السفارة اللبنانية في فيينا تقيم استقبالا على شرف رؤساء الطوائف
نشاط البطريرك
بعد اختتام اعمال المؤتمر السنوي الذي نظمه مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين اتباع الديانات والثقافات الذي عُقد في العاصمة النمساوية فيينا، ما بين 26 و27 شباط الجاري تحت عنوان “الحوار بين اتباع الاديان من اجل السلام: تعزيز التعايش السلمي والمواطنة المشتركة، اقامت السفارة اللبنانية حفل استقبال على شرف الوفد اللبناني الذي ضم عددا من رؤساء الطوائف وممثلين عنهم في منزل مقر اقامة السفير اللبناني في فيينا وقد شارك فيه حشد كبير من ابناء الجالية اللبنانية.
تخلل اللقاء كلمة ترحيبية لسفير لبنان ابراهيم عساف وصف فيها زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بالتاريخية كونها الاولى لبطريرك ماروني الى النمسا، مستشهدا باقوال وردت في مداخلات رؤساء الطوائف اللبنانية خلال المؤتمر واكدت على حياتية ونموذجية العيش معا في لبنان.
واضاف: “ان الوفد اللبناني الذي شارك في مؤتمر فيينا هو من اكبر الوفود، وكيف لا! فحوار الاديان عندنا ليس مجرد مجموعة مبادىء بل هو حالة معاشة كل يوم. والحوار في عالمنا اصبح حاجة لا مفر منها، وهو مبادلة العنف بالغفران، وليس وسيلة لفرض اوجه الشبه انما لتكريس اوجه الاختلاف باحترام. والحوار لا يعني الانصهار والذوبان بل تكريس وقبول الاختلاف والفرادة”.
وتابع السفير عساف: “موضوع الحوار في لبنان شيء مختلف وفريد، فنحن لسنا فقط مجموعة اقليات تعيش في وطن بل ان ما يجمعنا هو ارادة العيش سويًا والتشارك في الحكم وتقاسم السلطة على قاعدة المناصفة. وفي هذا المجال يقول المفكر ميشال شيحا ان اللغة المشتركة ووحدة الايمان لا تصنعان امّة بل الرغبة والارادة بالعيش سويًا.”
ثم كانت كلمة شكر للبطريرك الراعي جاء فيها: “انني احيي سفير لبنان وعقيلته واشكرهما، ومن هذا البيت اللبناني نحيي فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والسلطات الدستورية اللبنانية وكل الشعب اللبناني، والجالية اللبنانية هنا مع الجاليات العربية الاخرى. كما نحيي السلطات النمساوية التي استقبلت جالياتنا.
اود ان احيي ايضًا الامين العام لمركز الملك عبدالله للحوار واسرة المركز وقد تميزت اعمال مؤتمر حوار الديانات من اجل السلام وتعزيز العيش المشترك السلمي والمواطنة المشتركة بالغنى وتبادل الاراء البناءة، وشعرنا ان هناك عاصفة روحية تهب في عالمنا لتقرّب الشعوب الى بعضها.”
واضاف غبطته: “عندما نقول “حوار بين الديانات” فهذا لا يعني بين رجال الدين انما بين ابناء كل هذه الديانات، بدءا من السياسيين، فالمشكلة ليست من الشعب بل من السياسيين عندما يسيّسون الدين ويفرقون الشعب. ولكن للشعب دور كبير في المحافظة على قيمه، وكثير من سفراء الدول والاجانب الذين يزورون لبنان يلاحظون ان في لبنان مجتمع مدني يختلف عن المجتمع السياسي. فالمجتمع المدني مجتمع منفتح ومحب ولا يفرّق بين الاديان فيما المجتمع السياسي مختلف تمامًا. ولذلك نحن نأمل ان نتوحد في مجتمع لبناني واحد غني بكل مكوناته الاسلامية والمسيحية وغني بكل قياداته وبكل شعبه.”
