البطريرك الراعي بارك استكمال المصالحة بين تيار المردة وحزب القوات اللبنانية – بكركي
نشاط البطريرك
رعى غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الأربعاء 11 تشرين الثاني 2018، في الصرح البطريركي في بكركي، استكمال المصالحة بين رئيس تيار المردة الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بحضور لفيف من الأساقفة واعضاء كتلتي القوات اللبنانية وهم ستريدا جعجع، شوقي الدكاش، أنطوان حبشي، وجوزف اسحق، والنائبان السابقان فادي كرم وأنطوان زهرا، ومدير مكتب جعجع طوني الشدياق، .وعن المردة وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال يوسف فينيانوس، والنواب طوني فرنجية، اسطفان الدويهي، فايز غصن، فريد هكيل الخازن، الوزيران السابقان يوسف سعادة وروني عريجي، وعضو المكتب السياسي في “المردة” وضاح الشاعر.
وألقى البطريرك الراعي بعد مصافحة فرنجية وجعجع كلمة بالمناسبة هنأ فيها لبنان بهذه المصالحة وقال:” لم أجد اجمل من صلاة المزمور 133 ، ما اطيب واجمل ان يجلس الإخوة معا، التي من خلالها نرحب بالوزير والنائب السابق سليمان بك فرنجية والدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وبجميع النواب والوزراء الذين يرافقونهم وبالحضور. بهذه الصلاة استقبلكم اليوم، فالفرح يملأ قلوبنا وقلوب جميع اللبنانيين الذين يشاهدوننا او يسمعوننا عبر وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي.”
وتابع غبطته:” كثر هم الفرحون معنا اليوم سواء من لبنان او من خارجه. فكل من يحب السلام والمصالحة والتعاون والتلاقي في سبيل الوطن لبنان وفي سبيل شعبه وفي سبيل قيام الدولة ومؤسساتها فرح معنا. الله هو الأب ولأنه الأب، نحن ابناؤه وبما اننا ابناء اب واحد فهذا يعني اننا اخوة مهما اختلفنا من ناحية الدين او اللون او الرأي او الفكر فالبشرية تلتقي ببعضها البعض امام الله كأخوة. لذلك كانت صلاة المزمور ما اجمل وما اطيب ان يجلس الإخوة معنا. من اين هي هذه الطيبة ومن اين هو هذا الجمال؟ ان يجلس الإخوة معا. الرب يسوع يشرحها في انجيل متى ويقول حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة اكون بينهم. الفرح والسعادة التي نشعر بها اليوم بعد لقاء الإخوة معا فهي لأن الرب حاضر. فهو يريد ان نلتقي ونتصالح وان نطوي الصفحة لذلك هو مصدر الفرح. وهكذا تكتمل صلاة المزمور بتتويج كلمة الرب يسوع.”
وأضاف نيافته:” نعم نلتقي كما يدعونا الرب لكي نعيش الفرح والسلام ولكي نبحث عن الحقيقة حتى تجمعنا المحبة ونبني مجتمعنا. نحن هنا ليس فقط لإستكمال المصالحة فقط لأنه في الواقع هذه المصالحة كانت قد انطلقت وتمت في ايار من العام 2011 وشملت ايضا قطبين آخرين هما فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما كان رئيسا للتيار الوطني الحر وفخامة رئيس الجمهورية الأسبق الشيخ امين الجميل رئيس حزب الكتائب. هكذا انطلقنا وهكذا طوينا الصفحة واليوم مع القطبين الحاضرين عدنا للتأكيد على هذه المصالحة ومواصلة الطريق سوية الى الأمام. يومها كانت الغاية عندما التقينا في هذا الصالون العام 2011 ان يكون المنطلق للوحدة الوطنية الشاملة التي يحتاجها لبنان ولا يمكننا التفكير بهذه الوحدة ان لم يكن الأقطاب المسيحيون وتحديدا الموارنة يعيشون هذه الوحدة ومنهم ننطلق الى الوحدة المسيحية والوحدة الوطنية. لقد كان هذا هو جوهر حديثنا سوية في كل مرة نلتقي بها ونجتمع وكنا نعلن ان اجتماع الموارنة ليس للموارنة وحسب وانما نجتمع ليكون هذا الإجتماع انطلاقة لوحدتنا الداخلية الوطنية الشاملة. وبهذا المعنى نحن نجتمع اليوم فنحن ضد الثنائيات والثلاثيات والرباعيات نحن مع الشعب اللبناني بأكمله. نحن مع جميع مؤسسات الدولة واذا كان لا بد من الحديث عن ثنائية فهناك ثنائية واحدة وهي جناحا لبنان المسيحي والمسلم، جناحان متساويان متكاملان، عندها يتمكن الطائر اللبناني من التحليق عاليا وهذا هو سر لبنان بخصوصيته ودوره ورسالته الوطنية. وهذه هي ابعاد هذا اللقاء التاريخي العظيم بين مرجعيتين محترمتين النائب السابق سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع ومعهم جميع انصار واعضاء الحزبين.”
