القِدِّيسِانَ تِيرانْيُونَ الصُّورِيّ، وزِنُوبْيُوسَ الصَّيدانِيِّ وآخَرون






في سَنَةِ
304، أَصْدَرَ الإِمْبِرَاطُورُ دْيُوكْلِتْيَانُوسُ (285-305) مَرْسُومًا يَقْضِي
بِتَأْيِيدِ الوَثَنِيَّة، فَكانَ الدافِعَ المُبَاشَرَ إِلَى
اضْطِهَادِ المَسِيحِيِّين، في
أَيَّامِه. وفي زَمَنِ وِلايَةِ فَنْتُورْيُوسَ عَلَى صُور، سَقَطَ عَدَدٌ كَبِيرٌ
مِنَ الشُهَداء، أَوْرَدَ أُوسَابْيُوسُ القَيْصَرِيُّ خَبَرَهُمْ في تارِيخِه.
تَسَاءَلَ أَوَّلًا: "مَنْ ذا الّذي رَآهُمْ ولَمْ يَدْهَشْ لِلْجَلْداتِ
التي لا عَدَّ لَهَا، ولِلثَباتِ العَجِيبِ الّذي أَظْهَرَهُ أُولَئِكَ الأَبْطال،
وصِراعِهِم، بَعْدَ الجَلْدِ مُبَاشَرةً، مَعَ الوُحُوشِ الكاسِرَة؟". ثُمَّ
أَرْدَفَ قائِلًا: "نَحْنُ أَنْفُسُنَا كُنَّا حاضِرِين، عِنْدَمَا تَمَّتْ
هَذِهِ الحَوادِث، ودَوَّنَّا قُوَّةَ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ المَسِيحِ
الإلَهِيَّة، التي تَجَلَّتْ وأَظْهَرَتْ نَفْسَهَا بِقُوَّةٍ في الشُهَداء".
وأَضافَ: "ظَلَّتِ الوُحُوشُ الضَارِيَةُ وَقْتًا طَوِيلًا لا تَجْسُرُ عَلَى
مُلامَسَةِ أَجْسَادِ أَعِزَّاءِ اللهِ هَؤُلاءِ أَوِ الدُنُوِّ مِنْهَا.
بِالعَكْسِ انْقَضَّتْ عَلَى مَنْ كانُوا يَسْتَفِزُّونَهَا مِنَ الخارِجِ
ويُحَفِّزُونَهَا … كانَ الأَبْطالُ المُبَارَكُونَ واقِفِينَ
وَحْدَهُمْ عُراةً يُلَوِّحُونَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَيهَا لِيَحْمِلُوهَا عَلَى
الاقْتِرابِ مِنْهُمْ … لَكِنَّهَا كُلَّمَا هَجَمَتْ عَلَيْهِم كانَتْ تَقِفُ
وتَتَراجَعُ وكَأَنَّ قُوَّةً إِلَهِيَّةً تَصُدُّهَا".

أَخِيرًا
قُتِل الشُهَداءُ جَمِيعُهُمْ بِالسَّيف. وبَدَلًا مِنْ دَفْنِهِمْ في الأَرْض،
طُرِحُوا في أَعْمَاقِ البَحْر. وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ 304. أمَّا تِيرانْيُونُ
أُسْقُفُ كَنِيسَةِ صُور، وزِنُوبْيُوسُ كَاهِنُ كَنِيسَةِ صَيْدَا، فَأُرسِلَا في
القُيُودِ إِلَى أَنْطَاكْيَة، حَيْثُ مَجَّدَا كَلِمَةَ اللهِ بِصَبْرِهِمَا
حَتَّى المَوْت. أُلقِيَ الأُسْقُفُ في أَعْمَاقِ البَحْر، وماتَ
زِنُوبْيُوسُ بِتَعْذِيبٍ شَدِيدٍ لَقِيَهُ عَلَى جَنْبَيه، وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ
310. صَلاتُهُمْ مَعَنَا. آمين.

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 20

رقم شهر اليوم الليتورجي: 2

اسم شهر اليوم الليتورجي: شباط

مار نعمة اللّه الحرديني






روم 12/ 1-8؛ متى 4/ 18-25

وُلِدَ يُوسُفُ جِرْجِس كَسَّاب سَنَةَ 1808 في قَرْيَةِ حَرْدِين
الواقِعَةِ في قَضَاءِ البَتْرُونِ
مِنْ مُحَافَظَةِ لُبنانَ الشَمَاليّ. والِدَتُهُ مَرْيَم رَعْد مِنْ تَنُّورِين. بَدَأَ دُرُوسَهُ وَهُوَ فَتًى
في مَدْرَسَةِ دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوس-حُوب، التَابِعَةِ لِلرَّهْبَانِيَّةِ
اللُبْنانِيَّةِ المارُونِيَّة، في بَلْدَةِ تَنُّورِين، مِنْ سَنَةِ 1816 حَتَّى
سَنَةِ 1822. ثُمَّ عادَ إِلَى قَرْيَتِهِ لِلاهْتِمَامِ
بِالأَرْزاقِ والمَواسِمِ والمَواشِي، مِثْلَ كُلِّ أَبْنَاءِ الجَبَلِ اللُبْنانيِّ في
ذَلِكَ العَصْر. في
العِشْرينَ مِنْ عُمْرِهِ، تَرَكَ يُوسُفُ كُلَّ شَيْءٍ وتَوَجَّهَ إِلَى الدَيْرِ فَدَخَلَ الابْتِداءَ في
شَهْرِ تِشْرِينَ الثَاني سَنَةَ ١٨٢٨ في دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوسَ قِزْحَيَّا.
وهُنَاكَ تَخَلَّى عَنِ اسْمِهِ القَدِيم، واتَّخَذَ لَهُ اسْمَ "نِعمة
الله"، دَلالَةً عَلَى
مَوْتِهِ عَنْ حَيَاةٍ قَدِيمَة، وبِدايَةً لِحَيَاةٍ جَدِيدَة. في فَتْرَةِ الابْتِداءِ هَذِهِ، تَمَرَّسَ الأَخُ نِعمة الله بِمَبَادِئِ الحَيَاةِ الرُهْبَانِيَّة، مِنْ صَلاةٍ وعَمَلٍ
وحَيَاةٍ مُشْتَرَكَة. كَمَا
تَعَرَّفَ إِلَى تَقَالِيدِ الرَّهْبَانِيَّةِ اللُبْنانِيَّةِ وعاداتِ رُهْبَانِهَا وتَارِيخِ أَدْيارِهَا. وهُنَاكَ
أَيضًا تَعَلَّمَ صِنَاعَةَ تَجْلِيدِ الكُتُب، وكانَ المَسْؤُولُونَ عَنْهُ قَدْ وَجَدُوا فِيهِ دَعْوَةً رُهْبانِيَّةً صَادِقَة، فَوَهَبَ حَياتَهُ عَبْرَ
النُذُورِ الرُهبانِيَّة: الطَاعَةِ والعِفَّةِ
والفَقْرِ والتَواضُعِ في 14 تِشْرِينَ الثاني سَنَةَ 1830، مُكَرِّسًا ذاتَهُ
كُلِّيًّا لِلمَسِيح.

تابَعَ الأَخُ نِعمة الله دُرُوسَهُ الفَلْسَفِيَّةَ
واللاهُوتِيَّةَ في مَدْرَسَةِ
الرَهبانِيَّةِ في دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينا – كْفِيفَان، حَيْثُ
سِيمَ كَاهِنًا بِوَضْعِ يَدِ المِطرانِ سِمعان زْوَيْن في ٢٥ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٣3 مَعَ
٢٢ مِنْ رِفَاقِهِ الَّذِينَ انْطَلَقُوا لِلعَمَلِ في أَدْيَارِ الرَهْبَانِيَّةِ وأَرْزاقِهَا ورَعَايَاهَا
ومَدارِسِهَا. قامَ الأَبُ نِعمة الله في دَيْرِ كْفِيفَانَ بِتَعْلِيمِ
الأَوْلاد، وسَاهَمَ في
الخِدْمَةِ الرَعَائِيَّةِ في القُرَى المُحِيطَة. وفي سَنَةِ
١٨٣٨ عُيِّنَ مُدِيرًا لِلإِخْوَةِ الدارِسِينَ في دَيْرِ كْفِيفَان. وكانَ
أُسْتَاذًا لِمَادَّةِ اللاهُوتِ الأَدَبيّ، إِضَافَةً لِمُزَاوَلَتِهِ مِهْنَةَ
تَجْلِيدِ أَوْ عَرْمِ الكُتُبِ التي بَرَعَ
فِيهَا.

