تدشين المبنى الجديد لجامعة سيدة اللويزة –برسا الكورة


نشاط البطريرك

رعى غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد ظهر اليوم الأربعاء 31 ايار 2017، حفل تدشين المبنى الجديد لجامعة سيدة اللويزة في بلدة برسا – الكورة، يرافقه المطرانان جوزيف نفاع وجورج بو جودة وأمين سر البطريرك الأب بول مطر ومدير مكتب الإعلام والبروتوكول في الصرح المحامي وليد غياض.

وكان في استقبال غبطته الرئيس العام للرهبنة اللبنانية المريمية المارونية الأباتي بطرس طربيه، رئيس الجامعة الأب وليد موسى، مدير الفرع الأب سمير غصوب، ولفيف من الرهبان والراهبات.

كما حضر الرئيس أمين الجميل وعقيلته، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي الدكتور عبد الإله ميقاتي، ممثل بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي الأرشمندريت رومانوس حنات، ممثل نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري نبيل موسى، ممثل وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة المدير العام فادي يرق، ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الدكتور فؤاد نخله، السفير البابوي غابريللي كاتشا، ممثل رئيس حزب “القوات اللبنانية سمير جعجع النائب فادي كرم، النواب: نايلة معوض، سامر سعادة، ونضال طعمة، ممثل رئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية نجله طوني فرنجية، الوزير السابق ريمون عريجي، ممثل مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار الشيخ محمد إمام.

 

بعد النشيد الوطني اللبناني ، قدم للحفل نائب رئيس جامعة اللويزة الدكتور سهيل مطر، فقال: “هذه الجامعة ليست جامعة إضافية، إنما تقف بجانب شقيقاتها متضامنة ومتعاونة. وإن الهم هو جعلها مرآة للشباب والصبايا في طموحاتهم وأحلامهم، وعلينا أن نحقق لهم هذه الأحلام بدولة أجراس كنائسها ترنم، ولا تتحدى، وآذان مساجدها تكبر ولا تتصدى”.

وشكر مطر للبطريرك الراعي حضوره، قائلا: “طلابنا ونحن برعايتكم يا صاحب الغبطة، وبتعاليم رهبانيتنا المريمية نعمل معا لنعلم أنفسنا أن الوطنية حب”.

بعدها عرض فيلم مصور عن تطور فرع الجامعة منذ تأسيسه حتى اليوم. وأنشدت جوقة الأب خليل رحمة ترانيم دينية ومقطوعات تراثية لبنانية.

ثم كانت كلمة الأب سمير غصوب شكر فيها للبطريرك الراعي رعايته وبركته لتدشين “ثمرة جهد وتعب داما 9 سنوات، أثمرت عن هذه الجامعة، عسى أن تقبلها أمنا مريم العذراء هدية لتكون لشمالنا منارة تشع بالعلوم والمعارف والقيم”.

أضاف: “وبهدي من شعاركم يا صاحب الغبطة شركة ومحبة، وبوحي من العنوان الذي أسستم عليه جامعتنا هوية ورسالة، حرصنا على العمل الجاد لتوصيل الأمانة بالالتزام في توطيد الهوية وبناء المحبة”.

وشرح غصوب “المراحل التي مر بها الفرع وجهود العاملين فيه للوصول إلى ما هو عليه اليوم”، مؤكدا أن “الشمال يستحق جودة التعليم والعطاء”، شاكرا” المعنيين من وزراء سابقين وحاليين وفاعليات ساهموا وعملوا على تحقيق هذا الإنجاز”.

ثم تحدث رئيس الجامعة الأب وليد موسى عن تاريخ الجامعة، لافتا إلى أنها “تضم اليوم 7 آلاف طالب وطالبة موزعين على 3 مقرات: الرئيسي في زوق مصبح، الثاني في الشمال، والثالث في الشوف”.

