سَنَةَ 452، غَداةَ مَجْمَعِ خَلْقِيدُونْيَةَ المَسْكُونيِّ الرابِعِ المُنْعَقِدِ سَنَةَ 451، الذِي حَدَّدَ أَنَّ في المَسِيحِ يَسُوعَ طَبِيعَتَينِ كَامِلَتَينِ إِلَهِيَّةً وإِنْسَانِيَّة، مُتَّحِدَتَينِ غَيْرَ مُمْتَزِجَتَين، ومُمَيَّزَتَينِ غَيْرَ مُنفَصِلَتَين. يُخْبِرُنا المُؤَرِّخُ الأُسْقُفُ تِيُودُرِيتُسُ القُورُشِيّ، أَحَدُ آباءِ ذَلِكَ المَجْمَع، أَنَّ الإِمْبِرَاطُورَ مَرْقْيَانُوسَ (450-457) شَيَّدَ دَيْرًا عَظِيمًا عَلَى اسْمِ القِدِّيسِ مارُون، في مِنْطَقَةِ أَفَامْيَا، عَلَى نَهْرِ العَاصِي. بَلَغَ عَدَدُ رُهْبانِ هَذا الدَيْرِ خَمْسَ مِئَةِ راهِب.

كانَ هَؤُلاءِ الرُهْبانُ يَقْطُنُونَ أَدْيارَ سُورِيَّا الشَمَالِيَّة، وكانُوا شَدِيدِي التَمَسُّكِ بِإِيمانِ الكَنِيسَةِ وَفْقًا لِتَعْلِيمِ المَجْمَعِالمَسْكُونِيِّ الخَلْقِيدُونيّ، وفِيمَا كانَ جُمْهُورٌ كَبِيرٌ مِنْهُم مُنْطَلِقًا مِنْ دَيْرِ مار مارُونَ إِلَى دَيْرِ مار سِمْعَانَ العَمُودِيّ، قَامَ عَلَيْهِمِ البَطْرِيَرْكُ سَاوِيرُوسُ (512-538)، بِمُسَاعَدَةِ المَلِكِ أَنَسْطَاسْيُوسَ الأَوَّل (491-518)، وهُمَا مُنَاقِضَانِ لِلْمَجْمَعِ المَذْكُور، وأَرْسَلا قَوْمًا كَمَنُوا لَهُم في الطَرِيق، فَقَتَلُوا مِنْهُم ثَلاثَمِئَةٍ وخَمْسِينَ راهِبًا سَنَةَ 517. رَفَعَ الرُهبانُ عَرِيضَةً إِلَى الحَبْرِ الرُومانيِّ البَابَا هُرْمِيزْدَا (514-523)، يُبَيِّنُونَ لَهُ كَيْفِيَّةَ اسْتِشْهَادِ إِخْوَتِهِم هَؤُلاء، وما أَلْحَقَهُ بِهِم مِنَ الأَضْرارِ البَطْرِيَرْكُ سَاوِيرُوسُ ورَفِيقُهُ بُطْرُسُ القَصَّار (476-488)، وأَتْبَاعُهُمَا. أَجَابَهُمُ البَابَا بِرِسَالَةٍ مُؤَرَّخَةٍ في 10 شُبَاطَ سَنَةَ 518، فِيهَا يُعَزِّيهِم ويَحُثُّهُم عَلَى أَنْ يُقَاوِمُوا الاضْطِهَادَ بِشَجَاعَة. ومُنْذُ القَدِيمِ تُعَيِّدُ الكَنِيسَةُ المارُونِيَّةُ لَهُم، مُعْتَبِرَةً إِيَّاهُم أَجْدادَهَا وشُفَعَاءَهَا المُسْتَجَابِينَ لَدَى الله.

لَقَدْ أُدْرِجَتْ في كِتَابِ القُدَّاسِ المارُونيِّ (2005) صَلَواتٌ تَحْتَفِلُ بِعِيدِهِم في 31 تَمُّوز، كَمَا صَدَرَ عَنْ مَعْهَدِ الليتُورْجِيَّا في جَامِعَةِ الرُوحِ القُدُسِ في الكَسْليك (2006) كِتَابُ صَلاةِ المسَاءِ والقُدَّاسِ والزِيَّاحِ الخَاصِّ بِهِم. صَلاتُهُم مَعَنَا. آمين.