تَسَلَّمَ مَسْؤُولِيَّةَ المُدَبِّريَّةِ العامَّةِ في الرَهْبانِيَّةِ ثَلاثَ مَرَّات:
1845-1848، 1850-1853، 1856-1858. بَقِيَ مُلازِمًا التَعْلِيمَ في دَيْرِ
كْفِيفَان، وفَنَّ تَجْلِيدِ الكُتُب، حَتَّى وَهُوَ في وَظِيفَةِ المُدَبِّرِيَّة. ومِنْ تَلامِيذِهِ الأَخ شَرْبِل مَخْلُوف، الذي
أَصْبَحَ "قِدِّيسَ لُبنان" (1977)، وذَلِكَ مِنْ سَنَةِ 1853 حَتَّى
سَنَةِ 1858.

أَمَّا في الفَتَراتِ التي لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُدَبِّرًا، فَقَدْ سَكَنَ الأَبُ نِعمة
الله في دَيْرِ مار مارون – عَنَّايا، ودَيْرِ مار مِيخَائِيل - بْحِرْصَاف، وكانَ يَعُودُ إِلَى دَيْرِ كْفِيفَانَ لِيُعَلِّمَ
الإِخْوَةَ و"يُجَلِّدَ الكُتُب". في ٤ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٥٨
أُصِيبَ نِعمة الله بِمَرَضِ "ذاتِ الجَنْب"
(Pleurésie)، لَمْ
يُمْهِلْهُ أَكْثَرَ
مِنْ عَشْرَةِ أَيَّام، فَتُوُفِّيَ في ١٤ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٥٨، ودُفِنَ
في دَيْرِ كْفِيفَان، ثُمَّ نُقِلَ جُثْمَانُهُ السَلِيمُ سَنَةَ 1862، إِلَى
حُجْرَةٍ في شَرْقِيِّ الدَيْر، نَظَرًا لإِلْحَاحِ الزُوَّارِ الكَثِيرِين، وبِأَمْرٍ مِنْ غِبْطَةِ
البَطْرِيَرْكِ بُولُس مَسْعَد (1854-1890). وبَعْدَ نَقْلِ الجُثْمَانِ وخَتْمِهِ
بِالشَمْعِ الأَحْمَر، رُفِعَتْ دَعْوَاهُ إِلَى مَجْمَعِ دَعَاوَى القِدِّيسِينَ في الفَاتِيكان، في رُوما، مَعَ
رَفِيقَيْهِ الأَب شَرْبِل مَخْلُوف، والأُخْت رَفْقَا الرَيِّس، في 4 أَيَّارَ
سَنَةَ 1926. أُعْلِنَ مُكَرَّمًا في 7 أَيْلُولَ سَنَةَ 1989. وبِأَمْرٍ مِنْ
غِبْطَةِ البَطْرِيَرْكِ مار نَصْرَالله بُطْرُس صْفَيْر (1986-2011)، تَمَّ
الكَشْفُ عَنْ جُثْمَانِهِ، ونُقِلَ إِلَى نَعْشٍ جَدِيدٍ في 18 أَيَّارَ سَنَةَ
1996، ونُقِلَ نِهَائِيًّا إِلَى المَثْوَى الجَدِيدِ في 26 آذارَ سَنَةَ 1998. حَصَلَتْ بِشَفَاعَتِهِ شِفَاءاتٌ
عَدِيدَةٌ ومِنْهَا شِفَاءُ الشَابِّ أَنْدْرِه نَجْم مِنْ داءِ السَرَطانِ
في الدَّمِ عامَ 1987، وَهِيَ الأُعْجُوبَةُ التي اعْتُمِدَتْ في دَعْوَى
التَطْوِيب. وفي ١۰ أَيَّارَ سَنَةَ ١٩٩٨ أَعْلَنَهُ قَداسَةُ البَابَا
يُوحَنَّا بُولُسُ الثاني
(1978-2005) طُوبَاوِيًّا، وفي ١٦ أَيَّارَ سَنَةَ 2004 أَعْلَنَهُ قِدِّيسًا.

يُعْتَبَرُ القِدِّيسُ
نِعمة الله رائِدًا في تَأْسِيسِ مَدْرَسَةِ القَداسَةِ في الرَهْبَانِيَّة، ورائِدًا
لِلعِلْم، بِحَيْثُ إِنَّهُ أَطْلَقَ
رِسَالَةَ التَعْلِيمِ لِلنَاشِئَةِ الرُهْبَانِيَّة، لَدَى الآباءِ
اليَسُوعِيِّينَ في غَزِير، ثُمَّ في بَيْرُوت. وهَكَذَا سَاهَمَ في الوُصُولِ
إِلَى مُسْتَوَى التَعْلِيمِ العَالي في الرَهْبَانِيَّة. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: متى 4/ 18-25

الرسالة: روم 12/ 1-8

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 14

رقم شهر اليوم الليتورجي: 12

اسم شهر اليوم الليتورجي: كانون الأول

الشهيدة بربارة






1 قور 7/ 36-40؛ متى 25/ 1-13

عاشَتِ القِدِّيسَةُ بَرْبارَةُ في أَواسِطِ القَرْنِ الثَالِثِ في مَدِينَةِ هِلْيُوبُولِيس، المَعْرُوفَةِ اليَومَ بِاسْمِ بَعَلْبَك، في لُبنان، في زَمانِ الإِمْبِرَاطُورِ مَكْسِيمْيَانُوس (285-310). وكانَ أَبُوهَا دْيُوسِيقُورُسُ غَنِيًّا وَثَنِيًّا مُتَعَصِّبًا.
فَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهَا وَزَوَّدَها بِالعُلُومِ والآداب. وبِمَا أَنَّهَا كانَتْ رائِعَةَ الجَمالِ وَضَعَهَا في بُرْجٍ حَصِين، وأَقَامَ مِنْ حَوْلِهَا الأَصْنَامَ لِتَظَلَّ مُتَعَبِّدَةً لِلآلِهَة.
فَأَخَذَتْ تَتَأَمَّلُ في هَذا الكَوْنِ وتَبْحَثُ عَنْ مُبْدِعِهِ. ولَمْ تَرَ في الأَصْنَامِ سِوَى حِجَارَةٍ صُمٍّ لا يُرْجَى مِنْهَا خَيْر. فَأَتَاحَ لَهَا اللهُ أَنِ اتَّصَلَتْ بِالمُعَلِّمِ والكَاهِنِ فَالِنْتْيَانُوس، الذِي دَخَلَ الحِصْنَ بِصِفَةِ طَبِيب، وأَخَذَ يَشْرَحُ لَهَا أَسْرارَ الحَيَاةِ المَسِيحِيَّةِ وتَعَالِيمَ الإِنْجِيلِ السَامِيَة. فَأَذْعَنَتْ بَرْبَارَةُ لِهَذَا المُرْشِدِ الحَكِيم، وآمَنَتْ بِالمَسِيحِ وقَبِلَتْ سِرَّ العِمَادِ المُقَدَّس، ونَذَرَتْ بَتُولِيَّتَهَا لِلرَبِّ يَسُوع.