وتوقف عند “فرع الشمال”، موجها نداء إلى “وزير التربية في موضوع ضمان الجودة”، وقال: “إن مشروع قانون ضمان الجودة، الذي يدرس الآن في مجلس النواب نأمل أن يصدر في عهدكم، لتحققوا حلما طال انتظاره. نحن نؤمن بأن الثقافة هي أساس لبناء الوطن، فصحيح أن قانون الإنتخابات ذو أهمية سياسية كبيرة، ولكن وحدها الثقافة قادرة على ان تنتج قانون انتخابات جديد، لا يكون قطعة جبن للتقاسم”.

أضاف: “بصلواتكم وتوجيهاتكم يا صاحب الغبطة نتابع طريقنا، فلا إرهاب يخضعنا، ولا تطرف يحتل عقولنا لأننا نؤمن بالله وبلبنان وبأجياله الجديدة”.

بدوره، ألقى الرئيس العام للرهبنة قدس الأباتي بطرس طربيه كلمة تحدث فيها عن “سبب انشاء فرع لجامعة سيدة اللويزة في الشمال”، مشيرا إلى “الظروف الأمنية الصعبة التي شهدها لبنان عام 1987″، وقال: استمرينا في شكا نحو 10 سنوات إلى أن ارتفعت مداميك هذا الصرح الجامعي، بالتعاون مع بلدية برسا وأهلها الكرام. ودشنا مباني الجامعة سنة 1999 برعاية أبينا البطريرك صفير، وباركها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ببرقية ورد فيها: أتمنى أن تكون جامعة سيدة اللويزة مكانا دائما للتعايش من دون تمييز أو تفرقة في الأصل الاجتماعي والديني، وأن تساهم في اندماج الشباب في مجتمع غني بالنظافة”.

أضاف: “اسمح لي يا صاحب الغبطة أن أقول إن هذه الجامعة بدأت بها، وأنت راهب، تطورت معك وأنت أسقف، وسمت وأنت في سدة البطريركية، وستستمر أقوى وأرقى لأنكم زرعتم فيها بذور الخير والثقافة والحرية، والرهبانية التي أنجبت بطريركا عظيما لن تكون إلا على مثال هذا البطريرك، أخلاقا ووطنية وثقافة”.

وألقى مدير عام وزارة التعليم العالي فادي يرق كلمة الوزير حمادة وقال فيها: “جامعة سيدة اللويزة صنيعة الرهبانية المريمية العريقة، التي خرج من أديارها صاحب الغبطة صوتا صارخا بالحق والحرية واحترام الآخر، وتوالى على رئاستها آباء متميزون، بذلوا جهودا جبارة مع المفكرين، وفي أصعب الظروف، حتى وصلت الجامعة إلى ما هي عليه من التألق والنجاح. لقد لفتني في مسيرتها الجانب الثقافي الذي جعل منها منارة، وقلبها المفتوح الذي شكل منصة لكل رأي وقضية وطنية وقومية”.

أضاف: “إن رؤيتكم البعيدة المدى لمستقبل لبنان يا صاحب الغبطة، وإيمانكم العميق بالله، دفعكم إلى الرهان على الشباب كطاقة خلاقة وقادرة على التطوير والتحديث. ومن هنا، كان نضالكم من أجل تأسيس الجامعة بحسب أفضل المعايير العالمية للجودة. وها نحن نحصد في كل عام ثمار الزرع الذي أسستم له، ونضع الرهان على المستقبل بين أيديكم لتباركوا هذا الوطن بكل عائلاته، وتدفعوا به إلى بر الأمان والاستقرار من خلال دعمكم للمؤسسات الدستورية الوطنية لتعمل يدا واحدة وتنجح الجمهورية ويزدهر لبنان”.

وفي الختام القى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:” يسعدني أن أشارك معكم في تدشين فرع برسا بقضاء الكوره الشمالي لجامعة سيدة اللويزة وتبريكه، مع قدس الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية الأباتي بطرس طربيه، والآباء المدبرين، والأب وليد موسى رئيس جامعة سيدة اللويزه، والأب بشاره الخوري نائبه للشؤون المالية، والأب سمير غصوب مدير هذا الفرع، ومع الهيئتين الإدارية والتعليمية ومجلس الامناء والطلاب وأهلهم. وإني أحيي أصحاب الفخامة والسيادة والسماحة والمعالي والسعادة، المشاركين معنا وسائر الرسميين، وهذا الجمهور الكريم. ويأتي التبريك في آخر يوم من شهر ايار المخصص لتكريم أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان وشفيعة الجامعة.