وختم غبطته:” نرفع صلاتنا الى الله لكي يبارك هذا اللقاء الذي امطر خيرا على لبنان وعلى الدولة اللبنانية مع ما نشهده اليوم من امطار، نرفع صلاة الشكر معا لله ونسأله ان يبارك هذا المسعى لمجده ولخير لبنان وكل اللبنانيين .”
وكانت خلوة جمعت البطريرك الراعي والدكتور سمير جعجع والوزير السابق سليمان فرنجية، تلا بعدها المطران جوزيف نفاع نص وثيقة التفاهم بين المردة والقوات والتي جاء فيها:”
انطلاقاً من لقاء بكركي الرباعي للأقطاب المسيحيين بتاريخ 20 نيسان 2011 حول المصالحة المسيحية، التي توخّت خير المصلحة المسيحية والوطنية اللبنانية.
وبعد المصالحة الوطنية التي أنجزت عبر وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، ومصالحة الجبل والمصالحة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عبر تفاهم معراب، تأتي وثيقة بكركي – القوات اللبنانية وتيار المردة، استكمالاً طبيعياً لهذا المسار التصالحي العام الذي يدعم وحدة لبنان ومصالح شعبه.
وفاءً لتضحيات شهدائنا جميعاً،
يلتقي اليوم في مقر البطريركية المارونية في بكركي، هذا الصرح الوطني الكبير، وبرعاية غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، رئيس تيار المرده الوزير سليمان فرنجيه ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ترسيخاً لخيار المصالحة الثابت والجامع.
إن المصالحة تمثّل قيمة مسيحية – إنسانية – لبنانية مُجرّدة، بصرف النظر عن الخيارات السياسية لأطرافها الذين ينشدون السلام والاحترام المتبادل، وخير لبنان دولةً وشعباً وأرضاً، من دون أي حساباتٍ سياسية قد تتبدّل تِبعاً للظروف والتغيّرات.لقد مثّل الشمال، الحصن المنيع لنواة الحضور المسيحي التاريخي منذ يوحنا مارون والبطاركة الأوائل مروراً بالمقدّمين ويوسف بك كرم والمناضلين والشهداء في المراحل اللاحقة وصولاً إلى اليوم دفاعاً عن الكرامة والوجود والمصير.
لقد مرّ المسيحيون عامةً ومسيحيّو الشمال خاصةً، خلال الحرب اللبنانية، بمرحلة أليمة من الاقتتال والشرذمة، ما سبب لهم الحزن والألم والإحباط والتفرقة، وانعكس سلباً على وضعيتهم السياسية والديموغرافية والاجتماعية في لبنان كلّه، ولن يتخطى المسيحيون هذا الواقع السلبي للانطلاق نحو مستقبلٍ واعد لهم وللبنان، إلا إذا نجحوا في طيّ صفحة الماضي الأليم، والالتزام بالقواعد الديموقراطية في علاقاتهم السياسية.
لقد مرت العلاقة بين الطرفين في السنوات الأخيرة بمحطّاتٍ سياسية وانتخابية عدّة، ولم تعكّر استقرارها أي شائبة، بالرغم من بقاء الاختلافات السياسية بينهما على حالها، ما يؤكد أن الالتقاء والحوار ليس مستحيلاً، بمعزلٍ عن السياسة وتشعبّاتها.