الإنجيل: 1 متى 25/ 1-13

الرسالة: قور 7/ 36-40

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 4

رقم شهر اليوم الليتورجي: 12

اسم شهر اليوم الليتورجي: كانون الأول

الشهيدة بربارة

مار سمعان العمودي






1 قور 9/ 24-27؛ لو 18/ 18-30

إِنَّ البَارَّ
سِمْعَانَ العَمُودِيَّ الكَبِير، الذِي تُعَيِّدُ لَهُ الكَنِيسَةُ
البِيزَنْطِيَّةُ في الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ أَيْلُول، هُوَ غَيْرُ سِمْعَانَ العَمُودِيِّ
البَارِّ الذِي مِنَ الجَبَلِ العَجِيب. فَالأَوَّلُ قَدْ رَقَدَ بِالرَبِّ سَنَةَ
459، والأَخِيرُ حَوالَى العَامِ 592، لَكِنَّ الاثْنَيْنِ نَسَكَا في مِنْطَقَةٍ
جُغْرافِيَّةٍ واحِدَة، فَسَلَكَ الثَاني في خُطَى الأَوَّل. ومَعَ مُرُورِ
الزَمَن، إِرْتَبَطَ في ذِهْنِ المُؤْمِنِين ذِكْرُ الواحِدِ بِذِكْرِ الآخَر،
حَتَّى إِنَّ الإِيقُونَةَ تُصَوِّرُهُمَا، أَحْيَانًا، مَعًا. وإِلَى جَانِبِ
هَذَيْنِ البَارَّينِ هُنَاكَ شَخْصٌ ثَالِثٌ ٱسْمُهُ سِمْعَانُ كَانَ قَدْ نَسَكَ
عَلَى عَمُودٍ هُوَ أَيْضًا. هَذا الأَخِيرُ لا نَعْرِفُ مَتَى رَقَدَ في الرَبّ،
لَكِنَّ السِنَكْسَارَ اليُونَانيَّ يَجْعَلُ عِيْدَهُ في 27 نَيْسَان، فِيْمَا
عِيْدُ سِمْعَانَ العَجِيبِ هُوَ في 24 أَيَّار. ولِلتَمْيِيْزِ بَيْنَ الثَلاثَةِ
يُعَرَّفُ عَنِ الأَوَّلِ بِ "الكَبِير"، وعَنِ الثَاني بِ
"العَجِيب" أَوِ "العَجَائِبي" وعَنِ الثَالِثِ ب
"الصَغِير". فَسِمْعَانُ الكَبِير،
هُوَ تِلْمِيذُ مَار مَارُون، وُلِدَ سَنَةَ 390 في قَرْيَةِ سِيْرَا عَلَى
الحُدُودِ الواقِعَةِ بَيْنَ بِلادِ قُورُشَ - سُورِيَّا وكِيلِيكْيَا -
تُرْكِيَّا. كَانَ يَرْعَى غَنَمَ أَبِيهِ. ومُنْذُ حَداثَتِهِ كَانَ رَصِينًا
هَادِئًا مُتَعَشِّقًا الفَضِيلَةَ ولا سِيَّمَا الطَهَارَة. بَعْدَ وَفَاةِ
والِدَيْهِ زَهِدَ في الدُنْيَا وتَرَكَ ثَرْوَتَهُ لإِخْوَتِهِ ولِلْفُقَراء،
وبَعْدَمَا عَاشَ مُدَّةَ عَامَيْنِ مَعَ بَعْضِ النُسَّاكِ في الجِوار، إِلتَحَقَ
بِتِيُودُورِيتُسَ مُدَّةَ عَشْرَةِ أَعْوام، عَاكِفًا عَلَى دَرْسِ الحَيَاةِ
النُسْكِيَّةِ ومُمَارَسَتِهَا بِكُلِّ دِقَّةٍ ونَشَاط. وَوَجَدَ في سَفْحِ
الجَبَلِ لَهُ بَيْتًا قَضَى فِيهِ ثَلاثَ سَنَواتٍ مَحْبُوسًا. وبَعْدَهَا
أَوْحَى اللهُ إلَيْهِ بِأَنْ يُقِيمَ فَوْقَ عَمُودٍ مُعَرَّضًا لِحَرِّ الصَيْفِ
وبَرْدِ الشِتَاءِ لِيُمَارِسَ فَوْقَهُ الصَلَواتِ والإِمَاتَات. إِرْتَقَى
عَمُودًا ارْتِفَاعُهُ سِتَّةُ أَذْرُع، ثُمَّ اثْنَا عَشَرَ ذِراعًا، وبَعْدَ
ذَلِكَ اثْنَانِ وعِشْرُونَ ذِراعًا، وأَخِيرًا سِتَّةٌ وثَلاثُونَ ذِراعًا،
كَمَنْ يَصْبُو إِلَى السَمَاء، ويَرْجُو الانْتِقَالَ مِنَ هَذِهِ الحَيَاةِ
الأَرْضِيَّة. قَيَّدَ نَفْسَهُ بِالسَلاسِل، وبَقِيَ عُرْضَةً لأَقْسَى
التَقَلُّبَاتِ الطَقْسِيَّة، فَكَانَ فَرِيدًا بَيْنَ سَائِرِ البَشَرِ في مَا
احْتَمَلَهُ مِنْ مَشَقَّاتٍ مِنْ جَرَّاءِ أَشِعَّةِ الشَمْسِ المُحْرِقَة،
وجَلِيدِ الشِتَاء، وهُبُوبِ الرِيَاحِ العَاصِفَة، رَغْمَ طَبِيعَتِهِ
البَشَرِيَّةِ الهَزِيلَة؛ فأَصْبَحَ مَكَانُهُ مَحَجًّا لِلزُوَّار، وتَابَ عَلَى
يَدِهِ جَمْعٌ غَفِير، وعَلَى يَدِهِ تَعَمَّدَ العَدِيدُ مِنَ الوَثَنِيِّين.
إِنْتَشَرَ صِيْتُ قَداسَتِهِ ونَمَطُ عِيْشَتِهِ في الشَرْقِ والغَرْب. ويُرْوَى
أَنَّ النُسَّاكَ طَلَبُوا مِنْ رَئِيسِهِ أَنْ يَمْتَحِنَ طَاعَتَهُ، فَأَمَرَهُ
بِالنُزُولِ عَنْ عَمُودِهِ، فَمَا كَانَ مِنْ سِمْعَانَ إِلَّا أَنِ امْتَثَلَ
لِلْأَمْر. فَازْدادُوا احْتِرامًا لَهُ وإِعْجَابًا بِقَدَاسَتِهِ. عَاشَ
سِمْعَانُ عَلَى عَمُودِهِ ثَلاثِينَ سَنَة، بِطَرِيقَتِهِ المُسْتَغْرَبَةِ التي
تَحَارُ فِيهَا العُقُول، ولَوْلَا المُسْتَنَداتُ التَارِيخِيَّةُ التي تُؤَيِّدُهَا
ولا سِيَّمَا مَا كَتَبَهُ المُؤَرِّخُ الشَهِيرُ تِيُودُورِيتُسُ المُعَاصِرُ
لَهُ وغَيْرُهُ مِنَ الكَتَبَةِ التُقَاة، لَمَا كُنَّا نُصَدِّقُ تَارِيخَ
حَيَاتِهِ العَجِيب. ورَقَدَ هَذا المُجَاهِدُ العَظِيمُ في الأَوَّلِ مِنْ
أَيْلُولَ عَامَ 459، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 69 سَنَة. ونُقِلُ جُثْمَانُهُ
الطَاهِرُ إِلَى مَدِينَةِ أَنْطَاكْيَةَ في مَوْكِبٍ حَافِل، مَشَتْ فِيهِ
الجَمَاهِيرُ مَعَ الأَسَاقِفَةِ والإِكْلِيرُوسِ وكَوْكَبَةٍ مِنَ العَسَاكِرِ
المَلَكِيَّة، ودُفِنَ في الكَنِيسَة. وقَدْ أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدِهِ في
حَيَاتِهِ وبَعْدَ مَمَاتِهِ عَجَائِبَ لا تُحْصَى، وبَقِيَ عَمُودُهُ يَفُوحُ
بِرائِحَةٍ عَطِرَةٍ مُدَّةً طَوِيلَة، وأَصْبَحَ مَزارًا شَهِيرًا حَيْثُ بَنَى
الرُهْبَانُ دَيْرًا وكَنِيسَةً فَخْمَة. وذُكِر أَنَّهُ هُوَ الذِي أَرْسَلَ
إِلَى قُرَى شَمَالي لُبْنَان، وكَانَتْ وُحُوشٌ تَفْتَرِسُ أَهْلَهَا، مَنْ
عَمَّدَهُم، وأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْسُمُوا سَبْعَةَ صُلْبَانٍ حَوْلَ كُلِّ
قَرْيَة، فَنَجَوا. وكَانَ أُوْلَئِكَ مِنَ المَوارِنَةِ الأَوائِلِ المُقِيمِينَ
الأَصْلِيِّينَ في لُبْنَان. وقَدْ بُنِيَتْ عَلَى اسْمِهِ كَاتِدْرائِيَّةٌ
كَبِيرَةٌ في حَلَب - سُورِيَّا، عَلَى شَكْلِ صَلِيب، وتُعْرَفُ اليَوْمَ بِاسْمِ
"قَلْعَةِ سِمْعَان"، لا زالَتْ مُعْظَمُ جُدْرانِهَا قَائِمَةً إِلَى
اليَوْم، كما العَدِيدُ مِنَ الكنَائِسِ وَالأَديارِ في لُبنان: أَيْطُو، القليعات،
بشَرِّي، أَرْدِه، بْقِرْقاشا ... صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: 1 لو 18/ 18-30

