البطريرك الراعي ترأس اجتماعا بشأن المدارس الخاصة – بكركي


نشاط البطريرك

 

ترأس غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم السبت 24 آذار 2018، في الصرح البطريركي في بكركي، الاجتماع التربوي الثاني، في حضور اللجنة الأسقفية المواكبة لتداعيات القانون 46/2017 ومكتبي الرؤساء العامين والرئيسات العامات وممثلين عن اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان المكوّن من مختلف الأطياف وأعضاء الهيئة التنفيذية للمدارس الكاثوليكية.

والقى غبطته، بعد رفع الصلاة، كلمة قال فيها: “يسعدني أن أرحب بكم جميعا في هذا الاجتماع التربوي الثاني، الذي يعقد في هذا الصرح البطريركي، ولما يمضي بعد شهران على الاجتماع الأول وقد انعقد هنا في أول شباط الماضي. فيطرح السؤال البديهي: ما الغاية من هذا الاجتماع وبهذه السرعة؟ ثمة في نظرنا أربع غايات أساسية. الغاية الأولى: سماع ما جرى، في هذه الفترة، مع المؤسسات التربوية الخاصة، ومع اللجنة التي أسسها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك لتعضد رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية والأمانة العامة في إيجاد حلول لتداعيات القانون 46/2017 الذي صدر بتاريخ 21 آب 2017، ويختص بسلسلة الرتب والرواتب. وكان قد تقرر في اجتماع بكركي التربوي المذكور ما يلي: التزام المؤسسات التربوية الخاصة التقيد بتطبيق سلسلة الرتب والرواتب بموجب الجدول 17، على أن تتحمل الدولة تمويل الدرجات الست الاستثنائية، في ما لو حسمت المرجعيات المختصة أمر توجبها لأساتذة القطاع الخاص، وما دام القانون 46/2017 ساري المفعول. وعلى الدولة مراقبة الأقساط وضبطها وفقا القانون 515/96. معالجة صرف تعويضات المعلمين المستحقة بعد 21/8/2017، على قاعدة تصفية التعويض على أساس الجدول 17، وتعليق إدراج المواد الخلافية ضمن تعويض الصرف، ريثما يتم جلاء الموقف بشأنها، وعدم اتخاذ المعلمين طالبي التعويض رهائن لتفعيل الضغط على المؤسسات التربوية للسير بقبول الدرجات الست تحت وطأة الحالات الإنسانية. التسديد الفوري للمساهمات المتوجبة على الدولة لصالح المدارس المجانية، والمتأخرة منذ أربع سنوات خلافا للنصوص المرعية الإجراء، ولاسيما المرسوم 2359/71 الذي ينص في المادة 25 منه، على وجوب دفع المساهمات كاملة في السنة نفسها. والطلب بأن يتم ‌ربط احتساب هذه المساهمات بسلسلة الرتب والرواتب، لا بالحد الأدنى للأجور كما هو حاصل حاليا”.

ودعا البطريرك الراعي:” جميع الأسر التربوية إلى التحلي بروح الحوار والتفهم والتفاهم والتخلي عن منطق التعطيل والإضراب والإساءة إلى كرامات الأشخاص والمؤسسات، بغية الوصول إلى حلول عقلانية ومتوازنة وممكنة تراعي مصالح الجميع وإمكاناتهم الواقعية، وتحفظ العملية التربوية بما يؤمن استمرار قيام هذه المؤسسات بدورها الاجتماعي والإنساني والوطني”.

ولفت غبطته الى “ان الغاية الثانية: حماية المدرسة الخاصة وتوضيح ما تعني هذه الحماية. عندما نقول حماية المدرسة نعني حماية المعلمين والطلاب وأهلهم. هؤلاء الثلاثة يشكلون مع الإدارة ما يسمى بالأسرة التربوية التي لا تقبل الانقسام بين مكوِناتها. فإذا أُرهق الأهل بالأقساط غادروا هم وأولادُهم المدرسة الخاصة، وتضاءل عدد الطلاب فيها، فيسرح المعلمون والموظفون، وربما تقفل المدرسة أبوابها، كما هي الحال مع عدد من المدارس الكاثوليكية بدءا من السنة المدرسية المقبلة، فيضاف المعلمون والموظفون إلى صفوف العاطلين عن العمل. وهناك الكارثة الاجتماعية والمعيشية. وعندما نقول حماية المدرسة الخاصة نقول حماية التعليم النوعي الذي رفع مستوى العلم والثقافة في لبنان، كما هو معروف ومشهود له في الداخل والخارج. دعونا نسأل كل الذين حققوا نجاحاتهم في الحياة: اين تعلموا؟ وأين يعلمون أولادهم؟ فجوابهم معروف. نحن لا نريد على الإطلاق أن تصبح المدرسة الخاصة، ولا سيما الكاثوليكية منها، حكرا على الأغنياء والقادرين. وهي لا تريد أن تميز بين الناس. بل ترغب من الصميم أن تزدهر المدرسة الرسمية وتقدم تعليما نوعيا بكل أبعاده، وأن تعتني الدولة بها، وتنظم إداراتها وعدد المعلمين فيها، وتوقف الهدر. وإلا لماذا يكلف التلميذ في المدرسة الرسمية أكثر من كلفة تعليمه في المدرسة الخاصة، بإقرار من الجميع؟”

