زيارة البطريرك الراعي الى ابرشية صيدا


زيارات رسولية

 

إستهلّ صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، صباح اليوم السبت 7 أيلول 2019 زيارته الراعوية الى أبرشية صيدا، بزيارة الى مطرانية صيدا حيث كان في استقباله راعي الأبرشية المطران مارون العمار، والنائب العام المونسينيور مارون كيوان، ولفيف من الكهنة.

ثم توجه غبطته والوفد المرافق الى بلدة صفاريه في قضاء جزين، حيث اقيم له استقبال رسمي وشعبي شارك فيه عدد من فعاليات المنطقة السياسية والعسكرية والدينية تقدمها النواب زياد أسود وسليم الخوري وابراهيم عازار، ورئيس البلدية حبيب ضاهر ومختار البلدة فرحات تادي وكاهن الرعية الخوري جوزف واكيم، وحشد من الآباء والأخويات والمؤمنين.

وفي كنيسة مارجرجس رفع غبطته الصلاة، ثم القيت ليتوجه بعدها الحضور الى قاعة الرعيّة حيث أُلقيت عدّة كلمات ترحيبيّة، بداية مع كاهن الرعية الأب جوزف واكيم الذي أعرب عن فرحة الرعية بزيارة أبيها البطريرك قائلاً:

” ان طرقات وساحات وأحجار بيوت رعية مارجرجس تترنّح فرحاً بقدوم صاحب الغبطة، كما أن أهل الرعية يعتبرون هذه الزيارة بركة ونعمة سماوية لتساعدهم على التمسّك بأرضهم وتراثهم والابقاء على ايمان الآباء والأجداد.” بدوره رحّب رئيس بلدية صفاريه حبيب ضاهر، بصاحب الغبطة بكلمة جاء فيها: “مسيرتكم يا صاحب الغبطة مسيرة البطاركة المباركة عبر التاريخ من كفرحي الى يانوح الى ايليج، حتى بكركي، ترحال وتنقل حباً بالتنسّك والتقشّف أو بسبب المصائب والمصاعب، وهمّهم الدائم كان خدمة الكنيسة”. واضاف: “لقد زرتم يا صاحب الغبطة بلدتنا، أيام المحنة في التسعينات، وكم كان لتلك الزيارة من طيب أثر في النفوس، ما زادنا تمسّكاً بأرضنا ونحن اليوم نقدّر مواقفكم الأبوية والوطنيّة، ودوركم في تقويم كل اعوجاج في السياسة، واصلاح كل خلاف بين الأفرقاء، لأن همّكم وحدة الطائفة والشعب.”

ثم ردّ غبطته بكلمة قال فيها: “أشكر راعي أبرشية صيدا المطران مارون العمار على تنظيمه هذه الزيارة لرعيّة عزيزة على قلبي. فأنتم في الفترة التي كنتم تعيشون فيها ويلات الحرب والحصار، والحزن والألم على شهدائكم، لم نكن نسمع في منطقة كسروان الّا بأسم صفاريه والقرى المجاورة، ولم نكن ندري أين تقع هذه البلدات، ولكنكم منذ تلك السنوات وأنتم في قلبنا وصلواتنا، واليوم أنا سعيد جداً بهذه الزيارة.

أوجّه التحية للنوّاب الحاضرين معنا اليوم، ولرئيس البلدية ومختار البلدة وكاهن الرعية، وكل الحضور والفعاليات ولجنة الوقف والأخويات، وأريد أن أهنئكم على صمودكم وايمانكم وتمسّككم بأرضكم وعدم التنازل عنها. واليوم عندما نزور صفاريه ونرى جمال بيوتها، ندرك أننا أمام شعب مؤمن ومحبّ ومخلص للبنان.

أتمنى لكم كل خير وتوفيق ونجاح، وأن تكون كل التضحيات التي قدمتموها، فداءً عن صفاريه لتستطيع هذه البلدة أن تُكمل مسيرتها، ومن العلامات التي يُعطينا اياها الرب هي عيشكم سوياً وترميمكم لكنيسة مارجرجس والقاعة الراعوية، وهذا كله دليل ايمان.

كما أن من مظاهر الفرح والايمان، مشروع كفرفالوس بقيادة سيادة المطران مارون عمار، والذي نتمنى أن يكون علامة رجاء لكل ابناء المنطقة على مختلف طوائفهم كي تستطيعوا الثبات معًا في هذه الارض اللبنانية الجميلة.”