ان حضور فخامة الرئيس الجميل اعادني بالذاكرة اربعين سنة. يومها كان نائبا وعضوا في مجلس امناء معهد سيدة اللويزة للتعليم العالي وكنت انا راهبا. انطلقنا سنة 1978 وكنا نفكر معا ونخطط لمستقبل هذا المعهد، الى ان، وبعد تسع سنوات، اصبح رئيسا للجمهورية ووقع مرسوم انشاء جامعة سيدة اللويزة التي اصبحت اليوم صرحا جامعيا وتعليميا نفخر به. 

وإني باسمكم أبارك للرهبانية وللجامعة بإنشاء هذا الفرع الجامعي في بلدة برسا العزيزة، وبإضافة مبان جديدة على المبنى الأساسي، نباركها وندشنها اليوم. ونعرب عن تقديرنا لجامعة سيدة اللويزه لتطبيقها مبدأ اللامركزية بحيث يتاح لشبيبة المنطقة متابعة دروسهم الجامعية من دون عناء الانتقال مع أهلهم إلى البعيد، ولأساتذة المنطقة البقاء فيها وخدمة شبابها الجامعي، ولأبنائها توفر فرص عمل جديدة.

إنها الكنيسة المارونية، من خلال هذه الجامعة، حاضرة في هذه المنطقة العزيزة، تقدم لشبابها العلم والتربية على القيم الروحية والأخلاقية والاجتماعية، وعلى المواطنة وفقا لميزة لبنان التي يرسمها الميثاق الوطني والدستور. وهي: التعددية الثقافية والدينية في وحدة وطنية، الانفتاح والتكامل مع الآخر المختلف، العيش معا مسيحيين ومسلمين في دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة، وتنتهج نظام الديموقراطية، وتقر الحريات العامة التي هي جوهر الحياة البشرية. فما قيمة الإنسان من دون حرية الضمير والرأي والعمل؟ إن مبرر وجود هذا الفرع لجامعة سيدة اللويزه، إنما هو للتكامل والتعاون مع جامعات المنطقة الشمالية، ولتمكين الأهل من اختيار أسلوب التربية الذي يفضلونه لأولادهم، وفقا لقناعاتهم الدينية وخياراتهم التربوية. وهذا مبدأ تقره المواثيق الدولية.

الجامعة هنا هي من أجل شبابنا ومستقبله في وطنه. من أجل تزويده بالاختصاص الرفيع الذي يختاره وفقا لمواهبه وميوله وقدراته الفكرية، ومن أجل تحفيز إبداعه على أرض الوطن الذي يحتاج إلى فكر وعبقرية وزنود أبنائه. فالاوطان يبنيها أبناؤها لا الغرباء، ولا الأجراء.

إن شبابنا اللبناني يشكو من خيبة أمل من الجيل الأكبر الذي لم يتح لهم المجال كي يختبروا الاستقرار والنمو والطمأنينة، وينعموا بالبحبوحة، وتتوفر لهم فرص العمل المناسبة لاختصاصاتهم، وكي يجدوا في رجال السياسة رجال دولة حقا، واعين مسؤولياتهم الوطنية، ومتعالين عن المصالح الخاصة والمكاسب الشخصية والفئوية، ومتحلين بالتجرد من الذات والأفكار المسبقة، رجال دولة متحررين من أسر مواقفهم وردات فعلهم وتقويم كلامهم، لكي يسيروا معا نحو تأمين خير الشعب والدولة وتفعيل مؤسساتها العامة وحمايتها من الفساد المالي المستشري فيها.

