة ملكاً لهم. ودعا المطران نفاع الى تطوير الحياة النسكية وتجربة الراهبات الانطونيات في هذا المجال والى التمسك بالارض بالرغم من الصعوبات والمعوقات امام حياة بشرية عامرة.
ثم كانت مداخلة الاب دانيال شمعون من البطريركية السريانية الاورثوذكسية وقد اعتبر الوادي المقدس وادي الشرق المسيحي المصغَر نظراً لكثرة العناصر المشتركة بين المسيحيين فيه. وتناول الليتورجيا المشتركة ورنين وأصداء الالحان السريانية اساس تجذرنا. ونمط الحياة الرهبانية المتشابه. ودعا الى محطات سنوية تجمع رهبان مختلف الكنائس في وادي قنوبين، آملاً توافر الظروف العملية لاقامة جماعات رهبانية مكرسة في مختلف أديار الوادي، واعادة احياء الحياة الروحية وتشجيع الاجيال الشابة على التعمق أكثر بجذورنا الروحية والثقافية.
الحج الى الوادي المقدس
كما انعقدت جلسة أخرى حول الحج الديني الى لبنان ، أدارها الأباتي أنطوان ضو وتحدث عن أبرز ما كتبه الرحالة الأجانب حول الوادي والذي يندرج في سياق أدب الرحلة المتصل مباشرة بثقافة الحج .
في محورها الأول كانت مداخلة الأب خليل علوان حول أهمية وأهداف الحج الديني ، وعرض أبرز محطات هذا الحج السنوية داخل لبنان وخارجه . وفي المحور الثاني حول الحج من خارج لبنان . وقال: اننا نميز بين الحج والسياحة الدينية في مفهومنا العلمي. فالحج هو مسيرة تقوية نحو الاماكن المقدسة يقوم بها المؤمن للتبرك والصلاة. اما السياحة الدينية فهي زيارة للاماكن المتقدسة بداعي الفضول الديني او الثقافي او العلمي، والرغبة في الاطلاع والتعرف على الاماكن التي زارها السيد المسيح او التي عاش فيها الاولياء والقديسون. وهناك نوع ثالث من السياحة الدينية وهو الاحتفالات بالاعياد الدينية. التي تقام في الرعايا بمناسبة عيد شفيع القرية او المدينة ، وخلال اسبوع كامل في بعض الاحيان، يتم خلالها التوافد الى المكان من اجل الصلاة وايضاً للاقامة والاكل وتمضية اوقات ترفيه.
وشرح مقومات الحج والمفهوم المسيحي للحج ورسالة المزار والخدمة الاسرارية.
ثم مداخلة سفيرة لبنان في اليونان وجاء فيها : في اطار تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية والسياحية جاءت مبادرة Meteora قنوبين خلق مسار حج ديني مشترك لبناني يوناني هي مبادرة وليدة احساس بوحدة الايمان توحده الحياة الدينية والنسكية التي خبرتها واستكشفتها عند زيارتي الاولى لموقع Meteora الديني الذي يعد من المعالم الدينية الهامة عالمياً.
وتابعت :هذا التشابه في الحياة النسكية والدينية ولد لدي فكرة العمل على ترسيخ تعاون مشترك في التكامل والتبادل والذي قوامه الاساسي عمق ديني راسخ وواحد، وفي الوقت نفسه تطال جوانب وطنية متعددة، تطوير ميادين سياحية، تبادل خدمات وخبرات لترسيخ تراثاً مشتركاً، ونفعاً يعود للموقعين في اطاره الكنسي والتراثي كما في تلاقيه لابعاده الحيوية والاقتصادية والاجتماعية والسياحية بين البلدين بين ارضين جذورها واحدة من ارضنا لبنان ومشرقه ارض ولادة المسيح الى ارض اليونان معبر الرسل وطريقهم الى العالم.