4- و الغاية الثالثة، الخروج من الصراع داخل الأسرة التربوية: المعلمون يطالبون المدرسة بدفع كامل سلسلة الرتب والرواتب، ويضربون في ما الضحية هم التلامذة وأهلهم، ويهددون باللجوء إلى القضاء. وأولياء الطلاب لا يدفعون الأقساط لسبب أو لآخر. والمدرسة، الحريصة على الثلاثة، لا تستطيع أن تفي بجزء من رواتب المعلمين، إذا تخلف الأهالي عن دفع ما يتوجب عليهم من أقساط. فمن مداخيلها تؤدي واجباتها، ككل مؤسسة مدنية خاصة أيا كان نوعها. فصرف المتوجب يصدر من المدخول. فلنتذكر في كل حال المثل المأثور: لا تشرب من البئر، وترمي فيه حجرا.

5- والغاية الرابعة مطالبة الدولة الاهتمام بكل مكونات الأسرة التربوية اهتماما جديا ومسؤولا لجهة الدعم المالي، للمدرسة الخاصة، لكونها كالرسمية ذات منفعة عامة. فيجب بالتالي إدراج هذا الدعم المالي في الموازنة العامة، بمعزل عن موازنة وزارة التربية، وإيجاد موارد خاصة لهذا الدعم. فأحوج ما يحتاج إليه لبنان التعاون بين القطاعين العام والخاص”.

وختم البطريرك الراعي: “إننا، إذ نشكر حضوركم، ونقدر همومكم وهموم جميع المدارس الخاصة، وهموم مكونات أسرتها التربوية، نرجو أن يحقق هذا الاجتماع خطوة إلى الأمام لخير الجميع، بعون الله تعالى وشفاعة أمنا وسيدتنا مريم العذراء، أم الكنيسة وسيدة لبنان”. 

بعدها استعرض المجتمعون تطورات السياسة التربوية في لبنان واصداء بيان اللقاء التربوي الأول الذي انعقد في الصرح البطريركي في بكركي في الاول من شهر شباط الماضي، واصدروا البيان الآتي:”

أولاً: توجيه الشكر لصاحب الغبطة والنيافة على استضافته ومباركته هذا اللقاء التربوي الثاني ودعواته المتكررة لحماية حرية التعليم وحفظ حقوق الأسرة التربوية وتعزيز وحدتها وتأمين عدالة التشريع ؛ وكان آخر هذه الدعوات في مجدليا يوم السبت الماضي وفي عينطوره يوم الأحد الماضي، بالإضافة إلى اعتبار كلمة صاحب الغبطة جزءًا لا يتجزّأ من هذا البيان.

وفي المناسبة يرفع المجتمعون، عشية بدء السنة الثامنة لخدمته البطريركية، كل التهاني والتمنيات ليدوم صوته صوت الحق لتعزيز الحوار الصادق ولتأمين العدالة لجميع المواطنين.

 

ثانياً: تأكيد التمسّك بسقف بيان اللقاء التربوي الموسّع المنعقد في بكركي بتاريخ 1 شباط 2018 في اجتماع استثنائي لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان بحضور المرجعيات الروحية والسلطات الكنسية والرهبانية واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، وهيئة الحوار الإسلامي المسيحي، والذي تقرّر فيه فيما تقرّر:

1)      الالتزام بالجدول رقم 17،

2)      مطالبة الدولة بتحمّل الدرجات الست الاستثنائية،

3)      مطالبة الدولة تسديد المساهمات للمدارس المجانية المتوقفة منذ أربع سنوات من دون أي مسوغ وخلافاً للأنظمة، وربطها بسلسلة الرّتب والرّواتب

4)      مطالبة الدولة إنشاء مجلس أعلى للتربية.