الرسالة: قور 9/ 24-27

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 1

رقم شهر اليوم الليتورجي: 9

اسم شهر اليوم الليتورجي: أيلول

الطوباوي الاخ اسطفان نعمه






1 قور 9/ 7-12؛ متى 20/ 1-16

هُوَ يُوسُفُ بْنُ إِسْطْفَان نِعْمِه، وكْرِيسْتِينَا
بَدْوِي حَنَّا خالِد مِنْ قَرْيَةِ لِحْفِد في جُرُودِ بِلادِ جُبَيْل. هُوَ
صَغِيرُ العَائِلَةِ المُؤَلَّفَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشِقَّاءَ وشَقِيقَتَين. وُلِدَ يُوسُفُ في 8 آذارَ
سَنَةَ 1889، واقْتَبَلَ سِرَّ العِمادِ بَعْدَ أُسْبُوعٍ مِنْ وِلادَتِهِ، في
كَنِيسَةِ السَيِّدَةِ في لِحْفِد، عَلَى يَدِ الخُوري جِرْجِس فَاضِل. تَعَلَّمَ
مَبَادِئَ القِرَاءَةِ والكِتَابَةِ والْحِسَابَ والتَّعْلِيمَ المَسِيحِيَّ في
مَدْرَسَةِ لِحْفِد. كَانَ يَشْتَرِكُ في القُدَّاسِ الإِلَهِيِّ كُلَّ صَبَاحٍ
بِخُشُوع، ويُحْسِنُ قِرَاءَةَ الرَّسَائِل. إِعْتَادَ أَنْ يَرْعَى مَوَاشِيَ
أَهْلِهِ مَعَ رِفَاقِهِ الصِّغَارِ في البَرَارِي، حَيْثُ يَأْوُونَ مَعًا إِلَى
مَعْبَدٍ قَدِيمٍ عَلَى اسْمِ القِدِّيسِ سَابَا، وَيُصَلُّونَ فِيهِ طَوِيلًا.فَقَدَ
والِدَهُ سَنَةَ 1903، ثُمَّ فَقَدَ والِدَتَهُ سَنَةَ 1914.

في سَنَةِ 1905،وَهُوَ في سِنِّ السَادِسَةَ عَشْرَة، إِنْسَحَبَ خُفْيَةً عَنْ
أَهْلِهِ، وَقَصَدَ دَيْرَ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينَا - كْفِيفَان، قَضاءَ
البَتْرون، لِلتَّرَهُّب، مُلَبِّيًا نِداءَ الرَبِّ لِلتَكَرُّسِ في
الرَّهْبَانِيَّةِ اللُّبْنَانِيَّةِ المارُونِيَّة. لَحِقَ بهِ إِخْوَتُهُ فَلَمْ
يُذْعِنْ لَهُم؛ وكانَ جَوابُهُ: "إِلَى هُنا جِئْتُ، وهُنا أَمُوت".
لَبِسَ ثَوْبَ الابْتِداء، واتَّخَذَ لَهُ اسْمَ إِسْطِفَان، تَيَمُّنًا بِاسْمِ
والِدِهِ وشَفِيعِ قَرْيَتِهِ لِحْفِد. تَتَلْمَذَ عَلَى يَدِ طَيِّبِ الذِكْر،
مُعَلِّمِ المُبْتَدِئِينَ آنَذاكَ الأَبِ إِغْنَاطْيُوسَ داغِرَ التَنُّوريّ.

كانَ إِسْطْفَانُ مَسْرُورًا جِدًّا بِدَعْوَتِهِ، وذاكَ
بِشَهَادَةِ مُعَلِّمِهِ: "كانَ سَالِكًا بحِفْظِ القَوَانِينِ بِكُلِّ
نَشَاطٍ وَمَحَبَّة، وبِإِعْطَاءِ الْمَثَلِ الصَّالِحِ لإِخْوَتِهِ". نَذَرَ
نُذُورَهُ الرُّهْبَانِيَّةَ في 23 آبَ سَنَةَ 1907، وكانَ لَهُ مِنَ العُمْرِ 18
سَنَة، فَأَكْمَلَ سِيرَتَهُ المُقَدَّسَةَ بحِفْظِ القَوَانِينِ والْمَشُورَاتِ
الإِنْجِيلِيَّة، الطَّاعَةِ والعِفَّةِ والفَقْرِ الاخْتِيَارِيّ، والسَّيْرِ
نَحْوَ الكَمَالِ الرُّهْبَانيّ. إسْتَبْشَرَ بِهِ رُؤَسَاؤُهُ خَيْرًا لِمَا
عَهِدُوهُ فِيهِ مِنْ رُوحِ طاعَةٍ وبَسَاطَةٍ ووَداعَة، فَكَانَ قَلِيلَ الكَلام،
يَعْمَلُ بِصَمْتٍ ورَصَانَة، بِمَا أَتْقَنَهُ مِنْ فَنِّ النِجَارَة. أَمْضَى
حَيَاتَهُ في الرَّهْبَانِيَّةِ عامِلًا في الْجَنَائِنِ والكُرُوم. كانَ
"رَئِيسَ حَقْلَة"، فَأَحَبَّهُ الأُجَرَاءُ في الدَّيْرِ والعُمَّالُ
حُبًّا كَبِيرًا، لأَنَّهُ كانَ يُحِبُّهُم ويَحْتَرِمُهُم جَمِيعًا، ويُدافِعُ
عَنْهُم، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْمَحُ لأَيٍّ مِنْهُم بِأَنْ يَفُوهَ بِكَلامٍ
غَيْرِ لائِق. إِمْتَازَ بِالوَدَاعَةِ والْهُدُوءِ وَسُكُونِ الضَّمِير، لا
يَغْضَب، بَلْ يَبْقَى طَوِيلَ الرُّوح، لَطِيفًا، رَحُومًا عَلَى الجَمِيع.
صَرَفَ حَيَاتَهُ في الرَّهْبَانِيَّةِ عامِلًا في الأَرْض، ومُصَلِّيًا. لَمْ
يَعْرِفِ البَطالَةَ في حَيَاتِهِ. كانَ كُلُّ ما عَمِلَهُ تَحْتَ نَظَرِ الرَبّ،
ولِهَذَا كانَ يُردِّدُ دَوْمًا عَلَى مَسَامِعِ إِخْوَتِهِ الرُهْبانِ عِبَارتَهُ
الشَهِيرَةَ "أَللهُ يَراني".

في أَثْنَاءِ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى
(1914-1918)، سَاعَدَ الفُقَرَاءَ والمُعْوِزِينَ بِكَرَمٍ وعَطْفٍ وَحَنانٍ
ومَحَبَّةٍ فائِقَة، بِتَوْصِيَةٍ مِنَ السُلْطَةِ الرُهْبانِيَّة. إضْطُرَّ
دَيْرُ مَيْفُوق، في تِلْكَ الأَيَّامِ السَّوداء، أَنْ يُحَدِّدَ كَمِّيَّةَ
الخُبْزِ لِرُهْبانِهِ، فَكَانَ الأَخُ إِسْطِفَانُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِالقَلِيلِ
القَلِيل، وَيُوَزِّعُ البَاقي عَلَى الفُقَرَاءِ والجِيَاع. وكَذَلِكَ الأَبُ
الرَئيسُ أَنْطُونْيُوس نِعْمِه قَاسَى كَثِيرًا مِنَ الشَّقَاء؛ وقَدْ تَجَشَّمَ
خَطَر السَفَرِ إِلَى عَكَّارَ وحِمْصَ وحَمَاه في سُورِيَّا، لِلْحُصُولِ عَلَى
ما يَقُوتُ بِهِ الرُهْبانَ والشُّرَكَاءَ والفُقَرَاءَ حَوْلَ الدَّيْر. كانَ
بَابُ الدَّيرِ مَفتُوحًا لِلجَمِيع، والرُّهبانُ يُوَزِّعُونَ الطَّعامَ عَلَى
المُحْتاجِينَ بِكُلِّ سَخَاءٍ وَمَحَبَّة.