بعدها كانت مداخلة المتروبوليت THEOKLITOS شدد فيها على أهمية العلاقة مع الكنائس الشرقية وبخاصة في لبنان . وقال أنا سعيد جداً بهذا اللقاء وأشعر بفرح اللقاء الأخوي . وقدم عرضاً وثائقياً حول عمل رهبان منطقة METEORA الذين تسلقوا رؤوس الجبال وبنوا أديار الصلاة والإيمان مثل رهبان وادي قنوبين الذين بنوا أديار الصلاة في المغاور والكهوف . ونظراً لأهمية METEORA التي تحتل الموقع الثاني في اليونان بعد ACROPOLIS ، فكرنا بإنشاء اكاديمية علمية متخصصة بإجراء الدراسات العلمية حول تراث METEORA . وأشار الى غنى تراث METEORA والوثائق التاريخية التي يدرسها مئات الباحثين . ومن هنا تتركز العلاقة الروحية مع وادي قنوبين وعلى هذه الأكاديمية أن تدرس هده العلاقة وتطورها . واذا كنا كنيستين مستقلتين الا ان المسيح هو الذي يجمعنا والمحبة علامتنا ، وهناك عناصر عديدة تجمعنا لعل أبرزها عيش رهبان METEORA وقنوبين ، قوانين مار باسيليوس ، والفن الكنسي وسواهما . ودعا الى توسيع المشترك وتعميق التعاون من أجل حماية تراثنا واكمال مسيرة القداسة . وقدم المتروبوليت THEOKLITOSأيقونة الوردة التي لا تذبل هدية بركة من METEORA الى الوادي المقدس كما وزع أيقونات وأفلاماً وثائقية عن METEORA .
كما كانت مداخلة للمطران يوسف سويف . وجاء فيها: شهدت METEORA وقاديشا اختبارات روحية جمة، عاشت فيها الناس ايمانها وعبرت عنه بالصلوات والتسابيح وأيضاً بالتضامن الانساني وبالشراكة بين الكنائس والاديار والشعب. فالطابع الذي يميز هذه الجغرافيا هو “الجماعة” وروح الجماعة التي تبنى على الروح العائلية، الجماعة هي عائلة والكنيسة هي عائلة تبنى على المحبة والتضامن والتعاون والوحدة بين افرادها. انه التعبير الابهى عن الروحانية المشرقية التي تنبذ كل انواع الفردية. وتشهد METEORA وقاديشا على حركة ثقافية طبعت كلاً من اليونان ولبنان وفي هذا السياق نذكر حركة الطباعة والترجمة وكل ما يرتبط بالفن المقدس من جدرانيات وايقونات ومنحوتات صخرية.
ويلتقي الاختبار الروحي والثقافي في METEORA وقاديشا في البعد الانتروبولوجي والاجتماعي الذي يرسم معالم الشخصية الانسانية في هاتين المنطقتين. فالانسان الذي يعيش في مناخات روحية وطبيعية مماثلة هو انسان صلب في شخصيته ومواقفه وصبور على الحياة وصعوباتها. ان METEORA ووادي قاديشا هما واحة تاريخية تراثية يتم الاضاءة عليها ليس فقط من قبيل الاكتفاء بنبش الماضي او رغبة في الترف البحثي والعلمي بل لقراءة الحاضر على ضوء الماضي، ففي الموقعين ما زال هناك اناس يعيشون حتى اليوم بدينامية الحاضر والماضي وهم يحافظون على هذا الارث الروحي والثقافي والانتروبولوجي لانسان اليوم.
اما الجلسة الثالثة فانعقدت بعنوان تاريخ وجغرافية الوادي المقدس ادارها المطران يوسف سويف. وتحدث فيها الد. الياس القطار في موضوع الوادي المقدس من البدايات حتى144 تاريخ اقامة البطريركية المارونية فيه. وتحدث الد. جان نخول في الوادي المقدس من 1440 حتى 1854، وتحدث الاب د.كرم رزق في الحياة النسكية في الوادي وتحدث الاب يوسف طنوس في أديار ومناسك الوادي والجماعات المسيحية التي أقامت فيها. ثم عرضت د. جوانا شحود لابرز الجوانب الاركيولوجية في الوادي المقدس.
وتحدثت الباحثة هوري كركجيان في النمط العمراني المشترك في الكنائس المارونية والاورثوذكسية.
LINK TO GALLERY: www.media.bkerki.org
PHOTO ALBUM: Forum of The Shared Christian Heritage in the Holy Valley Dimane19.9.2019