مار نعمة اللّه الحرديني






روم 12/ 1-8؛ متى 4/ 18-25

وُلِدَ يُوسُفُ جِرْجِس كَسَّاب سَنَةَ 1808 في قَرْيَةِ حَرْدِين
الواقِعَةِ في قَضَاءِ البَتْرُونِ
مِنْ مُحَافَظَةِ لُبنانَ الشَمَاليّ. والِدَتُهُ مَرْيَم رَعْد مِنْ تَنُّورِين. بَدَأَ دُرُوسَهُ وَهُوَ فَتًى
في مَدْرَسَةِ دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوس-حُوب، التَابِعَةِ لِلرَّهْبَانِيَّةِ
اللُبْنانِيَّةِ المارُونِيَّة، في بَلْدَةِ تَنُّورِين، مِنْ سَنَةِ 1816 حَتَّى
سَنَةِ 1822. ثُمَّ عادَ إِلَى قَرْيَتِهِ لِلاهْتِمَامِ
بِالأَرْزاقِ والمَواسِمِ والمَواشِي، مِثْلَ كُلِّ أَبْنَاءِ الجَبَلِ اللُبْنانيِّ في
ذَلِكَ العَصْر. في
العِشْرينَ مِنْ عُمْرِهِ، تَرَكَ يُوسُفُ كُلَّ شَيْءٍ وتَوَجَّهَ إِلَى الدَيْرِ فَدَخَلَ الابْتِداءَ في
شَهْرِ تِشْرِينَ الثَاني سَنَةَ ١٨٢٨ في دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوسَ قِزْحَيَّا.
وهُنَاكَ تَخَلَّى عَنِ اسْمِهِ القَدِيم، واتَّخَذَ لَهُ اسْمَ "نِعمة
الله"، دَلالَةً عَلَى
مَوْتِهِ عَنْ حَيَاةٍ قَدِيمَة، وبِدايَةً لِحَيَاةٍ جَدِيدَة. في فَتْرَةِ الابْتِداءِ هَذِهِ، تَمَرَّسَ الأَخُ نِعمة الله بِمَبَادِئِ الحَيَاةِ الرُهْبَانِيَّة، مِنْ صَلاةٍ وعَمَلٍ
وحَيَاةٍ مُشْتَرَكَة. كَمَا
تَعَرَّفَ إِلَى تَقَالِيدِ الرَّهْبَانِيَّةِ اللُبْنانِيَّةِ وعاداتِ رُهْبَانِهَا وتَارِيخِ أَدْيارِهَا. وهُنَاكَ
أَيضًا تَعَلَّمَ صِنَاعَةَ تَجْلِيدِ الكُتُب، وكانَ المَسْؤُولُونَ عَنْهُ قَدْ وَجَدُوا فِيهِ دَعْوَةً رُهْبانِيَّةً صَادِقَة، فَوَهَبَ حَياتَهُ عَبْرَ
النُذُورِ الرُهبانِيَّة: الطَاعَةِ والعِفَّةِ
والفَقْرِ والتَواضُعِ في 14 تِشْرِينَ الثاني سَنَةَ 1830، مُكَرِّسًا ذاتَهُ
كُلِّيًّا لِلمَسِيح.

تابَعَ الأَخُ نِعمة الله دُرُوسَهُ الفَلْسَفِيَّةَ
واللاهُوتِيَّةَ في مَدْرَسَةِ
الرَهبانِيَّةِ في دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينا – كْفِيفَان، حَيْثُ
سِيمَ كَاهِنًا بِوَضْعِ يَدِ المِطرانِ سِمعان زْوَيْن في ٢٥ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٣3 مَعَ
٢٢ مِنْ رِفَاقِهِ الَّذِينَ انْطَلَقُوا لِلعَمَلِ في أَدْيَارِ الرَهْبَانِيَّةِ وأَرْزاقِهَا ورَعَايَاهَا
ومَدارِسِهَا. قامَ الأَبُ نِعمة الله في دَيْرِ كْفِيفَانَ بِتَعْلِيمِ
الأَوْلاد، وسَاهَمَ في
الخِدْمَةِ الرَعَائِيَّةِ في القُرَى المُحِيطَة. وفي سَنَةِ
١٨٣٨ عُيِّنَ مُدِيرًا لِلإِخْوَةِ الدارِسِينَ في دَيْرِ كْفِيفَان. وكانَ
أُسْتَاذًا لِمَادَّةِ اللاهُوتِ الأَدَبيّ، إِضَافَةً لِمُزَاوَلَتِهِ مِهْنَةَ
تَجْلِيدِ أَوْ عَرْمِ الكُتُبِ التي بَرَعَ
فِيهَا.

تَسَلَّمَ مَسْؤُولِيَّةَ المُدَبِّريَّةِ العامَّةِ في الرَهْبانِيَّةِ ثَلاثَ مَرَّات:
1845-1848، 1850-1853، 1856-1858. بَقِيَ مُلازِمًا التَعْلِيمَ في دَيْرِ
كْفِيفَان، وفَنَّ تَجْلِيدِ الكُتُب، حَتَّى وَهُوَ في وَظِيفَةِ المُدَبِّرِيَّة. ومِنْ تَلامِيذِهِ الأَخ شَرْبِل مَخْلُوف، الذي
أَصْبَحَ "قِدِّيسَ لُبنان" (1977)، وذَلِكَ مِنْ سَنَةِ 1853 حَتَّى
سَنَةِ 1858.

أَمَّا في الفَتَراتِ التي لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُدَبِّرًا، فَقَدْ سَكَنَ الأَبُ نِعمة
الله في دَيْرِ مار مارون – عَنَّايا، ودَيْرِ مار مِيخَائِيل - بْحِرْصَاف، وكانَ يَعُودُ إِلَى دَيْرِ كْفِيفَانَ لِيُعَلِّمَ
الإِخْوَةَ و"يُجَلِّدَ الكُتُب". في ٤ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٥٨
أُصِيبَ نِعمة الله بِمَرَضِ "ذاتِ الجَنْب"
(Pleurésie)، لَمْ
يُمْهِلْهُ أَكْثَرَ
مِنْ عَشْرَةِ أَيَّام، فَتُوُفِّيَ في ١٤ كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ ١٨٥٨، ودُفِنَ
في دَيْرِ كْفِيفَان، ثُمَّ نُقِلَ جُثْمَانُهُ السَلِيمُ سَنَةَ 1862، إِلَى
حُجْرَةٍ في شَرْقِيِّ الدَيْر، نَظَرًا لإِلْحَاحِ الزُوَّارِ الكَثِيرِين، وبِأَمْرٍ مِنْ غِبْطَةِ
البَطْرِيَرْكِ بُولُس مَسْعَد (1854-1890). وبَعْدَ نَقْلِ الجُثْمَانِ وخَتْمِهِ
بِالشَمْعِ الأَحْمَر، رُفِعَتْ دَعْوَاهُ إِلَى مَجْمَعِ دَعَاوَى القِدِّيسِينَ في الفَاتِيكان، في رُوما، مَعَ
رَفِيقَيْهِ الأَب شَرْبِل مَخْلُوف، والأُخْت رَفْقَا الرَيِّس، في 4 أَيَّارَ
سَنَةَ 1926. أُعْلِنَ مُكَرَّمًا في 7 أَيْلُولَ سَنَةَ 1989. وبِأَمْرٍ مِنْ
غِبْطَةِ البَطْرِيَرْكِ مار نَصْرَالله بُطْرُس صْفَيْر (1986-2011)، تَمَّ
الكَشْفُ عَنْ جُثْمَانِهِ، ونُقِلَ إِلَى نَعْشٍ جَدِيدٍ في 18 أَيَّارَ سَنَةَ
1996، ونُقِلَ نِهَائِيًّا إِلَى المَثْوَى الجَدِيدِ في 26 آذارَ سَنَةَ 1998. حَصَلَتْ بِشَفَاعَتِهِ شِفَاءاتٌ
عَدِيدَةٌ ومِنْهَا شِفَاءُ الشَابِّ أَنْدْرِه نَجْم مِنْ داءِ السَرَطانِ
في الدَّمِ عامَ 1987، وَهِيَ الأُعْجُوبَةُ التي اعْتُمِدَتْ في دَعْوَى
التَطْوِيب. وفي ١۰ أَيَّارَ سَنَةَ ١٩٩٨ أَعْلَنَهُ قَداسَةُ البَابَا
يُوحَنَّا بُولُسُ الثاني
(1978-2005) طُوبَاوِيًّا، وفي ١٦ أَيَّارَ سَنَةَ 2004 أَعْلَنَهُ قِدِّيسًا.

يُعْتَبَرُ القِدِّيسُ
نِعمة الله رائِدًا في تَأْسِيسِ مَدْرَسَةِ القَداسَةِ في الرَهْبَانِيَّة، ورائِدًا
لِلعِلْم، بِحَيْثُ إِنَّهُ أَطْلَقَ
رِسَالَةَ التَعْلِيمِ لِلنَاشِئَةِ الرُهْبَانِيَّة، لَدَى الآباءِ
اليَسُوعِيِّينَ في غَزِير، ثُمَّ في بَيْرُوت. وهَكَذَا سَاهَمَ في الوُصُولِ
إِلَى مُسْتَوَى التَعْلِيمِ العَالي في الرَهْبَانِيَّة. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: متى 4/ 18-25

الرسالة: روم 12/ 1-8

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 14

رقم شهر اليوم الليتورجي: 12

اسم شهر اليوم الليتورجي: كانون الأول

الطوباوي الاخ اسطفان نعمه






1 قور 9/ 7-12؛ متى 20/ 1-16

هُوَ يُوسُفُ بْنُ إِسْطْفَان نِعْمِه، وكْرِيسْتِينَا
بَدْوِي حَنَّا خالِد مِنْ قَرْيَةِ لِحْفِد في جُرُودِ بِلادِ جُبَيْل. هُوَ
صَغِيرُ العَائِلَةِ المُؤَلَّفَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشِقَّاءَ وشَقِيقَتَين. وُلِدَ يُوسُفُ في 8 آذارَ
سَنَةَ 1889، واقْتَبَلَ سِرَّ العِمادِ بَعْدَ أُسْبُوعٍ مِنْ وِلادَتِهِ، في
كَنِيسَةِ السَيِّدَةِ في لِحْفِد، عَلَى يَدِ الخُوري جِرْجِس فَاضِل. تَعَلَّمَ
مَبَادِئَ القِرَاءَةِ والكِتَابَةِ والْحِسَابَ والتَّعْلِيمَ المَسِيحِيَّ في
مَدْرَسَةِ لِحْفِد. كَانَ يَشْتَرِكُ في القُدَّاسِ الإِلَهِيِّ كُلَّ صَبَاحٍ
بِخُشُوع، ويُحْسِنُ قِرَاءَةَ الرَّسَائِل. إِعْتَادَ أَنْ يَرْعَى مَوَاشِيَ
أَهْلِهِ مَعَ رِفَاقِهِ الصِّغَارِ في البَرَارِي، حَيْثُ يَأْوُونَ مَعًا إِلَى
مَعْبَدٍ قَدِيمٍ عَلَى اسْمِ القِدِّيسِ سَابَا، وَيُصَلُّونَ فِيهِ طَوِيلًا.فَقَدَ
والِدَهُ سَنَةَ 1903، ثُمَّ فَقَدَ والِدَتَهُ سَنَةَ 1914.