كانَ راهِبًا صَالِحًا تَقِيًّا، كَثِيرَ الصَلاةِ
والتَأَمُّل، مُثَابِرًا عَلَى زِيارَةِ القُربانِ الأَقْدَس. وعَمَلُهُ
اليَدَوِيُّ صَلاةٌ دائِمَة. والمَسْبَحَةُ صَلاتُهُ اليَومِيَّة، يُرَدِّدُها
عَلَى مَدَى النَّهَار، بِالإِضَافَةِ إِلَى صَلَواتِ الفَرْضِ الرُّهْبَانيِّ
الخَاصّ. وعِنْدَمَا كانَ يُرَتِّلُ "يا أُمَّ الله يا حَنُونَة"،
يَتَأَثَّرُ الجَمِيعُ لَدَى سَماعِهِم صَوتَه الشَّجِيَّ النَّاعِم، وخاصَّةً
عِنْدَمَا يَصْرُخُ قارِعًا صَدْرَهُ: "تَشَفَّعِي فينا، يا عَذْرَاء".
فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الكَنِيسَةَ عِنْدَ الصَّباح، وآخِرُ مَنْ
يُغَادِرُها، لِيَذْهَبَ حَالًا إِلَى أَعْمالِهِ اليَدَوِيَّةِ الموكُولَةِ
إِلَيه. تَنَقَّلَ الأَخُ إِسْطِفَانُ بَيْنَ أَدْيارِ الرَّهْبَانِيَّة: مِنْ
دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوقَ إِلَى دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوس-حُوب، ومُجَدَّدًا
إِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوق، وإِلَى دَيْرِ مار مَارون-عنَّايا، ومِنْ ثَمَّ
إِلَى دَيْرِ مار شَلِّيطا-القَطَّارَة، وإِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ
المَعُونات-جُبَيْل. ثُمَّ عَيَّنَتْهُ السُلْطَةُ الرُّهْبَانِيَّةُ في دَيْرِ
مار قِبْرِيَانُوس ويُوسْتِينَا-كْفِيفَان، حَيْثُ عَاشَ أَيَّامَهُ الأَخِيرَة،
ورَقَدَ عَلَى رَجَاءِ القِيَامَةِ بِالمَسِيح، بِرائِحَةِ القَداسَةِ في 30 آبَ
سَنَةَ 1938، عَنْ عُمْرٍ نَاهَزَ التِسْعَ والأَرْبَعِينَ سَنَة.

مَعَ الأَخِ إِسْطِفَانَ نِعْمِه، الراهِب، نَكْتَشِفُ
وَجْهًا آخَرَ مِنْ وُجُوهِ القَداسَة. فَبِعَمَلِهِ المُتَواصِل، مارَسَ التَوْبَةَ والمَحَبَّةَ والخِدْمَةَ المَجَّانِيَّة، حَتَّى لَنَسْتَطِيعُ القَوْلَ إِنَّهُ كانَ
مُصَلِّيًا في عَمَلِهِ، وعامِلًا في صَلاتِهِ. لَقَدْ ذاعَتْ شُهْرَةُ قَداسَتِهِ
مُنْذُ وَفَاتِهِ، فَتَقَاطَرَ المُؤْمِنُونَ إِلَى ضَرِيحِهِ يَلْتَمِسُونَ شَفَاعَتَهُ، وقَدْ
أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدِهِ مُعْجِزاتٍ كَثِيرَة. وبِنَاءً عَلَى التِمَاسِ
العَدِيدِ مِنَ الرُهْبانِ والمُؤْمِنِينَ اتَّخَذَ مَجْمَعُ الرِئَاسَةِ العَامَّةِ في
الرَّهْبَانِيَّةِ قَرارًا بِرَفْعِ طَلَبِ فَتْحِ دَعْوَى إِعْلانِ قَداسَتِهِ،
في 30 آبَ سَنَةَ 2001. قُدِّمَ مَلَفُّ الدَعْوَى إِلَى مَجْمَعِ دَعَاوَى
القِدِّيسِينَ في 27 تِشْرِينَ الثَاني سَنَةَ 2001. وفي 2 آذارَ سَنَةَ 2007 أَعْلَنَ
قَداسَةُ البَابَا بِنِدِيكْتُوسُ السَادِسُ عَشَرُ بُطُولَةَ فَضَائِلِهِ، وفي 17
كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 2007، أَعْلَنَهُ مُكَرَّمًا. وَوَقَّعَ قَداسَتُهُ
بَراءَةَ إِعْلانِهِ طُوبَاوِيًّا، فَكَانَ ذَلِكَ في دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ
ويُوسْتِينَا-كْفِيفَان، نَهَارَ الأَحَد، الواقِعُ فِيهِ 27 حُزَيْرانَ سَنَةَ
2010. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: 1 متى 20/ 1-16

الرسالة: قور 9/ 7-12

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 30

رقم شهر اليوم الليتورجي: 8

اسم شهر اليوم الليتورجي: آب

الشهداء 350 تلاميذ مار مارون






روم 16/ 17-20؛ لو 11/ 49-54

الإنجيل: لو 11/ 49-54

الرسالة: روم 16/ 17-20

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 31

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز

الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي






فل 1/ 21-30؛ يو 10/ 11-18

الإنجيل: يو 10/ 11-18

الرسالة: فل 1/ 21-30

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 2

رقم شهر اليوم الليتورجي: 8

اسم شهر اليوم الليتورجي: آب

مار شربل






وُلِدَ القِدِّيسُ شَرْبِل، وكانَ اسْمُهُ يُوسُف، في 8 أَيَّارَ سَنَةَ 1828، في بْقَاعْكَفْرَا مِنْ لُبْنَانَ الشَمَاليّ. أَبُوهُ أَنْطُون زَعْرُور مَخْلُوف، وأُمُّهُ بْرِيجِيتَّا إِبْنَةُ اليَاس يَعْقُوبَ الشِدْيَاق، مِنْ بَلْدَةِ بْشَرِّي، عُرِفَا بِتَقْوَاهُمَا. وكانَ لَهُ شَقِيقَانِ هُمَا: حَنَّا وبْشَارَة، وشَقِيقَتَانِ هُمَا: كُون وَوَرْدَة، وكانَ يُوسُفُ أَصْغَرَ إِخْوَتِهِ. نَالَ سِرَّ العِمَادِ والتَثْبِيتِ في كَنِيسَةِ السَيِّدَةِ في بْقَاعْكَفْرَا، في 16 أَيَّارَ سَنَةَ 1828.

تُوُفِّيَ والِدُهُ في 8 آبَ سَنَةَ 1831 في غِرْفِين، إِحْدَى قُرَى بِلادِ جُبَيْل، ودُفِنَ فِيهَا، فَتَيَتَّمَ يُوسُفُ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الثَالِثَةَ مِنْ عُمْرِهِ. ونَمَا يُوسُفُ بِالعُمْرِ وتَرَدَّدَ عَلَى خَالَيهِ الراهِبَينِ الأَبَويْنِ أَغُوسْطِين ودانِيَّالَ الشِدْياقِ البْشَرَّاوِيَّينِ الحَبِيسَينِ في دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوسَ الكَبِير - قزحيَّا، فَتَأَثَّرَ بِمَثَلِهِمَا الصَالِحِ ونَصَائِحِهِمَا التَقَوِيَّةِ وإِرْشَاداتِهِمَا. غَادَرَ أَهْلَهُ وقَرْيَتَهُ سِرًّا لِئَلَّا يَصُدَّهُ أَحَدٌ عَنْ بُلُوغِ غَايَتِهِ، وتَوَجَّهَ إِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوق، قَاصِدًا التَرَهُّبَ في الرَّهْبَانِيَّةِ اللُبْنَانِيَّةِ المَارُونِيَّة، سَنَةَ 1851، وكانَ قَدْ بَلَغَ سِنَّ الثَالِثَةِ والعِشْرِين، فَدَخَلَ في مَرْحَلَةِ الابْتِداء.