وختم الكردينال الراعي: “لو لم تكن هذه الروح الجديدة، الراغبة في السلام والحوار والاخوة، فاعلة في هذا العالم لم رأينا مثل هذا المركز الذي اسسته المملكة العربية السعودية مع النمسا واسبانيا والفاتيكان. ونتمنى لبلداننا الشرق اوسطية نهاية الحرب والاستقرار والسلام العادل والشامل والدائم لكي يعود اليها اهلها، على تنوع اديانهم، وهم يحق لهم العيش بكرامة والحفاظ على ثقافتهم وحضاراتهم من اجل مواصلة تاريخهم ورسالتهم على ارضهم، وهكذا نقف بوجه كل المخططات الهدامة التي تقتل ثقافتنا وحضارتنا.”
بعد ذلك القى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان كلمة شكر قال فيها: “عندما كنت اسمع كلمة صاحب الغبطة شعرت بأنه تحدث باسم لبنان والأديان والثقافات المتعددة، واننا جميعا أسرة واحدة.
أضاف: الحوار في لبنان هو اختيارنا بأن نتحاور في ما بيننا كأديان أنزلت من عند الله للمحافظة على كرامة وحقوق وحرية الإنسان، ونعتبر أن العيش المشترك نعمة كبيرة يعيشها اللبنانيون ومن جهتنا كرؤساء طوائف نعبّر من خلال القمم الروحية التي تجمعنا باستمرار عن وحدتنا كلبنانيين، فصحيح هناك مسلمين ومسيحيين، ولكن بالنهاية نحن أبناء وطن نحبه كثيرا اسمه “لبنان”، وحماية وطننا أمانة في أعناقنا جميعا، ونحن أول من شرحنا وأنشأنا واطلقنا مفهوم العيش المشترك في الشرق الأوسط، لا بل في العالم.
وتابع قائلا: من ناحيتي سأبقى يدا بيد مع صاحب الغبطة، ومع سائر المرجعيات الإسلامية والمسيحية لكي نحافظ على عيشنا المشترك لنقول للعالم كله اننا نعيش تجربة فريدة ولا يمكن أن يكون الاختلاف الديني سببا لتفرقنا كمواطنين لبنانيين، علينا أن نحمي وطننا برموش أعيننا، ولن نسمح لأحد بان يعبث بالأمن والاستقرار في لبنان طالما ان هناك جيش لبناني نثق فيه كل الثقة، ولدينا أجهزة أمنية فعالة في كشف الخلايا الإرهابية، نحن مع الدولة الوطنية العادلة القادرة القوية التي تحمي هذا التنوع الايماني والروحي، دولة الحق والحقوق والمساواة والواجبات، هكذا نريد الدولة، لا نريد دولة المزارع، بل نريد لبنان الدولة الوطنية القوية التي تحتضن كل اللبنانيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية.
وختم المفتي دريان بشكر السفير عساف وزوجته على هذا الحفل في البيت اللبناني في جمهورية النمسا، داعيا أبناء الجالية اللبنانية في فيينا أن يحافظوا على التماسك والتآلف والمحبة.
وكان البطريرك الراعي قد التقى بعد ظهر امس رئيس مجلس النواب النمساوي فولفغانغ سوبوتكا وكانت مناسبة لعرض الاوضاع في المنطقة ودور النمسا في المساهمة بارساء السلام فيها الى جانب دعم لبنان في قضاياه ومساعدته على تحمل اعباء النزوح اليه.
كذلك التقى غبطته رئيس اساقفة فيينا الكردينال كريستوف شونبورن وعرض معه قضايا كنسية وراعوية تتعلق بالمؤمنين الشرقيين في النمسا اضافة الى موضوع مساعدة اللاجئين الى فيينا. من جهته اثنى الكردينال شونبورن على جهود البطريرك الراعي في موضوع الحوار والانفتاح بين الاديان واصفًا زيارته الى المملكة العربية السعودية بالتاريخية والمميزة والتي فتحت صفحة جديدة ولافتة في هذا الاطار.
PHOTOS: Patriarch Rai Activity_Vienna_27.2.2018