وختم غبطته: “دعائي للرب ولمار جرجس البطل أن يرافقوكم لتستطيعوا التغلّب على كل تنّين أو شرير من اي نوع او شكل كان.”

ومن صفاريه انتقل صاحب الغبطة والوفد المشارك الى بلدة شواليق، حيث كان في انتظاره أبناء البلدة يتقدمهم، النواب زياد أسود وسليم الخوري، وممثل سيادة المطران ايلي حداد الأرشمندريت سليمان وهبة، وكاهن الرعية الخوري الياس الأسمر، والمختار سامي فرحات، ورئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش.

وفي قاعة كنيسة مار يوسف الجديدة التي باركها غبطته، رحّب مختار المنطقة سامي فرحات بصاحب الغبطة بكلمة ألقاها نجله المحامي نمر فرحات، جاء فيها:

” أقبلتم إلينا يا صاحب الغبطة في زيارة أردتموها راعوية، أبوية، فأقبلنا اليكم كباراً وصغاراً نحتفي بقدومكم الميمون.

صاحب الغبطة، أن بلدتنا تشكّل نموذجاً للعيش المشترك، وتفتخر باعتدال سلوك أبنائها وانفتاحهم واحترامهم للآخر، مجسّدة مبدأ الشركة والمحبة الذي اتخذتموه شعاراً لكم.”

وأضاف: “إن حب ابناء البلدة لشفيعهم دفعهم للتصميم على بناء كنيسة جديدة، ومما لا شك فيه أن زيارتكن ستعطي أبناء البلدة دفعاً معنوياً للمواظبة على العمل الجماعي لاستكمال مشروع بناء الكنيسة الجديدة.”

بدوره رحّب الخوري الياس أسمر بصاحب الغبطة بكلمة اعتبر فيها أن بلدة شواليق تفرح وتتهلل بهذه الزيارة وهي البلدة التي طالها التهجير في نيسان 1985، ولكن الرجاء الجديد الذي بثّه الشعار الذي اتخذتموه “شركة ومحبة” خلق رجاء عند أبناء هذه البلدة.”

وأضاف: “في التاسع من تموز 2011 تمّ وضع حجر الأساس للكنيسة الجديدة، وهي نفس السنة التي انتُخبتم فيها بطريركاً، وها أنتم اليوم تباركون وتدشّنون هذه القاعة.”

وفي كلمته قال البطريرك الراعي: “تحيّة كبيرة لأحبائنا أبناء الشواليق الذي ضحّوا وقاموا ببناء هذه القاعة دليل التشبّث في الأرض، ، كما أتوجّه بالتحية الى مختار البلدة والى جميع الحضور والفعاليات السياسية والدينية والاجتماعية التي ترافقنا اليوم في هذه الجولة، وتحيّة خاصة لكاهن الرعية النشيط، ولابن البلدة الخوري بيار جبور، وللحضور فرداً فرداً.

قلبي يكبر برؤيتكم اليوم، أنتم الذين عانيتم التهجير والحرب، واستطاعت يد الرب أن تساعدكم، وهنا هي يد مار يوسف شفيع هذه الرعية. ما مررتم به يدفعنا لنتذكر دائما ان حياتنا المسيحيّة قائمة على يومي الجمعة والأحد، الجمعة للصلب والموت، والأحد للقيامة، وهذا يُلخّص مسيرتنا المسيحيّة، نمرّ بالألم والمصاعب ولكننا ننتظر الأمل والرجاء، فالرب يسوع قام من الموت، وهذا ما يحدث مع وطننا لبنان مؤخراً في كل مرة يصل الى الهاوية، نشعر أن يد العناية الالهية تنقذه، كما يحمي الأب ابنه.”

وأضاف صاحب الغبطة: “في هذه الايام التي نعيشها، وما يتخلّلها من ضياع ومصاعب اقتصادية وتفكّك سياسي، يجب علينا أن نوحّد صفوفنا، فقوّتنا بوحدتنا وتعدّديتنا تكمن أيضاً في الوحدة، ولبنان قيمته تكمن في الاختلاف والديمقراطية والتعدّدية.

نحن اليوم بلد مميّز، بلد نريده بعيداً عن المحاصصة التي تُنهي البلد، فنحن مع المشاركة، نشارك معاً في بناء هذا الوطن، هذه هي ثقافتنا ورسالتنا.”

وختم غبطته: “أنتم دائماً في قلبي وصلواتي، واليوم أصبح بامكاني القول أنني أعرف أين تقع الشواليق. فليبارككم الرب وليبارك جهودكم وثبتكم في هذه الأرض الطيبة”.