وخِلالَهَا انْتَقَلَ إِلَى دَيْرِ مار مارُون - عَنَّايا، حَيْثُ أَتَمَّ مُدَّةَ الابْتِداءِ سَنَةَ 1853. أَلْبَسَهُ رَئِيسُهُ الأَبُ أَنْطُونْيُوسُ البَانيّ الإِسْكِيمَ الرُهْبَانيَّ في الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ تِشْرِينَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1853. أُرْسِلَ إِلَى دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينا – كْفِيفَان، في قَضَاءِ البَتْرُون، حَيْثُ قَضَى سِتَّ سَنَواتٍ في دَرْسِ الفَلْسَفَةِ واللَاهُوت، مِنْ سَنَةِ 1853 إِلَى سَنَةِ 1859، وذَلِكَ اسْتِعْدَادًا لِقَبُولِ دَرَجَةِ الكَهَنُوت. دَرَسَ هُنَاكَ عَلَى أَيْدِي رُهْبانٍ قِدِّيسِين، خَاصَّةً رَجُلِ الله، الأَبِ نِعْمَة الله كَسَّابِ الحَرْدِينيّ، أَحَدِ مُدَبِّرِي الرَهْبَانِيَّةِ اللُبْنَانِيَّةِ المَارُونِيَّة، المَعْرُوفِ ب "قِدِّيسِ كْفِيفَان"، فَتَعَطَّرَ الأَخُ شَرْبِلُ بِشَذَى فَضِيلَتِهِ، وأَخَذَ عَنْهُ الفَضَائِلَ الرُهْبَانِيَّةَ السَامِيَةَ والتَدْقِيقَ في حِفْظِ قَانُونِ الرَهْبَانِيَّةِ وفَرائِضِهَا وأَوامِرِ الرُؤَسَاء، وتَوْجِيهِ كُلِّ أَعْمَالِهِ لِلَّه. كَافَأَهُ اللهُ بِأَنْ حَضَرَ وَفَاتَهُ الصَالِحَةَ في 14 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1858. رَقَّاهُ المِطْرانُ يُوسُفُ المَرِيضُ إِلَى الدَرَجَةِ الكَهَنُوتِيَّة، بِأَمْرِ السَعِيدِ الذِكْرِ البَطْرِيَرْكِ بُولُس مَسْعَد (1854-1890)، وذَلِكَ في دَيْرِ سَيِّدَةِ بْكِرْكِي، يَوْمَ 23 تَمُّوزَ مِنْ سَنَةِ 1859.

بَعْدَ سِيَامَتِهِ الكَهَنُوتِيَّةِ سَنَةَ 1859، عُيِّنَ الأَبُ شَرْبِلُ في دَيْرِ مار يَعْقُوب - دُومَا، واسْمَهُ مُدْرَجٌ بَيْنَ أَسْمَاءِ الرُهْبَانِ في مَجْمَعٍ دَيْرِيٍّ مَرْفُوعٍ إِلَى السُلْطَةِ العَامَّة؛ ومَكَثَ هُنَاكَ لِمُدَّةِ تِسْعَةِ أَشْهُر. ومَعَ التَغْيِيراتِ الجَدِيدَةِ في الرَهْبَانِيَّةِ نُقِلَ إِلَى دَيْرِ مار مارُون - عَنَّايا.

أَقَامَ الأَبُ شَرْبِلُ في دَيْرِ مار مارُون - عنَّايا، بَعْدَ سِيَامَتِهِ، مُدَّةَ 16 عَامًا، مِنْ سَنَةِ 1859 إِلَى سَنَةِ 1875، مُتَمَرِّسًا بِأَسْمَى الفَضَائِلِ الرُهْبَانِيَّة، ولا سِيَّمَا التَواضُعِ والطَاعَة. أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدِهِ "آيَةَ السِراج"، الذِي مَلَأَهُ لَهُ الخَادِمُ مَاءً بَدَلَ الزَيْت، فَأَضَاءَ لَهُ سَاعَاتِ صَلاتِهِ اللَيْلِيَّة. طَلَبَ مِنْ رُؤَسَائِهِ، الاسْتِحْبَاسَ في مَحْبَسَةِ مار بُطْرُسَ وبُولُس، التَابِعَةِ لِدَيْرِ عَنَّايا، فَأَذِنُوا لَهُ بِذَلِكَ. دَخَلَ المَحْبَسَةَ في 15 شُبَاطَ سَنَةَ 1875، وقَضَى فِيهَا 23 سَنَة. أَطْلَقَ العِنَان، في المَحْبَسَة، لِكُلِّ رَغَائِبِ قَلْبِهِ السَخِيِّ العَطَاء، فَضَاعَفَ أَعْمَالَهُ التَقَشُّفِيَّةَ وزادَ شَغَفًا بِالتَأَمُّلِ والصَلاةِ والاسْتِغْراقِ بِالله. ومِنْ تَقَشُّفَاتِهِ أَنَّهُ كانَ يَرْكَعُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ قَصَب، ويَلْبَسُ المِسْحَ عَلَى جَسَدِهِ، ويَنَامُ قَليلًا ويُصَلِّي كَثِيرًا، ويَعْمَلُ في الحَقْلِ بِمُوجِبِ قَانُونِ الحُبَسَاء. وما لَبِثَ أَنِ انْتَشَرَ عَرْفُ قَداسَتِهِ، فَأَخَذَ النَاسُ يَقْصِدُونَهُ لِيَنَالُوا بَرَكَتَهُ ويَلْتَمِسُوا مِنْهُ شِفَاءَ مَرْضَاهُمْ وخِصْبَ مَواسِمِهِم.

وعامَ 1898، في الأُسْبُوعِ السَابِقِ لِعِيدِ المِيلاد، بَدَأَ الحَبِيسُ قُدَّاسَهُ كَعَادَتِهِ. لَمَّا بَلَغَ إِلَى رَفْعَةِ الكَأْسِ والقُرْبان، وَهُوَ يَتْلُو صَلاةَ "يَا أَبَا الحَقِّ …"، أَصَابَهُ عَارِضُ فَالِجٍ قَوِيّ، ولَكِنَّهُ اسْتَمَرَّ مُتَمَسِّكًا بِالكَأْسِ والقُرْبان، بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وبِالجَهْدِ تَمَكَّنَ رَفِيقُهُ الأَبُ مَكَارْيُوسُ مِنْ أَخْذِ الكَأْسِ والقُرْبانِ مِنْ يَدَيْهِ، ونَقْلِهِ إِلَى غُرْفَةِ الدِفْء. قَاسَى أَوْجَاعًا مُرَّة، مُدَّةَ ثَمَانِيَةِ أَيَّام، يَصْحُو ويَغِيب، وَهُوَ يُتَمْتِمُ صَلاةَ "يَا أَبَ الحَقِّ" بِالسُرْيَانِيَّةِ "آبُو دْقُوشْتُو". أَسْلَمَ رُوحَهُ بِكُلِّ هُدُوء، مَسَاءَ عِيدِ الميلاد، في 24 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1898، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 70 عَامًا.

