في سَنَةِ 304، أَصْدَرَ الإِمْبِرَاطُورُ دْيُوكْلِتْيَانُوسُ (285-305) مَرْسُومًا يَقْضِي بِتَأْيِيدِ الوَثَنِيَّة، فَكانَ الدافِعَ المُبَاشَرَ إِلَى اضْطِهَادِ المَسِيحِيِّين، في أَيَّامِه. وفي زَمَنِ وِلايَةِ فَنْتُورْيُوسَ عَلَى صُور، سَقَطَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ الشُهَداء، أَوْرَدَ أُوسَابْيُوسُ القَيْصَرِيُّ خَبَرَهُمْ في تارِيخِه. تَسَاءَلَ أَوَّلًا: "مَنْ ذا الّذي رَآهُمْ ولَمْ يَدْهَشْ لِلْجَلْداتِ التي لا عَدَّ لَهَا، ولِلثَباتِ العَجِيبِ الّذي أَظْهَرَهُ أُولَئِكَ الأَبْطال، وصِراعِهِم، بَعْدَ الجَلْدِ مُبَاشَرةً، مَعَ الوُحُوشِ الكاسِرَة؟". ثُمَّ أَرْدَفَ قائِلًا: "نَحْنُ أَنْفُسُنَا كُنَّا حاضِرِين، عِنْدَمَا تَمَّتْ هَذِهِ الحَوادِث، ودَوَّنَّا قُوَّةَ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ المَسِيحِ الإلَهِيَّة، التي تَجَلَّتْ وأَظْهَرَتْ نَفْسَهَا بِقُوَّةٍ في الشُهَداء". وأَضافَ: "ظَلَّتِ الوُحُوشُ الضَارِيَةُ وَقْتًا طَوِيلًا لا تَجْسُرُ عَلَى مُلامَسَةِ أَجْسَادِ أَعِزَّاءِ اللهِ هَؤُلاءِ أَوِ الدُنُوِّ مِنْهَا. بِالعَكْسِ انْقَضَّتْ عَلَى مَنْ كانُوا يَسْتَفِزُّونَهَا مِنَ الخارِجِ ويُحَفِّزُونَهَا … كانَ الأَبْطالُ المُبَارَكُونَ واقِفِينَ وَحْدَهُمْ عُراةً يُلَوِّحُونَ بِأَيْدِيهِمْ إِلَيهَا لِيَحْمِلُوهَا عَلَى الاقْتِرابِ مِنْهُمْ … لَكِنَّهَا كُلَّمَا هَجَمَتْ عَلَيْهِم كانَتْ تَقِفُ وتَتَراجَعُ وكَأَنَّ قُوَّةً إِلَهِيَّةً تَصُدُّهَا".

أَخِيرًا قُتِل الشُهَداءُ جَمِيعُهُمْ بِالسَّيف. وبَدَلًا مِنْ دَفْنِهِمْ في الأَرْض، طُرِحُوا في أَعْمَاقِ البَحْر. وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ 304. أمَّا تِيرانْيُونُ أُسْقُفُ كَنِيسَةِ صُور، وزِنُوبْيُوسُ كَاهِنُ كَنِيسَةِ صَيْدَا، فَأُرسِلَا في القُيُودِ إِلَى أَنْطَاكْيَة، حَيْثُ مَجَّدَا كَلِمَةَ اللهِ بِصَبْرِهِمَا حَتَّى المَوْت. أُلقِيَ الأُسْقُفُ في أَعْمَاقِ البَحْر، وماتَ زِنُوبْيُوسُ بِتَعْذِيبٍ شَدِيدٍ لَقِيَهُ عَلَى جَنْبَيه، وكانَ ذَلِكَ سَنَةَ 310. صَلاتُهُمْ مَعَنَا. آمين.