في سَنَةِ 1905،وَهُوَ في سِنِّ السَادِسَةَ عَشْرَة، إِنْسَحَبَ خُفْيَةً عَنْ
أَهْلِهِ، وَقَصَدَ دَيْرَ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينَا - كْفِيفَان، قَضاءَ
البَتْرون، لِلتَّرَهُّب، مُلَبِّيًا نِداءَ الرَبِّ لِلتَكَرُّسِ في
الرَّهْبَانِيَّةِ اللُّبْنَانِيَّةِ المارُونِيَّة. لَحِقَ بهِ إِخْوَتُهُ فَلَمْ
يُذْعِنْ لَهُم؛ وكانَ جَوابُهُ: "إِلَى هُنا جِئْتُ، وهُنا أَمُوت".
لَبِسَ ثَوْبَ الابْتِداء، واتَّخَذَ لَهُ اسْمَ إِسْطِفَان، تَيَمُّنًا بِاسْمِ
والِدِهِ وشَفِيعِ قَرْيَتِهِ لِحْفِد. تَتَلْمَذَ عَلَى يَدِ طَيِّبِ الذِكْر،
مُعَلِّمِ المُبْتَدِئِينَ آنَذاكَ الأَبِ إِغْنَاطْيُوسَ داغِرَ التَنُّوريّ.

كانَ إِسْطْفَانُ مَسْرُورًا جِدًّا بِدَعْوَتِهِ، وذاكَ
بِشَهَادَةِ مُعَلِّمِهِ: "كانَ سَالِكًا بحِفْظِ القَوَانِينِ بِكُلِّ
نَشَاطٍ وَمَحَبَّة، وبِإِعْطَاءِ الْمَثَلِ الصَّالِحِ لإِخْوَتِهِ". نَذَرَ
نُذُورَهُ الرُّهْبَانِيَّةَ في 23 آبَ سَنَةَ 1907، وكانَ لَهُ مِنَ العُمْرِ 18
سَنَة، فَأَكْمَلَ سِيرَتَهُ المُقَدَّسَةَ بحِفْظِ القَوَانِينِ والْمَشُورَاتِ
الإِنْجِيلِيَّة، الطَّاعَةِ والعِفَّةِ والفَقْرِ الاخْتِيَارِيّ، والسَّيْرِ
نَحْوَ الكَمَالِ الرُّهْبَانيّ. إسْتَبْشَرَ بِهِ رُؤَسَاؤُهُ خَيْرًا لِمَا
عَهِدُوهُ فِيهِ مِنْ رُوحِ طاعَةٍ وبَسَاطَةٍ ووَداعَة، فَكَانَ قَلِيلَ الكَلام،
يَعْمَلُ بِصَمْتٍ ورَصَانَة، بِمَا أَتْقَنَهُ مِنْ فَنِّ النِجَارَة. أَمْضَى
حَيَاتَهُ في الرَّهْبَانِيَّةِ عامِلًا في الْجَنَائِنِ والكُرُوم. كانَ
"رَئِيسَ حَقْلَة"، فَأَحَبَّهُ الأُجَرَاءُ في الدَّيْرِ والعُمَّالُ
حُبًّا كَبِيرًا، لأَنَّهُ كانَ يُحِبُّهُم ويَحْتَرِمُهُم جَمِيعًا، ويُدافِعُ
عَنْهُم، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْمَحُ لأَيٍّ مِنْهُم بِأَنْ يَفُوهَ بِكَلامٍ
غَيْرِ لائِق. إِمْتَازَ بِالوَدَاعَةِ والْهُدُوءِ وَسُكُونِ الضَّمِير، لا
يَغْضَب، بَلْ يَبْقَى طَوِيلَ الرُّوح، لَطِيفًا، رَحُومًا عَلَى الجَمِيع.
صَرَفَ حَيَاتَهُ في الرَّهْبَانِيَّةِ عامِلًا في الأَرْض، ومُصَلِّيًا. لَمْ
يَعْرِفِ البَطالَةَ في حَيَاتِهِ. كانَ كُلُّ ما عَمِلَهُ تَحْتَ نَظَرِ الرَبّ،
ولِهَذَا كانَ يُردِّدُ دَوْمًا عَلَى مَسَامِعِ إِخْوَتِهِ الرُهْبانِ عِبَارتَهُ
الشَهِيرَةَ "أَللهُ يَراني".

في أَثْنَاءِ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الأُولَى
(1914-1918)، سَاعَدَ الفُقَرَاءَ والمُعْوِزِينَ بِكَرَمٍ وعَطْفٍ وَحَنانٍ
ومَحَبَّةٍ فائِقَة، بِتَوْصِيَةٍ مِنَ السُلْطَةِ الرُهْبانِيَّة. إضْطُرَّ
دَيْرُ مَيْفُوق، في تِلْكَ الأَيَّامِ السَّوداء، أَنْ يُحَدِّدَ كَمِّيَّةَ
الخُبْزِ لِرُهْبانِهِ، فَكَانَ الأَخُ إِسْطِفَانُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِالقَلِيلِ
القَلِيل، وَيُوَزِّعُ البَاقي عَلَى الفُقَرَاءِ والجِيَاع. وكَذَلِكَ الأَبُ
الرَئيسُ أَنْطُونْيُوس نِعْمِه قَاسَى كَثِيرًا مِنَ الشَّقَاء؛ وقَدْ تَجَشَّمَ
خَطَر السَفَرِ إِلَى عَكَّارَ وحِمْصَ وحَمَاه في سُورِيَّا، لِلْحُصُولِ عَلَى
ما يَقُوتُ بِهِ الرُهْبانَ والشُّرَكَاءَ والفُقَرَاءَ حَوْلَ الدَّيْر. كانَ
بَابُ الدَّيرِ مَفتُوحًا لِلجَمِيع، والرُّهبانُ يُوَزِّعُونَ الطَّعامَ عَلَى
المُحْتاجِينَ بِكُلِّ سَخَاءٍ وَمَحَبَّة.

كانَ راهِبًا صَالِحًا تَقِيًّا، كَثِيرَ الصَلاةِ
والتَأَمُّل، مُثَابِرًا عَلَى زِيارَةِ القُربانِ الأَقْدَس. وعَمَلُهُ
اليَدَوِيُّ صَلاةٌ دائِمَة. والمَسْبَحَةُ صَلاتُهُ اليَومِيَّة، يُرَدِّدُها
عَلَى مَدَى النَّهَار، بِالإِضَافَةِ إِلَى صَلَواتِ الفَرْضِ الرُّهْبَانيِّ
الخَاصّ. وعِنْدَمَا كانَ يُرَتِّلُ "يا أُمَّ الله يا حَنُونَة"،
يَتَأَثَّرُ الجَمِيعُ لَدَى سَماعِهِم صَوتَه الشَّجِيَّ النَّاعِم، وخاصَّةً
عِنْدَمَا يَصْرُخُ قارِعًا صَدْرَهُ: "تَشَفَّعِي فينا، يا عَذْرَاء".
فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الكَنِيسَةَ عِنْدَ الصَّباح، وآخِرُ مَنْ
يُغَادِرُها، لِيَذْهَبَ حَالًا إِلَى أَعْمالِهِ اليَدَوِيَّةِ الموكُولَةِ
إِلَيه. تَنَقَّلَ الأَخُ إِسْطِفَانُ بَيْنَ أَدْيارِ الرَّهْبَانِيَّة: مِنْ
دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوقَ إِلَى دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوس-حُوب، ومُجَدَّدًا
إِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوق، وإِلَى دَيْرِ مار مَارون-عنَّايا، ومِنْ ثَمَّ
إِلَى دَيْرِ مار شَلِّيطا-القَطَّارَة، وإِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ
المَعُونات-جُبَيْل. ثُمَّ عَيَّنَتْهُ السُلْطَةُ الرُّهْبَانِيَّةُ في دَيْرِ
مار قِبْرِيَانُوس ويُوسْتِينَا-كْفِيفَان، حَيْثُ عَاشَ أَيَّامَهُ الأَخِيرَة،
ورَقَدَ عَلَى رَجَاءِ القِيَامَةِ بِالمَسِيح، بِرائِحَةِ القَداسَةِ في 30 آبَ
سَنَةَ 1938، عَنْ عُمْرٍ نَاهَزَ التِسْعَ والأَرْبَعِينَ سَنَة.

مَعَ الأَخِ إِسْطِفَانَ نِعْمِه، الراهِب، نَكْتَشِفُ
وَجْهًا آخَرَ مِنْ وُجُوهِ القَداسَة. فَبِعَمَلِهِ المُتَواصِل، مارَسَ التَوْبَةَ والمَحَبَّةَ والخِدْمَةَ المَجَّانِيَّة، حَتَّى لَنَسْتَطِيعُ القَوْلَ إِنَّهُ كانَ
مُصَلِّيًا في عَمَلِهِ، وعامِلًا في صَلاتِهِ. لَقَدْ ذاعَتْ شُهْرَةُ قَداسَتِهِ
مُنْذُ وَفَاتِهِ، فَتَقَاطَرَ المُؤْمِنُونَ إِلَى ضَرِيحِهِ يَلْتَمِسُونَ شَفَاعَتَهُ، وقَدْ
أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدِهِ مُعْجِزاتٍ كَثِيرَة. وبِنَاءً عَلَى التِمَاسِ
العَدِيدِ مِنَ الرُهْبانِ والمُؤْمِنِينَ اتَّخَذَ مَجْمَعُ الرِئَاسَةِ العَامَّةِ في
الرَّهْبَانِيَّةِ قَرارًا بِرَفْعِ طَلَبِ فَتْحِ دَعْوَى إِعْلانِ قَداسَتِهِ،
في 30 آبَ سَنَةَ 2001. قُدِّمَ مَلَفُّ الدَعْوَى إِلَى مَجْمَعِ دَعَاوَى
القِدِّيسِينَ في 27 تِشْرِينَ الثَاني سَنَةَ 2001. وفي 2 آذارَ سَنَةَ 2007 أَعْلَنَ
قَداسَةُ البَابَا بِنِدِيكْتُوسُ السَادِسُ عَشَرُ بُطُولَةَ فَضَائِلِهِ، وفي 17
كانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 2007، أَعْلَنَهُ مُكَرَّمًا. وَوَقَّعَ قَداسَتُهُ
بَراءَةَ إِعْلانِهِ طُوبَاوِيًّا، فَكَانَ ذَلِكَ في دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ
ويُوسْتِينَا-كْفِيفَان، نَهَارَ الأَحَد، الواقِعُ فِيهِ 27 حُزَيْرانَ سَنَةَ
2010. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: 1 متى 20/ 1-16

الرسالة: قور 9/ 7-12

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 30

رقم شهر اليوم الليتورجي: 8

اسم شهر اليوم الليتورجي: آب

الطوباوي البطريرك إسطفان الدويهي






فل 1/ 21-30؛ يو 10/ 11-18

الإنجيل: يو 10/ 11-18

الرسالة: فل 1/ 21-30

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 2

رقم شهر اليوم الليتورجي: 8

اسم شهر اليوم الليتورجي: آب

مار شربل






وُلِدَ القِدِّيسُ شَرْبِل، وكانَ اسْمُهُ يُوسُف، في 8 أَيَّارَ سَنَةَ 1828، في بْقَاعْكَفْرَا مِنْ لُبْنَانَ الشَمَاليّ. أَبُوهُ أَنْطُون زَعْرُور مَخْلُوف، وأُمُّهُ بْرِيجِيتَّا إِبْنَةُ اليَاس يَعْقُوبَ الشِدْيَاق، مِنْ بَلْدَةِ بْشَرِّي، عُرِفَا بِتَقْوَاهُمَا. وكانَ لَهُ شَقِيقَانِ هُمَا: حَنَّا وبْشَارَة، وشَقِيقَتَانِ هُمَا: كُون وَوَرْدَة، وكانَ يُوسُفُ أَصْغَرَ إِخْوَتِهِ. نَالَ سِرَّ العِمَادِ والتَثْبِيتِ في كَنِيسَةِ السَيِّدَةِ في بْقَاعْكَفْرَا، في 16 أَيَّارَ سَنَةَ 1828.