بالاستناد إلى ما تقدّم، يُعلن تيار المرده وحزب القوات اللبنانية عن إرادتهما المشتركة في طيّ صفحة الماضي الأليم، والتوجه إلى أفق جديد في العلاقات على المستوى الإنساني والاجتماعي والسياسي والوطني، مع التأكيد على ضرورة حلّ الخلافاتٍ عبر الحوار العقلاني الهادف إلى تحقيق مصلحة لبنان العليا ودور مسيحييّه، والعمل معاً على تكريس هذه العناوين عبر بنود هذه الوثيقة.
إن هذا الحدث مناسبة لإكبار من استشهد وضحّى وعانى من النزاعات الدموية بين الفريقين. عزاؤنا الوحيد أن تضحياتهم أثمرت هذا اللقاء التاريخي الوجداني بعيداً عن أي مكاسب سياسية ظرفية ليكون بحجم معاناتهم ومآسي أحبائهم.
إن ما ينشده الطرفان من هذه الوثيقة ينبع من اضطلاع بالمسؤولية التاريخية ومن قلق على المصير، وهي بعيدة عن “البازارات” السياسية، ولا تسعى إلى إحداث أي تبديل في مشهد التحالفات السياسية القائمة في لبنان والشمال، مع التشديد على أنها لم تأتِ من فراغ، وليست وليدة اللحظة، وإنما تتويجاً لسلسلة اجتماعاتٍ وحوارات، نجح خلالها الطرفان في كسب ثقة متبادلة عبر احترام قواعد العمل السياسي الديموقراطي، ووقف كل أشكال الصدامات والالتزام بتطبيع العلاقات، ما شجّع الطرفين على مواصلة الحوار وتطويره وصولاً إلى هذه الوثيقة.
بناء على ما تقدّم،
يؤكد الطرفان على الأُسس التالية:
– إن التلاقي بين المسيحيين والابتعاد عن منطق الإلغاء يشكلان عامل قوة للبنان والتنوع والعيش المشترك فيه.
– إن زمن العداوات والخصومات بين القوات اللبنانية والمرده قد ولّى وجاء زمن التفاهم والحوار وطيّ صفحة أليمة والاتعاظ من دروس الماضي وأخطائه وخطاياه منعاً لتكرارها، أملاً بغدِ الرجاء والتفاهم.
– ينطلق اللقاء من قاعدة تمسّك كل طرف بقناعاته وبثوابته السياسية ولا تقيّد حرية الخيارات والتوجّهات السياسية ولا تحمل الزامات محددة، بل هي قرار لتخطي مرحلة أليمة، ووضع أسس حوار مستمر تطلعاً إلى أفق مستقبلي مفتوح.
إن الاختلاف السياسي في بلد سيَد ودولة مؤسسات لا يمنع التلاقي حول القضايا الوطنية والإنسانية والاجتماعية والإنمائية مع السعي الدائم لتضييق مساحة الاختلاف السياسي قدر الإمكان.
– احترام التعددية السياسية والمجتمعية وحرية الرأي والحريات العامة والخاصة، والالتزام بالدستور والقوانين والقواعد الديموقراطية بما يختصّ بالعمل السياسي والحزبي في لبنان.
– تعميم المناخات الإيجابية بين الطرفين عامة، واستبعاد المصطلحات التي تُجرّح بالطرف الآخر وبرموزه وشهدائه.
– احترام حرية العمل السياسي والحزبي في القرى والبلدات والمناطق ذات العُمق الأكثري لكلا الطرفين، والتنسيق في ما يتعلق بالنشاطات والخطوات التي قد تُثير أي سوء تفاهم مُعيّن بينهما لمصلحة الجميع، ومنعاً لأي احتكاكاتٍ تضرّ بأهداف المصالحة.
في الخاتمة،
هذه الوثيقة شِئناها تتويجاً للقاءاتِ مصارحاتٍ وحواراتٍ عقلانية، لتجاوز مراحل مدمِّرة من الخلاف والاقتتال، كما نريدها استشرافاً لغد أفضل، يحمل تصميماً لدينا، كلٌ من موقعه السياسي، ببدء مرحلة تعاون صادق، وثيق، بنّاء، نابع من مسؤوليتنا الوطنية المشتركة لتحقيق أماني وتطلعات اللبنانيين في بناء دولة حقوق المواطن وكرامة الوطن.
عاش لبنان
_____________________________________________________________________________
Click the link for photo albums
PHOTOS: Patriarch Rai_Reconciliation at Bkerki_14.11.2018