زيارة البطريرك الراعي الى كنائس بيروت


زيارات رسولية

وصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي العاشرة من قبل ظهر اليوم الاربعاء 26 آب 2020  إلى كنيسة مار مارون في الجميزة، في إطار جولة تفقدية قام بها على الكنائس والرعايا والمراكز التي تضررت نتيجة انفجار عنابر مرفأ بيروت في 4 آب الحالي، وكان في استقباله راعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر وعدد من الكهنة والمؤمنين.

اطلع غبطته من الأب ريشار ابي صالح على حجم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالكنيسة وكيف “ان العناية الإلهية تشفعت بالمؤمنين الذين كانوا يرفعون معه الصلاة يوم الإنفجار ولم يصب اي منهم بأذى.”

ورأى غبطته ان “اهمال المسؤولين ادى الى هذه الكارثة. و”الله ينجينا من الأعظم لأنه إذا لم تشأ الدولة البحث  عن اماكن اخرى قد تنفجر هي ايضا من جديد نكون بذلك من المساهمين في قتل شعبنا. ولكن ربنا كبير وكما نرى هنا على الرغم من الدمار الكبير الا ان احدا لم يتأذى. ليرحم الله نفوس من سقطوا فهم الذين دفعوا ضريبة الدم لكي يتغير لبنان ويتغير تفكير المسؤولين ليعيشوا حياة مسؤولة وروحية اكثر ويعرفوا جسامة الموضوع.”

واضاف غبطته: ” علينا معرفة اعطاء قيمة للناس ولدموعها لا يمكننا الإستمرار بالعيش كما في الماضي لا يمكن ان يتعاطى المسؤولون ازاء هذه الكارثة وكأنها حادثة سير بسيطة. لقد هبت الدول لمساعدة اللبنانيين وليس الدولة طبعا لانه ما من احد يثق بها والدليل ان الجميع يريد مساعدة الشعب اللبناني وليس السلطة الحاكمة.”

وعن الدعوة الى تشكيل حكومة جديدة اجاب البطريرك الراعي:” الدستور هو الاساس والدول تقوم على دساتيرها وقوانينها على السلطات احترام هذا الأمر.”

وعن اتهامه من قبل صحيفة الأخبار بالعمالة اجاب غبطته:” لقد انتظرت ممن لديه تحفظا ان يقدم براهين مقنعة وقانونية ومنطقية وليس اتهام الناس بالعمالة. نحن واضحون في مفهوم الحياد بمواضيعه الثلاثة. اولا لبنان بحكم تكوينه وتاريخه لا يمكنه الدخول باحلاف وصراعات وحروب، ثانيا للبنان دورا في لقاء الحضارات والثقافات والإهتمام برسالة السلام لأنه بلد متعدد وثالثا يجب ان يكون لبنان دولة قوية بجيشها وقواها الامنية وقانونها ودستورها وتفرض سيادتها اولا في الداخل ثم في الخارج واي اعتداء يأتيها من اسرائيل او اية دولة اخرى تستطيع ان تحمي نفسها وشعبها. هذه الأمور الثلاثة كل من يعترض عليها فليجاوبنا بالمنطق.”

وتابع غبطته:” لم نعتاد ان نكون عملاء لأحد فكل قيمتنا ككنيسة وكبطريركية وكبطريرك ان نقول الحقيقة بيضاء واضحة وان لا نكون مرتبطين بأحد لا من الداخل ولا من الخارج. كرامتنا ترفض اي ارتهان او اي ارتباط او اي حساب هذه قوة البطريركية. تقول الحقيقة لخير كل الناس وليس لقسم من دون آخر. خلاص اللبنانيين هو الحياد.”