يكفي أن نفكر بالاثنتي عشرة سنة من التداول بشأن قانون جديد للانتخابات من دون جدوى حتى الساعة، إلا إذا حصلت بلحظة ما معجزة التوافق، كما جرى مع رئاسة الجمهورية بعد سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي الذي عطل معه عمل المجلس النيابي وشل الحكومة، ورجع بالبلاد إلى الوراء. ولنفكر بسلسلة الرتب والرواتب والموازنة، وبقضية الضرائب، والكهرباء وبعيب النفايات، فضلا عن تنامي الأزمة الاقتصادية، وتأرجح الوضع الأمني الداخلي، وازدياد البطالة وحالة الفقر، وتراجع فرص العمل، وتعاظم الدين العام. وهذه كلها ازدادت وعظمت وتنذر بالأخطار الكبيرة، بوجود مليون ونصف من النازحين السوريين، ونصف مليون من اللاجئين الفلسطينين، وعشرات الألوف من المهجرين العراقيين. نحن متضامنون معهم إنسانيا وأخويا ومع قضيتهم، لكن اعدادهم، التي باتت تتجاوز نصف سكان لبنان وحاجاتهم الحياتية المتنوعة تغرق البلاد، وتخنق الشعب، وترغمه على الهجرة. هل هذه الأخطار تحرك مشاعر السياسيين وفكرهم وإرادتهم وواجب مسؤولياتهم؟

تأتي الجامعة لتكون علامة رجاء لشبابنا والمواطنين اللبنانيين، لأنها تزود الطلاب الجامعيين بالاختصاصات الرفيعة، والمبادئ الخلقية والاجتماعية والوطنية السليمة، وتربيهم على مفهوم السياسة كفن شريف لخدمة الخير العام، وتصقل شخصيتهم الوطنية، وتنمي فيهم الثقة بالله وبالذات. ثم ترسلهم ليكونوا القوة التجددية في المجتمع والدولة، وليعطوهما انطلاقة جديدة.الوطن اللبناني يحتاج إلى أمثال هؤلاء، فلا يقوم على أكتاف الضعفاء والخاملين، ولا على الجائعين إلى كسب مال الحرام، بل على المتفوقين في المعرفة والكفاءة والأخلاق والعين الشبعانة.

هذا هو الهدف الأساسي من الجامعة، ومن الدروس الجامعية. فلا تكون هذه الدروس “موضة” يتخرج معها عاطلون عن العمل، ويأنفون أي عمل، بما فيه الدخول في مؤسسات الدولة وجيشها وأجهزتها الأمنية. ومعلوم أن البطالة أم الرذائل، لكن هي من اجل التفوق.

في هذا اللقاء الجامعي، نوجه النداء إلى الدولة اللبنانية، عبر المدير العام الى معالي وزير التربية والتعليم العالي، الأستاذ مروان حماده، ونطالب الدولة والوزارة: السهر على حسن تطبيق القوانين والأنظمة النافذة حاليا، والتخفيف من القيود الإدارية وثقل بعض الإجراءات في الإدارة، الاضطلاع بمسؤولياتها التشريعية، فتسن قانونا جديدا ينظم قطاع التعليم العالي الخاص، قانونا متطورا ومتكاملا يأخذ في الاعتبار المتغيرات على الصعيد المحلي، وتحديات العولمة على الصعيد الدولي، قانونا شاملا لوجوه التعليم العالي وجوانبه المختلفة، قانونا يحقق الطموحات، ويلبي الحاجات، ويسهم في ضمان جودة التعليم وتأمين تطوره المستقبلي السليم (المجمع البطريركي الماروني: الكنيسة المارونية والتعليم العالي، الفقرة 69).

في ما نسأل الله أن يبارك بفيض من نعمه هذه المباني الجديدة، والطلاب والإدارة والمعلمين والموظفين والأهل، نتمنى للجامعة ولهذا الفرع دوام النجاح والنمو. ومع اخوتنا المسلمين في شهر رمضان، نرجو ان يكون هذا الزمن موسم خير ونعم عليهم وعلى الشعب اللبناني. ولكم جميعا كل خير وبركة من جودة الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة اللويزه.

ختاما بارك البطريرك الراعي المبنى الجديد وازاح الستارة عن لوحة تذكارية. ثم جال على اقسام المبنى. 

PHOTOS: Patriarch Rai At NDU Campus_Barsa_31.5.2017