تُوُفِّيَ والِدُهُ في 8 آبَ سَنَةَ 1831 في غِرْفِين، إِحْدَى قُرَى بِلادِ جُبَيْل، ودُفِنَ فِيهَا، فَتَيَتَّمَ يُوسُفُ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الثَالِثَةَ مِنْ عُمْرِهِ. ونَمَا يُوسُفُ بِالعُمْرِ وتَرَدَّدَ عَلَى خَالَيهِ الراهِبَينِ الأَبَويْنِ أَغُوسْطِين ودانِيَّالَ الشِدْياقِ البْشَرَّاوِيَّينِ الحَبِيسَينِ في دَيْرِ مار أَنْطُونْيُوسَ الكَبِير - قزحيَّا، فَتَأَثَّرَ بِمَثَلِهِمَا الصَالِحِ ونَصَائِحِهِمَا التَقَوِيَّةِ وإِرْشَاداتِهِمَا. غَادَرَ أَهْلَهُ وقَرْيَتَهُ سِرًّا لِئَلَّا يَصُدَّهُ أَحَدٌ عَنْ بُلُوغِ غَايَتِهِ، وتَوَجَّهَ إِلَى دَيْرِ سَيِّدَةِ مَيْفُوق، قَاصِدًا التَرَهُّبَ في الرَّهْبَانِيَّةِ اللُبْنَانِيَّةِ المَارُونِيَّة، سَنَةَ 1851، وكانَ قَدْ بَلَغَ سِنَّ الثَالِثَةِ والعِشْرِين، فَدَخَلَ في مَرْحَلَةِ الابْتِداء.

وخِلالَهَا انْتَقَلَ إِلَى دَيْرِ مار مارُون - عَنَّايا، حَيْثُ أَتَمَّ مُدَّةَ الابْتِداءِ سَنَةَ 1853. أَلْبَسَهُ رَئِيسُهُ الأَبُ أَنْطُونْيُوسُ البَانيّ الإِسْكِيمَ الرُهْبَانيَّ في الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ تِشْرِينَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1853. أُرْسِلَ إِلَى دَيْرِ مار قِبْرِيَانُوسَ ويُوسْتِينا – كْفِيفَان، في قَضَاءِ البَتْرُون، حَيْثُ قَضَى سِتَّ سَنَواتٍ في دَرْسِ الفَلْسَفَةِ واللَاهُوت، مِنْ سَنَةِ 1853 إِلَى سَنَةِ 1859، وذَلِكَ اسْتِعْدَادًا لِقَبُولِ دَرَجَةِ الكَهَنُوت. دَرَسَ هُنَاكَ عَلَى أَيْدِي رُهْبانٍ قِدِّيسِين، خَاصَّةً رَجُلِ الله، الأَبِ نِعْمَة الله كَسَّابِ الحَرْدِينيّ، أَحَدِ مُدَبِّرِي الرَهْبَانِيَّةِ اللُبْنَانِيَّةِ المَارُونِيَّة، المَعْرُوفِ ب "قِدِّيسِ كْفِيفَان"، فَتَعَطَّرَ الأَخُ شَرْبِلُ بِشَذَى فَضِيلَتِهِ، وأَخَذَ عَنْهُ الفَضَائِلَ الرُهْبَانِيَّةَ السَامِيَةَ والتَدْقِيقَ في حِفْظِ قَانُونِ الرَهْبَانِيَّةِ وفَرائِضِهَا وأَوامِرِ الرُؤَسَاء، وتَوْجِيهِ كُلِّ أَعْمَالِهِ لِلَّه. كَافَأَهُ اللهُ بِأَنْ حَضَرَ وَفَاتَهُ الصَالِحَةَ في 14 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1858. رَقَّاهُ المِطْرانُ يُوسُفُ المَرِيضُ إِلَى الدَرَجَةِ الكَهَنُوتِيَّة، بِأَمْرِ السَعِيدِ الذِكْرِ البَطْرِيَرْكِ بُولُس مَسْعَد (1854-1890)، وذَلِكَ في دَيْرِ سَيِّدَةِ بْكِرْكِي، يَوْمَ 23 تَمُّوزَ مِنْ سَنَةِ 1859.

بَعْدَ سِيَامَتِهِ الكَهَنُوتِيَّةِ سَنَةَ 1859، عُيِّنَ الأَبُ شَرْبِلُ في دَيْرِ مار يَعْقُوب - دُومَا، واسْمَهُ مُدْرَجٌ بَيْنَ أَسْمَاءِ الرُهْبَانِ في مَجْمَعٍ دَيْرِيٍّ مَرْفُوعٍ إِلَى السُلْطَةِ العَامَّة؛ ومَكَثَ هُنَاكَ لِمُدَّةِ تِسْعَةِ أَشْهُر. ومَعَ التَغْيِيراتِ الجَدِيدَةِ في الرَهْبَانِيَّةِ نُقِلَ إِلَى دَيْرِ مار مارُون - عَنَّايا.

أَقَامَ الأَبُ شَرْبِلُ في دَيْرِ مار مارُون - عنَّايا، بَعْدَ سِيَامَتِهِ، مُدَّةَ 16 عَامًا، مِنْ سَنَةِ 1859 إِلَى سَنَةِ 1875، مُتَمَرِّسًا بِأَسْمَى الفَضَائِلِ الرُهْبَانِيَّة، ولا سِيَّمَا التَواضُعِ والطَاعَة. أَجْرَى اللهُ عَلَى يَدِهِ "آيَةَ السِراج"، الذِي مَلَأَهُ لَهُ الخَادِمُ مَاءً بَدَلَ الزَيْت، فَأَضَاءَ لَهُ سَاعَاتِ صَلاتِهِ اللَيْلِيَّة. طَلَبَ مِنْ رُؤَسَائِهِ، الاسْتِحْبَاسَ في مَحْبَسَةِ مار بُطْرُسَ وبُولُس، التَابِعَةِ لِدَيْرِ عَنَّايا، فَأَذِنُوا لَهُ بِذَلِكَ. دَخَلَ المَحْبَسَةَ في 15 شُبَاطَ سَنَةَ 1875، وقَضَى فِيهَا 23 سَنَة. أَطْلَقَ العِنَان، في المَحْبَسَة، لِكُلِّ رَغَائِبِ قَلْبِهِ السَخِيِّ العَطَاء، فَضَاعَفَ أَعْمَالَهُ التَقَشُّفِيَّةَ وزادَ شَغَفًا بِالتَأَمُّلِ والصَلاةِ والاسْتِغْراقِ بِالله. ومِنْ تَقَشُّفَاتِهِ أَنَّهُ كانَ يَرْكَعُ عَلَى طَبَقٍ مِنْ قَصَب، ويَلْبَسُ المِسْحَ عَلَى جَسَدِهِ، ويَنَامُ قَليلًا ويُصَلِّي كَثِيرًا، ويَعْمَلُ في الحَقْلِ بِمُوجِبِ قَانُونِ الحُبَسَاء. وما لَبِثَ أَنِ انْتَشَرَ عَرْفُ قَداسَتِهِ، فَأَخَذَ النَاسُ يَقْصِدُونَهُ لِيَنَالُوا بَرَكَتَهُ ويَلْتَمِسُوا مِنْهُ شِفَاءَ مَرْضَاهُمْ وخِصْبَ مَواسِمِهِم.

وعامَ 1898، في الأُسْبُوعِ السَابِقِ لِعِيدِ المِيلاد، بَدَأَ الحَبِيسُ قُدَّاسَهُ كَعَادَتِهِ. لَمَّا بَلَغَ إِلَى رَفْعَةِ الكَأْسِ والقُرْبان، وَهُوَ يَتْلُو صَلاةَ "يَا أَبَا الحَقِّ …"، أَصَابَهُ عَارِضُ فَالِجٍ قَوِيّ، ولَكِنَّهُ اسْتَمَرَّ مُتَمَسِّكًا بِالكَأْسِ والقُرْبان، بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وبِالجَهْدِ تَمَكَّنَ رَفِيقُهُ الأَبُ مَكَارْيُوسُ مِنْ أَخْذِ الكَأْسِ والقُرْبانِ مِنْ يَدَيْهِ، ونَقْلِهِ إِلَى غُرْفَةِ الدِفْء. قَاسَى أَوْجَاعًا مُرَّة، مُدَّةَ ثَمَانِيَةِ أَيَّام، يَصْحُو ويَغِيب، وَهُوَ يُتَمْتِمُ صَلاةَ "يَا أَبَ الحَقِّ" بِالسُرْيَانِيَّةِ "آبُو دْقُوشْتُو". أَسْلَمَ رُوحَهُ بِكُلِّ هُدُوء، مَسَاءَ عِيدِ الميلاد، في 24 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1898، ولَهُ مِنَ العُمْرِ 70 عَامًا.

دُفِنَ الأَبُ شَرْبِلُ في مَقْبَرَةِ الدَيْرِ العُمُومِيَّة. شَاهَدَ أَهْلُ الجِوارِ لَيْلَةَ دَفْنِهِ نُورًا يَتَلَأْلَأُ فَوْقَ ضَرِيحِهِ، وتَكَرَّرَ ظُهُورُ النُور، فَأَذِنَ البَطْرِيَرْكُ اليَاس الحْوَيِّكُ بِفَتْحِ قَبْرِهِ بِتَاريخِ 15 نَيْسَانَ سَنَةَ 1899. وُجِدَ جِسْمُهُ سَالِمًا مِنَ الفَسَاد، وجُثْمَانُهُ يَنْضَحُ عَرَقًا دَمَوِيًّا. نُقِلَ إِلَى مَكَانٍ خَاصّ. قُدِّمَتْ دَعْوَى قَداسَتِهِ إِلَى رُوما، مَعَ القِدِّيسَةِ رَفْقَا، ومار نِعْمَة الله الحَرِدِينيّ في 4 أَيَّارَ سَنَةَ 1925، وَوُضِعَ جُثْمَانُهُ في قَبْرٍ جَدِيدٍ عَامَ 1926. وحَصَلَ أَوَّلُ اجْتِمَاعٍ لِلَجْنَةِ التَحْقِيقِ القَانُونِيَّةِ في دَعْوَاه، في 4 آذارَ سَنَةَ 1926. وفي 24 تَمُّوزَ سَنَةَ 1927 نُقِلَ الجُثْمَانُ إِلَى مَدْفِنٍ ثَالِثٍ وفِيهِ مَحْضَرٌ طِبِّيٌّ عَنْ حَالَتِهِ. وفي 25 شُبَاطَ سَنَةَ 1950، فُتِحَ القَبْرُ رَسْمِيًّا وتَمَّ الكَشْفُ الطِبِّيُّ عَلَى الجُثْمَان، فَبَانَ سَلِيمًا صَحِيحًا، كَمَا كانَ قَبْلًا، مَغْمُورًا بِدَمِهِ الراشِحِ مِنْهُ. وفي 1 آبَ سَنَةَ 1950 فُتِحَ القَبْرُ وعُرِضَ الجُثْمَانُ لِلزُوَّار. وفي 2 نَيْسَانَ سَنَةَ 1954 وَقَّعَ قَداسَةُ البَابَا بِيُّوسُ الثَاني عَشَر (1939-1958) قَبُولَ الدَعْوَى. وفي 12 أَيْلُولَ سَنَةَ 1955 فُتِحَ القَبْرُ لِلتَحْقِيق. وفي 23 آبَ سَنَةَ 1965 فُتِحَ القَبْرُ أَمَامَ لَجْنَةٍ كَنَسِيَّةٍ وطِبِّيَّة. تَهَافَتَ النَاسُ إِلَى الدَيْر، وتَكَاثَرَتْ حَوْلَ الضَرِيحِ الشِفَاءات. فَضَجَّ لُبْنَانُ والعَالَمُ بِأخْبارِ شَرْبِلَ عَنَّايا، وتَهَافَتَ الزُوَّارُ مُصَلِّين، تَائِبينَ خَاشِعِين.