وأوضح غبطته ردا على سؤال حول دعوته لدهم مخازن الأسلحة وعما اذا كا يقصد بكلامه حزب الله:”.لا اعلم لماذا في كل مرة اتحدث فيها يقررون انني اعني حزب الله. لطالما تحدثت عن الطائف ومضمونه وقراراته التي كان فيها استثناءات وهذا ليس بالموضوع الأساسي. هل هناك من ينكر موضوع السلاح المتفلت او المكدس هنا وهنالك. الحل دعوتنا للدولة لم الأسلحة والحفاظ على امن المواطنين. لقد قتل بالأمس ثلاثة شبان في كفتون وكانت مناسبة لنقول ما قلناه. هل يعقل ان من يحمي الناس يقتل قبل الوصول الى بيته. انا مع احترامي لحزب الله لم ادخل في نقاش معه لم اتحدث عنه ودوري لا يفرض الدعوة الى لم سلاحه والحكم اذا ما كان هذا السلاح شرعيا ام لا . هذا عمل الدولة اللبنانية انا لا ادخل في هذه الأمور وانما اتحدث وفق مبادئ تسري على الجميع. يجب ان يكون للدولة سيادتها الداخلية اليوم ما من سيادة للدولة في لبنان. كل نافذ عنده دولة وهذه ليست دولة لذلك نحن نخسر شعبنا شبيبتنا تهاجر واقتصادنا منهار هذه ليست دولة وانما دويلات ضمن دولة وليس دويلة واحدة.”

وختم غبطته فيما يتعلق بالتحقيق بانفجار المرفأ:” اليوم القضاء موجود وعليه ان يحقق ويوزع المسؤوليات. انها كارثة كبيرة جدا لا يمكن ان تمر بهذه السهولة. والشرط ان يكون القضاء حرا.”

بعدها توجه البطريرك الراعي والمطران عبد الساتر الى كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، واطلع من المطران بولس مطر على ما لحق بالكاتدرائية من اضرار. واشار القيم الاب جاد شلوق الى ان” العناية الإلهية كانت حاضرة لحظة وقوع الإنفجار الذي تسبب بأضرار فادحة كانت مادية فقط.”

بعدها تفقد البطريرك الراعي مدرسة الفرير في الجميزة واستمع من الاخ فادي صفير على حجم الخسارة المادية التي لحقت بكامل البناء الذي بلغ المئة عام، مشيرا الى ان “هذا الضرر الكبير سيحول دون تمكنهم من تادية الواجب التربوي اذا ما سمحت ظروف البلاد وسط جائحة كورونا من انطلاق العام الدراسي.”

وبعد جولته على كامل اقسام المدرسة وكنيسة القلب الأقدس فيها وردا على سؤال عن امكانية دعم الكنيسة لعودة هذا الصرح التعليمي الى ما كان عليه اشار البطريرك الراعي:” إن الكنيسة بكل شعب الله ستستطيع إعادة كل شيء كما كان في السابق، والبابا فرنسيس يقول إن الكنيسة ليست فقط الاكليروس بل الشعب المسيحي أيضاً، وبالتالي كل هذا الدمار يمكن إصلاحه بعزيمة وطيبة الشعب اللبناني وأبناء الكنيسة الذي قدموا أنفسهم، وبمساعدة بعض الدول الصديقة  التي هبّت للمساعدة وتعاطفت معنا، ونأمل أن تتعاطف الدولة اللبنانية مع شعبها أيضاً”.

وأضاف غبطته :” الأعجوبة أنه لم يكن هناك أي شخص هنا في لحظة الانفجار، وكل الدمار المادي يمكن إصلاحه، أما دمار الانسان فهو الذي يجب أن نعمل على إصلاحه، وعلى إصلاح المسؤولين السياسيين الذين بسبب إهمالهم وصلنا الى هنا. انهم المسؤولون اولا واخيرا. ونحن نصلي كي يمسّ الله الضمائر ويغير العقول والقلوب، نصلي لكي يلمس الرب القلوب والضمائر والعقول وغيرها. انها علامات من ربنا لكي يعود الناس الى ربهم. وإذا لم يتحملوا مسؤوليتهم نأمل من القضاء أن يُحمّلهم هذه المسؤولية، ونحن لنا ثقة بالقضاء اللبناني وفي حال عجز عن القيام بدوره نلجأ الى القضاء الدولي”.

وعن رأيه بالمحكمة الدولية ونتائجها، أجاب صاحب الغبطة :” عظيمة، وأصحاب العلاقة مقتنعون، وهذا الأهمّ”.

أما عن قيام الشباب والجمعيات بإعادة الإعمار في ظل غياب للدولة، قال غبطته :” أحيّي الشباب اللبناني وكل المتطوعين الذين حملوا مكنسة أو رفشاً وأتوا للمساعدة، وهذه همّة اللبناني، ونحن نتلقى رسائل من كل المجالس الأسقفية في العالم التي تعبّر عن تقديرها للشعب اللبناني، هذا الشعب الذي لا يموت، وهنا نحن ندين غياب الدولة، فما حصل في بيروت ليس حادث سير ولا يحق لهم الآن أن يتصرفوا بهذه الطريقة في موضوع تأليف الحكومة”.