ومن رعية الشواليق توجه الكردينال الراعي الى رعية مار أنطونيوس وادي بعنقودين، حيث القى مختار البلدة أنطوان مخايل كلمة ترحيب، أبرز ما جاء فيها: “من اللحظة الأولى التي ارتقيتم فيها الى سدّة البطريركية المارونيّة، أعطيتم الأولوية لكنيسة البشر لأنها سفينة الخلاص والملجأ الأمين والحصن المنيع والبرج العالي. إن هذه الزيارة يا صاحب الغبطة تعطينا المزيد من الدعم والعزم، وتقوّي ايماننا وتُضاعف جهودنا.” بدوره رحّب كاهن الرعية الخوري ايلي قزحيا بصاحب الغبطة بكلمة قال فيها: “بطريرك كبير، نعم، وريث بطريرك الاستقلال. انه البطريرك ذو القامة المنتصبة والهامة المرتفعة والجبين العالي والسيرة الحسنة، الذي يقود الكنيسة بحكمة عالية وعقل راجح، ونحن نعلم أن النصر حليفه، ونعدك يا صاحب الغبطة أن نُضاعف جهودنا لاتمام بناء الكنيسة الجديدة”.

 ثم كانت كلمة للبطريرك الراعي جاء فيها: “تحيّة محبة كبيرة الى أهالي وادي بعنقودين، وأنا سعيد جداً بلقائي معكم اليوم وللمرة الأولى بعد أن كنت أسمع دوماً عن هذه المنطقة العزيزة، وتشرّفت اليوم بزيراتها.

 يوم غد هو ذكرى مولد العذراء، أهنئكم بهذه المناسبة، ونستذكر أنه يوم تكوّنت أمنا مريم العذراء في حشاء والدتها، عصمها الله من الخطيئة الأصليّة التي تولد مع كل انسان، والتي تُمحى في سرّ المعمودية، بينما الله عصم مريم العذراء من هذه الخطيئة قبل أن تولد، وهذه العقيدة أعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في العام 1854، وهذه حقيقة آمنوا بها منذ نشأة الكنيسة، وبعد 4 سنوات من إعلان هذه العقيدة ظهرت العذراء على القديسة برناديت التي وصفتها بالجميلة جداً، وعرّفت عن نفسها قائلة :” أنا الحبل بلا دنس”.

وأضاف صاحب الغبطة: ” أريد أن أحيّي ابن البلدة السيد غطاس نخلة الرئيس السابق لرابطة الأخويات، الذي عمل جاهداً مع جميع الأخويات، وأحيّي أيضاً جميع الحضور، تحيّة خاصة لكم أنتم أهل وادي بعنقودين الذين قدموا 13 شهيداً في أحداث عام 1985، شهداء أصبحوا اليوم شفعائكم في السماء، ولولاهم لما كنا اليوم موجودين هنا. كما نتذكر أيضاً الزلزال الذي ضرب المنطقة عام 1956، فتركتم بيوتكم قاصدين المغاور لتستمر المعاناة بسقوط إحدى المغاور التي كانت تحتضن 11 شخصاً، 7 منهم توفّوا على الفور، و4 عاشوا بعطل دائم.

بفضل دموع الأهل ودماء الأباء والأجداد، عادت هذه المنطقة الى الحياة، هذه المنطقة التي كانت خط تماس فيما مضى والتي كانت تدفع أثماناً باهظة، استطاعت بفضل العناية الالهية أن تعود اليوم لتنبض من جديد، وهكذا يجب أن ننظر اليوم الى أوجاعنا من أي نوع كانت، والى أزماتنا الاقتصادية والمعيشيّة، فنحن جماعة الرجاء والايمان بأن الكلمة الأخيرة هي للرب وليس للبشر.”

وختم غبطته كلمته قائلاً:” أريد أن أهنئكم على ثباتكم في أرضكم، وهذا ما نطلبه من كل الناس، فالأرض هي مصدر هويّتنا، وهي أمّ، واذا فقدتها اصبح يتيمًا. ومهما كانت الصعوبات يجب أن نبقى في أرضنا.”

إسمحوا لي أن أشكر مجدداً سيادة المطران العمار على مشروع كفرفالوس، ونحن من الداعمين له لأنه سيكون علامة رجاء لهذه المنطقة ولابنائها، وأنتم ستبقون دائماً في قلبي وصلواتي.”

