زيارة البطريرك الراعي الراعوية الى كندا


زيارات رسولية

ضمن جولته على الأراضي الكندية افتتح الكاردينال مار بشارة يومه في العاصمة اوتاوا بزيارة البرلمان حيث استقبل رئيس مجلس النواب وجال به على أقسام هذا المبنى التاريخي مع الوفد المرافق وبعد خلوة قصيرة وتبادل التذكارات ترك غبطته المجلس متوجها إلى دير سيدة العناية للراهبات الانطونيات حيث بارك التلاميذ والراهبات معا. وبعدها جال على أقسام المبنى وانتقل من هناك إلى السفارة البابوية حيث استقبله السفير بحفاوة ومن هناك توجه إلى السفارة اللبنانية حيث أقيم على شرفه حفل استقبال ومساء ترأس الذبيحة الإلهية في رعية مار شربل حيث اطلق اسم القديس على الشارع المقابل ومساء أقيمت مأدبة عشاء.

 

 

القى سفير لبنان في كندا فادي زياده كلمة رحب فيها بزيارة غبطته الثانية الى كندا معتبرًا انها رسالة واضحة لأهمية الانتشار في وجدانكم وفي أولويتكم الوطنية والرعوية، “وسنكون دومًا الى جانب أهلنا في لبنان نشدّ على أيديهم”.

الحضور اللبناني في الخارج كان فاعلاً على مجرى الأحداث في الداخل اللبناني. الرعايا المارونية التي تحتضن النشاطات الثقافية والاجتماعية الى جانب العمل الروحي يجعل من الكنيسة مؤسسة روحية تسهل على المغتربين سبل الاستقرار في البلدان الجديدة.

لبنان الذي صاغ مشروعه غبطة البطريرك الماروني الياس الحويّك كيان ورسالة وشهادة في العيش الواحد بين كل طوائفه وجميع أبنائه وطن يليق بالإنسان محققًا بذلك أمنية جميع اللبنانيين.

 

كلمة غبطته في السفارة اللبنانية في اوتاوا:

شكرًا لكم على هذا اللقاء مع المطارنة في الانتشار ورؤساء العامين للرهبانيات المارونية في مؤتمرنا الخامس والجالية اللبنانية العزيزة والحضور الكريم لأنكم ترمقون وجه لبنان وتعرفه الى المجتمع الكندي.

أوجّه تحية الى السلطات الكندية واللبنانية وعلى رأسها فخامة رئيس الجمهورية وشعبنا اللبناني. “أنا أود ان أحيي هذا اللبنان المنتشر في كندا اليوم الذي يحمل الوجه اللبناني الأصيل ويعرّف المجتمع الكندي على هويتنا وثقافتنا وحضارتنا. ونحن لم نسمع من السلطات والشعب الكندي سوى المديح لجاليتنا اللبنانية وهذا ينطوي على أمرين أساسين: الأول ولاءهم المخلص لكندا التي استقبلتهم واسهامها الكبير في نموها على كافة الأصعدة. هذا هو كنزنا كما أشكر جاليتنا على دعمها لأهلنا في لبنان ولولا الإنتشار ومساعداته لكان شعبنا وللأسف مات جوعًا لأن الأوضاع الاقتصادية لا تسمح لشعبنا بأن يعيش بكرامة. أنتم تتعبون وتتألمون من أجل لبنان الذي اضطررتم لمغادرته ولكنكم تعوضون الخسارة فيما انتم عليه.

من هنا أوجه نداء معكم جميعًا الى فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف سعد الحريري لتأليف الحكومة: نحن نرفع صوتنا من هنا يكفي استشارات حان الوقت لتعلن الحكومة الجديدة لأن الوطن ذاهب الى الدمار، فليؤلف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الحكومة وليقبل بها من يقبل وليرفض من يرفض الوطن أغلى من الجميع. نحن نشهد على وطن يموت، دولة تتفكك ومال يتبدد وشعب يغرق، ديونها تتآكلها، شبانها يهاجرون. لا يمكن ان نقبل بهذا، لم نكن يومًا شعبًا مستعطيًا وكرامتنا اللبنانية تأبى ذلك. يريدون منا ان نصبح شحادين مال ومواد غذائية هذا ليس شعبنا.

أصبحنا على هذه الحال للأسف ثلث الشعب تحت خط الفقر وهذا ليس مقبولاً. أشكركم على كل الهموم التي تحملونها وعلى مساعدتكم لأهلكم في لبنان، نصلي لله لتحسين ضمائر مسؤولينا ويمارسوا السياسة فنًا شريفًا لبناء الدولة وخدمة الخير العام.