وفي خِتَامِ أَعْمَالِ المَجْمَعِ الفَاتِيكَانيِّ الثَاني المَسْكُونِيِّ  (1962-1965)، في 5 كَانُونَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1965، رَفَعَهُ قَداسَةُ البَابَا بُولُسُ السَادِسُ (1963-1978) إِلَى مَصَافِّ الطُوبَاوِيِّين، وَشُيِّدَتْ عَلَى اسْمِهِ كَنِيسَةٌ جَدِيدَةٌ قُرْبَ الدَيْر، تَحْتَوِي عَلَى بَعْضِ رُفَاتِهِ. أَعْلَنَهُ قَداسَةُ البَابَا نَفْسُهُ قِدِّيسًا في 9 تِشْرِينَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1977. إِنَّ الشِفَاءاتِ التي حَصَلَتْ وما زالَتْ تَحْصَلُ بِشَفَاعَةِ القِدِّيسِ شَرْبِلَ لا تُحْصَى، وأُلُوفُ الشَهَاداتِ والرَسَائِلِ المَحْفُوظَةِ في الدَيْرِ تَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الذِي ارْتَضَى أَنْ يَعِيشَ في المَحْبَسَةِ مَعَ اللهِ وَحْدَهُ، أَصْبَحَ رَسُولَ الرَبِّ يَسُوعَ في العَالَمِ أَجْمَع. صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 23

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز

الشهداء الثلاثة المسابكيون الموارنة






عب 12/ 1-9؛ لو 12/ 6-10

هُمْ ثَلاثَةُ إِخْوَةٍ مَوارِنَة: كانَ فْرَنْسِيس،
الأَكْبَرُ بَيْنَهُم، تَاجِرَ حَرِير، مَيْسُورًا، بِعُمْرِ السَبْعِينَ سَنَة،
يُساعِدُهُ أَخُوهُ الأَصْغَرُ رَفَائيل؛ وكانَ عَبْدُ المُعْطِي مُعَلِّمًا في مَدْرَسَةِ الآباءِ الفْرَنْسِيسِيِّينَ
الرَعَوِيَّة، ومِمَّا كانَ يَقُولُهُ لِتَلاميذِهِ: "قُولُوا مَعِي يا أَوْلادِي:
إِمْنَحْنَا يا رَبُّ النِعْمَةَ لِنَمُوتَ مِنْ أَجْلِكَ. إِنَّ عَذابَ
الاسْتِشْهَادِ قَصِيرُ الأَجَل، وأَمَّا النَعيمُ فَإِنَّهُ أَبَدِيّ". كانَ
فْرَنْسِيسُ وعَبْدُ المُعْطِي مُتَزَوِّجَينِ ورُزِقا أَوْلادًا، بَيْنَمَا رَفائيلُ كانَ أَعْزَب.
لَدَى صُدُورِ قَرارٍ مِنْ والي الشامِ بِإِبادَةِ المَسِيحِيِّينَ في دِمَشْق، بِمُوافَقَةِ مُفْتي المَدِينَة، والحُكُومَةِ المَرْكَزِيَّةِ في القُسْطَنْطينِيَّة، وَقَفَ الأَمِيرُ عَبْدُ
القَادِرِ الجَزائِريُّ المَنْفِيُّ في دِمَشْق، وقاوَمَ مَقاصِدَ الوالي والمُفْتِي أَشَدَّ المُقَاوَمَة. فَالتَجَأَ الإِخْوَةُ الثَلاثَةُ مَعَ تَلامِذَتِهِم إِلَى دَيْرِ الرُهْبانِ الفْرَنْسِيسِيِّينَ طَلَبًا
لِلحِمَايَة. كانَ الإِخْوَةُ مَعْرُوفِينَ بِتَقْواهُمْ وَوَفْرَةِ غِناهُم
وكَرَمِ أَخْلاقِهِم وحُسْنِ مُعَامَلَتِهِم وعَطْفِهِم عَلَى الفُقَراءِ والمُحْتاجِين. ولَمَّا أَضْرَمَ المُسْلِمُونَ النارَ في حَيِّ المَسِيحِيِّين، دَخَلَ اللاجِئُونَ مَعَ الرُهْبانِ إِلَى الكَنِيسَةِ
فَصَلَّوا واعْتَرَفُوا وتَنَاوَلُوا. وظَلَّ فْرَنْسِيسُ وَحْدَهُ في الكَنِيسَة،
جَاثِيًا أَمامَ تِمْثالِ الأُمِّ الحَزينَة، يُصَلِّي، رابِطَ الجَأْش. وبَعْدَ
نِصْفِ الليلِ دَخَلَ الدَيْرَ عَنْوَةً، جُمْهُورٌ مِنَ الرُعَاع، مُدَجَّجِينَ
بِالسِلاح. فَذُعِرَ اللاجِئُونَ ولاذَ بَعْضُهُم بِالفَرار، واخْتَبَأَ البَعْض.
وهَرَعَ البَاقُونَ إِلَى الكَنِيسَةِ لِيَحْتَمُوا بِهَا. فَأَخَذَ أُولَئِكَ الرُعَاعُ يَصْرُخُون:
"أَيْنَ فْرَنْسِيسُ مَسَابِكِي؟ إِنَّنَا نَطْلُبُ فْرَنْسِيس".
فَدَنَا فْرَنْسِيسُ مِنْهُم، غَيْرَ هَيَّاب، قائِلًا لَهُم: "أَنَا فْرَنْسِيسُ مَسَابْكِي، مَاذا
تَطْلُبُون؟" فَأَجَابُوهُ: "جِئْنَا نُنْقِذُكَ وذَوِيكَ بِشَرْطِ أَنْ
تَجْحَدُوا الدِينَ المَسِيحِيّ، وتَعْتَنِقُوا الإِسْلام، وإِلَّا فَإِنَّكُم تَهْلِكُونَ
جَمِيعُكُم". فَأَجَابَهُم فْرَنْسِيس: "إِنَّنا لَمَسِيحِيُّونَ وعَلَى
دِينِ المَسِيحِ نَمُوت. إِنَّنَا نَحْنُ مَعْشَرَ المَسِيحِيِّينَ لا نَخَافُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الجَسَد، كَمَا قالَ
الرَبُّ يَسُوع". ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَخَوَيهِ وقَالَ لَهُمَا: "تَشَجَّعَا واثْبُتَا في الإِيمان، لأَنَّ
إِكْلِيلَ الظَفَرِ مُعَدٌّ في السَماءِ لِمَنْ يَثْبُتُ إِلَى المُنْتَهَى". فَأَعْلَنَا، فَوْرًا، إِيمانَهُمَا بِالرَبِّ
يَسُوعَ بِهَذِهِ الكَلِمَات: "إِنَّنَا مَسِيحِيُّونَ ونُريدُ أَنْ نَحْيَا ونَمُوتَ مَسِيحِيِّين". فَانْهَالُوا عَلَيْهِم بِالضَرْبِ
بِعِصِيِّهِم وخَناجِرِهِم وفُؤُوسِهِم، حَتَّى أَسْلَمُوا أَرْواحَهُمُ الطاهِرَةَ بِيَدِ الله،
مُؤْثِرِينَ المَوْتَ عَلَى الكُفْر. فَنَالُوا إِكْلِيلَ الشَهَادَة، وجَادُوا بِحَياتِهِم
لأَجْلِ إِيمانِهِمبِالمَسِيح، في دِمَشْق، في اليَوْمِ العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ تَمُّوزَ سَنَةَ 1860. كانَ أَوَّلَ مَنْ قَبَضُوا عَلَيهِ الأَبُ الرَئيسُ
مَانُوِيل، الذِي بَادَرَهُم بِالقَوْل: "تَعَالَوا أَدُلُّكُمْ إِلَى كَنْزٍ
في الكَنيسَة". وصَعِدَ إِلَى المَذْبَح، فَأَضاءَ شَمْعَتَين، وفَتَحَ بَيْتَ القُرْبانِ
الأَقْدَس، وتَنَاوَلَ مُقَدَّسَاتِهِ صَوْنًا لَهَا مِنَ الإِهانَة. ثُمَّ قال: "هَذا هُوَ المَخْبَأُ! لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ غَيْرُهُ!". فَقَتَلُوهُ
لِلْحَال. ثُمَّ قَتَلُوا ثَمَانِيَةً مِنْ رُهْبانِ الدَيْر.

 لَقَدْ مَاتُوا مَوْتَ الأَبْطالِ فَكانُوا
مِثالًا سامِيًا لِلشَجَاعَةِ كَمَا كانُوا في حَيَاتِهِم مِرْآةً جَلِيَّةً
لِلْفَضِيلَة. أَعْلَنَ السَعِيدُ الذِكْرِ البَابَا بِيُّوسُ الحادِي عَشَر
(1922-1939) تَطْوِيبَ الإِخْوَةِ الثَلاثَةِ مَعَ الرُهْبانِ الثَمَانِيَةِ في اليَومِ
العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ تِشْرِينَ الأَوَّلِ سَنَةَ 1926 بِمَسْعَى الطَيِّبِ الأَثَرِ المِطْرانِ بْشَارَة الشَماليّ، رَئِيسِ أَساقِفَةِ دِمَشْقَ
المارونيّ. وقَدْ أُدْرِجَتْ صَلاةٌ
خاصَّةٌ بِهِم في كِتابِ القُدَّاسِ المارونيِّ (2005) طَلَبًا لِشَفاعَتِهِم،
وتُعَيِّدُ لَهُمُ الكَنِيسَةُ المارونِيَّةُ في العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ تَمُّوز، وَهُوَ ذِكْرَى يَوْمِ اسْتِشْهَادِهِم. صَلاتُهُم
مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: لو 12/ 6-10