لبعا كانت الوجهة التالية بعد وادي بعنقودين، حيث تمّت ازاحة الستارة عن شارع البطريرك مارنصرالله بطرس صفير، بحضور فعاليات المنطقة. وكانت كلمة لرئيس بلدية لبعا فادي رومانوس، أبرز ما جاء فيها:

” أستذكر في هذه المناسبة ما قلته لغبطتكم في الصرح البطريركي، بأنك كنت عظيماً في تكريم سلفكم، وفعلت ما يفعله الكبار في وداع الكبار، وشهد العالم على كبركم وعظمتكم وتواضعكم.

ومع الكاردينال صفير نستذكر الكاردينال ايتشيغاريه الذي بارك منطقتنا عام 1985، بعدما أرسله الحبر الأعظم الى منطقة جزين المحاصرة يومها، ونصلي لراحة نفسه بعد أن انتقل أوّل من أمس الى الراحة الأبديّة. كما نستذكر الكاردينال سيلفستريني، رحمه الله منذ أسبوع والذي زار لبنان في تموز 1991، وكان لنا شرف استضفاته.”

واضاف: “تأتي الآن يا صاحب الغبطة رسولاً من كنيستنا الصامدة، لتقود مرحلة اعمار المنطقة، وسيأتي اليوم الذي سنشهد فيه على دوركم الجبار في ملف استعادة كفرفالوس، وسيكتب التاريخ بأنكم بطريرك الإعمار ونهضة لبنان ومنطقة جزين، وصاحب الرؤية في دعم المسيحيين أينما حلّوا”.

بدوره ألقى صاحب النيافة كلمة، جاء فيها: “أريد أن أشكر مجدداً صاحب السيادة المطران مارون عمار، وصاحب السيادة المطران ايلي حداد، وتحيّة إلى النائبين الذين يرافقوننا طيلة اليوم، زياد أسود وسليم الخوري، والرهبان والراهبات، ورئيس اتحاد بلديات صيدا والزهراني محمد السعودي، ورئيس بلدية لبعا السيد فادي رومانوس الذي أشكره على كلمته، وكل الفعاليات والأخويات.

نحن سعيدون جداً لوجودنا هنا، لتدشين شارع باسم المثلث الرحمة البطريرك الكاردينال مارنصرالله بطرس صفير الذي يبتهج اليوم من سمائه ويبارك ويصلّي لكم جميعاً. هذا فخر كبير لنا أن نكون اليوم هنا في هذه البلدة، وأن يكون لنا شارع يحمل اسم المثلث الرحمة المحبوب من كل اللبنانيين، وهذا ما ظهر يوم وفاته وفي أيام تقبّل العزاء، حيث أنني أكيد أننا لو أقمنا شهراً كاملاً من العزاء لما فارف المؤمنون الصرح البطريركي.

شكراً أستاذ فادي على هذه المبادرة، ليكافأك الرب بشفاعة الكاردينال صفير الذي عرفته منذ العام 1962، عندما كان لا يزال مطراناً شاباً قريباً من الجميع كما عهدناه دوماً، ولكن هذه العلاقة بيننا توطدت سنة 1986 عندما انتُخبت نائباً بطريركيّاً بدلاً منه، وعشنا سوياً أربع سنوات في بكركي وكانت من أجمل السنوات حيث تعرّفنا عن قرب على شخصيته العفوية والوطنية، وقد كان لنا مدرسة كبيرة بالتواضع وعدم الادعاء. لذلك أنا أشكر من قلبي القيّمين على فكرة هذا الشارع.”

وأضاف غبطته: “لقد استمعت الى الكلمة التي ألقيتها يا فادي وحفظت كل المعاناة التي عبّرت عنها والتي يعيشها أبناء المنطقة، وسأضعها في قلبي وعقلي وأعمل مع السادة المطارنة وأصحاب الارادات الطيّبة، ونضع كل جهودنا في خدمة هذه المنطقة العزيزة على قلبنا، ومشروع كفرفالوس كان بالنسبة لي كالحلم، لأنه بادرة أمل في هذه المنطقة.

ان لبنان يفقد اهميته اذا فقد ميزة التعددية في الوحدة، لذلك ننظر الى مشروع كفرفالوس من هذا المنظار. وهناك اليوم نوايا صالحة وتطلعات واعدة من آل الحريري وغيرهم من أصحاب الأيادي البيضاء للنهوض بهذه المنطقة، وهذا فعل ايمان بهذا الوطن، وأنا أدعو الله أن يبارك هذا المشروع، عشتم، ودام ذكر المثلث الرحمة، وعاش لبنان.”