 

وقال: “نحن ندين غياب الدولة. ما حصل جريمة كبرى وجريمة ضد الإنسانية، وهو ليس بحادث سير . ولا يحق للمسؤولين بعد ست سنوات من وجود مواد قاتلة ان لا  يحركوا ساكنا. إنه أمر غير مقبول. لا يحق لهم ان يبقوا مكتوفي الأيدي. أما ما يقومون به حيال تأليف حكومة، فالبلد على الأرض وهم يبحثون عن الحصص. نحن ندين هذا الأمر اشد الادانة”.

بعدها تفقد غبطته، مستشفى الوردية، واستمع من مديرته الأم نيقولا عقيقي الى ما عانته المنطقة وأبناؤها جراء الانفجار الذي دمر أقساما من المستشفى.وقال غبطته :” ان صلاة مسبحة الوردية التي نتلوها يومياً في تمام الساعة السادسة قد حمتكم، والانفجار حصل في نفس هذا الوقت أي الساعة السادسة، واسمحوا لي أن أعزّيكم بوفاة الممرضة ونهنئكم  بسلامة الطاقم التي هي إشارة الى أن الله لم ولن يتركنا، أن الأشياء المادية تُعوّض، ورسالة أيضاً الى المسؤولين اللبنانيين كي يتحملوا مسؤوليتهم في هذا الموضوع، لأن هذا الانفجار ليس قضاء وقدر، بل يتحمل المسؤولين مسؤولية ما حصل، وأنا أحيي من هنا كل المستشفيات التي تخدم المرضى والتي تحدّت كل الظروف واهتمت بالجرحى والمرضى”.

وأضاف غبطته :” إن الرب يقول لا تخافوا أنا معكم، بالرغم من الانفجار والخراب والدمار يجب أن يبقى ايماننا ورجاؤنا ثابتا، فسيّد العالم والتاريخ هو الله، واليه نلتجىء كي يصطلح الانسان، فعندها تصطلح السياسة والاقتصاد وكل الأمور الأخرى ويصطلح الكون.”

بدورها أكدت الام عقيقي  أن “إيماننا الكبير سيبقينا اكثر تمسكا بهذه الأرض وسنقوم بمهامنا على اكمل وجه لاننا ابناء الرجاء”، شاكرة “أصحاب الأيادي البيضاء الذين ساهموا في اعادة إعمار المستشفى ولا سيما دولة الكويت”، وسألت البطريرك “بركته ودعمه لنستمر في تقديم رسالتنا”.

وكان البطريرك الراعي قد جال على دير الفرنسيسكان في الجميزة، واطلع من رئيس الرهبنة الأب فراس لطفي على الأضرار التي لحقت بالدير والكنيسة ومراكزه.

المحطة ما قبل الأخيرة كانت في كنيسة مار مخايل حيث اطلع غبطته من نائب رئيس المؤسسة البطريركية للانماء الشامل سليم صفير على حجم الأضرار التي تُقدّر بمليوني دولار أميركي، وهذا يشمل بناية المطرانية وشارع فرعون الذي يضم حوالي 37 عقار ومئتي عائلة وأكثر من 20 محل تجاري”. 

كما لفت صفير الى  إن المصارف على “استعداد لمساعدة الناس المتضررين فيما يخص تسهيل استعمال ودائعهم أو حتى بطرق أخرى.”

واعتبر البطريرك الراعي  إن “المؤسسة البطريركية هي إحدى المؤسسات الخيّرة وهي علامة من الرب، فهكذا يعمل الله ، من خلال الأيادي البيضاء ، كي يقول لنا أنه هكذا يجب أن نعمل في حياتنا، وأنا ما زلت أصلي كي يعي المسؤولون أهمية تحمّل نتائج ما حصل لأنه حصل بسبب إهمالهم وتركهم للمتفجرات ست سنوات في المرفأ، وأنا دعوت أيضاً كي يتمّ البحث عن متفجرات أخرى في المناطق اللبنانية كافة، وأن تحمي الدولة شعبها وتبسط الدولة سيادتها على كافة الأراضي اللبنانية،لأن المسؤولين ما زالوا يتصرفون وفق مصالحهم الضيّقة”.