الرسالة: عب 12/ 1-9

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 10

رقم شهر اليوم الليتورجي: 7

اسم شهر اليوم الليتورجي: تموز

القديسة رفقا






2 قور 1/ 1-7؛ لو 10/ 38-42

أَبْصَرَتْ عَيْنَا رَفْقَا النُورَ في
حِمْلايا، إِحْدَى قُرَى المَتْنِ الشَمَاليّ، بِالقُرْبِ مِنْ بِكْفَيَّا في
جَبَلِ لُبنان، في 92 حُزَيران، يَوْمَ عِيدِ القِدِّيسَينِ بُطْرُسَ وبُولُس،
سَنَةَ 1832. والِدُهَا هُوَ مراد صابِر الشُبُق الرَيِّس، ووالِدَتُهَا هِيَ
رَفْقَا الجمَيِّل مِنْ بِكْفَيَّا، وكانَتْ وَحِيدَةً لِوالِدَيْهَا. نَالَتْ
سِرَّي العِمَادِ والتَثْبِيتِ بَعْدَ ثَمانِيَةِ أَيَّامٍ مِنْ وِلادَتِهَا، في 7 تَمُّوز سَنَةَ 1832، ودُعِيَتْ
"بُطْرُسِيَّة". كانَتِ الطِفْلَةُ بُطْرُسِيَّةُ تُرافِقُ والِدَيْهَا
إِلَى الكَنِيسَةِ لِلمُشَارَكَةِ في الاحتِفَالاتِ الطَقْسِيَّةِ والقَدادِيسِ
والصَلَواتِ والزِيَّاحات. تُوُفِّيَت والدَتُهَا سَنَةَ 1839، وهِيَ ابْنَةُ
سَبْعِ سَنَوات. عَانَتْ مِنَ اليُتْمِ والفَقْرِ والعَوَز، وحُرِمَتْ حَنَانَ
أُمِّهَا وهِيَ طِفْلَة، ومَرَّتْ أَيَّامٌ صَعْبَةٌ عَلَى والِدِهَا، فَأَوْعَزَ
إِلَيْهِ السَيِّدُ أَسْعَد البَدَوِيُّ وَهُوَ صَدِيقُهُ اللُبْنانيُّ الأَصْل،
مِنْ بَلْدَةِ بْعَبْدَا، والمُقِيمُ في دِمَشْق، أَنْ يَصْطَحِبَهَا مَعَهُ،
لِتُسَاعِدَ زَوْجَتَهُ هِيلانَةَ في الأَعْمَالِ المَنْزِلِيَّة، ومَكَثَتْ هُناكَ أَرْبَعَ سَنَواتٍ
(1842–1846)، ثُمَّ عادَتْ إِلَى لُبْنَان، لِتَجِدَ أَنَّ والِدَهَا قَدْ
تَزَوَّجَ في غِيَابِهَا بِامْرَأَةٍ تُدْعَى كَفَى، ورُزِقَ
مِنْهَا ابْنَتَيْن: مَرْيَم وشِمُوني.

وفي سِنِّ الحادِي والعِشْرِينَ (1853)
قَصَدَتْ دَيْرَ سَيِّدَةِ النَجاةِ في بِكْفَيَّا، لِجَمْعِيَّةِ المَرْيَمات، التي أَسَّسَها الخوري يُوسُفُ الجميِّل
مَعَ الأَب رِيمون إسْتيف (سليمان) اليَسوعيّ، سَنَة 1853، وكانَ مُرْشِدًا لَهَا، بِهَدَفِ اعْتِناقِ الحياةِ الرُهْبانِيَّة. ولَدَى دُخُولِهَا كَنِيسَةَ الدَيْرِ شَعَرَتْ بِفَرَحٍ
وسُرُورٍ لا وَصْفَ لَهُمَا. نَظَرَتْ إِلَى إِيقُونَةِ سَيِّدَةِ
النَجَاةِ فَسَمِعَتْ صَوْتَ الدَّعْوَةِ إِلَى التَكَرُّسِ لِلرَّبّ:
"إِنَّكِ تَتَرَهَّبِين". وبَعْدَ ذَلِكَ رَفَضَتِ العَوْدَةَ إِلَى المَنْزِل، عِنْدَمَا حَضَرَ والِدُهَا وزَوْجَتُهُ
لِيُثْنِيَاهَا عَنْ عَزْمِهَا، قَالَتْ لِلأُخْت دُرُوثِيَا، مُعَلِّمَةِ المُبْتَدئات: "إِنِّي أُفَضِّلُ أَنْ تَأْخُذَني
أُمِّي، ولا أَخْرُجَ مِنَ الدَيْر".

إتَّشَحَتْ بِثَوْبِ الابْتِداءِ في 9
شُبَاطَ سَنَةَ 1855، وبَعْدَ فَتْرَةِ الابْتِداءِ نَذَرَتْ نُذُورَهَا
الرُهْبَانِيَّةَ الأُولَى في دَيْرِ بِكْفَيَّا في 10 شُبَاطَ سَنَةَ 1856.
سَنَةَ 1858 تَوَجَّهَتْ مَعِ الأُخْتِ مَرْيَمَ الجْمَيِّلِ إِلَى إِكْلِيرِيكِيَّةِ غَزِير، وعُهِدَ
إِلَيْهَا القِيَامُ بِخِدْمَةِ المَطْبَخ. وكانَ في عِدادِ الإِكْلِيرِيكِيِّين، البَطْرِيَرْكُ
الياس الحْوَيِّك (1899-1931)، وكانَتْ تَسْتَغِلُّ أَوْقاتَ الفَراغِ
لِتَتَلَقَّنَ اللُغَةَ العَرَبِيَّةَ والخَطَّ والحِسَاب.

في 27 شُبَاطَ سَنَةَ 1860 جَدَّدَتْ
نُذُورَهَا بَعْدَ الرِيَاضَة، وأُرْسِلَتْ مَعَ بَعْضِ آباءِ الرَهْبَانِيَّةِ
اليَسُوعِيَّةِ إِلَى دَيْرِ القَمَرِ لِلقِيَامِ بِأَعْمَالِ رِسَالَةٍ
رُوحِيَّة، ورَوَتْ ما عَاشَتْهُ هُنَاك: "وقَدْ حَدَثَتْ في هَذِهِ السَنَةِ
المَعَارِكُ
والمَذابِحُ
الدامِيَةُ المَشْهُورَة. وفي أَحَدِ الأَيَّام، بَيْنَمَا كُنْتُ
مارَّةً في البَلْدَةِ المَذْكُورَة، رَأَيْتُ بَعْضًا مِنَ الجُنُودِ يُطَارِدُونَ وَلَدًا
صَغِيرًا، بُغْيَةَ أَنْ يُمْسِكُوهُ. ولَمَّا رَآني هَرَعَ مُلْتَجِئًا إِلَيّ، فَعَطَفْتُ عَلَيهِ
بِرِدائِي، ونَجَّيْتُهُ مِنْ قَسَاوَتِهِمْ".

بَعْدَ سَنَةٍ في دَيْرِ القَمَر، عادَتْ
رَفْقَا إِلَى غَزِير، وبَقِيَتْ هُنَاكَ مُدَّةَ سَنَتَيْن. سَنَةَ 1863
أَرْسَلَتْهَا الطَاعَةُ الرُهْبَانِيَّةُ إِلَى مَدْرَسَةِ جَمْعِيَّتِهَا في
جُبَيل. فَأَقَامَتْ مُدَّةَ سَنَةٍ في هَذِهِ المَدْرَسَة، تُعَلِّمُ البَنَات، بِرُفْقَةِ الأُخْتِ بَرْبَارَةَ خَلِيل مِنْ بَيْتَ
شَبَاب. فَكَانَتْ مِثَالَ الراهِبَةِ الفاضِلَةِ التَقِيَّة. طارَتْ شُهْرَةُ رَفْقَا في بِلادِ
جُبَيْل، فَقَصَدَهَا الوَجِيهُ والمُحْسِنُ الكَبِيرُ أَنْطُون عِيسَى (1808-1890)، وطَلَبَهَا
مِنْ رُؤَسَائِهَا لِكَيْ تَذْهَبَ إِلَى بَلْدَتِهِ مْعَاد لِتَعْلِيمِ البَنَاتِ
وتَرْبِيَتِهِنَّ. ولَمَّا حَصَلَ لَهَا عَلَى إِذْنٍ مِنَ البَطْرِيَرْكِ
المارُونيِّ آنَذَاكَ بُولُس مَسْعَد (1806-1890)، تَوَجَّهَتْ رَفْقَا مَعَ
الأُخْتِ أَغَاتَا إِلَى مْعَاد سَنَةَ 1864، لِتَعْلِيمِ البَنَاتِ في المَدْرَسَةِ التي أَنْشَأَهَا أَنْطُون عِيسَى عَلَى
اسْمِ شَفِيعِهِ القِدِّيسِ أَنْطُونْيُوسَ الكَبِير.

أَقَامَتْ
رَفْقَا ورَفِيقَتُهَا في بَيْتِ أَنْطُون عِيسَى، ولَمْ تَكُنْ تَزُورُ إِلَّا
المَرْضَى مِنْ أَهَالي تِلْمِيذاتِهَا. كانَتْ تَتَنَقَّلُ بَيْنَ الكَنِيسَةِ
ومَحَلِّ إِقَامَتِهَا والمَدْرَسَةِ فَقَط، مُحْتَشِمَةً دائِمًا، هادِئَة،
لَطِيفَة، تَبْتَسِمُ ابْتِسَامَةَ الوَداعَة. عَرَفَ فِيهَا أَهْلُ مْعَاد
راهِبَةً تَتَمَتَّعُ بِكُلِّ سِمَاتِ الكَمَال: الصَمْتِ والوَقَارِ والهُدُوءِ
والوَداعَةِ والمَحَبَّةِ والغَيْرَة. وهَذَا ما أَكْسَبَهَا مَحَبَّةَ
تِلْمِيذاتِهَا وثِقَتَهُنَّ، حَتَّى إِنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ يَرْغَبْنَ أَنْ
تَتْرُكَهُنَّ، ويَنْتَظِرْنَ بِفَارِغِ الصَبْرِ بُزُوغَ الفَجْرِ لِلقَائهَا
مِنْ جَدِيد. أَقَامَتْ رَفْقَا في مْعَاد زُهَاءَ سَبْعِ سِنَوات (1864-1871)،
وكانَتْ شِبْهَ مُنْقَطِعَةٍ عَنْ جَمْعِيَّتِهَا، لا تَلْتَقِي أَخَواتِهَا
الراهِبَاتِ إِلَّا خِلالَ الرِيَاضَةِ الرُّوحِيَّةِ السَنَوِيَّة، التي كانَتْ
تَجْمَعُهُنَّ في دَيْرِ سَيِّدَةِ النَجَاةِ في بِكْفَيَّا.

ولَمَّا عَلِمَتْ رَفْقَا بِقَرارِ حَلِّ
الجَمْعِيَّة، حارَتْ في أَمْرِهَا، فَوَلَجَتْ كَنِيسَةَ القِدِّيسِ جِرْجِسَ في مْعَاد وبَدَأَتْ
تُصَلِّي بَاكِيَةً مُتَنَهِّدَة، طالِبَةً مِنَ اللهِ أَنْ يَهْدِيَهَا طَرِيقًا
أَمِينًا، ومِنْ كَثْرَةِ بُكَائِهَا دَخَلَتْ في حَالَةِ اسْتِغْراقٍ فَشَعَرَتْ
بِيَدٍ تَمَسُّهَا في كَتِفِهَا، وسَمِعَتْ صَوْتًا يَقُولُ لَهَا: سَتَتَرَهَّبِين! ولَيْلَةَ ذَلِكَ
اليَوْمِ رَأَتْ في الحُلْمِ ثَلاثَةَ رِجَال: راهِبًا ذا لِحْيَةٍ بَيْضَاءَ وبِيَدِهِ عَكَّاز، وجُنْدِيًّا
بِأَثْوابِ الجُنْدِيَّة، وشَيْخًا مُسِنًّا. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهَا الراهِبُ
ولَكَزَهَا بِعَكَّازِهِ قائِلًا لَهَا: "تَرَهَّبي في الرَهْبَانِيَّةِ
اللُبْنَانِيَّة". فَأَفَاقَتْ مِنْ رُقَادِهَا مُبْتَهِجَةً مَسْرُورَةً،
وفي الصَبَاحِ قَصَدَتْ أَنْطُون عِيسَى وقَصَّتْ عَلَيْهِ الحُلْم. قَال:
"إِنَّ الراهِبَ هُوَ القِدِّيسُ أَنْطُونْيُوس-قِزْحَيَّا، والجُنْدِيُّ
هُوَ القِدِّيسُ جِرْجِس، المُشَيَّدَةُ عَلَى اسْمِهِ كَنِيسَةُ مْعَاد". قَالَتْ لَهُ:
"إِنِّي أُرِيدُ الذَهَابَ إِلَى دَيْرِ مار سِمْعَانَ القَرْن". أَجاب:
كَمِّلِي هَذِهِ السَنَةَ عِنْدَنَا، وفي السَنَةِ القَادِمَةِ تَذْهَبِين".
أَجَابَتْهُ: "إِنَّ اللهَ أَلْهَمَنِي الذَهَابَ في الحال". فَدَفَعَ إِلَيْهَا راتِبَ
التَرَهُّب، وسَلَّمَهَا كِتَابًا إِلَى المِطران يُوسُف فْرَيْفِر، فَكَتَبَ
إِلَى الرَئِيسِ العامِّ الأَبِ أَفْرام جَعْجَعْ (1862-1875) البْشِرَّاوِيِّ بِشَأْنِهَا. ومِنْ جُمْلَةِ ما قَالَهُ هَذِهِ
العِبَارَة: "واصِلَةٌ إِلَيْكَ هَذِهِ النَعْجَة".