 والى رعية مار مارون بيصور وصل صاحب الغبطة، حيث كان في استقباله حشد من أهالي المنطقة المؤمنين والفعاليات الدينية والاجتماعية، وكان لأهالي بيصور كلمة ترحيبية تلاها الأستاذ مارون سمعان معتبراً هذه الزيارة زيارة فرح وايمان ورجاء. وقال: “ان هذه القرية لم يزرها سابقاً شخصية دينية واجتماعية بهذا المستوى من الرفعة والتواضع، هذه القرية الصغيرة والتي تعاني كمعظم قرى قضاء جزين، من اللاانماء، فلا مشاريع اقتصادية ولا سياحيّة وانمائيّة، ما أثّر على نهضتها، وحمل معظم شبابها الى المغادرة بحثاً عن حياة كريمة ومستقبل آمن”.

بدوره رحّب خادم رعية بيصور الخوري عبدو أبو كسم مدير المركز الكاثوليكي للاعلام بصاحب الغبطة، معتبرا ان زيارته زرعت الفرح في القلوب والرجاء والطمأنينة في النفوس، فبيصور بعد هذه الزيارة لن تكون كما قبلها. واضاف: “إن دعوتي الكهنوتية تفتّحت براعمها في هذه الكنيسة وأنا في العاشرة من العمر، وبعد أن أصبحت كاهناً كان لي شرف خدمتكم أثناء رئاستكم للّجنة الأسقفية لوسائل الاعلام، ومن بعدها محضتموني ثقة التنسيق والتعاون مع مكتبكم الاعلامي في بكركي والذي يرأسه الصديق الأستاذ وليد غياض”.

وأضاف: “ان مواقفكم الدينية والوطنية تبعث الرجاء والأمل في نفوس اللبنانيين، وتشكّل الضمانة لوحدتهم على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم “.

من جهته القى صاحب الغبطة كلمة، جاء فيها: “أحيّيكم من بيصور وأحيّي السادة المطارنة مارون العمار وايلي حداد وبولس مطر والخوري عبدو أبو كسم، وجميع الكهنة، ومختار بيصور ورؤساء البلديات والمجالس البلدية والاختياريّة، والأستاذ مارون سمعان على الكلمة الترحيبية.

فرحتي كبيرة اليوم بوجودي بينكم في هذه المنطقة التي عانت وقدّمت الكثير وما زالت صامدة بشفاعة مارمارون، وخاصة بعد التهجير عام 1985، عندما عدتم وبنيتم ورمّمتم وكان اتكالكم على ذاتكم وعلى الله، وحافظتم على كرامتكم. وهذا ما نتمناه دوماً، أن تبقى هذه الكرامة فوق كل اعتبار. ولكن عندما تُداس هذه الكرامة أو تُنتهك سياسياً أو اقتصادياً أو مالياً أو اجتماعياً، يصبح الأمر غير مقبول.”

وأضاف غبطته: “ان قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، في الرسالة الأولى التي وجّهها عام 1978، بعد انتخابه، قال فيها ان الانسان هو طريق المسيح وبالتالي يجب أن يكون طريق الكنيسة، وبالتالي طريق كل من يتعاطى الشأن العام والسياسي، فالكنيسة تفقد مبرّر وجودها اذا لم يكن طريقها هو الانسان، وخدمة الانسان، وكذلك السلطة السياسية تفقد كل معنى وجودها اذا لم يكن الانسان هو هدف خدمتها.”

وتابع غبطته: “اذا عدتم معي بالذاكرة الى جلسة مجلس النواب الشهيرة التي تحدث فيها الجميع عن الفساد، لم نستطع حينها أن نفهم أين يكمن هذا الفساد، وكأنه في الهواء. يجب ان نقول اين هو الفساد، وان نسميه ونحدد مكانه، في هذه الوزارة وفي تلك الادارة وفي هذا المركز وفي هذا الشخص. والا سنبقى نراوح مكاننا.”

وختم قائلاً: “إن الأحداث التي عشناها هي أكبر دليل على أنه لا يمكن إقصاء أي طرف من لبنان، وأن فرادة لبنان هي في تنوّعه. إن من يخلق النزاعات والحروب هم مجانين، لأنهم لو فكّروا ولو قليلاً لما وصلنا الى أي خراب.”