وعن ذكرى مئوية اعلان دولة لبنان الكبير، قال صاحب الغبطة :” في ذكرى مئوية لبنان الكبير، سنشهد على ولادة الحياد الناشط أي عودة لبنان الى جذوره”.

وعن الاعتداءات التي تحصل مؤخراً على الحدود اللبنانية الجنوبية وموقف الحياد الناشط منها، قال غبطته :” لقد تكلمت عن ثلاثة أمور في الحياد، أوّلها أن لبنان لا يمكنه أن يدخل في صراعات وحروب اقليمية ودوليّة، و ثانياً أن يتفرّغ لبنان للعب دوره في هذه المنطقة كبلد تلاقي وحوار، وثالثاً أن يكون هناك دولة قويّة قادرة على بسط قوتها والدفاع عن كل اعتداء.”

 

وختم  البطريرك الراعي جولته التفقدية بزيارة  فوج إطفاء بيروت في مار مخايل، التي استهلها برفع الصلاة لراحة انفس ضحايا الفوج وكان في استقباله العقيد الركن نبيل خنكرلي وضباط وعناصر الفوج، سائلا  العزاء لأهلهم والشفاء للجرحى والراحة للمفقودين، وقال: “لقد قدمتم أغلى ما عندكم لقد تقدس المكان بدمائكم ومن هنا نطالب المسؤولين بتقديم المزيد من القيمة والتعزيزات والاحترام للفوج وإعطاء أفراده الأولوية، فكفى استهتارا بمن يقدم للبنان أغلى ما يمكن.أطالب رسميا بأن يتعامل فوج الإطفاء بما يلزم ويليق بخدمته ورسالته من تعويضات وحقوق. هذا مطلبنا الأساسي نحن معكم نشكركم ونقدم كل الدعم لكم”.

واكد غبطته ان لبنان بحاجة اليوم الى “حكومة طوارئ بكل ما للكلمة من معنى، كما حصل في العام 1960 اثر ثورة الـ 1958، هذه الحكومة التي صنعت أفضل لبنان بوزرائها من اصحاب الكفوف النظيفة والحياديين”، معتبرا أن “شهداء فوج الإطفاء هم ضحايا اهمال المسؤولين، انهم الشهداء الذين حموا المدينة وبذلوا أنفسهم على مذبح الوطن”.

أضاف غبطته: “من هنا نقول للمسؤولين: ما قبل 4 آب ليس كما بعده، لأنهم لا يزالون كما هم وخصوصا في تعاملهم مع الحكومة الجديدة وتأليفها. لا يعطون أهمية لما اصاب لبنان لتخبئة اهمالهم، الدستور هو طريقهم فليسلكوه”.

وكانت كلمة شكر وتقدير من قائد فوج إطفاء بيروت العقيد نبيل خنكرلي للبطريرك الراعي على زيارته ورفع الصلاة وتقديمه الدعم، متمنيا “دعم الفوج لكي يواصل تقديم الرسالة التي أسندت اليه”، عارضا المهمات التي ينفذها الفوج والمساعدة الدولية التي يستعين بها ومنها طاقم الاطفائية الفرنسي الذي حياهم البطريرك الراعي لمساعدتهم الفوج على اتمام عملية البحث عن المفقودين.

وودع عناصر الفوج، ضباطا وأفرادا، البطريرك الراعي والوفد المرافق بالتصفيق.

بدوره شكر راعي ابرشية بيروت غبطة البطريرك على زيارته التفقدية لكنائس الأبرشية والمراكز التي نكبت بفعل انفجار مرفأ بيروت، معتبرا ان “هذه الزيارة تعزي الناس في محنتهم وتشدد تمسكهم بأرضهم وكنيستهم التي تقف دائما الى جانبهم وترعى شؤونهم.”

ورأى المطران عبد الساتر” ان لقاء البطريرك برعيته كان انسانيا ووجدانيا بامتياز شاكرا كل الأيادي البيضاء التي ساعدت على تضميد جراح المنكوبين والتخفيف من تداعيات هذه الكارثة على ابناء بيروت.”

 

 

link for Photos Gallery / http://media.bkerki.org

 

PHOTO ALBUM: Beirut Visit_26.8.2020

PHOTO ALBUM: Beirut Visit_26.8.2020 – 2