دُفِنَ الأَبُ شَرْبِلُ في مَقْبَرَةِ الدَيْرِ العُمُومِيَّة. شَاهَدَ أَهْلُ الجِوارِ لَيْلَةَ دَفْنِهِ نُورًا يَتَلَأْلَأُ فَوْقَ ضَرِيحِهِ، وتَكَرَّرَ ظُهُورُ النُور، فَأَذِنَ البَطْرِيَرْكُ اليَاس الحْوَيِّكُ بِفَتْحِ قَبْرِهِ بِتَاريخِ 15 نَيْسَانَ سَنَةَ 1899. وُجِدَ جِسْمُهُ سَالِمًا مِنَ الفَسَاد، وجُثْمَانُهُ يَنْضَحُ عَرَقًا دَمَوِيًّا. نُقِلَ إِلَى مَكَانٍ خَاصّ. قُدِّمَتْ دَعْوَى قَداسَتِهِ إِلَى رُوما، مَعَ القِدِّيسَةِ رَفْقَا، ومار نِعْمَة الله الحَرِدِينيّ في 4 أَيَّارَ سَنَةَ 1925، وَوُضِعَ جُثْمَانُهُ في قَبْرٍ جَدِيدٍ عَامَ 1926. وحَصَلَ أَوَّلُ اجْتِمَاعٍ لِلَجْنَةِ التَحْقِيقِ القَانُونِيَّةِ في دَعْوَاه، في 4 آذارَ سَنَةَ 1926. وفي 24 تَمُّوزَ سَنَةَ 1927 نُقِلَ الجُثْمَانُ إِلَى مَدْفِنٍ ثَالِثٍ وفِيهِ مَحْضَرٌ طِبِّيٌّ عَنْ حَالَتِهِ. وفي 25 شُبَاطَ سَنَةَ 1950، فُتِحَ القَبْرُ رَسْمِيًّا وتَمَّ الكَشْفُ الطِبِّيُّ عَلَى الجُثْمَان، فَبَانَ سَلِيمًا صَحِيحًا، كَمَا كانَ قَبْلًا، مَغْمُورًا بِدَمِهِ الراشِحِ مِنْهُ. وفي 1 آبَ سَنَةَ 1950 فُتِحَ القَبْرُ وعُرِضَ الجُثْمَانُ لِلزُوَّار. وفي 2 نَيْسَانَ سَنَةَ 1954 وَقَّعَ قَداسَةُ البَابَا بِيُّوسُ الثَاني عَشَر (1939-1958) قَبُولَ الدَعْوَى. وفي 12 أَيْلُولَ سَنَةَ 1955 فُتِحَ القَبْرُ لِلتَحْقِيق. وفي 23 آبَ سَنَةَ 1965 فُتِحَ القَبْرُ أَمَامَ لَجْنَةٍ كَنَسِيَّةٍ وطِبِّيَّة. تَهَافَتَ النَاسُ إِلَى الدَيْر، وتَكَاثَرَتْ حَوْلَ الضَرِيحِ الشِفَاءات. فَضَجَّ لُبْنَانُ والعَالَمُ بِأخْبارِ شَرْبِلَ عَنَّايا، وتَهَافَتَ الزُوَّارُ مُصَلِّين، تَائِبينَ خَاشِعِين.

وفي خِتَامِ أَعْمَالِ المَجْمَعِ الفَاتِيكَانيِّ الثَاني المَسْكُونِيِّ  (1962-1965)، في 5 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1965، رَفَعَهُ قَداسَةُ البَابَا بُولُسُ السَادِسُ (1963-1978) إِلَى مَصَافِّ الطُوبَاوِيِّين، وَشُيِّدَتْ عَلَى اسْمِهِ كَنِيسَةٌ جَدِيدَةٌ قُرْبَ الدَيْر، تَحْتَوِي عَلَى بَعْضِ رُفَاتِهِ. أَعْلَنَهُ قَداسَةُ البَابَا نَفْسُهُ قِدِّيسًا في 9 تِشْرِينَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1977. إِنَّ الشِفَاءاتِ التي حَصَلَتْ وما زالَتْ تَحْصَلُ بِشَفَاعَةِ القِدِّيسِ شَرْبِلَ لا تُحْصَى، وأُلُوفُ الشَهَاداتِ والرَسَائِلِ المَحْفُوظَةِ في الدَيْرِ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الذِي ارْتَضَى أَنْ يَعِيشَ في المَحْبَسَةِ مَعَ اللهِ وَحْدَهُ، أَصْبَحَ رَسُولَ الرَبِّ يَسُوعَ في العَالَمِ أَجْمَع. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 23

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز

الشهيدة كريستينا من صور






1 قور 7/ 36-40؛ يو 15/ 9-16

وُلِدَتْ كْرِيسْتِينَا في مَدِينَةِ صُورَ الفِينِيقِيَّةِ - اللُبْنَانِيَّةِ في أَواخِرِ القَرْنِ الثَالِثِ في عَائِلَةٍ وَثَنِيَّة. كانَ أَبُوهَا أُورْبَانُوسُ حَاكِمُ المَدِينَةِ شَدِيدَ التَعَصُّبِ لِوَثَنِيَّتِهِ، يَضْطَهِدُ المَسِيحِيِّينَ ويُنَكِّلُ بِهِمْ. فَلَمَّا رَأَتِ ابْنَتُهُ ما يَتَحَمَّلُهُ المَسِيحِيُّونَمِنَ العَذاباتِ المُرَّة، وهُمْ ثَابِتُونَ في إِيمانِهِم، تَأَثَّرَتْ جِدًّا ومَسَّتْهَا النِعْمَةُ الإِلَهِيَّة، فَنَبَذَتْ عِبَادَةَ الأَصْنَام، وآمَنَتْ بِالمَسِيحِ وشُغِفَتْ بِمَحَبَّتِهِ وتَعَالِيمِهِ، واعْتَمَدَتْ، خُفْيَةً عَنْ أَبِيهَا، وكانَ لَهَا مِنَ العُمْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَة. وكانَ أَبُوها يَخْشَى عَلَيْهَا مِنْ مُخَالَطَةِ النَاس، فَجَعَلَهَا في حِصْن، وَوَفَّرَ لَهَا أَسْبَابَ الراحَة، وَوَضَعَ لَدَيْهَا أَصْنَامًا مِنْ فِضَّةٍ وذَهَب، لِكَيْ تَتَعَبَّدَ لَهَا. أَمَّا هِيَ فَحَطَّمَتْ تِلْكَ التَمَاثِيلَ حُبًّا لِلمَسِيح. فَغَضِبَ أَبُوها وَوَبَّخَهَا، فَأَجَابَتْ بِكُلِّ سَذاجَة: "إِنَّ الأَصْنَامَ لَيْسَتْ بِآلِهَةٍ ولا فائِدَةَ مِنْهَا". فَتَهَدَّدَهَا بِالعَذابِ والمَوْت، إِنْ لَمْ تَرْجِعْ عَنْ إِيمانِهَا وتَكْفُرْ بِالمَسِيح، فَقَالَتْ بِكُلِّ شَجَاعَة: "أَنْتَ قَادِر، يا أَبي، أَنْ تُعَذِّبَنِي وتُعْدِمَنِي الحَيَاة، لَكِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَفْصِلَني عَنْ إِيماني بِيَسُوعَالمَسِيحِ وعَنْ مَحَبَّتي لَهُ". حِينَئِذٍ أَمَرَ بِهَا فَضَرَبُوها بِالسِيَاط، ومَزَّقُوا جَسَدَها بِمَخَالِبَ مِنْ حَدِيد، حَتَّى سَالَتْ دِمَاؤُها، وأَلْقَاها في السِجْن. وفي الصَبَاحِ مَثُلَتْ أَمَامَ أَبِيهَا وقَدْ شَفَاهَا الله. فَأَمَرَ أَبُوها بِأَنْ يُعَلَّقَ في عُنُقِهَا حَجَرٌ وتُطْرَحَ في البَحْر. فَخَلَّصَهَا مَلاكُ الرَبِّ مِنَ الغَرَق. فَأَرْجَعَهَا أَبُوها إِلَى السِجْنِ ولِشِدَّةِ غَيْظِهِ وكَيْدِهِ، وُجِدَ، عِنْدَ الصَبَاح، مَيْتًا في سَرِيرِهِ. فَخَلَفَهُ والٍ اسْمُهُ دْيُون، كانَ شَرًّا مِنْهُ. فَاخْتَرَعَ لِتَعْذِيبِهَا سَرِيرًا مِنْ حَدِيد، تَحْتَهُ نارٌ تَضْطَرِم، فَأَتَتِ الشَهِيدَةُ مِنْ تِلْقَائِهَا وتَمَدَّدَتْ عَلَى ذَلِكَ السَرِيرِ النَارِيّ، فَلَمْ يَنَلْهَا سُوء، بَلْ كانَتْ مُتَهَلِّلَةً تُسَبِّحُ الله. قَادُوها إِلَى هَيْكَلِ الصَنَمِ أَبُولُّونَ لِتَسْجُدَ لَهُ، فَأَبَتْ. عِنْدَئِذٍ أَلْقَوْهَا في أَتُّونِ نَار، ثُمَّ في بِئْرٍ فِيهَا حَيَّاتٌ وعَقَارِب، فَصَانَهَا اللهُ مِنْ كُلِّ أَذًى. لِذَلِكَ آمَنَ الجَلَّادُون، وهَتَفُوا صَارِخِين: "لا إِلَهَ إِلَّا الذِي يَعْبُدُهُ المَسِيحِيُّون". ومَاتُوا شُهَداء. ودْيُونُ الوالي سَقَطَ صَرِيعًا بَيْنَ النَاس، فِيمَا كانَ يُحَاكِمُهَا. خَلَفَهُ الوالي يُولْيَانُوس، فَأَمَرَ بِقَطْعِ ثَدْيَي الشَهِيدَةِ ولِسَانِهَا، فَصَرَخَتْ: "إِنَّ إِلَهَنَا في السَمَاء، أَمَّا أَوْثَانُ الأُمَمِ فَمَا هِيَ سِوَى فِضَّةٍ وذَهَبٍ صُنْعُ البَشَر". وعَلَى أَثَرِ هَذِهِ الحَادِثَةِ عَمِي الوالي يُولْيَانُوس (285). أَخِيرًا عَلَّقُوها عَلَى خَشَبَة، ورَمَوْهَا بِالسِهَام، فَنَالَتْ إِكْلِيلَ الشَهَادَةِ سَنَةَ 300 لِلْمَسِيح. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: 1 يو 15/ 9-16