ومن بيصور، تابع البطريرك الراعي جولته وصولاً الى رعيّة مار يوسف – مزرعة المطحنة، حيث كان في استقباله حشد من أهالي والفعاليات الدينية والاجتماعية، وكان لخادم الرعية الخوري سام اسكندر كلمة ترحيبيّة جاء فيها: “ان أبناء رعية ماريوسف – مزرعة المطحنة، تغمرهم فرحة كبيرة باستقبالكم، وهم يعتبرون حضوركم بينهم بركة ونعمة كبيرة من الله ويطلبون بركتكم وصلاتكم للثالوث الأقدس ولشفيع كنيستهم مار يوسف البتول لكيما تزيد الشركة والمحبة والوحدة فيما بينهم.

صاحب الغبطة، ان مزرعة المطحنة هي بلدة الثقافة والعلم، وهي كحال معظم بلداتنا، الفرقة فيها صعبة والشرذمة انكساراً، والمناصب ليست مكسباً ما دامت تحدياً.”

أما مختار مزرعة المطحنة الأستاذ سعيد جبران، فألقى بدوره كلمة ترحيبية، أبرز ما جاء فيها: “لا غرابة في أن تكون يا صاحب الغبطة دائماً السبّاق في زياراتك الى مختلف المناطق، ألستم أوّل بطريرك ماروني قام بزيارة العراق، والسعودية، وتركيا؟ ان الشعار الذي أطلقته يوم انتخابكم “شركة ومحبة”، لم يكن مجرد شعار، بل وضعته موضع التنفيذ في كل مواقفك ومسيرتك، وفهمت مجد لبنان في الانفتاح على الآخر معلنا ان “مجد لبنان يُنتقص بالانغلاق على الذات والتقوقع، لكنه ينمو ويعلو بالانفتاح على الآخر على هذا الشرق وعلى العالم، ولكن يُعطى المجد للبنان وشعبه اذا كنا كلنا للوطن”، وإن أبناء هذه المنطقة كلّهم للوطن قولاً وفعلاً.

وختم قائلاً :” يُضاعف سرورنا أن تكون هذه الزيارة في ذكرى مولد العذراء، شفيعتنا جميعاً في هذه المنطقة، سيدة بسري العجائبية، ونحن نرى في زيارتكم أبعاداً وأصداءاً لرسالتكم التي اختارتكم العناية الالهية لتأديتها وهي رسالة السلام.”

والى رعيد سيدة بسري توجّه صاحب الغبطة في نفس الأجواء التي رافقت محطات الزيارة التي انطلقت منذ الصباح، فكانت الوفود في استقباله في بسري، والكلمة الترحيبية الأولى كانت لخادم الرعية الخوري سام اسكندر، وأبرز ما جاء فيها: “لقد شرّفتم اليوم يا صاحب الغبطة الى الأرض البعيدة، البعيدة عن أعين المسؤولين واهتماماتهم، الى أرض ورثناها عن أجداد حافظوا عليها بالدماء وعرق الجبين. إن لكنيسة سيدة البسري ألف نعمة ونعمة وآلاف الشفاءات التي يردّدها الكثيرون، وإنّ افتقادكم لنا اليوم، يثبّت فينا الرجاء والايمان بأنه مهما انتظرتنا مفاجآت، ستكون مجرّد آلام مؤقتة لأن المسيح أرسلكم إلينا علامة رجاء.”

ثم كان لمختار بسري رشيد نمر كلمة قال فيها: “نحن نعلم يا صاحب الغبطة أنكم تتحملون مشاكل ومصاعب هذا الوطن، وبحكمتكم تضعون الأمور في نصابها القويم، لذلك يا صاحب الغبطة لا بدّ من التطرّق الى موضوع سدّ بسري الكارثي الذي ستقيمه الدولة.

هل تعلم يا صاحب الغبطة كم من أرتال آليات محمّلة بالأتربة والصخور، وكم من التفجيرات التي ستحصل طيلة فترة التحضير للسدّ، وكم من المعالم الدينية والأثرية التي سيتمّ طمرها أو نقلها؟ لقد بدأ تحضير البنى التحتيّة لهذا المشروع في بيروت منذ العام 2005، ولم نعلم نحن الاّ سنة 2015، حيث تمّ استملاك الأراضي من قِبل الدولة ولم يبقى للأهالي لا حول ولا قوة.”