هَكَذَا، انْتَقَلَتْ إِلَى دَيْرِ مار
سِمعانَ القَرْن - أَيْطُو، في شَمَالِيِّ لُبنان، ولَدَى دُخُولِهَا الكَنِيسَةَ نَظَرَتْ إِلَى الصُورَةِ
فَأَيْقَنَتْ أَنَّ الراهِبَ الثَالِثَ الّذي شَاهَدَتْهُ في الحُلْمِ كانَ مار
سِمْعانَ العَمُودِيّ. إتَّشَحَتْ بِثَوْبِ الابْتِداءِ في 12 تَمُّوز سَنَةَ 1871، ثُمَّ نَذَرَتْ نُذُورَهَا المُؤَبَّدَةَ في 25 آب سَنَةَ 1872، واتَّخَذَتْ لَهَا اسْمَ رَفْقَا تَيَمُّنًا بِاسْمِ والِدَتِهَا. وكانَتْ مِثالًا حَيًّا لأَخَواتِهَا الراهِبَاتِ في حِفْظِ القَوانِينِ
والصَلَواتِ والتَقَشُّفِ والتَضْحِيَةِ والعَمَلِ الصَامِت. في أَحَدِ
الوَرْدِيَّة، سَنَةَ 1885، دَخَلَتِ الكَنِيسَةَ وراحَتْ تُصَلِّي: "إِلَهِي لِمَاذا أَنْتَ مُتَبَاعِدٌ عَنِّي؟
لِمَاذا لا تَزُورُني بِمَرَضٍ أُظْهِرُ لَكَ بِهِ كَامِلَ مَحَبَّتي، وأُكَفِّرُ بِهِ
عَنْ خَطَايايَ وخَطَايَا الآخَرِين"؟. إسْتَجَابَ الرَبُّ لَهَا لِلْحَال، وَبَدَأَتِ الأَوْجَاعُ المُؤْلِمَةُ في رَأْسِهَا، ثُمَّ امْتَدَّتْ إِلَى
عَيْنَيهَا. بَعْدَ مُحَاوَلاتِ أَطِبَّاءَ عَدِيدِينَ دُونَ جَدْوَى،
أَرْسَلَتْهَا الرَئِيسَةُ إِلَى بَيْرُوتَ لِلمُعَالَجَة، ولَدَى وُصُولِهَا إِلَى جُبَيْل، وَجَدَتِ الأَبَ إِسْطِفَان
مَتَّى البِنْتَاعْلِيَّ في أُنْطُشِ الرَهْبَانِيَّةِ اللُبْنَانِيَّة، وإِذْ
وَقَفَ عَلَى حَالِهَا قَالَ لَهَا: "في جُبَيْلَ الآنَ طَبِيبٌ
أَميريكِيّ، أُعْرُضِي عَيْنَيْكِ عَلَيْهِ، لَعَلَّهُ يَشْفِيكِ، فَلَمْ تَرْفُضْ".
ولَدَى إِجْرائِهِ عَمَلِيَّةً جِراحِيَّةً لَهَا، اقْتَلَعَ عَيْنَهَا اليُمْنَى
بِرُمَّتِهَا، وَهِيَ صَابِرَة، صَامِتَة، مُصَلِّيَة، فَرِحَةٌ وُمُرَدِّدَة:
"مَعَ آلامِ المَسِيح،
سَلِمَتْ يَدَاكَ، أَلله يآجْرَك". واللهُ أَعْلَمُ كَمْ قَاسَتْهُ مِنْ أَلَم، ومَعَ
ذَلِكَ لَمْ تَتَأَوَّهْ ولَمْ تَضْطَرِبْ، وما لَبِثَ أَنْ تَحَوَّلَ
إِلَى عَيْنِهَا الثَانيَة، وحَكَمَ الأَطِبَّاءُ بِأَنْ لا مَنْفَعَةَ لَهَا بِالعِلاج، فَعَادَتْ إِلَى الدَيْرِ
وَهِيَ تَتَوَجَّع. لَقَدْ طَلَبَتْ رَفْقَا الأَلَمَ لِتُشارِكَ المَصْلُوبَ يَسُوعَ المسيحَ آلامَهُ الفِدائِيَّة،
فَتَتَّحِدَ بِمَوتِهِ وقِيامَتِهِ.

سَنَةَ 1897، أَي بَعْدَ مُرُورِ سِتٍّ
وعِشْرِينَ سَنَةً في دَيْرِ مار سِمْعَان القَرْن-أَيْطُو، إِنْتَقَلَتْ إِلَى
دَيْرِ مار يُوسُفَ الضَهْر-جْرَبْتَا، في مِنْطَقَةِ البَتْرُون، بِرِئاسَةِ
الأُمِّ أُورْسُلَا ضُومِط المْعَادِيَّةِ وخَمْسُ راهِباتٍ مَعَهَا. وفي سَنَةِ
1899، إِنْطَفَأَ النُورُ نِهَائِيًّا في عَيْنِهَا اليُسْرَى، لِتُضْحِيَ عَمْيَاء. سَنَةَ
1906 بَدَأَ الانْحِلالُ في جَسَدِهَا، فَتَفَكَّكَتْ عِظَامُهَا عَظْمَةً عَظْمَةً
حَتَّى أَضْحَتْ مُخَلَّعَة، لا تَقْوَى عَلَى الحِراك، وخَرَجَ عَظْمُ كَتِفِهَا
وانْغَرَسَ في عُنُقِهَا، فَكَانَتْ تَقُول: "مَعَ جُرْحِ كَتِفِكَ يا
يَسُوع"، ولَمْ يَبْقَ عُضْوٌ صَحِيحٌ في جِسْمِهَا غَيْرُ
مِخْلَعَي يَدَيْهَا فَكَانَتْ تَحُوكُ جَوارِبَ بِالصَنَّارَة، وَهِيَ تَشْكُرُ
اللهَ لإِبْقَائِهِ يَدَيْهَا سَلِيمَتَين، لِتَشْتَغِلَ بِهِمَا هَرَبًا مِنَ البَطَالَة، وعَقْلَهَا
سَلِيمًا يُرَنِّمُ ويُسَبِّحُ الله. صَبَاحَ عِيدِ القُرْبانِ الأَقْدَس،
تَجَمَّعَتْ كُلُّ الراهِبَاتِ في الكَنِيسَةِ لِلاحْتِفَالِ بِالعِيد، ورَفْقَا
مُفَكَّكَةٌ عَلَى سَرِيرِ أَوْجَاعِهَا، وبَدَأَ الكَاهِنُ القُدَّاس، فَرَأَيْنَ
الأُخْتَ رَفْقَا داخِلَةً الكَنِيسَةَ زَحْفًا، فَأَدْهَشَهُنَّ مَرْآهَا،
وأَبْكَاهُنَّ تَأَثُّرًا لَهَا وإِشْفَاقًا عَلَيْهَا؛ وهِيَ قَالَتْ لِرَئِيسَتِهَا:
"شَعَرْتُ بَغْتَةً بِأَنَّ قُوَّةً غَيْرَ مَنْظُورَةٍ تَرْفَعُني ثُمَّ
تُنْزِلُني عَنْ سَرِيرِي، وتَدْفَعُ بي إِلَى الأَمَام، فَرُحْتُ أَزْحَفُ إِلَى
بَيْتِهِ، وبَعْدَئِذٍ فارَقَتْني تِلْكَ القُوَّة".

بَقِيَتْ رَفْقَا عَلَى هَذِهِ الحالِ
مُدَّةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مُتَحَمِّلَةً أَوْجَاعَهَا، إِلَى أَنْ
تُوُفِّيَتْ في 23 آذارَ سَنَةَ 1914، يَومَ الاثْنَينِ مِنْ أُسْبُوعِ
المُخَلَّعِ، في زَمَنِ الصَومِ الكَبير، وَدُفِنَتْ في مَقْبَرَةِ الدَيْر.
أَشَعَّ النُورُ مِنْ قَبْرِهَا طَوالَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَالِيَة. كانَتِ
الأُمُّ الرَئِيسَةُ أُورْسُلَا تُعاني مِنْ مَرَضٍ في حَلْقِهَا، فَأَتَتْ
إِلَيْهَا الأُخْتُ رَفْقَا لَيْلًا، وقَرَعَتْ بَابَهَا، قائِلَةً لَهَا: "خُذي تُرابًا عَنْ قَبْرِ رَفْقَا
وادْهَني بِهِ حَلْقَكِ تُشْفَي". فَكَانَتْ هَذِهِ أُولَى أَعَاجِيبِهَا.
نَشَرَ الأَبُ أَنْطُونْيُوسُ شِبْلِي الراهِبُ اللُبْنانيُّ المارُونيُّ سِيرَةَ
رَفْقَا سَنَةَ 1948، نَقْلًا عَنْ رِوايَةِ الأُمِّ أُورْسُلَا ضُومِط.
إِفْتُتِحَ مَلَفُّ دَعْوَى تَطْوِيبِهَا بِتَارِيخِ 23 كانونَ الأَوَّلِ سَنَةَ
1925، مَعَ دَعْوَى مار شَرْبِل، ومار نِعمة الله الحردينيّ، بِسَعْيِ الأبَّاتي
إغناطْيُوس داغِر التَنُّوريّ، رَئيسِ عامّ الرَهبَانيَّةِ اللُبْنانِيَّةِ
المارُونِيَّة حِينَها، والشُرُوعُ بِالتَحْقِيقِ في شُهْرَةِ قَداسَتِهَا في 16
أَيَّار سَنَةَ 1926؛ في 10 تَمُّوز سَنَةَ 1927 نُقِلَ رُفَاتُهَا إِلَى قَبْرٍ جَدِيدٍ في
زاوِيَةِ الدَيْر. وفي 2 أيَّار سَنَةَ 1928 حُرِّرَ مَحْضَرٌ بِسِتِّينَ
أُعْجُوبَةً جَرَتْ بِشَفَاعَتِهَا؛ وفي 1 تمُّوز سَنَةَ 1968 وَقَّعَ قَداسَةُ البابا
بُولُسُ السَادِسُ (1963-1978) افْتِتَاحَ الدَعْوَى.