الرسالة: قور 7/ 36-40

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 24

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز

القديسة مارينا راهبة قنوبين






1 قور 4/ 1-8؛ متى 25/ 1-13

وُلِدَتْ هَذِهِ القِدِّيسَةُ في بَلْدَةِ القَلَمُون،
في لُبْنانَ الشَماليّ، سَنَةَ 725. تُوُفِّيَتْ والِدَتُهَا في سِنِّ الصِبَا،
فَزَهِدَ أَبُوهَا أُوجَانْيُوسُ في الدُنْيَا وكانَ رَجُلًا تَقِيًّا، وجاءَ
إِلَى كُورَةِ طَرابْلُسَ فَوْقَ القَلَمُون، مِنْ لُبْنانَ الشَماليِّ، وقَصَدَ
دَيْرَ قَنُّوبِينَ في الوادِي المُقَدَّسِ مَعَ ابْنَتِهِ التي أَلْبَسَهَا زِيَّ الرِجال،
نُزُولًا عِنْدَ رَغْبَتِهَا، لِئَلَّا تُفَارِقَ أَبَاهَا، وتَرَهَّبَتْ مَعَهُ
دُونَ أَنْ يَقِفَ الرُهْبانُ عَلَى سِرِّهَا. وعُرِفَتْ عِنْدَهُم بِاسْمِ الأَخِ
مَارِينُوس. وكانَ مارِينُوسُ رَغْمَ حَداثَتِهِ مُنْعَكِفًا عَلَى مُمَارَسَةِ الفَضَائِلِ الرُهْبانِيَّةِ بِكُلِّ دِقَّةٍ ونَشَاط،
يُلازِمُ الصَمْتَ والاحْتِشَامَ مُطْرِقَ النَظَر، جَاعِلًا مِنْ إِسْكِيمِهِ
لِثَامًا يَحْجُبُ مَلامِحَ وَجْهِهِ وعَيْنَيْهِ ولا يُسْمَعُ لَهُ صَوْت.
فَأَرْسَلَهُ الرَئِيسُ ذاتَ يَوْمٍ إِلَى البَلْدَةِ المُجَاوِرَةِ في مَهَمَّةٍ لِلدَيْر، فَاضْطُرَّ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ
أَحَدِ أَصْدِقَاءِ الرُهْبانِ المَدْعُوِّ بَفْنُوتْيُوس، وَهُوَ صَاحِبُ فُنْدُقٍ في طُورْزَا،
في شَمَاليِّ لُبْنان، ولَهُ ابْنَةٌ صَبِيَّة، كانَتْ قَدْ سَقَطَتْ في زِنَى
مَعَ جُنْدِيٍّ عَابِرِ سَبِيل، وبانَ حَبَلُهَا بَعْدَ حِين. فَغَضِبَ أَبُوهَا
جِدًّا فَأَخْبَرَتْهُ بَأَنَّ الراهِبَ مَارِينُوسَ اغْتَصَبَهَا، لَيْلَةَ باتَ
عِنْدَهُم. فَأَسْرَعَ أَبُوهَا إِلَى الدَيْرِ وشَكَا الأَمْرَ لِلرَئِيس.
فَدَهِشَ لِمَا يَعْلَمُ عَنْ راهِبِهِ مِنَ الطَهَارَةِ والتُقَى. فَاسْتَدْعَى
مَارِينُوسَ وَوَبَّخَهُ فَلَمْ يَفُهْ بِكَلِمَةٍ تُبَرِّئُهُ. فَوَقَعَ
الرَئِيسُ في حَيْرَة، وعَدَّ السُكُوتَ إِقْرارًا بِالذَنْبِ وحَكَمَ عَلَى
مَارِينُوسَ بِالطَرْدِ خارِجَ الدَيْر. فَرَضَخَ مَارِينُوسُ مُسْتَسْلِمًا
لِمَشِيئَةِ الله، واسْتَمَرَّ عَلَى بَابِ الدَيْرِ مُصَلِّيًا بَاكِيًا يَعِيشُ
مِنْ فَضَلاتِ مَائِدَةِ الرُهْبان. وكانَ أَبُوهُ قَدْ تُوُفِّيَ. أَمَّا الابْنَةُ
فَوَلَدَتْ صَبِيًّا، جَاءَ بِهِ أَبُوهَا إِلَى الدَيْرِ ودَفَعَهُ إِلَى
مَارِينُوسَ قَائِلًا: "رَبِّ ابْنَكَ!" فَأَخَذَهُ مَارِينُوسُ وشَرَعَ
يُرَبِّيهِ ويُغَذِّيهِ مِمَّا يَتَكَرَّمُ بِهِ الرُهْبانُ مِنْ حَليبِ ماعِزِ
الدَيْرِ وفَضَلاتِ مَائِدَتِهِم. وبَقِيَ عَلَى هَذِهِ الحالِ أَرْبَعَ سَنَوات، حامِلًا عارَ تِلْكَ
التُهْمَةِ الشَائِنَةِ لا يَئِنُّ ولا يَتَذَمَّر. عَلَى أَنَّ الرَئِيسَ رَقَّ
لَهُ وعَادَ فَأَدْخَلَهُ الدَيْرَ فَارِضًا عَلَيْهِ قَصَاصًا شَدِيدًا، فَقَبِلَ
ذارِفًا دُمُوعَ التَوْبَة. وظَلَّ مُثَابِرًا عَلَى أَعْمالِ التَقَشُّفِ إِلَى
أَنْ دَنَتْ سَاعَةُ وَفَاتِهِ. فَأَشْرَقَتْ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ بِنُورٍ
سَماوِيّ، وطَلَبَ المَغْفِرَةَ مِنَ الجَمِيع، غافِرًا لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيهِ. ثُمَّ أَسْلَمَ الرُوحَ
سَنَةَ 750، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 25 سَنَة. فَأَمَرَ الرَئِيسُ بِتَجْهِيزِ
جُثْمَانِهِ ودَفْنِهِ خارِجَ الدَيْر. وما أَعْظَمَ ما كانَتْ دَهْشَةُ
الرُهْبانِ عِنْدَمَا رَأَوا أَنَّ مَارِينُوسَ امْرَأَةٌ! فَجَثَا الرَئِيسُ مَعَ
رُهْبانِهِ أَمَامَ ذَلِكَ الجُثْمَانِ الطَاهِرِ مُسْتَغْفِرِينَ اللهَ ورُوحَ
القِدِّيسَةِ البَارَّة. أَمَّا والِدُ الابْنَةِ السَاقِطَةِ فَالْتَحَفَ
الخَجَل، وجاءَ يَعْتَرِفُ بِخَطَأِهِ أَمَامَ الجَمِيع. وابْنَتُهُ أَقَامَتْ
عَلَى قَبْرِ القِدِّيسَةِ تَذْرِفُ الدُمُوعَ نَدامَةً عَلَى ما فَعَلَتْ.
واشْتَهَرَتْ قَداسَةُ مَارِينَا في لُبْنَانَ فَأَسْرَعَ النَاسُ أَفْواجًا إِلَى
دَيْرِ قَنُّوبِينَ لِلتَبَرُّكِ مِنْ جُثْمَانِهَا. وأَضْحَى ضَرِيحُهَا يَنْبُوعَ نِعَمٍ وأَشْفِيَةٍ
عَدِيدَة. وهُنَاكَ دِراساتٌ عَدِيدَةٌ عَنْ سِيرَتِهَا بِلُغَاتٍ مُتَعَدِّدَة. صَلاتُهَا مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: 1 متى 25/ 1-13

الرسالة: قور 4/ 1-8

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 17

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز