قيام البطريركية المارونية

قامت البطريركيّة المارونيّة الأنطاكيّة في خضم التحوّلات التي عرفها القرن السابع، وتمثّلت في الفتح العربي، والصراعات الدوليّة بين العرب والبيزنطيين والفرس، والقتال بين السلالات العربية المتناحرة، والحركات الانقلابية والمعارضة، وأساليب الحكم التي ميّزت بين المسلمين وغير المسلمين من أهل الذمّة، وفرّقت بين جماعة وأخرى منهم، وفرضت ضرائب مجحفة واعتباطية، والنتائج السلبيّة لهذه الممارسات على السكان، وانقطاع التواصل بين البطريركيات، والتمسّك بالإيمان المستقيم، وكلّها أسباب حدت بالموارنة الى إعلان بطريركيتهم الإنطاكيّة(15) . واستناداً إلى التقليد القديم الذي نقله إلينا البطريرك إسطفان الدويهي (1670-1704)، فقد تبوّأ الكرسي البطريركي الأنطاكي القديس يوحنا مارون سنة 685، وافتتح سلسلة البطاركة الرهبان، التي استمرّت متّصلة من دون انقطاع حتى القرن السابع عشر؛ وفي ذلك دلالة على أن الحالة الرهبانيّة هي ملازمة للخدمة الأسقفيّة أو البطريركيّة في الكنيسة المارونيّة. وتحتفل الكنيسة بعيد بطريركها الأوّل في الثاني من شهر آذار. ولئن انتقل مقرّ البطريركية إلى لبنان نهائياً على أثر الدمار الذي ألحق بالدير الرئيسي في سورية، سنة 937، بسبب الاضطهادات وجور السلطان، فإن البطريرك الماروني لا يزال يحمل لقب "بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق" كدرّة ايمان في مسار التاريخ، ما جعل من لبنان، باحتضانه كرسيّ الموارنة الأنطاكي ، وريث أنطاكيا على صعيد الرسالة والاشعاع. </p>


المراجع

15-تاريخ مار ميخائيل السرياني، الجزء الثاني، مار غريوريوس يوحنّا ابرهيم، 1996، ص 403: