نشاط البطريرك الراعي – بكركي


نشاط البطريرك

 

إستقبل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الثلاثاء 29 كانون الثاني 2019، في الصرح البطريركي في بكركي، وفداً من لقاء سيدة الجبل برئاسة النائب السابق الدكتور فارس سعيد، الذي استهلّ اللقاء بكلمة جاء فيها:

صاحب النيافة، غبطة أبينا وراعينا الصالح، نشكركم أولاً، جزيل الشكر على استقبالنا في هذا الصرح الذي نعتبره – نحن في “لقاء سيدة الجبل” – مرجعَنا الأعلى وكَنَفَنا الأغلى على الصعيدين الوطني والروحي.

فنحن – وكما تعلمون غبطتُكم – لقاءٌ تأسس منذ 19 سنة على اهتمامٍ سياسي وطني، ولكنّه تأسس أيضاً وخصوصاً على التزامٍ أخلاقي وروحي مثَّلت تعاليمُ الكنيسة أبرزَ مرجعياته. وقد علَّمتنا نصوص المجمع البطريركي الماروني لعام 2006 أن اختيارَنا لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه، على نِصاب الحرية والعدالة والعيش معاً متساوين ومختلفين – هذا الخيار لم يكن مجرّد سعيٍ للحصول على كيان خاص، بل كان قبل ذلك قراراً بالشهادة لإيماننا في بيئة إنسانية تعددية.. وتلك أعظمُ الشهادات للإيمان. ونعتقد أن هذا الخيار الإيماني التأسيسي، تُضافُ إليه وبفضله إزمانٌ من الازدهار اللبناني، هو ما أتاح للبنان أن يكون “أكثر من بلد. أن يكونَ رسالةً في محيطه والعالم”، بحسب الحبر الأعظم القدّيس يوحنا بولس الثاني. ولقد جاءت “شرعةُ العمل السياسي في ضوء تعاليم الكنيسة”، التي أصدرتموها قبل سنوات قليلة – جاءت لتجسّد تلك التوأمة التاريخية بين الوطني والسياسي والإيماني.

سيّدنا وأبينا، صاحبَ النيافة والغبطة!

مجد لبنان أعطي لك ولأسلافك العظام، ولِمن يأتي من بعدك، في هذه السلسلة الذهبية التي لم تنقطع ولن تنقطع بإذن الله، كما قال سَلِفُكم الطيب الذكر، البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، أطال الله في عمركم وعمره! وهذا سببٌ جوهري لحضورنا بين يديكم، في وقتٍ يلفّ السوادُ واقعَ هذا الوطن ومصيرَه، كما بيّنتم وحذّرتم، بأفضل ما يكون البيان والتحذير، في كلمتكم الأخيرة لنواب الأمّة المنتخبين من الموارنة.

الموارنة للبنان، وليس لبنان للموارنة، ولا ينبغي أن يكون لأيّ جماعةٍ في هذا الوطن – الرسالة.. وعلى هذا أتينا إليكم، لأنه “في الليلة الظّلماء يُفتَقَدُ البدرُ!”. ونحن في “لقاء سيدة الجبل” متشوّقون لسماع توجيهاتكم وإرشاداتِكم.

من جهته، أثنى البطريرك الراعي على هذه الخطوة من قِبل اعضاء لقاء سيدة الجبل، والتي تعكس امتلاكهم للحسّ الوطني في كل مرة يشعرون بالخطر، فيدقّون جرس الانذار مؤكّدًا أن بكركي هي المكان الذي منه تُطلق الصرخة والرسالة، واضاف:” أنطلق من كلمتكم لأقول أنه لا يمكننا أن نبقى صامتين أمام الحالة المذرية التي وصل اليها لبنان، بعد أن كان يُعرف بسويسرا الشرق”.

وتابع غبطته: “سلاح الحقيقة والايمان بالوطن والرجاء هو الطريق للخلاص وهذا ما أثبتته الأزمات التاريخية التي تخطاها لبنان بتكاتف أبنائه وبروح المسؤولية لديهم، وبتضامنهم ووعيهم وبفضل دماء المئات منهم الذين استشهدوا لنحيا وليحيا لبنان، وما زال كثر من بينهم يحملون في اجسادهم اعاقة الحرب، يضاف اليهم من ترك ارض الوطن مرغما. فلولا كل هذه التضحيات لما كنا نحن هنا اليوم، وهذا ما يقتضي منا ان نكون على مستوى هذه المرحلة وتحدياتها فلا نفرّط بكل تلك التضحيات الثمينة. من هنا نقول اننا لن نيأس وسنتشبث اكثر فأكثر بلبنان وقيمته ودوره وحضارته ورسالته وبثقافته التي ورثناها من الاباء والاجداد ولن نتراجع.”

وللسياسيين توجه الكردينال الراعي قائلاً: “لا يحق لكم” ولاي سبب أن لا يكون عندنا حكومة من اجل مصالحكم الشخصية والفئوية والمذهبية والحزبية، لا يحق لكم ان تتركوا الدولة تموت اقتصاديا واجتماعيا وماليا لانكم تتلهون بشؤونكم الخاصة … كان يوحنا المعمدان يقول لهيرودس “لا يحق لك”، ويجب ان يسمع السياسيون عبارة: “لا يحق لكم”. إن بكركي كانت وستبقى حرة من أيّة مصلحة واي لون او ارتباط، ولذلك فهي تستطيع ان تقول الحقيقة المتعلقة بلبنان وكيانه وبشعبه ودوره وتاريخه وهي تخاطب الضمائر”.

وختم نيافته قائلاً: “يؤلمنا أن تحلّ بعد سنة الذكرى المئوية الأولى لاعلان دولة لبنان الكبير، ونحن في هذه الحالة من التشرذم، وانا اقترح عليكم وعلى كل اصحاب الارادات الطيبة القيام بمبادرات لاحياء هذه المناسبة واظهار قيمتها في حياتنا الوطنية. فنحن نفاخر بوطننا لبنان ويكفي ان اكون لبنانيًا لكي اشعر بمعنى انتمائي الى وطن له نكهة مميزة وقيمة كبرى ورسالة، وطن نموذج في التعددية في هذا الشرق الاحادي في الدين والفكر.   

وخلال الحوار أكد البطريرك الراعي على وجود علاقة طيّبة لبكركي مع جميع الطوائف ومع رؤسائها وقادتها، لافتًا الى أن ابواب بكركي مفتوحة دائماً للجميع في خدمة لبنان.  

وردًا على سؤال، طالب غبطته بتطبيق الدستور والطائف، معتبرا “ان الطائف لم يطبق حتى اليوم لا نصًا ولا روحًا، وهناك محاولة حديثة، ولو غير مُعلنة، لتغيير مفاهيم الدستور والطائف من خلال ما يحدث من تأخير في تشكيل الحكومة”. وختم بتأكيده على أن للبنان دور في نشر ثقافة السلام، وليس له الدخول في صراعات اقليمية، وهذا الأمر يحتاج الى أن نعمل عليه كمواطنين قبل فوات الأوان. “

           

في ختام اللقاء قدّمت الدكتورة حُصن عبود للبطريرك الراعي كتابها الذي يحمل عنوان ” السيدة مريم في القرآن الكريم ” بعد أن نوّهت بمواقف غبطته وجهوده المستمرّة للحفاظ على العيش المشترك”.

وبعد الظهر استقبل غبطته وفد نقابة المحامين في طرابلس برئاسة النقيب محمد المراد وكان عرض لنشاط النقابة ولسبل التعاون مع المحاكم الروحية المارونية اضافة الى البحث في الاوضاع العامة ودور المحامين والمرجعيات القانونية في هذه المرحلة.

بعد اللقاء نوّه النقيب المراد بمواقف غبطته “الحريص على قيامة لبنان واستعادة دوره وعلى انقاذه”، لافتا الى الدور الاساسي الذي يلعبه مع سائر المرجعيات الروحية في لبنان، كما اكد على اهمية عقد قمة روحية خصوصًا اذا ما تأخر تشكيل الحكومة معتبرًا ان الامور لم تعد تحتمل المماطلة وعلى الجميع ان يتصرف بمسؤولية وطنية عالية.   

وفي نشاط الصرح البطريركي لليوم، استقبل البطريرك الراعي السفيرة كارولين زيادة، المسؤولة عن وحدة المنظمات الدولية في وزارة الخارجية ثم وفد بلدية بشوات.

وكان غبطته قد التقى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بالانابة برنيال دايلر كاردل في زيارة وداعية.

___________________________________________________________________

 

link for Photos Gallery / http://media.bkerki.org

PHOTOS: Patriarch Rai Activity_Bkerki_29.1.2019