 

ثالثاً: الاعلان عن أن المدارس، وتحسسًا منها ثقل الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة الضاغطة، قد قامت بإعداد موازناتها للعام 2017-2018 وفقاً لما تنص عليه القوانين مراعية أقصى قواعد التقشف وضبط النفقات والاكتفاء بما هو ضروريّ، متخلّية طوعًا عن جزء كبير من الهامش التشغيليّ الذي هو حقّ لها بموجب البند (ج) من المادّة الثانية من القانون 515/96 الذي يرعى أصول إعداد الموازنات المدرسيّة السنويّة، وذلك مساهمة منها بالتخفيف من ثقل عبء الزيادة على الأقساط، الناتجة عن تطبيق الجدول رقم 17.

 

رابعاً: دق ناقوس الخطر الشديد لتنبيه وتحذير جميع المسؤولين من الأزمة الاجتماعية التربوية النّاتجة عن تداعيات القانون 46/2017 وعن الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي يمر بها المواطنون، إذا ما انكفأت الدولة عن تحمل مسؤوليّاتها، وتخلّت عن رعاية شؤون شعبها، مّما سيطيح بالنّظام التّربوي في لبنان من خلال ضرب التعليم الخاصّ ويهدّد بالإقفال الوشيك للعديد من المدارس، مع ما سيستتبع ذلك من إحالة الآلاف من المعلّمين والإداريين والموظفين على البطالة وتشتيت التّلامذة وإفراغ الأرياف والمناطق الجبليّة والأطراف وصولاً إلى العاصمة بيروت. وليس في الأمر تهويل أو مبالغة أو تضخيم! وقد بدأت بعض إنذاراته المقلقة ترتسم في الواقع، مثل: اتخاذ القرار بإقفال بعض المؤسسات التربويّة، وبخاصّة المدارس المجانية، وعدم استطاعة بعض إدارات مدارسنا دفع الرواتب والأجور خلال الأشهر المقبلة بسبب امتناع الأهالي عن دفع متوجباتهم من الأقساط.

 

خامسًا: يؤكّد المجتمعون مجدّدًا على أنّ الحلّ الوحيد يكمن في تحمّل الدّولة مسؤوليّاتها، أقلّه بتغطية الدّرجات السّت الّتي فرضها المشترع، إذ انّ ما يساق من طروحات وأفكار ومشاريع حلّ، أكان باعتماد الجدولة أو التقسيط للدرجات الاستثنائيّة على سنوات عدّة، لن يشكلّ حلاّ ممكنًا للأزمة، بل سيكون من قبيل الإرجاء والهروب إلى الأمام، ولن يكون من شأنه سوى تأجيل الأزمة لا أكثر، مع ما للتأجيل من مفاعيل تراكميّة تزيد من حدّتها، ناهيك أيضًا عن استحقاق الدّرجات الآنية بشكلٍ تلقائي كلّ سنتين، إضافة إلى الدّرجات الإستثنائيّة السّابقة (وعددها عشر درجات ونصف).    

 

سادسًا: التأكيد أن المدارس الخاصّة ستكافح بأقصى ما تملك من طاقة وقوّة من أجل إبقاء التعليم الخاص في لبنان حرًّا ومتاحًا لجميع أبناء شعبنا وبناته، خصوصًا لذوي الإمكانات الماديّة والاقتصاديّة المحدودة؛ وهي وإن كانت لا ترغب بالتصعيد والإقفال، إلاّ أنّها تحذّر الدّولة من مغبّة التّغاضي عن إيجاد الحلول الفوريّة المناسبة وتحمّل المسؤوليّة، لأنّ التربية تستحقّ الرّعاية وتستحق التّضحية، ولكي لا نصل إلى ما لا تحمد عقباه، وحينئذٍ “الضرورات ستبيح المحظورات!”

 

سابعا : وختامًا كرّر المجتمعون الدعوة لجميع مكوّنات الأسرة التربويّة من هيئة تعليمية وأولياء تلامذة وإدارات مدارس إلى رصّ الصفوف وتنسيق تحركاتها وتوجيه مطالباتها وتركيز ضغطها بوجه الدولة لكيّ تعي وتدرك وتوقن أن في بلدنا شعبًا يستحقّ ان يعيش بكرامة، وأن لهذا الشعب كلمته وموقفه وحقّه في مطالبة حكّامه بمجانية التعليم وبالالتفات بالأولوية إلى همومه ومعاناته وحاجاته.

اضغط هنا لمشاهدة البوم الصور

PHOTOS: Patriarch Rai Activity_Bkerki_24.3.2018