أَعلَنَها قَداسَةُ البَابَا يُوحَنَّا
بُولُسُ الثاني (1978-2005) مُكَرَّمَةً في 11 شُبَاطَ سَنَةَ 1982، ثُمَّ
طُوبَاوِيَّةً في 17 تِشْرِينَ الثاني سَنَةَ 1985، ومِمَّا قَالَهُ في هَذَا النَهَار:
"أَيَّتُهَا الأُخْتُ العَجِيبَةُ رَفْقَا، ألصُورَةُ الوَضِيعَةُ
والحَقِيقِيَّةُ لِلمَسِيحِ المَصْلُوب، نَحْنُ نَشْكُرُكِ. ولَوْ أَنَّكِ لَمْ تَزِيدِي شَيْئًا عَلَى غِنَى فِداءِ
الرَبِّ يَسُوعَ الوَحِيد، لَكِنَّكِ تَرَكْتِ لَنَا الشَهَادَةَ المُؤَثِّرَةَ عَنِ المُشارَكَةِ السِرِّيَّةِ والمُؤْلِمَةِ في اسْتِحْقَاقِ ثِمَارِ هَذَا الفِداء…". وفي سَنَةِ 2000
لِليُوبِيلِ القُرْبانيِّ أَعْلَنَهَا البابا قُدْوَةً ومِثَالًا في عِبَادَة
القُرْبانِ الأَقْدَس، ثُمَّ رَفَعَهَا قِدِّيسَةً عَلَى مَذابِحِ الكَنِيسَةِ
الجامِعَةِ في 10 حُزَيْرانَ سَنَةَ 2001، وقالَ قَداسَتُهُ: "فَلْيَجِدِ المَرْضَى، وَالمَنْكُوبُون، ولاجِئُو الحَرْبِ وَكُلُّ ضَحَايَا
الحِقْد، البارِحَةَ كَمَا اليَوم، في القِدِّيسَةِ رَفْقَا، شَرِيكَةً لَهُمْ في الطَرِيق، لِكَيمَا، بِشَفَاعَتِهَا،
يُتَابِعُوا مَسِيرَتَهُمْ في التَفْتِيش، رَغْمَ لَيْلِ الأَفْكار، عَنِ
الرَجَاءِ أَيْضًا لأَجْلِ بِنَاءِ السَلام". صَلاتُهَا مَعَنا. آمين.

الإنجيل: 2 لو 10/ 38-42

الرسالة: قور 1/ 1-7

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 23

رقم شهر اليوم الليتورجي: 3

اسم شهر اليوم الليتورجي: آذار

مار يوحنّا مارون






وُلِدَ يُوحَنَّا في قَرْيَةِ سَرُومَ القَريبَةِ مِنْ أَنْطَاكْيَةَ سُورِيَّا. إِسْمُ أَبِيهِ أَغَاتُون وأُمِّهِ أَنُوهَامِيَا، وكِلاهُمَا مِنَ المُؤْمِنِينَ الأَتْقِيَاء. فَرَبَّيا وَلَدَهُمَا يُوحَنَّا تَرْبِيَةً مَسِيحِيَّة، وثَقَّفَاهُ في مَدارِسِ أَنْطَاكْيَة، ثُمَّ في القُسْطَنْطينِيَّة. ولَمَّا تُوُفِّيَ والِدُهُ، عادَ إلى أَنْطَاكْيَة. ومِنْهَا مَضَى إِلَى دَيْرِ مار مارونَ عَلَى ضِفافِ العاصِي، ولَبِسَ ثَوْبَ الرَهْبَانِيَّةِ ورُقّيَ إِلَى دَرَجَةِ الكَهَنُوت، وسُمِّيَ مارونُ نِسْبَةً إِلَى الدَيْرِ الّذي تَرَهَّبَ فِيه. وشَرَعَ يَتَفَانَى غَيْرَةً عَلَى خَلاصِ النُفُوسِ ويَحْمِيهَا مِنَ البِدَع. وَوَضَعَ كِتَابَهُ في العَقِيدَةِ الكَاثُولِيكِيَّةِ الصَحِيحَة، مُبَرْهِنًا أَنَّ في المَسِيحِ طَبِيعَتَينِ ومَشِيئَتَين وفِعْلَينِ كَامِلَين.

ثُمَّ إِنَّ البَابَا مَرْتِينُوسَ الأَوَّلَ (649-654) أَرْسَلَ يُوحَنَّا، أُسْقُفَ فِيلادِلْفْيَا إِلَى المَشْرِق، نِيَابَةً عَنْهُ، فَأَقَامَ يُوحَنَّا مارونَ أُسْقُفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَدِينَةِ البَتْرُون وما يَلِيهَا سَنَةَ 676. وفي سَنَةِ 685، اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ جَبَلِ لَبْنانَ واخْتارُوا يُوحَنَّا مارونَ بَطْرِيَرْكًا عَلَى كُرْسِيِّ أَنْطَاكْيَة. وفي كِتَابِ البَطْرِيَرْكِ إِسْطِفانُوسَ الدُوَيْهِيِّ (+ 1704)، نَقْرَأُ ما يَلِي:
"إِنَّ بَطَارِكَةَ طائِفَتِنَا المارُونِيَّةِ لَمْ يَسْتَقِرُّوا في مَكَانٍ واحِد، بَلْ إِنَّهُمْ مُنْذُ سَنَةِ 685 إِلَى عَهْدِنَا الحاضِر، جَعَلُوا كُرْسِيَّهُمْ في مَواضِعَ مُتَعَدِّدَة، مِنْ أَبْرَشِيَّاتِ البَتْرُونَ وجُبَيلَ وطَرَابْلُسَ … فَفِي سَنَةِ 685 كانَ الكُرْسِيُّ البَطْرِيَرْكيُّ في دَيْرِ القِدِّيسِ مارونَ في كْفَرْحَيّ، مِنْ أَعْمالِ البَتْرُون، وقَدْ أَقَامَ فِيهِ ثَلاثَةٌ مِنَ البَطَارِكَةِ وهُمْ: يُوحَنَّا مارون، وقُورُش، وجِبْرائِيل". ويُعطِينَا البَطْرِيَرْكُ الدُوَيْهِيُّ سِلْسِلَةَ البَطَارِكَةِ الأَنْطَاكِيِّين، ابْتِداءً بِبُطْرُسَ الرَسُولِ وُصُولًا إِلَى يُوحَنَّا مارون، البَطْرِيَرْكِ الأَوَّلِ لِلكَنيسَةِ المارونِيَّة.

جاءَ في تَقْلِيدِ كَنِيسَتِنَا أَنَّ هَذا البَطْرِيَرْكَ ذَهَبَ إِلَى رُوما، وأَنَّ البَابَا سِرْجْيُوسَ (687-701) رَحَّبَ بِهِ وَوَشَّحَهُ بِيَدِهِ دِرْعَ الرِئَاسَةِ السَامِيَة؛ وتَوَطَّدَ الاتِّحادُ مَعَ الكَنِيسَةِ الرُومانِيَّة، واتَّخذَ الشَعْبُ المارونيُّ هَذا الاسْمَ مِنْ ذَلِكَ الحِين، ودُعُوا "مَوارِنَة"، نِسْبَةً إِلَى دَيْرِ مار مارون، وإِلَى يُوحَنَّا مارونَ الّذي جَعَلَ كُرْسِيَّهُ الأَوَّلَ في دَيْرِ سَيِّدَةِ يانُوح، بَيْنَ بَلْدَتَي قَرْطَبَا والعَاقُورَة. وراحَ يُوحَنَّا مارونُ يُجَاهِدُ أَشْرَفَ المُجَاهَداتِ في إِنْشَاءِ الكَنائِسِ وبُنْيَانِ الكَهَنَة، وتَهْذِيبِ النُفُوس، وتَنْظِيمِ الرُتَبِ البِيعِيَّة، وزِيارَةِ الرَعَايَا.
وعِنْدَمَا تَفَشَّى داءُ الطَاعُونِ في البِلاد، أَخَذَ يَتَفَقَّدُ بِذَاتِهِ المَطْعُونِينَ ويَشْفِيهِمْ بِصَلاتِهِ، حَتَّى أَكْمَلَ سَعْيَهُ بِكُلِّ قَداسَة، وتُوُفِّيَ في 2 شُبَاطَ سَنَةَ 707؛ ودُفِنَ في دَيْرِ مار مارونَ الّذي في كْفَرْحَيّ، حَيْثُ كانَ مُقِيمًا. وإِلَى هَذا الدَيْرِ نُقِلَتْ هَامَةُ القِدِّيسِ مارونَ أَبي الكَنِيسَةِ المارونِيَّةِ سَنَةَ 2000 مِنْ مَدِينَةِ فُولِينْيُو الإيطاليَّة. وأَصْبَحَ الدَيْرُ عَلَى اسْمِ القِدِّيسِ يُوحَنَّا مارونَ مَقَرًّا لِلْكُرْسِيِّ الأُسْقُفيِّ عَلَى أَبْرَشِيَّةِ البَتْرُون المارونِيَّة.

وقَدْ جاءَ في خُطْبَةٍ لِلْمُطرانِ يُوسُفِ الدِبْس، راعي أَبْرَشِيَّةِ بَيْرُوتَ المارونِيَّة، أَلْقَاهَا في 2 آذار، يَوْمَ عِيدِ مار يُوحَنَّا مارونَ سَنَةَ 1873، ما قَدْ تَرَكَهُ البَطْرِيَرْكُ مِنْ إِرْث فِكْرِيٍّ: لاهُوتيٍّ ولِيتُورْجِيّ؛ وَهِيَ مَجْمُوعَةُ الكُتُبِ التالِيَة: 1) كِتابُ الإيمان؛ 2) كِتابٌ في الكَهَنُوت؛ 3) كِتابٌ في شَرْحِ اللِيتُورْجِيَّا؛ 4) كِتابٌ ضِدَّ النَسَاطِرَة؛ 5) كِتابٌ ضِدَّ أَصْحَابِ الطَبِيعَةِ الواحِدَة؛ 6) نافُورُ قُدَّاس؛

الّذي يُعْتَبَرُ مِنْ بَيْنِ أَقْدَمِ النَوافِيرِ في الكَنِيسَةِ المارونِيَّة، وقَدْ أُدْرِجَ ما بَيْنَ النَوافِيرِ المُسْتَعْمَلَةِ في طَبْعَةِ بْكِرْكِي سَنَةَ 2005. ونَقَلَ التَقْلِيدُ العِيدَ مِنْ 2 شُبَاط، تارِيخِ وَفاتِهِ، إلى 2 آذار، بِسَبَبِ العِيدِ السَيِّدِيّ، دُخُولِ الرَبِّ إلى الهَيْكَل. صَلاتُهُ مَعَنَا.
آمين.

الإنجيل: متى 5/ 13-17

الرسالة: فل 1/ 21-30

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 2

رقم شهر اليوم الليتورجي: 3

اسم شهر اليوم الليتورجي: آذار

مار مارون






وُلِدَ القِدِّيسُ مارونُ في مِنْطَقَةِ حِمْصَ في سُورِيَّا، وقَدْ كَتَبَ سِيرَةَ حَيَاتِهِ تِيُودُورِيتُسُ أُسْقُفُ قُورُشَ (393-466)، داعِيًا إِيَّاهُ مارونَ النَّاسِك، دُونَ أَنْ يَعرِفَهُ شَخْصِيًّا، لَكِنَّهُ عَرَفَ تِلمِيذَهُ يَعْقُوب، ومِنْهُ أَخَذَ سِيرَتَهُ التي أَوْرَدَهَا في "تاريخِ أَصْفِياءِ الله". يَدْعُوهُ تِيُودُورِيتُسُ "مارونَ الإلَهِيّ"، ويَقُول: "لَقَدْ زَيَّنَ مارونُ طُغْمَةَ القِدِّيسِينَ المُتَوَشِّحِينَ بِالله، ومارَسَ ضُرُوبَ التَقَشُّفِ والإِماتاتِ تَحْتَ جَوِّ السَمَاء، دُونَ سَقْفٍ سِوَى خَيْمَةٍ صَغِيرَةٍ لَمْ يَكُنْ يَسْتَظِلُّهَا إِلَّا نادِرًا"؛ ويُضِيفُ قائِلًا: "إِنَّ البارَّ مارونَ النَّاسِكَ كَانَ كاهِنًا مِنْ بِلادِ سُورِيَّا الثانِيَة، وكَانَ في سِيرَتِهِ راهِبًا ساكِنًا في قِمَّةِ جَبَلِ قُورُشَ مِنْ أَعْمالِ أَنْطَاكْيَة، هُنَاكَ اسْتَقَرَّ عَلَى رابِيَةٍ كَانَ الوَثَنِيُّونَ قَدْ أَقَامُوا عَلَيهَا هَيْكَلًا. فَحَوَّلَهُ إِلَى هَيْكَلٍ لِلَّهِ الحقِيقِيّ، وصَنَعَ لَهُ هُنَاكَ مَنْسَكًا صَغِيرًا، كَانَ يَلْجَأُ إِلَيهِ قَلِيلًا، فِيمَا جَرَى عَلَى قَضَاءِ أَيَّامِهِ عَامَّةً في العَراء. كَانَ يُواصِلُ الجِهَادَ في خِدْمَةِ اللهِ لَيْلًا ونَهَارًا، فَمَنَحَهُ اللهُ مَوْهِبَةَ الشِفَاء، ولِهَذا كَانَ يَأْتِيهِ الكَثِيرُونَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ لِيَسْتَشْفُوا مِنْ أَمْراضِهِم، يُخرِجُ الأَرْواحَ الشِرِّيرَةَ ويَشْفِي مِنْ كُلِّ مَرَضٍ بِصَلاتِهِ، لَيْسَ أَمراضَ الجَسَدِ فَقَط، بَلْ أمراضَ النَفْسِ أيضًا".

عاشَ إذًا مارونُ في جَبَلِ قُورُشَ في أواخِرِ القَرْنِ الرابِع، ولَهَجَ بِذِكْرِهِ سُكَّانُ المِنْطَقَةِ حَوالَى سَنَةِ 370، إذْ خَطَّ نَهْجًا نُسْكِيًّا تَمَيَّزَ بِالتَقَشُّفِ القاسي؛ لِذا، يُعْتَبَرُ مارونُ ناسِكَ قُورُشَ بِامتِيازٍ وأَبَا النُسَّاكِ فِيهَا، والرائِدَ لِطَريقَةٍ نُسْكِيَّةٍ جَدِيدَةٍ في الحيَاةِ الرُهْبَانِيَّةِ السُريانِيَّةِ ومُؤَسِّسًا لَهَا، إذْ إِنَّهُ أَطْلَقَ نَمَطًا حَيَاتِيًّا رُوحِيًّا، وَهُوَ العَيْشُ في العَراء، أي في الطَبِيعَةِ دُونَ سَقْفٍ أَوْ غِطاء، مِمَّا دَفَعَ بِالعَدِيدِ مِنَ المُؤْمِنِين، رِجالًا ونِسَاءً، إِلَى التَتَلْمُذِ عَلَى يَدِه. وشَهِدَ تِيُودُورِيتُسُ الأُسْقُفُ المؤرِّخُ عَلَى أَنَّ مارونَ "قَدْ غَرَسَ للهِ البُسْتانَ المُزْدَهِرَ في أَنْحاءِ المِنْطَقَةِ قاطِبَة"؛ فَتَدَفَّقَ إِلَيهِ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشُبَّانِ بِهَدَفِ التَرَهُّب، فَأَنْشَأَ لَهُمْ مَنَاسِكَ وصَوامِعَ عَلَى الطَرِيقَةِ الانْفِرادِيَّة، بِحَسَبِ عادَةِ تِلْكَ الأَيَّام، ثُمَّ أَنْشَأَ أديارًا وسَنَّ لَهُمْ قانُونًا، وقامَ يُرشِدُهُمْ إِلَى طَرِيقِ الكَمَال. وتَعَدَّدَتْ تِلْكَ الأَديارُ المارونِيَّة، ولا سِيَّمَا في شَمَالِيِّ سُورِيَّا، حَتَّى إِنَّ تِيُودُورِيتُسَ كَانَ يَغْتَبِطُ بِوُجُودِهَا في أَبْرَشِيَّتِه، وكَتَبَ سِيرَةَ تَلامِيذِ مار مارونَ الَّذِينَ اشْتَهَرُوا بِقَدَاسَتِهِم.

وعِنْدَمَا نُفِيَ القِدِّيسُ العَظِيمُ البَطْرِيَرْكُ يُوحَنَّا الذَهَبِيُّ الفَمِ مِنْ كُرْسِيِّه، أَرْسَلَ مِنْ مَنْفاهُ إِلَى مارونَ الكَاهِنِ والنَّاسِكِ رِسَالَةً بَينَ العَامَينِ 401 و407، يَطْلُبُ فِيهَا أَنْ يَذْكُرَهُ في صَلاتِهِ، وَهِيَ رِسَالَتُهُ السَادِسَةُ والثَلاثُون، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَرَفِ هَذا القِدِّيسِ في عَصْرِهِ. ومِمَّا جَاءَ في تِلْكَ الرِسَالَة: "إنَّ رِباطَاتِ المَودَّةِ والصَداقَةِ التي تَشُدُّنا إِلَيك، تُمَثِّلُكَ نُصْبَ عَينَينَا كَأَنَّكَ حاضِرٌ لَدَينا، لأنَّ عُيُونَ المَحَبَّةِ تَخرُقُ مِنْ طَبْعِهَا الأَبْعادَ ولا يُضعِفُهَا طُولُ الزَمَان. وكُنَّا نَوَدُّ أَنْ نُكَاتِبَكَ بِكَثْرَةٍ لَوْلا بُعْدُ الشِقَّةِ ونُدْرَةُ المسافِرِينَ إِلَى نَواحِيكُم. والآنَ فإنَّا نُهْدِي إلَيكَ أَطْيَبَ التَحِيَّاتِ ونُحِبُّ أَنْ تَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّنا لا نَفْتُرُ عَنْ ذِكْرِكَ أَيْنَمَا كُنَّا، لِمَا لَكَ في ضَمِيرِنا مِنَ المَنْزِلَةِ الرَفيعَة. فَلا تَضُنَّ أَنْتَ أَيْضًا عَلَينا بِأَنْباءِسَلامَتِكَ، فَإِنَّ أَخبارَ صِحَّتِكَ تُولِينَا، عَلَى البُعْد، أَجَلَّ سُرُورٍ وتَعْزِيَةٍ في غُرْبَتِنَا وعُزْلَتِنَا، فَتَطِيبُ نَفْسُنَا كَثِيرًا، إِذْ نَعْلَمُ أَنَّكَ في عَافِيَة. وجُلُّ ما نَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِنَا". (مجموعة مِين للآباء اليونان، مجلَّد 72، عمود 63.)

وَبَعْدَ أَنْ أَتَمَّ مارونُ سَعْيَهُ مُزَيَّنًا بِالقَداسَة، رَقَدَ بِسَلامِ الرَبِّ حَوالَى سَنَةِ 410؛ ويَقُولُ تِيُودُورِيتُسُ إِنَّهُ رَقَدَ في شَيْخُوخَةٍ مُتَقَدِّمَة. عَلَى الأَثَرِ نَشَأَ نِزاعٌ بَيْنَ القُرَى في جِوارِ مَنْسَكِهِ، وكُلٌّ حَاوَلَ الاستِئْثارَ بِجَسَدِهِ. ولَكِنْ كَانَتْ هُنَاكَ عَلَى الحُدُودِ بَلْدَةٌ كَثِيرَةُ الرِجال، أَقْبَلَتْ وانْتَزَعَتْ ذَلِكَ الكَنْزَ المرغوبَ فِيهِ جِدًّا، وَفْقَ شَهَادَةِ تِيُودُورِيتُس. رَحَلَ القِدِّيسُ مارون، ولَكِنْ ما إِنْ غادَرَ هَذِهِ الحياةَ حَتَّى انْتَشَرَتْ مَدْرَسَتُهُ فَتَقَاطَبَ إِلَيها الأُلُوفُ نُسَّاكًا ورُهْبَانًا، انْطِلاقًا مِنْ سُورِيَّا إِلَى لُبْنان، وقُبْرُس، وفَلِسْطِين، ومِصْر، فَإِلَى أُورُوبَّا وأَمِيركا، وأُسْتْرَالْيَا، والعَالَمِ أَجْمَع. إِلَى القِدِّيسِ مارونَ تَنْتَسِبُ كَنِيسَتُنا المارُونِيَّة، التي تَعْتَبِرُهُ أَبًا لَهَا، وتَتَمَيَّزُ ما بَيْنَ الكَنائِسِ المحلِّيَّةِ بِأَنَّهَا الوَحيدَةُ التي تَحمِلُ اسْمَ مُؤَسِّسِهَا، وبِشَفاعَتِهِ بَقِيَتْ واحِدَةً مُوَحَّدَةً. وسَنَةَ 2010 احْتَفَلَتْ بِذِكْرَى مُرُورِ 1600 سَنَةٍ عَلَى وَفاةِ القِدِّيسِ مارونَ شَفِيعِهَا، وأُعيدَتْ هامَتُهُ مِنْ مِنْطَقَةِ فُولِينْيُو (إيطاليا) بَعْدَ 870 سَنَةً عَلَى غِيابِهَا، وأُودِعَتْ في كْفَرْحَي-البَتْرُون، الكُرْسِيِّ الأَبْرَشِيّ، بِسَعْيِ المِطْرانِ بُولُسَ إِميل سعاده، راعي أَبْرَشِيَّةِ البَتْرُونَ المارونِيَّة، ورِعايَةِ البَطْرِيَرْكِ مار نَصْرالله بُطْرُسَ صْفَير، بتاريخِ 8/1/2000، بَدْءِ السَنَةِ اليُوبِيلِيَّة. وما زالَ أبناءُ الكَنيسَةِ المارونِيَّة، مُقِيمُونَ ومُغْتَرِبُون، في أَرْبَعَةِ أَقْطارِ العَالَمِ، يَسْتَشْفِعُونَ دائِمًا أَباهُمُ القِدِّيسَ مارون، هاتِفِينَ إِلَيهِ:

بِاْسِمكَ دُعِينا يا أبانا
كُنْ في الضِيقاتِ مَلْجَانا
وعَلَيكَ وَطَّدْنا رَجانا
واختِمْ بِالخَيْرِ مَسْعَانا

 صَلاتُهُ مَعَنَا. آمين.

الإنجيل: يو 12/ 23-30

الرسالة: 2 طيم 3/ 10-17

نوع اليوم الليتورجي: Feast

رقم اليوم الليتورجي: 9

رقم شهر اليوم الليتورجي: 2

اسم شهر اليوم الليتورجي: شباط