أما صاحب الغبطة، فكانت له كلمة بعد زيارة رعيتي ماريوسف مزرعة المطحنة، وسيدة بسري العجائبية، وعد فيها بمتابعة موضوع سدّ بسري مع الجهات الرسمية المعنية. واضاف: “سنطرح الموضوع من ناحية علميّة، فليس هناك استنساب في الامر، بل هو يحتاج الى دراسة جديّة، على الرغم من وجود دراسات عديدة حوله. ونأمل الوصول الى خواتيم سليمة في موضوع سدّ بسري، وخوفكم مبرّر ومفهوم.”

وتابع: “اسمحوا لي أن أهنئكم اليوم بذكرى ميلاد مريم العذراء والذي تحتفلون به في سيدة بسري العجائبية التي نسلّمها حياتنا، ونطلب منها القيام بأعجوبة في موضوع السدّ، للحدّ من المخاطر التي يمكن أن تحصل.

ولا يمكنني أن أنسى شهداءكم العشرة الذي دفعوا الثمن سنة 1985 فداءً للوطن، وهم باقون دائماً في الذاكرة. فالشهادة هي في صلب تاريخ المسيحيين.

أنا أحيّي كل القيّمين على هذه الزيارة، وكاهن الرعية الخوري سام اسكندر، ومختار بسري، ومختار مزرعة المطحنة، وكل الفعاليات العسكرية والقضائية، فهذه الأرض خصبة بعطائها رجال فكر وعسكر وقضاء وثقافة.”

وختم قائلاً: ” أريد أن أهنئكم بعيد ميلاد أمنا مريم العذراء، وأذكركم بالمقولة الشهيرة “يوم ميلاد مريم العذراء بزغ نور الخلاص” لأنه يوم تكوّنت في حشاء أمها عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، وهذا يعني أن الله يرافق كل واحد منا، منذ لحظة تكوينه، ويعطيه دوراً في تاريخ الخلاص، وعلينا جميعاً أن نسأل ما هو دورنا الذي يطلبه الله منّا في مسيرة الخلاص. نطلب من أمنا العذراء أن تبقى ساهرة على همومكم وحمايتكم، وكل عيد وأنتم بخير.”

ومن رعية بسري الى خربة بسري توجّه صاحب الغبطة والوفد المرافق، حيث استقبله حشد شعبي وكان أيضاً لمختار المنطقة السيد شفيق عيد كلمة ترحيبيّة شددّت على فرحة الأهالي والمنطقة بزيارة صاحب الغبطة، وأبرز ما جاء فيها: “إن زيارتكم لهذه الرعيّة هي حلم حقّقه القديس شربل، بفضل كنسيته التي نقف أمامها اليوم، هذه الكنيسة الحلم، التي شُيّدت في خلال ثلاث سنوات، بفضل الخيّرين من أهالي المنطقة، وهي فعل ايمان وتجذّر بأرضنا وكنيستنا التي تعلّمنا العيش المشترك والمحبة. وبالرغم من أن الدولة غائبة عنّا لا سيّما على صعيد الخدمات، الاّ أن البلدة ليست سائبة، فنحن أبناؤها.”

وبدوره ألقى صاحب الغبطة كلمة، جاء فيها: “تحية كبيرة لهذه البلدة الجميلة والكبيرة، خربة بسري، انها بلدة كبيرة بأهلها وسكانها. هنا الكثير من القلوب المُحبّة والمؤمنة، والدليل الأكبر هو بنيانكم لكنيسة مارشربل. وأحيي أيضاً آباء دير المخلص الذين قدموا الأرض لبناء هذه الكنيسة. أنا أدرك حجم المعاناة التي مررتم بها، ليس فقط من الزلزال عام 1956، بل من الأحداث التي تلت الزلزال أيضاً، ودفعتم أثماناً باهظة، لذا أنا أحيّي تمسككم بأرضكم وصمودكم في هذه الأرض الجميلة.”

وختم غبطته: “المطلوب اليوم أن يكون هناك فرص عمل في المؤسسات العامة والخاصة لأهلنا في هذه المنطقة لنتمكّن من تحقيق العودة الكاملة والحقيقيّة”.

والى الزعرورية وصل صاحب الغبطة متابعاً زيارته الراعوية لابرشية صيدا، حيث كانت حشود المؤمنين في استقباله بالاضافة الى فعاليات المنطقة يتقدمهم النائب الدكتور بلال عبدالله  ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وعدد من الآباء، وعلى رأسهم كاهن رعية الزعرورية الخوري بطرس الهاشم الذي رحّب بصاحب الغبطة في كلمة أبرز ما جاء فيها:

” لقد زرتمونا اليوم يا صاحب الغبطة في ليلة مولد السيدة العذراء، لتكون ولادة وبداية جديدة لهذه البلدة المباركة، وكم نحن بحاجة في هذا الوطن لبدايات جديدة، بدايات يسودها الرحمة والاعتدال الذي أسست له عبر السنوات عصا بكركي التي هزّت العالم، والتي لم تضرب أحداُ يوماً، بل كانت بمجرّد أن تتحرك ، يلتفّ حولها الخراف. عصا بكركي قادرة على إزالة الظلمات ومدّ الجسور. وتبقى لنا عصا بكركي هي عكّازنا وتعزيتنا، ودمتم لنا بشارة وراعياً.”