 

كلمة غبطة البطريرك في احتفال شارع مار شربل:

يسرني تسمية “طريق مار شربل” ومع القديس شربل كل الطرق تؤدي الى اوتاوا التي جمعت اليوم كل أساقفة الانتشار. لا نعرف ماذا يخبئه مار شربل لكندا ولأوتاوا طريقه مقدسة تؤدي الى السماء وهو حاضر معنا يساعدنا على تلقي النعم السماوية. لا شك سيعطي اوتاوا الكثير ولكنه معنا في سمائه يباركنا وسنصلي لكي يرعى طرقنا جمعيًا على الخير والنجاح ولكندا التي استقبلت اللبنانيين وهم سعداء هنا. باسم مار شربل نشكر كندا لكل ما مقدمته لشعبنا واعطتهم إمكانية تحقيق ذواتهم والعيش بفرح. تأكدوا ان لديكم ضمانة وهي كنيسة القديس شربل وطريقه وهو سيحميكم. وبكلمات إنسانية نشكر كندا للمبادرة بإطلاق تسمية مار شربل على هذا الشارع وهو على طريقته يكافئكم.

 

عظة قداس مار شربل:

“حبة الحنطة ان وقعت وماتت أتت بثمار كثير”

حبة الحنطة التي يتكلم عنها الرب يسوع هي هو الذي مات على أرض الجلجلة فأعطى الحياة للبشرية الجديدة المتمثلة بالكنيسة.

لا يمكننا ان نعطي ثمارًا من دون تضحية. حبة الحنطة عاشها بامتياز القديس شربل على جبل عنايا بالصلاة والتقشف والحرمان، راح ينشر في العالم ثمارًا الهية لعى كل بقعة من الأرض.

في زمن الصليب نحيي القديس شربل، افتتحنا طريقًا على اسمه واعتبرناه طريقًا الى السماء حيث النعم السماوية ينشرها على المؤمنين وعلى هذه العاصمة العزيزة. نصلي ملتمسين ثمار حبة الحنطة ينشرها في العالم، على راعي الأبرشية والكهنة والرهبان والراهبات، وعليكم انتم الذين تختبرون هذه الثمار الروحية، لا شك ان صورة القديس شربل في قلوبكم وبيوتكم وهي يفيض الخير والنعم فتكبرون بالإيمان والصلاة.

نختتم يومنا في المؤتمر الخامس من مطارنة الانتشار والرؤساء العامين في مونتريال معكم في هذه الذبيحة الإلهية لشكر الله على هذا اليوم الغني بالنعم.

ترك لنا الرب يسوع هذا النهج في حياتنا الذي عاشه مار شربل بامتياز اولاً في بلدته بقاعكفرا كشاب عاش في حياة من الصلاة واتحاد عميق بالله قبل دخوله الدير عن 21 سنة وسمي بالشاب القديس ودخل الدير بهذا الروح من التفاني والتجرد وضحى بأثمن ما في الوجود برؤية وجه أمه “وقال لها سنلتقي في السماء”. هكذا بدأ مسيرة التقشف والحرمان والخروج من الذات ووصل بها الى كمالها في محبسة عنايا حتى نماها كليًا مع الرب يسوع الذي ضحى بنفسه ايضًا عن احبائه. مات القديس شربل عن العالم والعائلة واصبح قديسًا عالميًا عجيب الله في قدسه.

ماذا فعل مار شربل مع الله ليصبح قديسًا عالميًا تبنى الكنائس على اسمه في كل البلدان وتأسس العائلات على اسمه في كل بقاع الأرض. هذه هي ثمرة هذا النهج “حبة الحنطة اذا وقعت وماتت أتت بثمر كثير”. بمقدار ما يعيش الإنسان بتجرد ويعيش لربه تأتي الثمار، او ليس هكذا يعيش الوالدون ليربوا أولادهم او ليس هكذا يتفانى الذين تكرسوا في الحياة اللاهوتية.

هذا ليس نهجًا للمسيحيين في الحياة الروحية فقط وانما هو ايضًا نهج في الحياة الاجتماعية والوطنية والسياسية لا يمكن ان يعمل خير عام وتخدم الشعوب وتتأسس الدول من دون ان يتفانى ويجرّد المسؤولون السياسيون.

أقول هذا لدعوتكم للصلاة من أجل المسؤولين في العالم وفي لبنان لكي يدركوا انهم لن يستطيعوا ان يرفعوا لبنان من كبدته وأزمته الاقتصادية والسياسية والمالية من دون ان يخرجوا من ذواتهم ومصالحهم الرخيصة وحساباتهم وطالما هم ممعنون في انانيتهم ومصالحهم هذا الوطن الحبيب من الصعب ان يقوم.