 من جهته ألقى الأستاذ سلام عثمان رئيس المجلس البلدي في الزعرورية كلمة جاء فيها: “نحن أهل هذه البلدة المعطاء نؤمن بالدولة الحرّة السيدة، ونحترم مؤسساتها ونلتزم بقوانينها، ونرجو من حضرتكم أن يبقى همّكم كما كان، العناد في المحافظة على هذا البلد الصغير بجغرافيّته والغني بتنوّعه.”

الكردينال الراعي ردّ على الكلمات الترحيبيّة بكلمة قال فيها: “يسعدني أن أكون اليوم في الزعرورية، هذه البلدة الجميلة بأرضها وشعبها، وأنا سعيد بوجود اللواء عماد عثمان ابن هذه البلدة ومدير عام قوى الأمن الداخلي، وأدعو لله أن يوفّقكم في هذه المهمّة الصعبة، في ظلّ الأوضاع الراهنة، لأن الشعب اليوم يحتاج للشعور بثقة في مؤسسات الدولة.

تعرّفت في هذه الزيارة على بلدتكم وأهلها ولاحظت أنكم تعيشون كعائلة واحدة مترابطة، وأحيّي أيضاً في المناسبة كاهن الرعية على كلمته اللطيفة، وأشكر سعادة النائب الدكتور بلال عبدالله  على حضوره معنا، ورئيس المجلس البلدي سلام عثمان. يقول البابا فرنسيس أن الاسم الجديد للسلام هو الإنماء، وهذا ما تعملون عليه من خلال مجلسكم البلدي.”

وأضاف غبطته: “لقد لفتني خلال الجولة التي قمت بها مع اللواء عثمان ورئيس المجلس البلدي، كلامهما عن بناء الكنيسة الجديدة واندفاعهم لتأمين وإتمام هذا المشروع، وهذا دليل على وحدة العيش في هذه المنطقة.

أريد أن أذكر اليوم معكم، شهيدي القضاء، القاضي عاصم أبو ضاهر، والقاضي حسن عثمان، إستشهدوا ليبقى القضاء مستمراً لخدمة العدالة والحق.”

وختم غبطته قائلاً:” أنا سعيد جداً بوجودي معكم اليوم، وأتمنى لكم كل خير وتوفيق، وأشكر حضوركم وانتظاركم لنا، وأنا عشت فرح العائلة اللبنانية الحقيقيّة بينكم، وأنا أؤيّد حرص المجلس البلدي على المحافظة على أرض البلدة، لأن الأرض هي الكرامة والأم والوطن، وأتمنى أن تنتقل هذه العدوى الى كل الأراضي اللبنانية لنحافظ على التنوّع والتاريخ والحضارة.”

 المحطة الأخيرة في اليوم الأول من الزيارة البطريرك الراعي الى ابرشية صيدا، كانت في كاتدرائية سيدة الخلاص في بيت الدين، حيث احتفل بالذبيحة الالهية بحضور حشد كبير من المؤمنين يتقدمهم النائب مروان حمادة ممثلا النائب تيمور جنبلاط والنواب ماريو عون، ابراهيم عازار، بلال عبدالله والوزراء السابقين جوزف الهاشم وطارق الخطيب ورئيس بلدية بيت الدين طوني عازار ومختارها مارون غياض وعدد من الفعاليات السياسية والقضائية والعسكرية والحزبية ورؤساء بلديات ومخاتير. وقد عاون غبطته في القداس المطران مارون العمار والنائب العام المونسنيور مارون كيوان وكاهن الرعية الخوري طانيوس طانيوس والمونسنيور امين شاهين والخوري عبدو بو كسم والخوري هنري كرم.

وبعد القداس تبادل البطريرك الراعي والمطران عمار تهاني العيد مع المشاركين في الذبيحة الالهية.

LINK TO GALLERY: www.media.bkerki.org



PHOTO ALBUM: Patoral visit_Beit el Dine_7.9.2019