نصلي من اجل المسؤولين في العالم المدعوين للخروج من حساباتهم الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية ليضعوا حدًا للحروب الدائرة في ارضنا والحروب التي في العالم. نحن نؤمن ان الصلاة هي قوتنا وكل قوة مار شربل كانت الصلاة والتجرد والخشوع. انه ينادينا من خلال الطريق الذي يحمل اسمه ليعلمنا ان طريق العطاء يمر بالتجرد والتفاني والعطاء.

 

عظة عشاء رعية مار شربل :

نوجه تحية تقدير ومحبة واحترام لقداسة البابا فرنسيس ونصلي على نيته ليتابع مهامه في سبيل الكنيسة. نشكرك سعادة السفير البابوي على كلمتك الحلوة وتقديرك للبنان وشعبه ونجدد شكرنا لكندا ولا سيما للمبادرة بإطلاق تسمية طريق مار شربل على الشارع الى جانب الكنيسة والقديس شربل سيفتح لكم طريقًا نحو السماء.

أحي عائلاتكم وسهركم على تربية اولادكم، رأينا اطفالاً وشبيبة محافظة على تقاليدنا اللبنانية المارونية ومدرس اخواتنا الأنطونيات رأينا أطفالنا يتكلمون اللغة العربية فشعرنا وكأننا في لبنان واكتشفنا ان الشبيبة والأطفال هنا يشكلون عنصرًا اساسيًا في حياة الرعايا وهم ضمانة المستقبل.

تعيشون هنا وتحققون ذواتكم في بلد فتح امامكم المجال وأمّنت لكم الجو المناسب لتحفزوا قدراتكم. وهذه الدولة تشكر الجالية اللبنانية عامةً والمسيحية المارونية خاصةً على اسهامها الكبير المادي والإنمائي والاقتصادي والسياسي والثقافي في حياة هذا الوطن وهذا يشكل وسامًا على جذورنا.

نتمنى ان يكون هذا الجو متوفر في لبنان ليتمكن شبابنا الذين يتخرجون بالمئات من الجامعات ان يجدوا مكانًا لهم في وطنهم. نرفض هجرتهم ونطالب للمرة الألف المسؤولين السياسيين في لبنان ونقول لهم دولة من دون شباب تموت، ووطن من دون مستقبل. نناشدكم من هنا أيها المسؤولون السياسيون لتتحملوا مسؤوليتكم التاريخية وتحافظوا على اجيالنا الطالعة لتحقق امنياتها وقدراتها في لبنان ويساهم في انماء لبنان واستعادة ماضيه المعروف.

ونقول للجماعة السياسية لا يحق لكم ان تتلاعبوا بمصير الدولة والمؤسسات ولا يحق لكم التأخير والتمادي في عدم تأليف الحكومة لأن الوطن في خطر والاقتصاد والمالية اللبنانية والمؤسسات في خطر. لا يمكن ان نقبل ان ينام السياسيون على حرير وعلى مصالحهم ومكاسبهم ويعملوا على اهمال هذا الوطن العزيز الذي دفع أبناؤه الدم غاليًا من خلال شهدائه ومعوقيه لا يحق للجماعة السياسية ان تتمادى في هذا الإهمال الذي نشهده سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. نقول هذا بحرقة من القلب لأننا نرى كيف ان كندا اعطتكم الجمال لتعيشوا بكرامة. يجب ان يكون في لبنان من هو مسؤول على مستوى الدولة ليعيش اللبناني بكرامة.

لم يعد يوجد طبقة وسطى في لبنان لقد زالت واهج ثلث الشعب تحت مستوى الفقر بحسب البنك الدولي العالمي. اصبح اللبناني يستعطي خبزه ومشربه. نرف مثل هذه الممارسات السياسية لأن من حق السفير اللبناني ان يكمل طريقه بكرامة وان يعيش بكرامة وتفتح امامه آفاق زاهرة.

شعار لقاؤنا في هذا المؤتمر معا نحو آفاق جديدة، نعم من اجل آفاق جديدة في لبنان وليس من اجل آفاق مظلمة.

مار شربل والقديسين هم شفعائنا من السماء ولا بد ان ينبثق علينا فجر الرجاء والحياة الجديدة.

________________________________________________

Click here for Photo albums

PHOTOS: Patriarch Rai Visit to Canada_27.9.2018